رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان و "محمد محمود" .. الذئاب تحتفل بثورة الشباب!

بوابة الوفد الإلكترونية

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، عزمها علي تسيير مظاهرات حاشدة، احتفالاً بالذكرى الثانية لأحداث «محمد محمود».
ولأن الجميع يعرف أن الإخوان، كانوا ضد مظاهرات «محمد محمود».

ولأن الجميع يعرف أن الإخوان، كانوا ممنوعين من المشاركة في الذكرى الأولى للأحداث..
فالجميع أصابته الدهشة والذهول من هذا التزييف الإخوانى، وهذه المزايدة المكشوفة.. وكأن ذاكرة المصريين أصبحت فى «خبر كان».
إنها مزايدة مرفوضة، ومظاهرات مرفوضة، لأنها أشبه باحتفال الذئاب علي أجساد الضحايا.

مارس 1954 ونوفمبر 2011.. الجماعة تتاجر بالديمقراطية
ساندت مجلس قيادة الثورة ضد الأحزاب والعسكر في مواجهة «محمد محمود» وتاجرت بالوقائع بعد عزلها من السلطة


مصر تتحدث عن نفسها الآن.. تتغزل في الماضى وتسترجع ذكريات عاشتها في خمسينيات القرن الماضى.. تكرر الأحداث ولا تريد أن تغير المشهد.. ومن يقرأ الماضى يجد المستقبل حاضراً ومن يريد أن يعرف نهاية الأزمة التي تعيشها البلاد من صراع سياسي لابد أن يسترجع ما حدث بعد ثورة 1952 سيجد أن المشهد السياسي برمته لم يتغير.
مصر بعد ثورة يناير 2011 هي نفسها مصر بعد ثورة يوليو 1952 والمشهد السياسي لم يتغير ويكرر نفسه، فالقوى السياسية ونفس المؤسسات وقواعد اللعبة لم تتغير مع اختلاف الوجوه فقط، بل إن الأغرب أن نهاية صراع القوي بعد يوليو 1952 هو نفسه نهاية الصراع بعد يناير 2011.
العسكر والإخوان هما أبطال المشهد السياسي في الثورتين الذي انتهى بنهاية واحدة وهي هزيمة الجماعة التي لم تتعلم من دروس الماضى وأصرت علي أن تسير في نفس الطريق الذي سارت فيه عقب ثورة 1952 حتي تلقت هزيمة ساحقة من العسكر أزاحتها من طريق السلطة وأعادتها إلي نقطة البداية لتعيد بناء نفسها من جديد.
جزء من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد الآن نتاج الصراع بين العسكر والإخوان الذي نشأ عقب أزمة مارس 1952 فكل من القوتين استعاد الماضي وكرر سيناريو الماضي، فالفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع يسير علي نموذج جمال عبدالناصر في تعامله مع جماعة الإخوان التي بدت في أزمتها الحالية كما لو كانت مجبرة علي السير في طريق النهاية مبكراً.
العسكر والإخوان بعد الثورتين دخلا في تحالف وتصالح قبل أن يبدأ الصدام العنيف بينهما وكلاهما تلاعب بالديمقراطية من أجل أن يصل إلي السلطة منفرداً ويزيح القوي الأخرى منها، ولكن الجماعة تعاملت بغباء شديد وخاضت المعركة بفكر استحواذى أقصت فيه كل القوي السياسية من جانبها حتي بدت وحيدة في صراعها مع العسكر الذي استغل الأخطاء التي ارتكبتها الجماعة وترك لها الحبل لكي تشنق نفسها بنفسها.
فبعد ثورة يوليو 1952 تقرب عبدالناصر إلي جماعة الإخوان المسلمين لمدة عامين بعدها تم الصدام، فالجماعة ناصرت ثورة يوليو من بدايتها وتصورت أنها يمكن أن تفرض وصايتها علي مجلس قيادة الثورة في ذلك الوقت وكانت الجماعة بمثابة غطاء لكل تصرفات المجلس العسكري في ذلك الوقت إلي حد أنها أيدت انقلاب الضباط الأحرار علي الديمقراطية وأيدت حل الأحزاب وظنت أن الفرصة أصبحت قريبة لها للوصول إلي السلطة.
الجماعة لم تعرف عن الديمقراطية سوي شعارات تقربها إلي كرسى السلطة انقلبت عليها لتساند الضباط الأحرار، ففي صبيحة يوم الثورة استدعى عبدالناصر حسن العشماوى أحد قيادات الإخوان إلى مقر قيادة الثورة لإعلان تأييده للثورة وبعد يومين غازل عبدالناصر الإخوان وقام بفتح التحقيق في مقتل حسن البنا مؤسس الجماعة وقدم المتهمين إلي المحاكمة.
وبعد عدة أيام طلب مجلس قيادة الثورة من علي باشا ماهر إصدار عفو شامل عن المعتقلين السياسيين من جماعة الإخوان المسلمين وبالفعل أفرج عن عدد كبير من قيادات الجماعة وعندما بدأ محمد نجيب تشكيل الوزارة جرت مفاوضات لإشراك الإخوان فيها ولم تنته المفاوضات إلى نتيجة واضحة فكان هناك إصرار من العسكر علي أن تتولى الجماعة 3 مقاعد فقط ورفضت واشترك فيها أحمد حسن الباقورى وفصل من الجماعة بعد ذلك.
وبعد عام من قيام ثورة يوليو 1952 بدأ الصدام المرن في بدايته بين العسكر والإخوان فبعد قرار حل الإخوان رفض عبدالناصر طلب قيادات الجماعة بالاشتراك في الوزارة، فرفض وقدم له عرض أيضاً بتكوين لجنة من هيئة الإخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها فرفض عبدالناصر بشدة وبعدها بدأ المرشد العام للجماعة يهاجم الثورة في الإعلام.
وفي بداية 1954 اشتد الصدام بين الإخوان والعسكر، خاصة مع اتهام الجنرالات لقادة الجماعة بوجود اتصالات بينهم وبين الإنجليز في تلك الفترة وهو ما يظهر الدولة بشكل منقسم وبعدها جرى اتهام الجماعة ببث نشاطها داخل الجيش، إلى أن وقعت أحداث المنشية واتهم عدد كبير من قيادات الإخوان في محاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر وأصبح الصدام بين العسكر والإخوان عنيفاً أدى إلي حل الجماعة واعتقال قياداتها وإعدام عدد منهم.
بعد خسارة الجماعة من العسكر عادت لتتاجر بالديمقراطية التي انقلبت عليها وراح قياداتها يتحدثون عن ديكتاتورية عبدالناصر والضباط الأحرار بل وتاجروا بالاضطهاد الذي عانته الجماعة على يد العسكر وحل الجماعة وإعدام عدد كبير منهم وكانت الضربة التي تعرضت لها الجماعة عنيفة كادت أن تعصف بها لولا الرئيس السادات الذي منح الجماعة قبلة الحياة وأعادهم إلي الحياة السياسية لضرب التيار اليسارى.
الإخوان يكررون الآن ما فعلوه في خمسينيات القرن الماضى فعلاقتهم بالعسكر بعد ثورة 25 يناير 2011 وخلع الرئيس السابق حسني مبارك بدأت بتحالف كبير وصل إلي حد عقد صفقات سياسية، فبعد أن تولى المجلس العسكرى السلطة تحالف مع الجماعة التي انقلبت أيضاً علي الديمقراطية وغضت الطرف علي كل الجرائم التي ارتكبها المجلس العسكرى السابق ودافعت عنه باستماتة حتي أنها أجهضت الثورة التي كادت أن تطيح بالعسكر من السلطة ونزل شباب الجماعة إلى الميادين يهتفون للمشير طنطاوى والفريق سامي عنان في الوقت الذي كانت دماء شباب الثورة تسيل في الميادين دفاعاً عن الديمقراطية.
وحتي أحداث «محمد محمود» التي دعت الجماعة إلي مظاهرات في عهدها لم تكن الجماعة طرفاً فيها، فبينما كان شباب الثورة ينادى بتسليم السلطة إلي مجلس رئاسى مدنى أو رئيس المحكمة الدستورية ومحاكمة من ارتكب جرائم في حق الثورة كانت الجماعة تنادى بالهدوء وإخلاء الميادين، بل إن قياداتها تركوا المظاهرات وانتشروا في المدن والقرى لعمل الدعاية للانتخابات البرلمانية وتوزيع الزيت والسكر.
وعندما وصلت جماعة الإخوان إلي السلطة ومارست الاستبداد والاستعباد وارتكبت جرائم ومجازر في حق القوي الثورية ولم تعترف إلا بديمقراطية مكتب الإرشاد لم يجد العسكر سوي الانحياز للشعب وتكررت أزمة مارس 1954 ولكن في يونية 2013 وأصدر السيسى خارطة طريق تتضمن عزل مرسى وتعيين رئيس المحكمة الدستورية.
وكما حدث في 1954 واجه عدد كبير من قيادات الجماعة تهم التخابر والاعتداء علي المتظاهرين والتحريض علي القتل ووقف أغلب قيادات الصف الأول خلف القضبان ومنهم من يواجه أحكاماً بالإعدام الآن علي تلك الجرائم.
وكعادتها عادت الجماعة لتتاجر بالديمقراطية ودعت إلي مظاهرات قالت إنها حاشدة -رغم أنها فقدت القدرة على الحشد- في ذكرى أحداث محمد محمود التي لم تشارك فيها من الأساس وكانت من القوى التي دعت إلى إجهاض الثورة وتهدئة الغضب المشتعل من سقوط عدد كبير من القتلى والشهداء من القوى الثورية في هذا اليوم.
الجماعة لا تعرف شيئاً عن الديمقراطية منذ نشأتها وحتي الآن وما فعلته مع الجيش في مارس 1954 تكرره الآن مع أحداث محمد محمود في نوفمبر 2011 فهي لم تكن حاضرة في المشهد ولكنها تتاجر بدماء الشهداء.

مصر.. ليست تركيا
سعد هجرس: «أردوغان» كان يخطط لإقامة خلافة عثمانية جديدة تعتمد على وجود الإخوان فى مصر

المسافة شاسعة بين الإسلاميين في تركيا، والإسلاميين في مصر، فقد حدثت الانقلابات العسكرية في تركيا لإيقاف المد الإسلامي في السياسة ومنع الأخذ بها نحو دولة دينية إسلامية.. وقد استفاد الإسلاميون من تجربتهم في العقود السابقة فأحدثوا تغييراً منهجياً في العمل السياسي، لكن يبدو أن ما حدث في مصر أثار المخاوف التركية وأعاد إلي أذهانهم الانقلابات العسكرية التي مرت بها تركيا.. فما أوجه الشبه والاختلاف بين تركيا ومصر؟ وما سر تعاطف تركيا مع جماعة الإخوان فى مصر؟
في البداية يجب أن نشير إلي أن المقارنة لن تكن عادلة بين الأحزاب الإسلامية التركية ونظيراتها في مصر، فالأولى تعمل بما تمليه عليها اتجاهاتها لخدمة الشعب التركي والعمل علي تقدم الأمة التركية، وقد حقق حزب «العدالة والتنمية» بالفعل تقدماً في مجالات عدة وأهمها الاقتصاد ورفاهية المواطن التركى، وهو الأمر الذي فشل فيه الإخوان المسلمون في مصر.. وإذا عدنا إلي الوراء عندما تولي الإسلام السياسي الحكم في تركيا، فسنجد أن «أربكان» يعتبر مؤسس الإسلام السياسي بها، وقد جاء اصطدامه مع الجيش بعد إعلانه المباشر ضرورة عودة النص في الدستور التركي علي أن تركيا دولة إسلامية، كما اصطدم أيضاً مع العلمانيين لكنه نجح في تأسيس حزب «الرفاة» الذي فاز بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1995، وبعد وصول «أربكان» إلي السلطة ومحاولته الوفاء بالوعود الانتخابية -التى كانت تلبى رغبات القطاع المتدين والمحافظ- اصطدم بالواقع السياسي والدستورى ومؤسسات الدولة التي رفضت فرض مشروعات الأسلمة علي المجتمع، وإزاء تنامى الحالة الإسلامية داخل المجتمع التركى، أنشأت رئاسة الأركان التركية وحدة خاصة لرصد تلك الظاهرة، ثم اتخذت قرارها بوجوب التصدى لأنشطة الإسلاميين المتزايدة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتبلورت هذه الجهود في انقلاب عسكرى عرف بالانقلاب ما بعد الحداثى، انتهت على أثره تجربة «أربكان» كرئيس للوزراء، ومما يلفت النظر هو أن هذا الانقلاب العسكري الأخير عام 1997 كان نقطة فارقة في مسار الحركات الإسلامية جميعها في تركيا، فقد اضطرت الحركات الإسلامية المختلفة بما فيها تيار الإسلام السياسي إلي مراجعة استراتيجياتها لتصبح أكثر اتساقاً مع نظام الدولة ودستورها. ولعل تبلور حزب العدالة والتنمية كان أبرز معالم هذه المراجعات.

انقلابات عسكرية
هذا وقد اعتاد العسكر فى تركيا علي القيام بانقلابات عسكرية علي السلطة الحاكمة حال شعورهم بانتهاك هذه السلطة لمبادئ الجمهورية، خاصة مبدأ العلمانية وكانوا في انقلاباتهم هذه ينطلقون من سند دستورى لحماية الدستور ونظام الدولة.. وتعد هذه النقطة عنصر اختلاف بين الأيديولوجية للمؤسسة العسكرية في تركيا وبين المؤسسة العسكرية في مصر، فالجيش التركي يحمي الجمهورية التركية ومبادئها الستة وفق المادة رقم 35 من قانون الخدمة العسكرية والتي يبذل «أردوغان» حالياً جهوداً مكثفة لتعديلها للتخلص من هذا السند القانوني للانقلابات العسكرية، بينما الجيش المصري لا يتبع أيديولوجية بعينها، بل هو جيش وطني يحمي الوطن والشعب المصرى من المخاطر الخارجية والداخلية التي قد تهدد أمن المجتمع وسلامته، ومن هنا لم يعتد الجيش المصري علي القيام بانقلابات عسكرية، بل ينحاز دائماً إلي إرادة الشعب.
يقول الكاتب الصحفي سعد هجرس: هناك تشابه بين كل من الأحزاب الإسلامية في تركيا وجماعة الإخوان في مصر، فهم يشتركون في المرجعية الإسلامية كما أنهم وصلوا إلي الحكم بعد فترة من الحكم العسكرى، لكن تختلف الأحزاب الإسلامية في تركيا لأنها تعيش في مجتمع علماني وتعترف بهذه العلمانية وربما كانت تحاول أحياناً النكوص عنها، لكن القواعد الاجتماعية والسياسية في تركيا خاصة تلك التي وضعها «أتاتورك» مازالت قوية جداً، كما أن البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيش فيها الأحزاب التركية الإسلامية تختلف تماماً، فالمجتمع التركي تخطى حاجز الحد الأدنى من الفقر والتعليم، كما أنه يحتك بالقيم الأوروبية بقوة عكس الحال في مصر، حيث إن الأساس الموضوعى لجماعة الإخوان وحلفائها من الإسلاميين هو الأمية التي تصل إلي 40٪ من السكان والفقر الذي يضرب أكثر من نصف السكان.. هذا الفقر وتلك الأمية هما اللتان يمدان جماعة الإخوان وباقي الجماعات المسماة بالإسلاميين بالحبل السري للوجود، هذا بالإضافة إلي أن الإخوان المسلمين وحلفاءها ترفض العلمانية تماماً وترفض فصل الدين عن الدولة أو فصل الدين عن السياسة وهي بهذا أسوأ بكثير مما يسمى بالجماعات الإسلامية التركية.
وبالرغم من هذا، فإن هناك قاسماً مشتركاً بينها وبين حزب «أردوغان»، حيث يجتمعون جميعاً في إطار ما يسمي بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، كما أن حزب «أردوغان» كان يخطط لإقامة ما يسمي بالخلافة وهو حلم العثمانيين الجدد.. وكان هذا المخطط يستهدف إقامة خلافة عثمانية جديدة تعتمد علي وجود الإخوان المسلمين في السلطة في مصر، وجاءت الإطاحة بهم في ثورة 30 يونية ليوجه ضربة قاسية لهذه الخلافة التي ماتت قبل أن تولد.. وهذا أحد أسباب الهستيريا التي أصابت «أردوغان» منذ الإطاحة بحلفائه الإخوان في مصر. ولا ننسي أن «أردوغان» وحزبه الإسلامي رغم تمحكه بالإسلام يقيم في الوقت الراهن علاقات قوية جداً بإسرائيل وهو ما كان قد بدأه الإخوان المسلمون في مصر أيضاً أي أن الطرفين جزء لا يتجزأ من المشروع الغربي الذي تمثل إسرائيل قاعدة متقدمة له في المنطقة العربية.

الهروب من الطوفان
الإخوان يتَّبعون مناخ الاستضعاف «الكربلائي» للوصول إلي كراسي السلطة بأي ثمن
الجماعة تحترف الاستقواء منذ تحالفها مع «الملك فاروق» ضد الوفد

بين موقف وآخر، وتناقض واضح في مشهد الإخوان والسلطة.. تستطيع بقراءة بسيطة للمشهد أن تجد كم الاختلاف والتباين لموقف تيار الإخوان المسلمين والتأرجح بين موقف ونقيضه طالما يخدم مصلحتهم، هي بالأصح استراتيجية المراوغة في الموقف السياسي بهدف حصد مغانم سياسية معتمدين علي «ذاكرة الأسماك» لدي جموع العامة من غالبية الشعب المصري والتي أوجزها نجيب محفوظ في عبارته الشهيرة «آفة حارتنا.. النسيان».
ففي الوقت الذي اتهم فيه غالبية مجلس شعب الإخوان 2011 ثوار «محمد محمود» بالبلطجة والهمجية، تباكي الإخوان أنفسهم علي ثوار رابعة وكأن الأمر في واقعه هو كيل بمكيالين، شريطة تغليب مصلحة فصيلهم السياسي علي كافة الفصائل الأخري.
الأمر نفسه حين وصموا مؤيدي ثورة 30 يونية بأنهم «عبيد البيادة» متناسين جمعة «قندهار» وتنصيب المشير محمد حسين طنطاوي، الحاكم العسكري وقتها بـ «الأمير».
والتعريف الاصطلاحي للديماجوجية- بحسب القاموس السياسي لعبد الرازق الصافي - هو: «استراتيجية لإقناع الآخرين بالاستناد إلي مخاوفهم وأفكارهم المسبقة».
ويشير إلي استراتيجية سياسية للحصول علي السلطة والكسب للقوة السياسية من خلال مناشدة التحيزات الشعبية معتمدين علي مخاوف وتوقعات الجمهور المسبقة، عادة عن طريق الخطابات والدعاية الحماسية مستخدمين المواضيع القومية والشعبية محاولين استثارة

عواطف الجماهير.
وبنقل التعريف إلي الواقع المصري وتقليص المساحة علي تيار الإخوان المسلمين، تجد أن التاريخ الفعلي للحركة ممتلئ بالحيلة لاستقطاب جمهور أكبر من عوام الشعب المصري.
وهذه الديماجوجية التي تحورت إلي استراتيجية تعتمد علي مجموعة الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسيون لإغراء الشعب أو الجماهير بوعود كاذبة أو خداعة وذلك ظاهريا من أجل مصلحة الشعب، وعمليا من أجل الوصول إلي الحكم، مستخدمين أساليب السفسطة واللعب علي مشاعر ومخاوف الشعوب، ويعتبر بعض السياسيين أفضل من غيرهم وربما محترفون في ذلك.. وعليه فهي خداع الجماهير وتضليلها بالشعارات والوعود الكاذبة.
والأمر مع تيار الإخوان المسلمين، أشبه برقعة شطرنج يتنقل فيها التيار الديني بما يخدم أجندته للوصول إلي السلطة معتمدا علي أساليب قد يجرمها علي غيره، ولعل أبرزها هو موقف الإخوان المسلمين من نزول الجماهير إلي الشارع المصري إبان ثورة يناير لرفض نظام قائم بالفعل، في حين استنكر الإخوان علي المصريين نزولهم الميادين لخلع وخلخلة نظام قائم بالفعل. كنوع من ازدواجية المعايير لدي تلامذة حسن البنا.
ومثلما يلتزم لاعب الشطرنج بلون واحد داخل الرقعة فإن الإخوان يغافلون الشعب المصري - بوصفه لاعبا منافسا يحتل اللون الآخر داخل الرقعة - متنقلين تارة بين المربع الأبيض والآخر الأسود.
فما يحلله الإخوان لأنفسهم قد يجرمونه إذا استخدمه البعض.. ولعل ميليشيات الإخوان داخل الجامعة المصرية كان مثالا لهذا التناقض لموقف الإخوان من حركة «البلاك بلوك»، رغم أن كلتا الحركتين تعتمد علي الفاشية.
ولعل المراقب للحراك التاريخي لحركة الإخوان المسلمين يجد أن بوصلة التيار السياسي داخل هذا الفصيل تتجه لاتجاهين فقط لا ثالث لهما: اتجاه الاستضعاف واتجاه الاستقواء.
فعبر عقود زمنية مضت في تاريخ الحركة الوطنية المصرية تتبع الإخوان المناخ الكربلائي لفكرة المستضعفين والمضطهدين داخل الوطن المصري كونهم وحدهم من ضحوا ودفعوا ثمن نضالهم وفكرهم داخل المعتقلات والسجون المصرية مستشهدين بأبيات الشاعر هاشم الرفاعي تارة وبمذكرات زينب الوكيل تارة أخري، هذا الخطاب اللطمي الذي يدعو الجماهير للتضامن معهم والنزول للميادين بهدف تدعيمهم والوصول إلي صناديق الانتخاب بأي ثمن مقابل إنجاح مرشح الإخوان تارة باسم «نريد صلاح الدنيا بالدين»، وتارة أخري بشعار «معا نحمل الخير لمصر».. وفي كليهما تزييف من أجل الوصول إلي السلطة.
ولعل الاتجاه الثاني لبوصلة الإخوان هو اتجاه الاستقواء، وهو ما تجلي واضحا في موقف التيار الديني أثناء حكم الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، وهو ما شهده الجميع من خلال خطاب استعلائي منفر يؤكد للجميع أنهم يملكون الأغلبية فلا داعي للجلوس مع المعارضة، هذا الخطاب الاستقوائي الذي بدا واضحا من خلال الحشد بمليونيات داخل التحرير مرة باسم جمعة الشريعة ومرة باسم جمعة الإنتاج، متناسين - الإخوان - أن هناك فصائل أخري شريكة في الوطن.
وبمراجعة تاريخية بسيطة تجد ان الموقف نفسه تكرر مع حكومة الزعيم مصطفي باشا النحاس حين أعلن الإخوان تضامنهم مع الملك نكاية في الوفد.. وكانت هذه المرة هي الأولي التي يقف فيها الإخوان صراحة أمام دولة الباشا معلنين استقوائهم بالملك فاروق.
من أجل السلطة لا يوجد عند تيار الإخوان خطوط حمراء أو منظومة قيمية يقفون عندها كمعيار أخلاقي. والشاهد في هذا حادثة اغتيال القاضي الخازندار ورئيس الوزراء «النقراشي».. الأمر الذي يوضحه الناقد الأدبي الدكتور أحمد عبدالحي يوسف صاحب كتاب الشاعر والسلطة بقوله «بكائيات الإخوان كان الهدف منها السيطرة علي مشاعر العوام من غالبية الشعب المصري وبخاصة مع ازدياد نسبة الفقر المتفشية داخل الشعب المصري».
الأمر أشبه بفلسفة انتهجها الإخوان، وهي كذبة هم وحدهم من يصدقها.. وبالتالي لن يقتنعوا بأن أغلبية هذا الشعب نزلت ميادين مصر سخطا علي حكم المرشد والتلاعب بمقدرات البلاد، هو نفسه ذلك الخطاب الفكري المتعالي والفاشي باستخدام «مرسي» لجملة الطغاة مهما اختلفت صياغتها اللفظية. فإذا كان قد قال مبارك «أنا أو الفوضي»، قال مرسي «عندي أنصار سيحرقون مصر».
فالأمر أشبه بمقولة الشاعر أبوالعلاء «تعددت الأسباب والموت واحد».
ففي الوقت الذي يتباكي فيه الإخوان علي قتلي «رابعة» لم يشغلوا بالهم بالتفكير في المسئول الأساسي والمتسبب عن ذبح الأبرياء من المخدوعين، في حين ارتحلت قياداتهم هاربة في ملابس النسوة أو صابغة شعر لحيتهم تاركين الغلابة والمضحوك عليهم ليدفعوا ثمن قضيتهم هم.
وإذا كان الخطاب الديني بتعبير الدكتور عبدالحي يوسف هو المحرك لهذه الجماعة.. فلماذا لم يسألوا أنفسهم عن مصير الفرار من الزحف إذا اعتقدوا كما يتوهمون بأنهم في معركة؟ فأين كان خيرت الشاطر وأين كان المرشد والبلتاجي وحجازي؟ فروا جميعهم وفق خطاب براجماتي نفعي مفاده «أنا أو الطوفان».

هنا شارع «عيون الحرية».. محمد محمود سابقاً
«الجرافيتى» يجسد روح الثورة ويحيي ذكري الشهداء

 

تأتي الذكري الثالثة لأحداث محمد محمود لتذكرنا بعظمة الشعب المصري، وشهدائه الأبرار، وأن الثورات المصرية حرة يقودها الأحرار.
وعيون الحرية هو اسم شارع محمد محمود سابقاً؛ الذي يتفرع من ميدان التحرير في وسط القاهرة، وهو يعد أحد أشهر شوارع القاهرة؛ الذي شهد الكثير من الأحداث والمصادمات الدامية الذي دفع ثمنها شهداء الوطن من حياتهم وهم يطالبون بالحرية والعدالة؛ حيث أسفرت الأحداث عن مقتل ما يزيد على 51 شهيداً؛ بخلاف الجرحي والمصابين؛ ليتحقق حلم سقوط أمن الدولة وغيره من أجهزة القمع التى كانت تعاون أنظمة الحكم السابقة ضد الشعب.
وتاريخياً؛ يستمد هذا الشارع الشهير قوته من اسم صاحبه محمد محمود باشا مواليد مدينة ساحل سليم - مركز أبو تيج بمحافظة أسيوط في ٤ إبريل ١٨٧٨؛ والمعروف باسم الرجل الحديدي؛ الذى شكل الوزارة أربع مرات في العهد الملكي؛ كما شغل فيها منصب وزير الداخلية؛ وكان معروفاً باستخدام سلاح القوة في وجه أعداء الوطن. وقد أصبح رئيسا لـ‏ حزب الأمة‏‏ لدي تشكيله عام ‏1907.
وتولى رئاسة الوزراء مرتين. كان أحد أقطاب الجبهة التى مثلت مصر فى مفاوضات 1936 بعد وزارته الأخيرة ترأس المعارضة فى مجلس النواب حتى توفى فى يناير سنة 1941.
«غاب القصاص فهانت الأرواح».. هى إحدى العبارات المرسومة علي جدران شارع محمد محمود؛ والتي تنضم إليها بعض الشعارات والهتافات المتداولة ومنها «كلنا الشهيد الجاي» و«لا القلب بيخاف ولا الحناجر هتبطل هتاف» و«أنا اللي الوطن ثار ولا يستكين» و«القصاص لحقوق الشهداء»؛ بجانب لوحات «الجرافيتي» التى تفنن في رسمها فنانون شباب على جدران أسوار مباني الجامعة الأمريكية وعلى بعض العمارات الأثرية ومنه إلي شارع منصور المؤدي إلي مبني وزارة الداخلية التي تقع فيه المطاعم الأمريكية المشهورة والعديد من المقاهي وأسوار المدارس القريبة ومنها مدرسة «ليسيه الحرية» الكثير عن هذه اللوحات يعبر عن الغضب الثوري في نفوس المصريين وللمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين وعودة الحقوق الضائعة للشهداء؛ ويمثل بعضها صعود الشهداء للجنة مشابه للرسم المصري القديم على جدران المعابد الجنائزية.
وضمت لوحات أخرى صور بعض أبطال ثورة 25يناير من مصابيها وضحاياها في كل أحداثها ومنهم مينا دانيال وأحمد حرارة و«جيكا» والذي استشهد نوفمبر 2012؛ ويظهر إلي جواره الشهيد سالم مديح الذي توفي في شهر رمضان من العام نفسه؛ وأيضاً الشهيد كريم خزام مثال الالتزام؛ وجرافيتي كبير للشيخ عماد عفت أحد شهداء الثورة في أحداث مجلس الوزراء بجانبها الآيات القرآنية التي تحث علي الانتصار للحق؛ إضافة إلي صور لوجوه جديدة من شباب ألتراس أهلاوي وضحايا أحداث مجزرة استاد بورسعيد؛ والصحفي «الحسيني أبو ضيف» شهيد أحداث الاتحادية؛ وأيضاً رسومات لشهداء أحداث مجلس الوزراء والمواجهات اللى كانت قريبة من مجلس الوزراء في ديسمبر 2011 بخلاف أحداث ماسبيرو والمصادمات مع الأقباط أمام مبنى التليفزيون في ماسبيرو في أكتوبر 2011.
الحاج أحمد عيد – الذي تجاوز عمره الـ 60 عاماً – صاحب محل «بيت الفن للأنتيكات» – بشارع عيون الحرية؛ يقول : عانينا من فترات ظلامية؛ التي كان فيها الكذب والنفاق شيئاً عادياً.. والحقائق فيها محرفة ومقلوبة؛ ومعظم الرسوم الجرافيتي علي جدران الشارع تعبر عن خلل في ميزان العدل الذي مال؛ بفضل حكامنا غير الجديرين بحكم البلاد سواء كان المخلوع حسني مبارك أو المعزول محمد مرسي؛ ولكن الشهداء سيظلون موجودين فى كل مكان وزمان من أجل القصاص للشهداء وتحقيق أهداف الثورة. مؤكداً أن ما حدث عبرة لمن لا يعتبر، ولأي حاكم سيأتي بطرق غير ديمقراطية ولن يكون جديراً بالمنصب وبالتأكيد سنرفضه رفضاً تاماً.
وختم حديثه بالدعاء للشهداء بالرحمة والمغفرة وللأهالي بالصبر علي فراق أبنائهم.
وأضاف أحد جيران جابر صلاح الشهير بـ«جيكا»؛ ضحية أحداث محمد محمود الثانية خلال لقائه على هامش الاحتفال بالذكري الثالثة للأحداث؛ ويدعي الحاج حسن السنوني – البالغ من العمر 68 عاماً: أن أبسط حقوق الشهداء هو الاحتفال بهم في ذكراهم؛ فهؤلاء الشهداء ماتوا من أجل مصر وليس من أجل جماعة أو رئيس أو منافع دنيوية. مؤكداً أن موافقة رئاسة حى عابدين على إطلاق اسم الشهيد جابر صلاح على شارع «خولة» الذى كان يقطن به؛ كان تقديراً معنوياً من الدولة لابننا الشهيد وفرحة كبيرة لجيرانه.
والتقط أطراف الحديث الحاج نبيل حسين – صاحب فاترينة لبيع الساعات؛ قائلاً: نأمل في استمرار توافد المصريين علي ميدان التحرير وشارع محمد محمود للمشاركة في تأبين مراسم شهداء الوطن؛ وحتي نمنع أي فرصة يمكن أن تستغلها في تنفيذ أجندات أجنبية في يوم ذكراهم العظيم؛ خاصة أن شارع محمد محمود ملاصق لميدان التحرير والتأمين هنا سيكون مسئولية الجهات الأمنية من الجيش والشرطة معاً.