رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

البحث عن "قدوة"

بوابة الوفد الإلكترونية

حينما قامت الثورة الفرنسية على أكتاف الشباب الفرنسى، برزت أمامهم مجموعة من الثوابت والقيم تبنتها الثورة فى مهدها، ثوابت لا تختلف عن الثوابت التى قامت لأجلها الثورة المصرية «الحرية والعدالة الاجتماعية»

لكن الخلاف بين الثورتين يتمركز فى أمر رئيسى وجوهرى، هو وجود مجموعة من القيادات التنويرية أو النخب الفكرية التى لاقت إيماناً عند فصيل أكبر من الشباب الفرنسى بمختلف توجهاته ودرجاته الفكرية والحياتية.
فبرز جان جاك روسو، مؤلف كتاب «العقد الاجتماعى»، أحد المبشرين والملهمين لحماس الشباب الذين كلما اختلفوا إلى أمر عادوا إلى «روسو» واحتكموا فيه، وشهد الفيلسوف الفرنسى «فولتير» إقبالاً هائلاً من قبل جموع الثوار يرجعون إليه فى مطالب الثورة أو الحديث عن تطلعاتهم، ثم كان «فيكتور هيجو» أبرز من تحدثت عن الثورة الفرنسية برائعته «البؤساء»، بينما فى الثورة المصرية حدث انتكاسة بين النخبة والجمهور وتحديداً فصيل الشباب الذى بات كافراً بكل التابوهات الفكرية أو الشخصيات السياسية التى تتحدث كنخبة مدافعة عن هموم الوطن وهو ما سنناقشه عبر هذا التحقيق.
الثورة المصرية فقد شبابها الإيمان بوجود قيادة فكرية تستطيع أن تعبر عن آلامه أو طموحاته أو يثق بها، بعدما اكتشف زيف البعض وسقوط أقنعة آخرين فى مستنقع المصلحة الشخصية وتغليب الهوى على مصلحة الوطن، وهو الأمر الذى يعتبره إميل دور كايم، عالم الاجتماع الفرنسى ويصفه بحالة «الأنومى» أو فقدان المعيارية، فتصبح كل الثوابت عبثاً وكل التابوهات المقدسة عبثاً، وإذا تحدث المثقف تحسس الشاب والمواطن البسيط عقله، مدركاً أن هذا الذى يتحدث له وجه آخر سيسقط مع الأيام.
«لا يمنك لوم البرادعى لكنه للأسف ترك المركب فى عرض البحر، فلا هو قادها مع الطاقم ولا هو تركها عند المرسى، إنما هو شارك فى تحريكها ثم أخذ زورقه ومضى»، كانت هذه هى كلمات حسن حنفى عمران، المعلم بمدرسة التعليم الأساسى «33 عاماً»، فهو يرى أن قيادة فكرية كالدكتور محمد البرادعى كان يمكن أن يتحول إلى رمز ورهان تاريخى يراهن عليه أغلبية المصريين، باعتباره بوصلة الثورة المصرية، لكنه للأسف ــ وبحد تعبيره ــ من أصحاب الياقات البيضاء إذ لا يمكن أن ينسب له عمل على أرض الواقع، وللأسف لم يكن فى موضع التنظير، فحتى سارتر الفيلسوف الفرنسى كان قد شارك فى جبهة الثوار ضد ألمانيا النازية وقت احتلالها فرنسا، البرادعى للأسف ترك المركب وفر، ولا يمكن تخوينه أو اتهامه بالعمالة ولكن للأسف أنا من ضمن من كانوا يراهنون عليه، الآن أصبح هناك حالة من الغياب الفكرى للعديد من المصريين وأنا منهم، لذا فلا جدوى من متابعة مفكر أو كاتب على شاشات التلفاز لأننا رأينا منهم الكثير من تناقض المواقف والمصالح، لذا فليس غريباً أن يصاب من هم مثلى بحالة من الكفر بالنخبة الثقافية والسياسية.
بينما ترى نسرين شاهين، باحثة ماجستير فى مجال الصحة النفسى، أن الشعب

المصرى له الله فقط لأنه شعب يتم التآمر عليه من قبل النخبة الثقافية والسياسية، فعن تجربتى ــ والحديث لشاهين ــ تروى أنها كانت على يقين تام بانتخاب ومساندة أحد المرشحين السابقين فى الرئاسة، لأنه يحمل توجهاً ثورياً وحساً قومياً يذكرنا بالزعيم «عبدالناصر» غير أن تجربة الانتخابات والأيام أكدت أنه لا يمكن المراهنة على أحد، لأن الوطن والتغنى بالوطنية والخطابات الحماسية أحياناً لا تؤدى إلى نتيجة.
الثورة المصرية ابتليت بالعديد من حملة المباخر الذين يتغنون لصالح أى عهد، وهو الوصف الذى أقره طالب الهندسة محمد عبدالمنعم بالفرقة الثالثة، فهو يتحدث عن أحد الصحفيين الذى يخرج كل يوم على أكثر من فضائية ليتحدث عن دماء الثوار، ويمتدح مراكز القوة فى كل فترة تمر بها الثورة المصرية، منتقلاً من معسكر إلى معسكر دون مراعاة لعقول العوام أو الشباب الذى ملوا مواقفه وتكرار حديثه، الأمر الذى جعلنى أفقد الثقة بكثير من الصحفيين الذين ينتقلون بين المواقف بحسب مصالحهم فقط وانتفاعهم وعلى الرغم من أنى كنت أداوم قراءة مقال أحد الصحفيين فإننى شعرت بعد هذا بلا جدوى من قراءة المقالات لأنها تعبر عن أهواء وليس صالح عام.
وجه آخر أكثر تطرفاً، يتحدث لـ«الوفد» أحمد منتصر، صاحب دار نشر، «30 عاماً»، يرى أن النخبة أول من باعت هذا الوطن، وأفقدت الناس الثقة بأى مخلص أو منقذ أو مثل أعلى يسير الشباب نحوه، فعلى الجانب الدينى لم يتخيل أحد أن يكذب رجل ملتحٍ ومع التجربة أثبتت اللعبة السياسية أن الكذب يجرى على ألسنة من تشدقوا بالدين، لذا فمن الطبيعى أن تتزايد أعداد الملحدين داخل مصر عقب فشل التجربة الدينية فى الحكم، والدليل هو عدد الصفحات على الشبكة العنكبوتية التى تعلن اعترافهم بالإلحاد ووجود طائفة من الشباب تتبنى الفكر الاناركى وهو أمر لا يمكن تخيله ولا كان من الممكن التنبؤ به لكنها أصبحت ظاهرة.