رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاستفتاء على الدستور اختبار للكتل التصويتية

بوابة الوفد الإلكترونية

دخلت معركة الاستفتاء على الدستور مرحلة المخاض قبيل إعلان الدعوة السلفية التصويت بـ«نعم» وفقاً لعدة آليات حاسمة ومؤيدة لموقفها الذي يعول عليه لحسم «موقعة الدستور» في مقابل دعوات جماعة الإخوان المسلمين لـ«مقاطعة الاستفتاء»،

والحسم ليس بمعزل عن تكتلات تفسح المجال أمام قطاع عريض من جماهير 30يونيه وبسطاء المواطنين الراغبين في استقرار الأوضاع دون الالتفات لمسارات انتخابية تسعى لها بعض القوى السياسية في أعقاب تمرير الدستور.
لكل فريق من التكتلات التي تقع على خارطة الحشد بـ«نعم» شأن يغنيه في طريقة إقناع الكتل التصويتية الموالية له، وروافد الدعوة للمشاركة الإيجابية في الاستفتاء تصب جميعها في «معين» قطع الطريق على الجماعة في إنفاذ مخطط «المقاطعة» التي يسعى له حلفاء مايسمى بـ«تحالف دعم الشرعية».
وفقاً لخارطة الكتل التصويتية يتصدر التيار السلفي الموالي لحزب النور مشهد الحشد، بالتوازي مع الكنائس الثلاث التي ترتأي في الدستور «توافقاً» لم يدرك في  دستور 2012، وعلى خط الكتل تبرز الطرق الصوفية باعتبارها «حصاناً أسود» يخوض غمار الحشد لـ«نعم» نكاية في «مقاطعة» الإخوان، وفي منتصف الخارطة تأتي «كتلة الأحزاب المدنية» التي شاركت في تعديلات الدستور الحالي وتملك في جعبتها آليات تسويقية قائمة على «قناعات أيديولوجية» يمكنها تحريك مسار أنصارها ناحية الحشد على الصناديق كتجربة استباقية لما سوف تكون عليه مرحلة الانتخابات البرلمانية كخطوة تالية ضمن ترتيبات المسار الزمني لـ«خارطة الطريق».
بعيداً عن حسابات الحشد الممهور بـ«قناعات» ذاتية للقوى سالفة الذكر، يركن قطاع من المواطنين البسطاء منزوعي الانتماء للفصائل السياسية المتباينة إلى إدراك «الاستقرار»، إزاء تلك الرغبة سيبرز دور وسائل الإعلام المختلفة الداعمة لـ«خارطة الطريق» في مقدمتها التليفزيون المصري في خلق جو عام يدفع إلى ضرورة التصويت بـ«نعم»، بما يعني قدرة الشارع على حسم المعركة في «مواجهة» المقاطعة، عبر الحشد أمام لجان الاقتراع، دون التفات يذكر لطبيعة الحشد شريطة تجاوز مساحة العاطفة الدينية تفادياً لـ«صراعات طائفية» تتخلل مسار الدعوة لتمرير الدستور.
في جانب مايسمى بـ«تحالف دعم الشرعية» تبرز آليات الاستقطاب باعتبارها الورقة الرابحة في دعوة «المقاطعة»، لاشيء سوى خيار التشكيك في لجنة الخمسين باعتبارها لجنة معينة من جانب النظام وليست منتخبة، قياساً على الجمعية التأسيسية التي تمخضت عن دستور 2012، وثمة تشكيكات معتادة في نوايا الأعضاء وانتمائهم الديني، وعزف متكرر على فكرة «العداء للمشروع الإسلامي»، ثم يبرز الوتر الأخير في جانب عدم ضمان نزاهة عملية الاستفتاء، تبدو تلك الأطروحات ملاذاً للجماعة وأنصارها من أحزاب التحالف في تمرير «المقاطعة»، لكن ثمة مفارقة حاضرة تأتي في قراءة متأنية للواقع الذي يكشف بما لايدع مجالاً للشك في اقتصار تأثير الجماعة على مؤيديها فقط منذ مظاهرات 30يونيه، حتى المعترضين نسبياً على «خارطة الطريق» ربما ليس ضروريا لهم معارضة الدستور باعتباره وثيقة توافقية يمكنها زحزحة المرحلة الانتقالية إلى أفق سياسي أكثر رحابة يمكن معه إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تعيد التوازن للمرحلة ،وتعصف بحالة الارتباك الحالية إلى غير رجعة.
ويبطل مفعول الاستقطاب الديني الذي ستمارسه الجماعة أمام الظهير «السلفي» الأكثر توغلا وتأثيراً في القاعدة الشعبية، يأتي ذلك لامتلاك حزب النور آليات الدعوة للتصويت بـ«نعم» نظير إجماع قيادات الدعوة السلفية –من المشايخ ذوي الاعتبار في قواعد السلفيين ـ على ضرورة تمرير الدستور وفقاً لأسباب تبدو قناعتها فائقة لاستقطاب الإخوان من بينها حفاظ الدستور على «أحكام الشريعة الإسلامية» في ديباجته، وإبطال مزاعم «التحالف» من ناحية خصم الدستور من مواد الهوية.
وبينما تسعى الجماعة لتمرير فكرة «المقاطعة» في أوساط مؤيديها عبر «فيديوهات» عاطفية تستأنس بمشاهد دامية من اعتصام «رابعة العدوية»، يواصل «حزب النور» نسف منطلقات الإخوان بتأكيده المدعوم بأدلة واقعية على انحياز الدستور للمواطنين البسطاء، إضافة على توافق الأعضاء على مرجعية الشريعة، وتبدو الحرب بين الجانبين جانباً من معركة تكسير العظام ربما كانت الأخيرة لـ«التحالف» حيال تمرير الدستور بنسبة تصويتية تفوق ما كانت عليه في 2012.
خارج إطار الحرب الطاحنة بين «النور» المشارك في لجنة الخمسين ، و«الجماعة» التي تسعى لتعطيل مسار «الاستفتاء» أملا في استمرار الاحتجاجات وتوقيف خارطة الطريق، تظهر الكنائس المصرية أحد أبرز كيانات «خارطة» التصويت بنعم والكتلة الصلبة في حشد «الصناديق».
الأقباط في الاستفتاء لايستهدفون فقط تمرير الدستور، بقدر رغبتهم في إضفاء شرعية الشعب على دستور «30يونيه» حسبما يرى مراقبون، هذا الدافع من شأنه تضاعف أعداد المقبلين على لجان الاقتراع لحسم معركة التنابز بالألقاب الذي يميل إليه «تحالف الإخوان» إزاء 30يونيه وتوصيفها بـ«الانقلاب العسكري».
حشد الكنائس للتصويت بـ«نعم» وفقاً لرؤية محللين ربما يكون صيداً ثميناً لـ«الإخوان» يستخدمونه في تفخيخ الشارع بالحشد المضاد عزفاً على «وتر العاطفة الدينية»، لكن تلك الرؤية تبدو قصيرة المدى في تأثيرها إزاء توافق «النور السلفي» مع الحشد لتمرير الدستور، والكنائس

حسبما أكدت قيادات كنسية ليست في حاجة لتوجيه الأقباط، يأتي ذلك لقناعة القطاع الأوسع بمكتسبات دستور 2013 التي تمثلت في التمييز الإيجابي وإلزام مجلس النواب القادم بضرورة إقرار قانون ينظم بناء الكنائس.
وفي الوقت الذي تضاعف فيه الجماعة من دعوتها للمقاطعة، تبدو الكنائس أكثر حرصاً على تفعيل اللقاءات المستمرة في الداخل والخارج لشرح مواد الدستور عبر خبراء دستوريين وممثلي الكنائس بلجنة الخمسين ،بما يضع عراقيل أكثر قوة في مسار «المقاطعة».
وبحسب بيانات صادرة عن القوى الثورية المشاركة في 30يونيه، فإن الحشد بنعم للدستور يبدو أكثر أهمية من تدشين احتفالية بأحداث مجلس الوزراء، القوى المشاركة في تظاهرات 30يونيه تدرك أن معركة الدستور هي القول الفصل في الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين، باعتبار أن تمرير الدستور يبدو وكأنه صفعة على وجه الجماعة قد تدفع إلى توقف مسيرات احتجاجية متواصلة، وتضع التحالف في المربع صفر الذي يدورون حوله منذ 3يوليو الماضي.
أياً كانت تأثيرات الإخوان فإن كتلة القوى الشبابية الداعمة لـ«30يونيه» بالتوازي مع تحركات القوى المدنية للحشد بـ«نعم» ستصيب الجماعة بشلل في تمرير «المقاطعة»، يبدو ذلك منطقياً حيال قياس آليات الحشد التي تملكها القوى المدنية عبر الفضائيات والصحف، إلى جانب القبول الشعبي الملحوظ وإقناع الشارع بأن التصويت على الاستفتاء «بروفة» قبيل الانتخابات، والقوى المدنية التي لن تستميل المواطنين بالتعصب الديني ستلقى رواجاً في دعوات المشاركة، بينما ستقع الجماعة فريسة «تقليدية» الأداء باستثناء متغير افتقادها لمنابر المساجد التي كانت تستعمل لتمرير ما يشاء «الإخوان» في معارك الصناديق.
وثمة متغير لافت في موقعة حسم «الدستور» من شأنه ترجيح كفة التصويت بـ»نعم» ،هذا المتغير يأتي في احتشاد الطرق الصوفية خلف تمرير الدستور بعدد من الآليات الفاعلة والفعالة من بينها إقامة مؤتمرات يومية في محافظات الجنوب ذات التوجه الصوفي.
وفقاً لما أعلنه الشيخ عبدالخالق الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية فإن الحشد في الوجه القبلي، سيتزامن مع سلسلة لقاءات ستعقد في محافظات الوجه البحري لتحريك أكبر كتلة تصويتية تجاه الصناديق تأييداً للدستور.
بالتوازي مع تصريحات الشبراوي قال الشيخ علاء أبوالعزائم إن ثمة بيانات وبوسترات ستطبعها القوى الصوفية للحشد بـ«نعم»، لافتاً إلى أن الحشد الصوفي مستمر لحين موعد الاستفتاء.
واعتبر محللون أن الحكومة الحالية قادرة على إفساد دعوات «المقاطعة» بإعلانها منح كافة القوى الثورية والمنظمات الحقوقية حرية مراقبة الاستفتاء تأكيداً على نزاهة الاستفتاء، تلك الورقة الرابحة التي تمتلكها حكومة الببلاوي تعد قاطعة لـ«محاولات التشكيك» المتعاقبة من جانب الإخوان في مسار التصويت على الدستور ،وتعزز على الوجه الأرجح رغبة التكتلات الحاشدة بـ«نعم» في قطع الطريق على الجماعة لإفساد أول مشاهد «خارطة الطريق» من الناحية العملية.
مأزق الجماعة لن يتوقف فقط عند مواجهات متعددة مع قوى مؤثرة في خارطة التصويت على الدستور، وإنما يكمن في تراجع آليات التعامل مع الشارع المصري الذي بات مهيئاً لـ«أمل حقيقي» ينقله الى الاستقرار وهو الأمر الذي يصير واقعاً تملكه الحكومة الحالية إذا هي أحسنت إدارة المشهد السياسي في الفترة المقبلة.
«الاستفتاء» على الدستور له خارطة «تصويتية» تنجيه وفقاً لكافة التحليلات، في الوقت الذي ستسقط الجماعة وحدها في براثن عناد «المقاطعة».