رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معركة‮ "‬البيضة والفرخة‮" ‬التي‮ ‬تهدد بقتل الثورة


لم‮ ‬ينجح الإعلان الدستوري‮ ‬في ضبط إيقاع الحياة السياسية،‮ ‬ولم تتمكن تعديلات قانون مباشره الحقوق السياسية في علاج التشوهات‮ ‬فالوضع الدستوري في مصر أشبه بكائن مسخ ليس له ملامح محددة ولا‮ ‬يملك عقلاً‮ ‬وقدرة علي التفكير وهناك إصرار علي ان‮ ‬يحكم هذا الكائن الحياة السياسية وينظم المباريات الانتخابية بين الأحزاب والقوي الوطنية لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية وهو ما‮ ‬يغذي فكرة الاضطراب السياسي‮ ‬ويزيد من الجرح الغائر في قلب الحياة السياسية‮.‬

المجتمع‮ ‬يغرق في طوفان الفوضي السياسية،‮ ‬وهناك من‮ ‬يقود سفينه الإنقاذ المتمثلة في صياغة دستور جديد تضعه جمعية تأسيسية منتخبة قبل إجراء أي انتخابات ليرسم قواعد اللعبة السياسية ويحدد الإطار العام لها ولكن أصحاب هذا الاتجاه أشبه بمن‮ ‬يطلق صرخات في‮ ‬أرض لا‮ ‬يسكنها بشر‮.‬

وقد كشفت جلسات الحوار الوطني‮ ‬التي انطلقت بداية الأسبوع الحالي عن رغبه عميقة لدي معظم رجال السياسة في وضع دستور جديد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية،‮ ‬لكن الدكتور‮ ‬يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء قطع الطريق أمام تلك الرغبة بتأكيده أن جلسات الحوار تشاورية،‮ ‬وسوف تقدم رؤيتها إلي الجمعية التأسيسية التي ستقوم بوضع الدستور بعد الانتخابات ويمكن أن تأخذ بها اللجنة إذا رأت ضرورة لذلك‮. ‬

كلام الجمل كشف عن إصرار المجلس العسكري علي تنفيذ ما جاء بالإعلان الدستوري وسرعة إجراء الانتخابات البرلمانية،‮ ‬ثم بعد ذلك‮ ‬يتم عمل دستور جديد قبل إجراء الانتخابات الرئاسية لتسليم التركة التي ورثها إلي الرئيس القادم بأقصي سرعة وهو ما أكده اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري صراحة وشدد علي تنفيذه دون أي تعديلات‮. ‬

والحقيقة أن استمرار الوضع كما هو مخطط له‮ ‬يخدم‮ ‬3‮ ‬قوي فقط ويجعل المباريات الانتخابية التي ستقام بين القوي السياسية في دوائر المحافظات‮ ‬غير متكافئة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يجعل المطالب بوضع دستور جديد وتأجيل الانتخابات البرلمانية لعدة أشهر مشروعة وتحقق الهدف منها كما أن هناك حالة فراغ‮ ‬أمني رهيب من الصعب القضاء عليها خلال الفترة الوجيزة المتبقية وهذه الحالة تفيد بعض المرشحين وتحدث خللا في العدالة الانتخابية‮. ‬

ولكن ثلاث قوي فقط تستفيد من بقاء الوضع علي‮ ‬ما هو عليه بل إنها ستستفيد من حالة الفوضي والاضطراب السياسي‮ ‬الحادثة الآن وهي‮ ‬جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون وفلول الحزب الوطني ونوابه السابقون‮.. ‬ولكن السؤال الذي‮ ‬يفرض نفسه لماذا لا‮ ‬يتم وضع دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية؟

أصحاب الاتجاه المعارض لتلك الفكرة‮ ‬يسوقون مبررات عديدة فالدكتور عصام العريان،‮ ‬نائب رئيس حزب العدالة والحرية والقيادي الإخواني،‮ ‬يؤكد أن الشعب المصري قال كلمته وأن‮ ‬14‮ ‬مليون مصري قالوا نعم للتعديلات الدستورية الأخيرة التي خرج منها الإعلان الدستوري الذي قضي‮ ‬بإجراء الانتخابات البرلمانية،‮ ‬ثم اختيار هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد ويجب الرضوخ لرأي الأغلبية مثلما تقول الديمقراطية وعدم الاستجابة لمطالب تعديل الدستور قبل انتخاب البرلمان‮.‬

أيضا المستشار أحمد مكي،‮ ‬نائب رئيس محكمة النقض،‮ ‬يؤكد أن تلك القضية حسمها الاستفتاء،‮ ‬وكان‮ ‬يمكن للمجلس العسكري أن‮ ‬يعلن انتخاب الجمعية التأسيسية بدلا من الاستفتاء الماضي،‮ ‬ولكن نتيجته أنهت كل الجدل الدائر حول مصير الدستور وأرجأته اجبارياً‮ ‬إلي ما بعد الانتخابات البرلمانية‮. ‬

ولكن الدكتور أحمد النجار،‮ ‬أستاذ العلوم السياسية،‮ ‬يرد علي تلك الحجة،‮ ‬قائلاً‮: ‬إن المجلس العسكري لم‮ ‬يلتزم بنتيجة الاستفتاء علي تعديل الدستور وقام بتعطيل دستور‮ ‬1971‮ ‬واستبدله بإعلان دستوري‮ ‬يسير من خلاله شئون البلاد،‮ ‬ومن الممكن أن‮ ‬يسقط الإعلان الدستوري وأن‮ ‬يجري انتخابات لاختيار‮ ‬50‮ ‬شخصا ويعين المجلس العسكري‮ ‬50‮ ‬شخصاً‮ ‬آخرين في جمعية تأسيسية تضع دستوراً‮ ‬جديداً‮ ‬للبلاد ثم تجري الانتخابات البرلمانية وبعدها الرئاسية،‮ ‬ولن‮ ‬يستغرق ذلك أكثر من شهر فقط‮.‬

وأضاف‮: ‬إذا حدث اعتراض من بعض القوي السياسية علي إسقاط الإعلان الدستوري والدعوة إلي انتخاب جمعية تأسيسية‮ ‬يتم الاحتكام للشعب مرة أخري وعمل استفتاء علي وضع دستور جديد أو التمسك بالإعلان الدستوري وعلي ضوء النتيجة‮ ‬يتم التنفيذ ولا‮ ‬يجب قياس النتيجة علي ما حدث في الاستفتاء السابق الذي دار حول التعديل فقط علي‮ ‬6‮ ‬مواد وليس استبداله بآخر‮.‬

نفس الكلام‮ ‬يؤكده الدكتور عبدالله الأشعل،‮ ‬مساعد وزير الخارجية الأسبق،‮ ‬وأضاف أن فكرة عمل جمعية تأسيسية تأخرنا عليها عدة أسابيع ولابد من تنفيذها علي الفور،‮ ‬ومن الممكن صياغة الدستور الجديد من خلال الجمعية وإجراء الانتخابات في موعدها إذا لم‮ ‬يكن هناك نية لدي المجلس العسكري لتأجيلها خاصة إذا تمت معالجة الفراغ‮ ‬الأمني،‮ ‬ولكن من الأفضل التمهل ولابد من اختيار الـ50‮ ‬شخصاً‮ ‬المعينين في المجلس العسكري بعيداً‮ ‬عن‮ ‬يحيي الجمل فاختياراته كلها خاطئة،‮ ‬ومن الممكن أن تثير الرأي العام ضده خاصة أنه‮ ‬يجيد صناعة الصدام الإعلامي‮. ‬

وأكد الأشعل أنه من الأفضل إجراء حوارات موسعة وندوات مع كل طوائف المجتمع الآن ليس بطريقة تشاورية،‮ ‬ولكن رأيها‮ ‬يكون إلزامياً‮ ‬للجنة صياغة الدستور أو انتخاب‮ ‬5‮ ‬أفراد فقط لصياغة بنود المواد التي‮ ‬يتم الاتفاق عليها في جلسات الاستماع التي‮ ‬يجب أن تشمل كل طوائف المجتمع‮.‬

وأشار الأشعل إلي أن التمسك بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل تعديل الدستور

سوف‮ ‬يحدث تفجيراً‮ ‬في مصر،‮ ‬خاصة إذا سيطرت قوي بعينها علي المجلس ستكون استنساخاً‮ ‬للحزب الوطني وسنري مصر بلا تغيير وتسير في نفس السياسات السابقة دون تغيير‮.‬

الدكتور ضياء رشوان،‮ ‬الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،‮ ‬قال إن تأجيل الانتخابات البرلمانية وصياغة دستور جديد الآن اقتراح جيد ولطيف جدا ويؤيده الكثير،‮ ‬ولكن‮ ‬يجب البحث أولا عن المخرج الدستوري للوصول إلي هذا الاقتراح فهناك أغلبية قالت‮ »‬نعم‮« ‬للتعديلات وأقلية قالت‮ »‬لا‮«‬،‮ ‬وأنا مع فكرة تأجيل الانتخابات،‮ ‬لأن المناخ لا‮ ‬يسمح بها الآن،‮ ‬ولكن ما هو الطريق لتحقيق تلك الأمنية التي تحقق صالح الحياة السياسية في مصر بشكل عام‮. ‬

المخرج الدستوري لهذا الاقتراح‮ ‬يقدمه الدكتور إبراهيم درويش،‮ ‬الفقيه الدستوري،‮ ‬قائلاً‮: ‬إن هناك حكماً‮ ‬صدر من المحكمة الدستورية العليا في عام‮ ‬1994‮ ‬يقضي بعدم جواز صياغة دستور جديد بواسطة البرلمان،‮ ‬وجاء نص الحكم كالتالي‮ "‬أن المجالس النيابية أو المؤسسات الدستورية هي من خلق الدستور وليس الدستور من خلق هذه المؤسسات ولا‮ ‬يجوز للدستور أن‮ ‬يخرج من كيان ورحم مؤسسات هو من‮ ‬يصنعها بوجوده‮ " ‬إذن الدستور هو الذي‮ ‬يشيد المؤسسة التشريعية وغيرها من المؤسسات وبالتطبيق علي الإعلان الدستوري الذي أوكل إلي أعضاء مجلس الشعب انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور،‮ ‬فهذا خطأ فادح من الممكن أن‮ ‬يتم الطعن عليه بالكامل،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يصبح أي نظام حكم قادم مطعوناً‮ ‬في شرعيته إذا لم‮ ‬يلتزم المجلس العسكري بتنفيذ نص الحكم‮.‬

وأشار درويش إلي أن بقية مواد الإعلان الدستوري الـ63‮ ‬غير دستورية بالمرة ويجوز الطعن عليها وإلغاؤها والحل أن نعيد صياغة دستور جديد،‮ ‬ويمكن انتخاب جمعية تأسيسية تحل فور صياغتها للدستور تتكون من عدد معين من الأعضاء‮. ‬

وقال درويش إنه قابل أعضاء المجلس العسكري وعرض عليهم الأمر برمته وشرح لهم إمكانية الطعن علي الإعلان الدستوري وإلغائه من المحكمة الدستورية كما أنني انتقدت الدكتور‮ ‬يحيي الجمل،‮ ‬والذي من المفترض أن‮ ‬يكون علي علم بالمبادئ الدستورية،‮ ‬وأن‮ ‬يكون اطلع علي نص الحكم الصادر عام‮ ‬1994،‮ ‬وأكدت لهم أنه فاشل في منصبه وفي إدارته للحوارات الوطنية ولا‮ ‬يصلح‮.‬

وفجر الدكتور أيمن بري،‮ ‬أستاذ القانون الدستوري،‮ ‬مفاجأة بتأكيده أن الإعلان الدستوري نفسه به مادة تسمح بإلغائه أو إجراء تغييرات عليه وهي المادة‮ ‬62‮ ‬والتي تنص علي‮ "‬أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستوري‮ ‬يبقي صحيحاً‮ ‬ونافذاً،‮ ‬ومع ذلك‮ ‬يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة‮ "‬أي أن اللوائح والقوانين التي صدرت قبل الإعلان تعمل بها،‮ ‬ويجوز إلغاؤها أي انه‮ ‬يمكن إلغاء مواد الدستور القديم وإلغاء الإعلان الدستوري نفسه أو مواد بعينها منه،‮ ‬وهو ما‮ ‬يسمح بإعادة صياغة الدستور وتأجيل الانتخابات البرلمانية إلي وقت‮ ‬يحدده المجلس العسكري،‮ ‬بل إنه‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحدد طريقة صياغة الدستور حتي من‮ ‬غير الالتزام بانتخاب جمعية تأسيسية ومن الممكن أن‮ ‬يقرر تشكيل لجنة مباشرة لصياغته‮. ‬

واجهنا المستشار طارق البشري،‮ ‬رئيس لجنة التعديلات الدستورية،‮ ‬بالمعلومات السابقه فرد قائلاً‮: ‬لم أكن أريد الحديث في هذا الموضوع،‮ ‬ولكن الأحداث تفرض علي عدم الصمت فالاستفتاء علي التعديلات الدستورية وافق عليه‮ ‬14‮ ‬مليون مصري وتحول إلي وثيقة رسمية تجب أي وثائق أخري،‮ ‬فالشعب هو مصدر جميع السلطات والإعلان الدستوري أصبح وثيقة رسمية معمولاً‮ ‬بها بإرادة شعبية وخاضعة لحماية الاستفتاء‮. ‬