عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

95 عاماً على إعلان الجهاد الوطنى

بوابة الوفد الإلكترونية

هذا هو درس 13 نوفمبر الخالد، يوم الجهاد الحقيقى، يوم الثورة، الصحوة، اليقظة، العودة، الحركة، المقاومة، التحدى، الكرامة، والكفاح من أجل الاستقلال.

منذ ذلك اليوم عرفت مصر طريق الحرية، وتعلّم الناس أول دروس الكرامة الوطنية.. كان 13 نوفمبر 1918 بداية التأريخ الحقيقى للباحثين عن الحق والعدل والعزة، لذا فقد كان حزب الوفد حريصاً على الاحتفال به كل عام.
فى هذا اليوم قرر ثلاثة رجال من مصر الذهاب إلى المعتمد البريطانى السير وينجت الرجل الذى يحكم مصر تحت زعم الحماية، ويتحكم فى شئونها دوناً عن أهلها.. الرجال الثلاثة هم: عبدالعزيز فهمى، وعلى شعراوى، وسعد زغلول.
أما الأول فكان شاعراً وحقوقياً ولد فى كفر المصيلحة بالمنوفية ودرس القانون ثم عمل قاضياً وتفرغ للعمل بالمحاماة وانتخب فى الجمعية التشريعية عن دائرة قويسنا.. وأما الثانى فكان عضواً أيضاً فى ذات الجمعية وهو أحد أعيان محافظة المنيا وزوج السيدة هدى شعراوى.. أما الثالث فكان رجلاً عظيماً لا يتكرر، ولد فى مطوبس بكفر الشيخ، وبدأ حياته مجاوراً أزهرياً تتلمذ على يد الشيخ جمال الدين الأفغانى، ثم درس الحقوق وبرع فى القانون والمحاماة وساهم فى تأسيس الجامعة وانتخب عضواً بالجمعية التشريعية واختير وكيلاً منتخباً لها.. إنه سعد الذى غنوا له المواويل وأطلقوا اسمه على جيل كامل من المصريين.
مع بزوغ شمس 13 نوفمبر سار الثلاثة معا نحو مقر المعتمد البريطانى السير «ريجنالد وينجت» وهو العسكرى البريطانى الحائز على أوسمة بطولات حربية عديدة على معارك شارك فيها فى الهند وعدن والسودان.
كان «وينجت» معروفاً بدهائه وقدراته على التفاوض ببرود وبعض المنطق مع خصوم وطنه، لذا فقد كان حريصاً على الترحيب بالقامات الثلاث التى تمثل الجمعية التشريعية المنتخبة والتحاور معهم بهدوء، سألهم عما يطلبون، قالوا إن على بريطانيا أن تلغى الحماية على مصر وتعترف باستقلالها وترفع الرقابة عن الصحف بعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها.
لقد تحدث «ويلسون» بعد الحرب عن حق الشعوب فى تقرير مصيرها، ووجدها المصريون فرصة تاريخية لإحياء المطالبة بخروج الإنجليز من مصر بعد أربعين عاما من الاحتلال.
وقال «وينجت»: إن علاقة مصر ببريطانيا علاقة تبادل مصالح، وأن مصر جنت فوائد عديدة من تلك العلاقة، وأنه يميل لإلغاء الرقابة على الصحف، لكنه يعتقد أن مصر غير مهيأة للاستقلال خاصة أن هناك انقسامات بين أبناء الشعب المصرى.
ورد الزعماء الثلاثة على ذلك بشكل تفصيلى يرتكز على أن الأمة المصرية لا تقبل وصاية أحد، وهى وحدها من تقرر مصير مصر.
بعد اللقاء اجتمع سعد وزميلاه مع حسين رشدى رئيس الوزراء واتفقا على سفر وفدين إلى لندن للمطالبة باستقلال مصر أحدهما وفد رسمى يترأسه رشدى والآخر وفد شعبى يترأسه سعد زغلول، وهو ما أشعل جنون السلطات البريطانية ودفع وينجت إلى منع سفر زغلول وزميليه.. ثم واصل المندوب البريطانى تحايله فقال إن زغلول وفهمى وشعراوى لا يمثلان الأمة المصرية ولا يحق لهم الحديث باسمها . لقد كان الثلاثة أعضاء منتخبين فى الجمعية التشريعية ، لكنهم منتخبون عن دوائر وليس عن الشعب المصرى كله.
هنا ولدت فكرة التوكيلات.. فكرة جديدة مثلت أبلغ رد على مقولة وينجت.. ببساطة أن يفوض المصريون سعداً ممثلا لهم يحق له الحديث باسمهم.. إن نفس الفكرة طارت إلى دول أخرى واستخدمت مراراً للتدليل على الديمقراطية الحقيقية حتى تم استخدامها بشكل ما فى 30 يونية عندما تم جمع استمارات وتوقيعات «تمرد» ضد الرئيس السابق محمد مرسى لإرغامه على التخلى عن الحكم.
على أى حال فإنه لم تمض أيام قليلة حتى بدأ أول تحرك شعبى حقيقى لعمل توكيلات باسم سعد

زغلول. فكرة لم تكن متوقعة من شعب معظمه أمى وأغلبه فقير ومحبط.. وقتها تكون الوفد المصرى من سبعة رجال هم: سعد، وشعراوى، وفهمى، وعبداللطيف المكباتى، ومحمد علوبة، ومحمد محمود، وأحمد لطفى السيد.. فيما بعد انضم إلى الوفد مصطفى النحاس ومكرم عبيد وحمد الباسل وآخرون.
إن «وينجت» الذى عاش حتى بلغ الثانية والتسعين من عمره يبدى إعجابه الشديد  فيما بعد بالفكرة ويعتبر زعماء الوفد أفذاذاً مخلصين لبلادهم.
وبدأ الشعور الوطنى تجاه الحرية ينمو، وبدأ الحماس يتصاعد، واضطر رئيس الوزراء إلى الاستقالة، ولم يلبث أن رفض كثير من الساسة تولى الحكومة بعد ضغوط مارسها الوفد وزعماؤه، وتلا ذلك زيارة سعد زغلول للسلطان فؤاد وتقديم عريضة حادة تطالب بالاستقلال، وهو ما اعتبره الإنجليز تهديداً مباشراً لوجودهم، وقاموا على أثره بإنذار سعد وصحبه فى 6 مارس 1919، ورد سعد على الإنذار ببرقية شديدة اللهجة تم على إثرها اعتقاله فى 8 مارس 1919 وانطلقت الثورة فى اليوم التالى مباشرة واستمرت فى جميع أنحاء الجمهورية حتى أغسطس، ثم تجددت مرة أخرى حتى عام 1921.
كانت الثورة طوفان مارد اهتزت له الإمبراطورية البريطانية الكبرى.. إن الرافعى يصف ثورة 1919 وصفاً دقيقاً ملخصه انطلاق مظاهرات الطلبة فى القاهرة والإسكندرية ثم اتساع نطاق المظاهرات لتضم العمال وأصحاب الحرف وشيوخ الأزهر ورجال الكنيسة والفلاحين، وتوالت الإضرابات، وقتها أعلنت عدة محافظات ومدن استقلالها، وقطعت خطوط السكك الحديدية، وامتنع جميع الساسة عن قبول المناصب الحكومية، ووصل الأمر أن انضم عدد من أفراد الشرطة المصرية إلى الثورة، وهو ما يكشفه رسل باشا حكمدار القاهرة البريطانى - حينذاك - فى مذكراته.. إنه يقول إن مصر لم تشهد مثل هذه الأحداث منذ عصر عرابى، وبات واضحاً أن أسطورة الفلاح المسالم التى كان الإنجليز يرونها منطبقة على المصريين قد انهارت إلى الأبد.
أفُرج عن سعد وزملاؤه مرتين بعد أن تعرضوا للنفى مرتين وعاد بعدها زعيماً للأمة، قائداً حقيقياً وحصل الوفد على الأغلبية فى انتخابات 1923 واختير سعد زغلول رئيساً للوزراء، واستمر حتي عام ١٩٢٤، حيث تمت حادثة اغتيال السير «لي ستاك» قائد الجيش المصري وحاكم السودان، التي اتخذتها سلطات الاحتلال البريطاني ذريعة للضغط علي الحكومة المصرية والتدخل فى شئونها وهو ما رفضه سعد وقدم استقالته، بعد ذلك ظل سعد قائداً وزعيماً للأمة إلى أن رحل فى 23 أغسطس عام 1927.