عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عملاء تل أبيب وواشنطن في مصر


يقول‮ "‬شيمون بيريز‮" ‬في كتابه‮ »‬الشرق الأوسط الجديد‮« ‬إن القوة في العقود المقبلة في الجامعات وليس في الثكنات،‮ ‬لذا شرعت إسرائيل في نزع العداء العربي لها،‮ ‬من العقل والذاكرة أولاً،‮ ‬ليكون من السهل نزع الأسلحة المقاومة،‮ ‬ولم يكن مستغرباً‮ ‬ضمن هذه السياسة أن يقدم أول سفير إسرائيلي بمصر عقب تسلم مهامه مباشرة،‮ ‬شيكاً‮ ‬للأديب‮ »‬توفيق الحكيم‮« ‬مقابل حقوقه المادية عن ترجمة كتبه وطبعها في إسرائيل‮.‬

وترسيخاً‮ ‬لهذا الهدف افتتحت تل أبيب في المركز الأكاديمي الإسرائيلي في الجيزة عام‮ ‬1982‮ ‬والذي يعتبرونه الإسرائيليون أنفسهم أحد أهم القلاع الخلفية للتطبيع مع مصر،‮ ‬وهو ما عبر عنه‮ »‬جلعاد موليان‮«‬،‮ ‬محرر الشئون العربية في جريدة‮ »‬يديعوت أحرونوت‮«‬،‮ ‬عقب زيارته للمركز،‮ ‬حيث كتب‮ »‬إن أحد القلاع الخفية للتطبيع بخلاف سواحل سيناء المكتظة بالإسرائيليين يوجد في القاهرة علي ضفاف النيل،‮ ‬لكن هذه القلعة لا يوجد بها قوات ولكن كتب عبرية،‮ ‬ولا يتم بها تنفيذ تدريبات عسكرية بل تلقي فيها محاضرات لأكاديميين ومثقفين إسرائيليين‮.‬

ولكن ورغم كل هذا توضح صحيفة‮ »‬يديعوت أحرونوت‮« ‬أن المركز الأكاديمي الإسرائيلي يشهد موجات من الصعود والهبوط وفقاً‮ ‬للوضع السياسي في الشرق الأوسط والأحداث السياسية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي،‮ ‬فأحد العاملين بالمركز صرح لها بأن المركز كان خاوياً‮ ‬تماماً‮ ‬من المترددين المصريين خلال عملية‮ »‬الرصاص المصبوب‮« ‬ولكن بعد مرور أسابيع عاد الوضع إلي طبيعته‮!‬،‮ ‬ومن جهة أخري يشير مراسل الصحيفة إلي أن وسائل الإعلام المصرية تقوم بشكل دائم باتهام المركز بأنه بمثابة مركز للتجسس ما جعل العديد من كبار الأكاديميين والمثقفين المصريين يخشون الحضور إليه بينما يفضلون في كثير من الأحيان إرسال طلابهم للحضور إلي المركز نيابة عنهم للاستفسار عن بعض الكتب‮.‬

ويقول المدير الحالي للمركز‮ »‬جبرائيل روزنباوم‮« ‬إن المشكلة تتمثل في القلة القليلة من المصريين والمؤسسات الثقافية في مصر التي تنتهج نهجاً‮ ‬ناصرياً‮ ‬رافضاً‮ ‬للتطبيع مع إسرائيل‮.‬

وتوالي علي إدارته عدد من أبرز المتخصصين في الدراسات الشرقية والعربية الذين يرتبطون بعلاقات مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي‮ »‬الموساد‮« ‬ومراكز التخطيط الاستراتيجي في إسرائيل،‮ ‬وأبرزهم‮ »‬شيمون شامير‮« ‬أول مدير للمركز،‮ ‬ويعد من أبرز الخبراء الإسرائيليين بشئون مصر إضافة إلي علاقاته المعروفة بدوائر الموساد واستمرت فترة إدارته للمركز ثلاث سنوات انتهت في أكتوبر‮ ‬1984‮ ‬وعاونته في أداء مهمته زوجته‮ »‬دانيلا شامير‮«.‬

وثانيهم جبرائيل واربورج الذي تولي رئاسة المركز في أكتوبر‮ ‬84‮ ‬ويعد من أبرز الخبراء الإسرائيليين في مجالات شئون الشرق الأوسط،‮ ‬وخاصة مصر والسودان وأدي تعيينه في هذا المنصب إلي زيادة صيحات الاستنكار لتاريخه المعروف في مجال العمل لحساب‮ »‬الموساد‮«.‬

وفي عام‮ ‬86‮ ‬قام‮ »‬واربورج‮« ‬بالمساهمة في تأسيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة حيفا بناء علي طلب الجنرال‮ »‬اهارون باديف‮«‬،‮ ‬رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الرئيس الحالي للمعهد الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية رئيس وفد إسرائيل،‮ ‬إلي ما يسمي بمؤتمرات الطب النفسي في خدمة السلام الثلاثية التي تضم أمريكا ـ مصر ـ إسرائيل،‮ ‬وانتهت مدة خدمته في المركز عام‮ ‬1987‮ ‬ثم عمل سفيراً‮ ‬لإسرائيل في مصر أيضاً‮.‬

ثم يأتي اشير عوفاديا،‮ ‬وعمل أستاذاً‮ ‬للعمارة وتاريخ الفن المسيحي،‮ ‬وزار مصر أكثر من‮ ‬15‮ ‬مرة قبل توليه إدارة المركز وهو شديد الاهتمام بالفن المعماري الفرعوني فكان من المؤكد أن يركز علي طبقة المعماريين والفنانين التشكيليين المصريين،‮ ‬حيث كان له علاقات وطيدة بالخارجية الإسرائيلية وجهاز المخابرات الإسرائيلي‮ »‬الموساد‮«.‬

وتعد سرقة وثائق‮ »‬الجينزاه‮« ‬نموذجاً‮ ‬حياً‮ ‬ودليلاً‮ ‬قاطعاً‮ ‬علي هذا الاتجاه،‮ ‬حيث كان له دور كبير في سرقة هذه الوثائق،‮ ‬بالإضافة إلي بعض القطع الأثرية،‮ ‬وافتتح في عهده وفي حضور محافظ القاهرة ـ آنذاك ـ مكتبة التراث اليهودي عام‮ ‬89‭.‬

جبرائيل روزنباوم،‮ ‬وهو المدير الحالي للمركز وهو يؤكد دائماً‮ ‬في أكثر من لقاء وجود اتصالات بين مثقفين مصريين وإسرائيليين،‮ ‬وقالت صحيفة‮ »‬يديعوت أحرونوت‮« ‬نقلاً‮ ‬عنه‮ »‬هناك استثناءات أكثر بكثير مما تعتقدون‮«.‬

لعب المركز في الثمانينيات من القرن الماضي،‮ ‬وحتي اليوم من خلال مديريه التسعة دوراً‮ ‬مهماً‮ ‬في اختراق الأمن المصري ولم يكن‮ ‬غريباً‮ ‬أن يتم كشف عدة شبكات للتجسس خلال تلك الفترة،‮ ‬ففي عام‮ ‬1986‮ ‬تم كشف أول شبكة تجسس ضمت عدداً‮ ‬من العاملين بالمركز إلي جانب سيدة أمريكية تعمل في

هيئة المعونة،‮ ‬حيث ضبطت أجهزة الأمن بحوزتهم كمية من الأفلام والصور ومحطة إرسال واستقبال ومعمل تحميض وتبين أن هذه الصور تم التقاطها لوحدات من الجيش المصري أثناء الليل باستخدام أشعة الليزر وقبل هذه العملية كانت هناك عملية أخري،‮ ‬ففي عام‮ ‬1985‮ ‬كشفت المخابرات المصرية عن شبكة تجسس إسرائيلية في القاهرة يقودها المستشار العسكري بالسفارة الإسرائيلية وكانت تضم بعض الباحثين في المركز‮.‬

كما تؤكد مصادر أمنية مصرية وجود صلة مباشرة بين الموساد والمركز بالقاهرة الذي يقوم بإعداد نوعين من التقارير والبحوث أولهما يقدم بصفة دورية إلي الموساد في حين أن العلني والعادي يذاع وينشر علي الملأ بغرض التمويه والتغطية وقد تفاخر‮ »‬يوسف جينان‮«‬،‮ ‬المدير الرابع للمركز،‮ ‬أمام وسائل الإعلام بأنه نجح في استقطاب عدد لا بأس به من المصريين العاملين بأجهزة حكومية ذات طبيعة خاصة لتزويد المركز بمعلومات تتعلق بالأبحاث بدعوي الاسترشاد بها،‮ ‬كما رتب المركز عمليات تهريب واسعة للآثار المصرية من بينها واحدة بزعامة الحاخام‮ »‬إيتان صبيح‮«‬،‮ ‬كبير حاخامات مدينة بيت لحم بفلسطين المحتلة،‮ ‬حيث جاءت العصابة تحت اسم‮ »‬وفد ديني‮« ‬لزيارة المعابد اليهودية في القاهرة والإسكندرية وعند مغادرتها بعد‮ ‬15‮ ‬يوماً‮ ‬ضبطت معها مجموعة من الآثار المصرية مختلفة الأحجام،‮ ‬كما قام المركز الإسرائيلي في القاهرة أيضاً‮ ‬بجمع‮ (‬9‮) ‬آلاف كتاب عن التراث اليهودي وتم الاستيلاء عليها وعلي بعض الوثائق المصرية القديمة‮.‬

ويؤكد خبراء الآثار المصريون أن لمصر أكثر من‮ ‬572‮ ‬قطعة أثرية في متاحف تل أبيب وأن إسرائيل سرقت ما لا يقل عن‮ ‬50‮ ‬قطعة أثرية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد،‮ ‬بل استخدمت طائرات هيلكوبتر في نقل أعمدة بعض المعابد بإيعاز من مدير المركز الأكاديمي‮ »‬اشير عوفاديا‮« ‬البروفيسور في علم الآثار‮.‬

كما ثبت ضلوع المركز الأكاديمي في تهريب المخدرات،‮ ‬ففي عام‮ ‬1989‮ ‬تم ضبط نائب مدير المركز الأكاديمي مع عدد من العاملين بالمركز متلبسين بتهريب‮ ‬2‮ ‬كيلو وربع الكيلو من الهيروين داخل أنابيب معجون الأسنان بعد أن استوقفتهم السلطات المختصة في مطار القاهرة وكان معهم السفير الإسرائيلي بالقاهرة وقتها‮ (‬موشيه ساسون‮).‬

وتلقي المركز ميزانية سنوية تقدر بنحو‮ ‬53‮ ‬مليون دولار،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن الدعم المقدم من دول أوروبا وأمريكا‮.‬

وفي كتابه‮ »‬لن تكون هناك حرب أخري‮«‬،‮ ‬الصادر في تل أبيب عام‮ ‬1995،‮ ‬كشف‮ »‬الياهو بن اليسار‮«‬،‮ ‬السفير الإسرائيلي الأول بالقاهرة،‮ ‬عن حقيقة استخدام إسرائيل لهويات الدبلوماسيين ومستندات وزارة الخارجية حتي يعمل تحت‮ ‬غطائها رجال المخابرات الإسرائيليون وأهم حالة كانت للقنصل الإسرائيلي العام بالقاهرة‮ »‬يعقوب بيري‮« ‬الذي كان قد أرسل لمصر متخفياً‮ ‬تحت ستار دبلوماسي في حين أنه كان رئيس فرع العمليات الخاصة في الأراضي العربية المحتلة بجهاز‮ »‬الشين بيت‮« ‬الإسرائيلي‮ »‬الأمن الداخلي‮« ‬بالترتيب مع المركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة وإحداث الفتن والاضطرابات والتخريب‮.‬