رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حرب "الكوتة" تشتعل!

بوابة الوفد الإلكترونية

بدأت «حرب الكوتة» تشتعل، حيث أبدي حزب النور السلفي - من خلال ممثلة باللجنة محمد إبراهيم منصور - تحفظه علي نص الدستور الجديد علي كوتة المرأة، بينما طالبت بعض المنظمات النسائية بضرورة إقراره، في حين اعترضت بعض القوي القبطية ممثلة في اتحاد شباب ماسبيرو

وحركة أجراس الشرق بالإسكندرية، علي عدم وضع كوتة للأقباط في مشروع الدستور الجديد، وهددوا بالتصويت عليه بـ «لا».
جدير بالذكر أن فكرة الكوتة شهدت حالة من الشد والجذب طوال السنوات الماضية، حتي تم إقرارها قبل انتخابات 2010 بتخصيص 64 مقعداً للمرأة، بينما رفضت الكنيسة فكرة تخصيص «كوتة» للأقباط.. واليوم خرجت أصوات قبطية للمطالبة بها وهو ما أرجعه الخبراء إلي حالة الإحباط الوطني التي يشعر بها الشباب القبطي.

يطالبن بـ 30٪ من مقاعد البرلمان:
في عام 2010 تم إقرار نظام الكوتة لتمكين المرأة من المشاركة في الانتخابات، حيث تم تخصيص مقاعد للمرأة في الـ 32 دائرة انتخابية، وهو ما ضمن لها تمثيلاً في البرلمان يقدر بـ 64 مقعداً، وهو ما اعتبرته المنظمات النسائية - وقتها، إنجازاً غير مسبوق، حيث ظلت هذه المنظمات تطالب بهذا المبدأ، حتي استجابت الحكومة لذلك بعد 7 سنوات من أول مشروع قانون تقدمت به الدكتورة جورجيت قليني لتخصيص مقاعد للنساء، أثار خلالها جدلاً واسعاً حول أهمية إقرار هذا المبدأ، وبعد قيام ثورة 25 يناير ظنت المرأة التي شاركت بقوة في الثورة أنه سيكون لها تقدير، وسيتم تمكينها سياسياً لضمان وجود تمثيل حقيقي لها داخل البرلمان، إلا أن أول انتخابات برلمانية بعد الثورة لم تثمن المرأة المصرية، حيث رفض التيار الإسلامي المسيطر علي لجنة إعداد الدستور، تخصيص مقاعد لها بالبرلمان، والأكثر من ذلك أن تمثيلها داخل قوائم الأحزاب كان تمثيلاً صورياً، رغم أن قانون الانتخابات نص علي ضرورة وضعها في القوائم، وهو ما دفع بعض الأحزاب السلفية إلي وضع النساء في ذيل القائمة، واستبدال صورهن بوردة، أو عدم كتابة اسم المرأة، والاكتفاء بكتابة اسم زوجها!!
ثم جاءت ثورة 30 يونية، وشاركت فيها النساء أيضاً بقوة، واعتقد البعض أن الثورة الجديدة ستقدر دور المرأة المصرية، وتسعي لتمكينها من ممارسة حقوقها السياسية، وبدأت لجنة الخمسين عملها لإعداد دستور جديد للبلاد، وإزالة التشوهات التي شهدها دستور الإخوان، وتعالت الأصوات مطالبة بضرورة نص الدستور الجديد علي مبدأ الكوتة، خاصة أن المادة (11 من الدستور الجديد) تنص علي أن تلتزم الدولة بتحقيق المساواة للمرأة في كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتمكينها من التوفيق بين واجباتها نحو أسرتها وعملها في المجتمع، وحمايتها ضد كل أشكال العنف، والالتزام بتوفير الحد الأدني لتمثيلها في المجالس النيابية والمحلية المنتخبة، وهو ما تحفظ عليه حزب النور السلفي، من هنا خرجت المنظمات النسائية مدافعة عن حق المرأة في «كوتة» تضمن لها تمثيلاً حقيقياً في البرلمان، وأصدر المركز المصري لحقوق المرأة وبرلمان الدفاع عن حقوق المرأة بياناً جاء فيه أن ممثلي حزب النور بلجنة الخمسين دافعوا بشراسة عن كوتة العمال والفلاحين متمثلة في نسبة الـ 50٪ لأسباب سياسية تمكنهم من حشد الأصوات الانتخابية، بينما يرفضون إعطاء المرأة كوتة لتحسين مشاركتها في الحياة السياسية، مما يدل علي أن الرفض ليس للكوتة في حد ذاتها، لكنه موقف رافض ومعاد للمرأة، واتهم البيان حزب النور بأنه يستخدم الشريعة الإسلامية وسيلة للاتجار للانتقاص من حقوق المرأة من خلال تحليل منقوص يعيد مصر لعصور الظلام، وطالب البيان بضرورة تخصيص نسبة لا تقل عن 30٪ في جميع المجالس النيابية المنتخبة، وإقرار كوتة للمرأة في الدستور لعلاج التشوهات الثقافية والاجتماعية التي ساهمت في عدم تقدم مشاركة المرأة لأكثر من 60 عاماً.
ورغم ان المرأة المصرية حصلت علي حقها في ممارسة الحياة السياسية منذ عام 1956 بدخول البرلمان، فإن هذا الحق تأثر بفعل الثقافة المجتمعية التي حرمت المرأة من ممارسة هذا الحق كاملا، ففي حين كان المرشحون يسعون لحصد أصوات النساء في الانتخابات، رفض الكثير من الرجال منحها أصواتهم، وبالتالي كان تمثيلها في كافة البرلمانات من عام 1956 وحتي 2005 ضعيفاً للغاية، إلا أن مبدأ الكوتة ضمن لها تمثيلاً جيداً في انتخابات 2010 إلا أنها لم تهنأ بهذا النصر كثيراً.
ورغم أن اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتمييز ضد المرأة تنص علي إمكانية التمييز الإيجابي للمرأة لضمان تمكينها من ممارسة حقوقها السياسية، ورغم توقيع مصر علي هذه الاتفاقية فإنها لم تعمل بها، ولما كان الدستور الجديد يتضمن مادة تنص علي أن الاتفاقيات الدولية تعتبر قوانين، تزايدت المطالبات بإقرار مبدأ الكوتة في الدستور الجديد لفترة مؤقتة، حتي يتم تمكين المرأة من القيام بدورها كاملاً في الحياة السياسية.
وتشير الدكتورة كاميليا شكري، رئيس مركز الدراسات السياسية بالوفد إلي أن هناك دولاً كثيرة عربية وأجنبية تستخدم الكوتة كوسيلة لتمكين النساء من ممارسة العمل السياسي، ويكفي أن نذكر أن المجالس المحلية بالهند 27٪ منها كوتة للمرأة، وبعض دول أوروبا الشمالية لا تقل نسبة تمثيل النساء بها عن 50٪، وفي الجزائر وهي دولة عربية تنص قوانينها علي تخصيص 30٪ من مقاعد البرلمان للنساء، وأضافت: مصر تعتبر من أقدم الدول التي منحت للمرأة الحق في ممارسة حقوقها السياسية، وسمح لها بدخول البرلمان عام 1956، ومع ذلك فتمثيلها في كافة المجالس كان ضعيفاً للغاية، نظراً للظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي حالت دون تمثيل جيد للمرأة، رغم إثبات المرأة نفسها في كافة المجالات، ولذلك تؤكد الدكتورة كاميليا أن أفضل وسيلة لتمكين المرأة ومنحها الفرصة للمشاركة في الحياة العامة وشئون الوطن هي إقرار مبدأ الكوتة، مشيرة إلي أن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر تنص علي ضرورة وجود تمثيل حقيقي للمرأة في المجالس النيابية، من خلال ما يسمي بالتمييز الإيجابي أو منحها حصة من مقاعد البرلمان لفترة محدودة حتي تتمكن من إثبات ذاتها في هذا المجال كنائبة يمكنها التشريع والمراقبة وخدمة وطنها.
وأضافت: هذا الوضع يجب أن يكون مؤقتاً لمدة دورتين انتخابيتين أو ثلاث علي الأكثر، أي ما يتراوح بين 10 إلي 15 سنة فقط، بعدها يلغي هذا النص، وتخوض المرأة الانتخابات بدون حصة محددة.
وعن موقف حزب النور، قالت يجب ألا يؤخذ رأي هذا الحزب في الحسبان خاصة بالنسبة للمرأة، نظراً لمواقفهم السابقة من وضعها في آخر القائمة، واستبدال صورتها بوردة، وما إلي ذلك من تصرفات تنم عن عدم تقدير المرأة التي قدرها الإسلام واحترمها. لذلك يجب أن ينص الدستور الجديد علي تخصيص حصة من مقاعد البرلمان للمرأة.
ورغم ان الإحصاءات الرسمية تؤكد أن النساء في مصر يمثلن حوالي نصف المجتمع، حيث إن عددهن وفقاً للإحصاءات الرسمية 33 مليون نسمة، إلا أن تمثيلهن في كل المجالس النيابية السابقة لم يتعد الـ 12٪ في أفضل الأحوال، ومن هنا خرجت أصوات المنظمات النسائية مطالبة بتخصيص حصة من مقاعد البرلمان للمرأة، وهو ما تتفق معه الدكتورة أميرة عبدالحكيم مدير مركز مناهضة العنف الأسري مشيرة إلي أن المرأة المصرية كان لها دور عظيم في كل الأوقات، ففي السبعينيات كانت هي المسيطرة علي الجبهة الداخلية، وتجلي هذا الدور في ثورتي 25 يناير، و30 يونية، ومع ذلك لم تحصل علي حقوقها كاملة، ومن ثم يجب تفعيل الاتفاقيات الدولية التي تنص علي الكوتة لتمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية، ومن ثم أصبحت الكوتة حقاً قانونياً للمرأة المصرية، وبحكم كونها نصف المجتمع فلابد من ضمان تمثيل نسبي جيد لها في البرلمان، لأن المرأة هي الأقدر علي الدفاع عن حقوقها، وكذلك القيام بدور وطني لخدمة الدولة والمواطنين.
وأضافت أن نظام الكوتة سيضمن لها عدم استغلال الأحزاب لوجودها شكلياً فقط، كما حدث من قبل حينما وضعتها الأحزاب السياسية علي قوائمها «للشو الإعلامي» فقط.
وأشارت إلي أن هذا التمييز الإيجابي لصالح المرأة يجب ألا يستمر إلا لدورتين انتخابيتين فقط، وأكدت ان نظام الانتخاب الفردي يحتاج إلي أموال

كثيرة، وبالتالي لن تتمكن المرأة من خوض الانتخابات بشكل منفرد، لذلك فالكوتة هي الضمانة الوحيدة لتمثيل المرأة، ويجب ألا تقل هذه النسبة عن 30٪ لضمان تمثيل متوازن للمرأة التي تمثل نصف المجتمع.

شباب الأقباط والكنيسة وجهاً لوجه!!
رغم أن الكنيسة المصرية ظلت طوال تاريخها ترفض فكرة منح كوتة للأقباط، بتخصيص عدد من مقاعد البرلمان لهم، فإن الأيام القليلة الماضية شهدت تعالي أصوات قبطية تطالب بتخصيص كوتة للأقباط، حتي إنه تم عقد مؤتمر يوم الأحد الماضي تحت عنوان: «التمييز الإيجابي هو الطريق الصحيح للمواطنة»، والذي نظمته مؤسسة شباب ماسبيرو لحقوق الإنسان برئاسة رامي كامل رئيس المؤسسة، ورغم بعض التهديدات القبطية برفض الدستور والتصويت عليه بـ «لا»، فإن عدداً كبيراً من الخبراء ضم صوته لصوت الكنيسة برفض كوتة الأقباط لأنهم ليسوا أقلية يجب تمكينها من ممارسة الحياة السياسية.
تختلف الإحصاءات في تحديد عدد أقباط مصر، فالإحصاءات الرسمية تقدر العدد بـ 5٫7 مليون نسمة، بينما تقديرات الكنيسة ترد بأن العدد 10 ملايين، في حين ذهبت تقديرات أخري إلي أن عددهم يتراوح بين 8 إلي 12 مليون نسمة، وأياً كان العدد الحقيقي فيجب أن نعلم جميعاً أن للأقباط وجوداً لا يستهان به، وأنهم جزء من نسيج المجتمع، يجب تدارك أخطاء الماضي معه، وعدم إهماله حتي لا تحترق مصر بنيران الفتنة الطائفية، ومن هنا أصبح لابد من ضمان مشاركة الأقباط في الحياة السياسية، وخرجت أصوات شبابية قبطية تطالب بالنص في الدستور الجديد علي تخصيص حصة من مقاعد البرلمان للأقباط، ومن أجل ذلك عقدوا مؤتمرا يوم الأحد الماضي أكدوا فيه أن التمييز الإيجابي للأقباط هو الطريق الصحيح لتفعيل المواطنة، وطالب ويصا فوزي عضو حركة اتحاد أجراس الشرق بالإسكندرية وأحد المشاركين في المؤتمر علي ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد نصاً لتمكين الأقباط من المشاركة في الحياة السياسية، أسوة بالمرأة والشباب، وأضاف لا نطالب بنسبة محددة ولكن لابد أن يكون المبدأ موجود في الدستور.
وأشار إلي أن الأقباط كان لهم دور مهم في الحياة السياسية منذ عهد محمد علي، وفي العصر الحديث، كانت مشاركتهم واسعة في ثورة 1919، وفي حكومة الوفد، ولكن منذ حكم عبدالناصر، ومشاركة الأقباط في انخفاض مستمر، وعلي كافة المستويات، سواء في الوزارات أو المحافظين أو المجالس النيابية، فطوال هذه العصور لم يتعد عدد أعضاء المجالس النيابية 18 عضواً في أحسن الحالات، وهذا التمثيل لا يتناسب مع عدد الأقباط في مصر، لذلك نطالب بكوتة أو بعدد من مقاعدالبرلمان لدورتين انتخابيتين فقط.
ورغم هذه التحركات الشبابية المطالبة بكوتة للأقباط فإن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أكد أنه علي درب البابا شنودة الثالث الرافض لمبدأ تخصيص كوتة للأقباط، مؤكداً أن هذا سيؤدي إلي تقسيم الوطن، وهو ما اتفق معه اسحق حنا الناشط القبطي ومدير مركز التنوير مشيراً إلي ان إقرار مبدأ الكوتة سيؤدي إلي ضياع حق الأقباط في خوض الانتخابات البرلمانية كمواطنين، كما أنها تنتقص من حق الأقباط في المواطنة الحقيقية، وتكرس لفكرة الأقلية، وأن الأقباط لن يحصلوا علي حقوقهم في المجتمع إلا بواسطة الكوتة.
وأضاف: نحن كأقباط نفخر بتاريخنا الوطني عبر العصور بأننا رفضنا التدخل الأجنبي بحجة الدفاع عن الأقليات أو الأقباط، ولن نمنح الغرب هذه الفرصة اليوم.
وأكد أن حقوق الأقباط لن تأتي إلا عن طريق المواطنة الحقيقية كأبناء لهذا الوطن، لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات.
وطالب مدير مركز التنوير بضرورة تغيير الأفكار العامة السائدة في المجتمع، والتي تشجع علي الطائفية وأهمها ضرورة تولي الأقباط كافة الوظائف وفقاً للكفاءة والقدرات، وليس كنوع من التواجد الشكلي أو لإثبات عدم التمييز ضد الأقباط للغرب.
وأشار إلي أن الدفاع عن الحقوق الوطنية يجب ألا يتم علي أساس الهوية الدينية، لذلك فمنصب نائب الشعب يجب أن يكون منصباً مصرياً يدافع فيه مواطن عن حقوق باقي المواطنين بغض النظر عن الدين.
ويرفض حنا أن تكون الكوتة علي أساس ديني أو طائفي، إنما لابد أن تكون علي أساس وطني، فمثلاً نسبة العمال والفلاحين تتم علي أساس وطني بغض النظر عن الديانة، وأكد أن تخصيص كوتة للأقباط علي أساس ديني سيؤدي إلي تقسيم الوطن، وهو ما يريده الأعداء، ويكفينا ما حدث في ليبيا والعراق والسودان.
وفي النهاية وجه كلمة للشباب المطالبين بكوتة الأقباط قائلاً: يجب أن يعلم هؤلاء أن هذا المطلب خطير علي مستقبل مصر وسيكون له أسوأ الأثر.
وعلي الجانب الآخر يري سليمان شفيق، الكاتب والباحث القبطي أن الشباب القبطي لجأ لفكرة الكوتة بسبب حالة الإحباط الوطني التي يعانون منها، وأضاف منذ دستور 1923 والمصريون والأقباط يرفضون فكرة الكوتة، ولكن البعض لجأ إليها الآن بسبب ما يعانيه من إحباط، وهذه الفكرة لا تطرح إلا في حالة وجود خلل في النسيج الوطني.
وأضاف: الأقباط يمثلون 15٪ من السكان، ويمتلكون 31٪ من الثروة القومية ومع ذلك تمثيلهم في كل المجالس النيابية، وفي الحياة السياسية بشكل عام ضعيف للغاية، وأشار إلي أنه ليس ضد مطالبة الشباب بتخصيص كوتة للأقباط كنوع من الضغط علي الدولة لتحسين نظام الانتخابات وضمان تمثيل نسبي للأقباط في البرلمان، ولكنه أكد أن الحل الحقيقي للمشكلة ليس في الكوتة وإنما في المواطنة، فهي السبيل الوحيد للمساواة الحقيقية في المجتمع.