رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الأمن الجنائى" البوابة الملكية لتحقيق الأمن السياسى

بوابة الوفد الإلكترونية

«أمن المواطن.. أم أمن الوطن؟».. سؤال غير مقبول فكلاهما متلازمان.. وعندما يأمن الناس علي حياتهم في الشوارع والبيوت، وعندما نضع الحدود للفوضي يتحقق الأمن للجميع.

انتشار الجرائم من قتل وسرقة وخطف هو الوجه الآخر للفوضي.. ومكافحة الإرهاب والعنف والتخريب لا يتم بدون التصدي للجرائم الجنائية.
وقد حكم الإخوان عاماً.. زادت فيه معدلات الجرائم وصلت في القتل مثلاً لـ 130٪، وأزيح الإخوان عن الحكم بثورة 30 يونية، ليوجهوا للمجتمع جرائم الإرهاب ليقتلوا الأبرياء في الشوارع والكنائس ويستهدفوا رجال الشرطة والجيش في كل مكان.
وبات علي جهاز الشرطة العمل في اتجاهين.. مكافحة الإرهاب، والجريمة الاجتماعية، في نفس الوقت لأن تحقيق الأمن الجنائي هو البوابة الملكية لتحقيق الأمن السياسي، فكليهما يرتبط موضوعياً بالآخر، والتركيز علي جانب علي حساب الآخر يمثل خللاً في المنظومة الأمنية.
والمتابع للحالة الأمنية في مصر في الآونة الأخيرة يتأكد له تلك العلاقة الموضوعية بين مكافحة الجريمة ومكافحة الإرهاب، وعلي سبيل المثال فإن جرائم كثيرة ترتكب عن طريق فوضي الدراجات البخارية بعد أن كثر استخدامها من قبل خارجين علي القانون، ومجرمين لتهديد الأمن العام والقيام بعمليات سرقة وخطف وإشعال الحرائق ونقل التكليفات بين العناصر الإجرامية والإرهابية، بدليل أن أكثر من عملية إرهابية تمت عن طريق استخدام مرتكبيها لدرجات بخارية في الهجوم علي أكمنة الشرطة والجيش، كما حدث في المرج والمنصورة وكذلك في العريش.
وكثير من هذه الدراجات البخارية لا يحمل لوحات معدنية ولا يملك قائدها ما يثبت ملكيته لها، ورغم تنظيم حملات مرورية لضبط الموتوسيكلات الخارجة علي القانون والتأكد من سلامة إجراءات تراخيصها وإعادة الأمان للشارع لكن من الواضح أن هذه المشكلة تمثل تحدياً كبيراً للأمن، خاصة في المناطق العشوائية والشعبية، وأثناء المظاهرات والتجمعات، فتحولت الدراجات البخارية في الآونة الأخيرة من أداة سهلة للنقل إلي أداة قتل وترويع، وآخر هذه الجرائم حادث القمر الصناعي بالمعادي وكنيسة الوراق التي راح ضحيتها 4 أشخاص، وهو الأمر الذي نشطت بعده حملات ضبط الدراجات المخالفة حيث أسفرت في ثلاثة أيام فقط عن ضبط 530 دراجة دون لوحات معدنية في العاصمة فقط، وفي القليوبية تم ضبط 300 دراجة دون لوحات خلال الشهر الأخير فقط.
ومن الجرائم الناجمة عن الفوضي وتمثل ضربة أخري لأمن المجتمع تلك المتعلقة بسرقة السيارات، التي انتشرت بشكل كبير وصل إلي 150 سيارة يومياً، وإلي 4500 سيارة شهرياً، رغم جهود الأمن في ضبط عصابات متخصصة في سرقة السيارات ولعل آخرها ما تم ضبطه في محافظتي قنا والقليوبية، وهذه الجريمة أيضاً لا تنفصل عن الأمن السياسي، إذ تستخدم السيارات المسروقة في العمليات الإرهابية التي ترتكبها الجماعات التكفيرية لترويع المواطنين.
وترتبط كل الجرائم بالجريمة الأكبر وهي «السلاح»، تعرضت مصر لهجمات عنيفة من صفقات الأسلحة المهربة، خاصة بعد ثورة يناير وتقدر عدد الأسلحة التي دخلت عقب الثورة لـ 10 ملايين قطعة سلاح.
وذلك نتاج تراكم ما تسرب في أعقاب سقوط القذافي عن طريق ليبيا والسودان، ولا شك أن هناك جهوداً ملموسة للسيطرة علي تجارة الأسلحة في مصر، خاصة الأسلحة الخفيفة التي تراجعت أسعارها بعد تحسن الحالة الأمنية نسبياً ومحاصرة بؤر التجارة خاصة في سيناء.
لكن تظل قضية الأسلحة في غاية الخطورة وتكشف ضبطيات الأمن وحملات مكافحة الإرهاب في سيناء عن وجود أسلحة ثقيلة من صواريخ مضادة للدبابات والطائرات، بل ومضادات صواريخ، بل تم ضبط شخص يقوم بتصنيع طائرات بدون طيار بالإسكندرية، فضلاً عن ضبط أسلحة ثقيلة مؤخراً في مخزن بـ «بلبيس» بالشرقية.
والحقيقة المؤكدة أن الأمن الجنائي هو بوابة تحقيق الأمن السياسي، وربما يتسق مع ذلك مطالبات الخبراء بتكثيف جهود الشرطة في تحقيق الأمن الجنائي وهو ما تسير عليه قوات الأمن بشكل ملحوظ بعد ثورة 30 يونية، خاصة مع تزايد الجرائم بشكل ملحوظ ووفقاً لآخر تقرير للأمن العام صادر في بداية العام الحالي، أي قبل ثورة 30 يونية، فقد شهد المجتمع المصري صعوداً ملحوظاً في معدلات الجرائم المختلفة، فقد زادت جرائم القتل بنسبة 130٪ فمثلاً القتل العمد زادت الحوادث الجنائية بشكل عام ووصلت إلي 5814 حالة في 2012، مقابل 2778 في العام الذي سبقه 2011، والجنح 40222 مقابل 20659 في العام الذي سبقه، لكن زادت معدلات الضبط أيضاً ووصلت علي سبيل المثال في جرائم القتل لـ 79٪ وفي السرقة بالإكراه، كانت في 2011، 779 جريمة، زادت في 2012 لـ 2611 ووصلت نسبة الضبط 42٪، وزادت جرائم الخطف في عام 2012 إلي 258 جريمة مقابل 107 جرائم في عام 2011 ونسبة الضبط 73٪.
ومن المعروف علمياً أن نجاح أي دولة يرتبط ارتباطاً عضوياً بقدرتها علي تحقيق أكبر قدر من الأمن الداخلي والخارجي، والأمن الداخلي أو «الأمن الجنائي» هو الذي يتصل بالجرائم ذات الصلة المجتمعية التي تحدث ضد الأفراد أو المؤسسات أو المال العام، أما الوجه الآخر للأمن «الأمن الخارجي» فهو المرتبط بما يحول دون اختراق المجتمع والتأثير في مقوماته والحفاظ علي وحدته، وعدم تسريب أي شكل من أشكال الأجندات السياسية والتوجهات الخاصة، مما ينعكس سلباً علي سلامة ما يعرف بـ «أمن المجتمع» ووفقاً للدكتور أحمد يحيي، أستاذ علم الاجتماع، أن كلا النوعين «الأمن الداخلي والخارجي» وجهان لعملة واحدة ومن المستحيل الفصل العضوي بينهما، فتحقيق الأمن بالداخل يرتبط ارتباطاً حقيقياً بقدرة أفراد المجتمع وقياداته من السيطرة علي كل المدخلات السلبية التي ترد إليه من هنا وهناك، وللأسف الشديد بعض المجتمعات «المتخلفة» تركز بشكل رئيسي علي الأمن السياسي أو الخارجي لحماية النظام والسلطة ورجال الدولة علي حساب الأمن الداخلي الذي يرتبط مباشرة بحياة الجماهير وأمنهم الشخصي، وهنا تكون الكارثة، حيث إن فقدان الأمن الداخلي يزيد من عمليات تخريب المؤسسات والسرقات، مما يؤدي لتفتيت وحدة المجتمع والانفلات السلوكي وعدم الانضباط الأمني في الحياة العامة، مما يؤثر قطعاً علي الأمن الخارجي والسياسي، وللأسف فقد عاشت مصر سنوات طويلة تهتم بالأمن السياسي علي حساب الأمن الجنائي، خاصة في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، نتيجة قيام أصحاب المصالح الخاصة بالتقرب من صناع القرار السياسي في الحزب الوطني والبرلمان ومجلس الوزراء وجميع المؤسسات السيادية، مما أعطي فرصة كبيرة للاختلاف في المنظومة الأمنية، وخلق نوعاً من أنواع الحساسية والرفض من المواطن تجاه عناصر الأمن بكل صوره، تبين ذلك في مواجهات 25 يناير.
ويؤكد الدكتور أحمد يحيي، أن غضب الجماهير وقتها ضد الشرطة تتصل مباشرة بفقدان العلاقة الإيجابية بين الشرطة والمواطنين، فيما يتصل بالأمن الجنائي، ولذا فإن الاهتمام بهذا الأمن الداخلي هو البوابة الملكية لحماية الأمن السياسي، فإذا كانت الجماهير أكثر أماناً واستقراراً وشعوراً بالحرص علي أمنهم وممتلكاتهم في بيوتهم والشوارع، مما يجعلهم أكثر حرصاً علي حماية الأمن، وإذا تمت هذه العلاقة فإنها تنعكس علي الأمن الداخلي والخارجي.
ومثال علي ذلك ما حدث في حرب أكتوبر 73 فلم تسجل جرائم وقتها مما يؤكد وجود علاقة إيجابية بين المواطنين من ناحية وبين الأمن الداخلي وانعكاساته علي الأمن الخارجي، من ناحية أخري، ويؤكد الدكتور أحمد يحيي أن هناك توجهاً نفسياً ومجتمعياً لإعادة اللحمة بين الشعب والشرطة يتمثل ذلك في رفض مهاجمة الأقسام والتعاون في مواجهة عناصر الإرهاب المجتمعي الذي تتعرض

له مصر من قبل إخوان الشياطين، بالإضافة إلي ثقافة التوقع المرجوة من هذه العلاقة في المستقبل القريب مما يتطلب الارتقاء بمستوي الأمن الجنائي، والشرطة قادرة علي القيام بدورها بشكل إيجابي.

أمن شامل
ويشير الخبير الاستراتيجي اللواء محمود خلف، إلي أن الأمن بمفهومه الشامل يعني تبديد المخاوف جميعها، وبالتالي فإن المعادلة واحدة، فإذا ضاع الأمن الجنائي والسياسي ضاع الأمن الاجتماعي، ولكل منهما انعكاسات علي الجانب الآخر، ولذا يسير الأمن بشكل عام في اتجاه تحقيق استقرار المجتمع، والإخوان يفهمون ذلك جيداً ويحاولون تنفيذ مخطط الفوضي في كل تصرفاتهم، ولذلك فهم يركزون الآن علي عرقلة الخطوة الأولي من خارطة الطريق ولتحقيق هذا الهدف يقومون بعمليات إرباك شاملة للحفاظ علي حلمهم، وهم في ذلك ينتهزون أي فرصة ويستغلون الضعف المعلوماتي لدي المصريين والانزعاج من أقل شيء، ويهولون من قدراتهم وأفعالهم، لكن حقيقة الأمر أن هناك حالة استقرار لكن لدينا إرهاباً في سيناء تتم محاربته بكفاءة.
ويؤكد اللواء خلف أن المعادلة الأمنية بعناصرها الثلاثة «الشعب والشرطة والقوات المسلحة» متداخلة والشعب يساعد الجيش والشرطة، فهو الآن عنصر فاعل في المعادلة الأمنية وأصبح يساعد الجيش والشرطة، بالإضافة إلي أن طاعة الأوامر لا تسمح بالارتباك وتوفر مناخ أفضل والشرطة أنجزت عملاً رائعاً بمساعدة الجيش والمسألة لم تكن سهلة لقد استأصلنا ورماً سرطانياً.. لكنهم مازالوا يحاولون إرباك الأمن لتقديم رسالة للتنظيم الدولي وعملائهم بغرض مساندتهم ولا يدركون أن القطار قد فات ولا عودة للوراء.

أمن وقائي
ويؤكد اللواء محمود قطري، الخبير الأمني أن الجريمة السياسية عندما يتم البدء في تنفيذها تصبح جريمة جنائية، والأمن في مصر عبارة عن شجرة الساق فيها هو الأمن العام، أما الفروع فعديدة، وإذا وقع الساق فلابد أن تقع كل الفروع، وحبيب العادلي كان متدني الثقافة الأمنية والشرطية، لذا اهتم بالأمن السياسي علي حساب الأمن العام، لذلك سقط الأمن العام بكل فروعه بسبب فساد كان مستشرياً ولم يلتفت إليه أحد، لذلك أصيب بنكسة مثلما حدث في 67.
ويشير اللواء محمود قطري، إلي أن الأمن الجنائي والسياسي لا ينفصلان لكن الشرطة تحتاج إلي مؤازرة الشعب وتحتاج لإعادة بناء، وهي الآن استجمعت عناصر القوة فيها وتمكنت بتوفيق من الله من فض اعتصامي رابعة والنهضة، ومكافحة الإرهاب وعملت عملاً مجيداً، لكنها مازالت بحاجة إلي بنية أساسية شرطية حقيقية ومطلوب منظومة أمن وقائي هائلة عن طريق تقسيم كل مدن وقري مصر إلي أماكن للحراسة علي نسق «الدركات» والدفع بقوات الشرطة لحراسة الشوارع في مصر، لأنها مسئولة عن حراسة كل المصريين أرواحهم وممتلكاتهم وهذه بديهيات الأمن وتلك المنظومة يجب أن تكون هائلة ومتناسبة مع الواقع والبيئة، وعلي سبيل المثال فإن تحقيق الأمن في منطقة كالموسكي يتطلب أمن علي أرجلهم، أو دراجات بخارية، أما في الأماكن الواسعة نحتاج للسيارات والمفترض أن توضع لكل 20 نقطة حراسة أو قوة دعم لا تقل عن 100 عسكري، تكون جاهزة للتدخل، ومطلوب أيضاً أن تكون هناك خطط تعمل من خلالها الشرطة.. وعلي سبيل المثال فموضوع تكرار الهجوم علي الأكمنة يتطلب مراجعة هذه القضية أصلاً، وما يحدث في كمين الريسة يؤكد أننا بحاجة إلي خطة حقيقية في فكر الأكمنة علي أن يكون هناك عدة أكمنة خفية لحماية الكمين.
ويضيف مطلوب منظومة أمنية تمنع الجريمة فإذا حدثت يأتي الأمن العلاجي «المباحث» لضبط الجاني وللأسف فالذي يعمل الآن «المباحث» وإذا تم تفعيل المنظومة الوقائية سيتفاعل معها المواطنون، فكل المعلومات ستتوفر عن طريق هذه المنظومة، فالمفترض أن أوفر الأمن للمواطنين ومن يعتدي يتم ضبطه «المخالفات» لكن تعميم المخالفات بلا منظومة وقائية يعتبرها الناس عملاً عدائياً، والأكمنة مثال حي علي ذلك، وهي غير فعالة، لأن الفرار منها سهل، وهي إحدي إنتاجات مدرسة حبيب العادلي الفاشية، كذلك لابد من تغيير العقيدة الأمنية حيث يكون في خدمة المواطن، وتغيير التشريعات الداخلية بالجهاز، خاصة الترقيات والتعيينات بحيث لا تسمح بالفساد واستصدار قانون حماية رجل الشرطة لحمايته أثناء تأديه عمله، بما يسمح له باستخدام العنف عند اللزوم لأن قاعدة الدفاع الشرعي عن النفس غير كافية، وفي نفس الوقت إصدار تشريع يحمي المواطن من ممارسات الشرطة تعرف فيها مفهوم الإهانة، ومن هنا الأمن الوقائي مهم وضروري لتحقيق الأمنين السياسي والجنائي، ونحن الدولة الوحيدة التي لا تمتلك منظومة أمن وقائي، وبدون الأمن العام فلن تستطيع الشرطة التصدي للإرهاب.
ويؤكد اللواء قطري ضرورة أن تكون الشرطة مكلفة بحماية كل المواطنين والشوارع والأبنية، نحن لدينا رجال شرطة من أفضل العناصر ومختارين بعناية ومكشوف عليهم طبياً ونفسياً وجنائياً، وهم محترفون فعلاً ومطلوب التدريب بشكل فعلي وليس شكلياً عن طريق إعطاء دورات ومحاضرات، وعندما يتحقق الأمن العام تكون قدرته علي حماية النظام أكثر من الأمن الوطني أو أمن الدولة.