رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تنظيم غامض.. يواجه تنظيماً غير شرعي

بوابة الوفد الإلكترونية

غيرت جماعة «البلاك بلوك» معادلة الاحتجاج فى مصر وقلبت الآية رأسا على عقب ولا سيما بعد ظهورها بقوة على خط الاحتجاج والتظاهر فى البلاد، أثناء مشاركتهم فى أحداث «جمعة تطهير القضاء» قبل عزل محمد مرسى بشهرين تقريبا،

ومطاردتها لشباب جماعة الاخوان المسلمين حول دار القضاء وفى شوارع وسط البلد وإصابة عدد منهم بإصابات مختلفة.
وأعلنت وزارة الداخلية وقتها الحرب على جماعة البلاك بلوك وقامت بمطاردة «شريف الصيرفى» مؤسس الجماعة ومداهمة منزله بالمحلة الكبرى، وصنفت النيابة العامة التنظيم كجماعة إرهابية منظمة، وأمرت بضبط وإحضار كل من هو منضم مع هذه الجماعة، بتهمة إنشاء منظمة إرهابية وإدارتها.
وأصدرت  النيابة قرارها بناء على محاضر التحريات المقدمة من قطاع الأمن الوطني، لارتكابهم جريمة تأسيس وإنشاء جماعة، الغرض منها ارتكاب جرائم الإرهاب والعنف والسرقات والقتل العمد والسطو المسلح وإتلاف المنشآت العامة والخاصة وترويع الآمنين، ورغم إعلان «جو النسر» أحد مؤسسى الحركة عن انتهائها فعليا وعدم مشاركتها فى أية أحداث، ألا انه اوضح انهم موجودون.
نشأة «البلاك بلوك» كانت لمناهضة تنظيم الإخوان الإرهابي –حسب وصفه - ولم يكن هناك رادع لهم، واستدعى الأمر تدشين حركة تواجههم بنفس طريقتهم «العين بالعين والسيف بالسيف»، واعتبر ان الوقت الحالى ليس معركتهم وتم ايقاف نشاطهم وترك الملعب للشرطة والقوات المسلحة».
القناع الأسود
شباب البلاك بلوك الذين يخفون وجوههم بقناع أسود ليس للتخفى كما سمعت من بعضهم ولكن لإضفاء مزيج من الرهبة والغموض على عملهم، ويرتدون الملابس والأوشحة السوداء أيضا، الأمر الذى يجعلهم يظهرون ككتلة واحدة كبيرة كطوفان موج أسود مما يحفز الناس على المشاركة، وقد تتضمن تحركاتهم تصرفات عدوانية بهدف «الشو» مثل قتال الشوارع ، وتخريب الممتلكات العامة ، والتظاهر ، والعصيان المدني، ولكن في معظم الأحيان تكون تصرفاتهم دفاعية كتضليل السلطات وتهريب المحتجزين من الشرطة وحمايتهم وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين بقنابل الغاز المسيلة للدموع والرصاص، ويرفض معظم اعضاء التنظيم الظهور الإعلامى.
هز تنظيم «البلاك بلوك» أسطورة الالتراس الذين يجمعهم حب ناديهم فقط ولا يتدخلون فى السياسة وانما معركتهم فقط مع الشرطة، ويعتبرون أنفسهم خط الدفاع الأخير لثورة الخامس والعشرين من يناير وكتائب «الحرس الثورى المضاد» ويبررون استخدامهم للعنف بأن البادئ أظلم والعنف لا يلد إلا عنفاً.
فيما اعتبر البعض ان ظهور جماعة «البلاك بلوك» فى ثانى ذكرى لثورة الخامس والعشرين من يناير  منحنى جديد وخطير فى سياق الثورة بل والحياة السياسية فى مصر عموما، لا يقارن بأى ما فعلته حركات مصر الفتاة أو القمصان الزرقاء فى التاريخ القديم التى ناهضت الاحتلال الإنجليزى فى النصف الأول من القرن الماضى، فهى خرجت عن الإطار التقليدى للفكر أو المذهب السياسى والأيدلوجى ذي النهج الواحد، ولعلها كانت رداً على عودة ظهور السلفية الجهادية والتكفيرية وجماعات الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف وأخيرا تنظيم «اليلو بلوك» الإخوانى.
واللافت للنظر ان الحالة الاقتصادية والوضع السياسى الملتهب وحالة الاحتقان التى تمر بها جميع عناصر الأمة سواء سياسيا او عقائديا كان لها إسهام بالغ فى ظهور جماعات تنتهج التغيير بالعنف، بينما تراخت قبضة الدولة فى القبض على زمام الامور وظهرت حالات من البلطجة سواء على الصعيد الفكرى او المادى الامر الذى ينبئ بكوارث مستقبلية.
من العالمية للمحلية.. استيراد العنف
وتمثل جماعة «البلاك بلوك Black Bloc» امتدادا عالميا لحركات عنف في عدد من الدول الغربية، ظهرت للرد على قضايا بعينها، فلقد كان أول بزوغ لتلك الجماعة في منتصف الثمانينيات في ألمانيا الغربية، احتجاجا على استخدام الشرطة الألمانية للعنف المفرط، أثناء محاولة إخلاء سكان بعض المناطق من أجل إنشاء محطة للطاقة النووية، وامتدت الحركة إلى الولايات المتحدة في التسعينيات أثناء التظاهرات ضد حرب الخليج عبر نشطاء «الأناركية واللاسلطوية»، كما شاركت في المظاهرات المناهضة العنيفة للرأسمالية العام ضد منظمة التجارة العالمية في العام 1999. وبدت «البلاك بلوك» أكثر عنفا في عام 2011، أثناء احتجاجاتها على غلاء الأسعار، وخربت الكثير من المحال التجارية في لندن.
وبشكل عام، ترتبط «البلاك بلوك» عالميا بصورة أو بأخرى بفكر الأناركية، وهى فلسفة سياسية ترى الدولة غير مرغوب

فيها، وغير ضرورية، وتعارض السلطة. كما أن تأسيس مجتمع متساو قائم على العدالة والمساواة يعد من الأفكار الرئيسية لهذه الفلسفة.
وتسعى جماعة «البلاك بلوك»، من خلال خروجها عن سياق السلمية الذى عرفت به ثورة يناير إلى إحداث جلبة فى الشارع وإلقاء اللوم على الأحزاب السياسية التى أخلت الساحة للجماعات الدينية رغم معرفتها بالخلفية التاريخية لها من ممارسات عنيفة وتهتم فى الأغلب بمهاجمة مقار جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة.
البلاك بلوك.. فكرة أم تنظيم؟
تؤمن البلاك بلوك بالعنف، ولا تتوانى عن استخدام قنابل المولوتوف والحجارة، أو تخريب المنشآت العامة وقطع الطرق الرئيسية أو شريط السكك الحديد والدخول في حرب شوارع مع الأمن، ثم تنسحب سريعا من ارض المعركة بعد تحقيق أهدافها، وتتركز الشريحة العمرية للبلاك بلوك بين 16 و25 عاما، وبالحديث معهم تفاجأ ان معظمهم مثقفون وخريجو كليات قمة ويتحدثون بترفع وهدوء بعكس المتبع من حركات العنف ذات اللهجة الحادة فى التخاطب، مما قد يشير إلى أنها فئة شباب غاضب، ومتحمس في الوقت نفسه، بما يسهل من توجيهه في الشارع.
كما تجيد استخدام التقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر»  بقدرة تنظيمية للترويج لأفكارها وجذب التعاطف من فئة عمرية قريبة منها فى السن وشباب الثورة المفعمين بالغضب والحركات الاحتجاجية، بل ان بعض شباب الثورة والقوى المناهضة للاخوان المسلمين قد عولت عليهم بعد فشل رهانهم على الالتراس الأهلاوى.
الإسلاميون والبلاك بلوك
ولعل غياب إطار فكري أو أيديولوجي محدد لجماعة البلاك بلوك، مثلها مثل حركات العنف غير التقليدية التي ترتبط بمجموعة متغيرات داخلية معينة، وهو ما قد يجعلها قابلة لعدم الاستمرار، على العكس من التنظيمات التقليدية ذات الطابع الجهادي كتنظيم القاعدة التي تؤمن بأيديولوجية توفر لها الاستمرار، وبالتالي فـ«البلاك بلوك» تطرح نفسها كنموذج منافس لمواجهة ما تسميه «الميليشيات الدينية»، والمحسوبة من وجهة نظرهم على الإخوان المسلمين.
وظهرت حركة البلاك بلوك لتطرح نفسها كحركة مناهضة للتيار الديني، ناهيكم عن محاولات بعض السياسيين فى  استخدام الحركة كوسيلة للضغط أو ترهيب التيار الاسلامى الامر الذى ظهر جليا عقب صدور قرار من النائب العام السابق المستشار طلعت عبدالله بضبط وإحضار العناصر المعروفة من الحركة بناء على تحريات جهاز المباحث، فسعت قوى سياسية إلى مطالبة النظام بفتح كافة ملفات العنف، ومنها أحداث قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي، وأحداث الذكرى الثانية للثورة.
بينما يرى البعض ان تنامى حركات العنف المناهضة للتيار الإسلامى يتوقف على صعود تيار الإسلام السياسي، الأمر الذى يجعل الوضع أكثر تعقيدا وتشابكا ، حيث ارتبط هذا الصعود ببعض الأصوات المتشددة داخل التيار بروافده المختلفة، وفي المقابل بدا أن ثمة تيارا مدنيا يعارض هذا الصعود، ويشجع علي مواجهته.