رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"تفاصيل" زرع الألغام "الجهادية" في رفح

انفجار لغم بإرهابي
انفجار لغم بإرهابي أثناء زرعه برفح

دوي انفجار على مقربة من كمين «الشيخ زويد»، وقتها لم يكن قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي قد غادر المنطقة بعد، يصمت دليلنا لدقيقة ثم يستطرد

«حد سامع حاجة» بشيء من اللامبالاة من تتابع التناقضات يستقبل الجميع خبر «انفجار» مجهول مصدره- حينئذ،تغرب الشمس تماما هادئة على عكس سيناء التي تتلاطم أمواج «شائعاتها» صانعة حالة من الانقسام الذاتي إذا كنت ممن يرغبون في الوصول إلى حقيقة.. أي حقيقة حول مستقبل أزمة «المجندين».
«هاتفيا «يتحدث مصدر سيناوي عن «انفجار» في رفح وامتداد التضارب سمة غالبة في كافة المعلومات، الانفجار قبل مغادرتنا الشيخ «زويد» باتجاه منطقة «دوار رفيعة» محل الحادث كان لـ«صاروخ» يزرعه «جهادي ثم ينفجر في جسده ،وليس لك سوى أن تصدق «فرضا» وتترك خطاك تسوقك إلى نتائج تراها «واقعا» فور وصولك إلى مسقط رأس الحدث.
كان ليل «سيناء» يقترب من انتصافه ولاخيار سوى أن تذهب إلى حيث الانفجار لعلك تجد في تفاصيل الحدث «هدى» أو جذوة من حقيقة غائبة تقود إلى نظيرتها إبان «تحقيق» يسفر عن خيط رفيع تبدأ به مشوار يوم جديد «مبهمة» معالمه في أرض الفيروز.
الطريق الرئيسي من الشيخ زويد إلى رفح يمنعك من الوصول إلى مكان الحدث الكمائن منتشرة كميناً تلو كمين ..هكذا تحدث الدليل الذي يدرك تضاريس المنطقة «مداخلها ومخارجها» والذهاب لابد أن يكون من طريق جبلي تفاديا لتفتيش يحول بينك وبين تفاصيل «الواقعة» بمجرد التعرف على هويتك ،..الدليل متسائلا قبل التحرك «هتكملوا»، والإجابة ليست اختيارية وقتئذ «توكل على الله».
نحن الآن في منطقة «أبوطويلة» تلك المنطقة التي يقسم أشجار زيتونها طريق رملي متعرج ،يتحدث الدليل عن 14 كيلو متراً تفصلنا عن «دوار رفيعة» حيث الأشلاء والصاروخ حسبما علمنا، على الطريق تبدو أشجار الزيتون متناثرة على جانبيه، وتعرجات الأرض تثير مخاوف تعثر السيارة  التي نستقلها إلى هناك ،في نهاية الطريق الرملي يظهر طريق مرصوف ،يسأل السائق «اشمعنى المنطقة دي مش مرصوفة»، يستطرد الدليل قائلا» لأن أهلها مش حابين المرور منها باعتبارها فاصلاً رملياً على طريق التهريب الرئيسي الذي يستعمله «مهربو الأنفاق».
يزداد الطريق ظلمة كلما قطعت مسافة باتجاه الهدف ،وفجأة تتوه الخطى يتحدث الدليل «أنا مش عارف احنا فين تقريبا مشينا غلط»، الصمت كان رداً أبلغ على موقف ربما ينذر بنهاية حياة في منطقة منزوعة «الأمان» ،يأتي دور الهاتف المحمول للاستعانة بدليل غير مباشر يلازمنا حتى نقطة الوصول.
هنا «دوار رفيعة» مساحات شاسعة ممهورة بشجيرات الزيتون عطفا على نظيرتها من أراضي المنطقة «ج»، المحلات مغلقة والظلام يخيم على المكان لا أحد سوى شاب بدراجة بخارية يروح ويغدو بجانب السيارة ،يحدثه الدليل «سلام يا أخي» وين هنا أرض الأشلاء وين الناس؟.. يرد الشاب «ما في أحد».
فجأة يظهر ضوء سيارات متجاورة.. تدخلت قائلا «تقريبا ده الجيش» يرد الدليل قائلا «ملكوش نصيب تصوروا دا احنا لفينا من هنا علشان منقابلوش»، طلبت من السائق أن يستمر في طريقه ،مدرعة وعساكر يشكلون كمينا بشريا بأسلحة متقاربة متقابلة وبضع سيارات خاصة اقتربنا أشار مجند بما يعني لا تتوقف هنا «كمل طريقك» تأزم الموقف تماما بعد سيرنا بعد الكمين ما يقرب من 200 متر، طلبت من السائق أن يتوقف، قلت له «سنعاود الذهاب إلى موقع الحدث ونطلب من قيادة الجيش أداء عملنا الصحفي ،حتى إذا كان الرفض اختياره نكون أدينا واجبنا.
أمام الكمين توقفت السيارة «نحن الآن أمام الأرض التي لوثتها دماء مجهول «صاحبها» السلام عليكم يا افندم» كانت بداية الحديث للقائد متبوعة بطلب لتصوير «الأشلاء» واستطلاع شهادات العيان، وافق القائد قبيل مغادرته تاركا الأشلاء في موضعها ،ورافضا الإفصاح عن معلومة حول العملية العسكرية تشفي صدور قوم مشتتين.
لا شيء يضيء في أرض «جوز أبو رعدة» بـ«دوار رفيعة» الواقعة جنوب رفح سوى «كشافات الموبايل» وعلى مشارف الأرض التابعة لـ«قبيلة الرميلات» يقف الأهالي المفزوعون من هول الحادث جراء انفجار حدث في السادسة مساء بدل هدوء المنطقة «رعبا وفزعا».
«قطعة دم» تستقبلك على الرصيف المؤدي إلى الأرض وكلما مررت بين أشجار الزيتون تلتقيك أجزاء جسد لـ«شخص» كثيف شعره خفيفة لحيته تعرف ذلك من جزء من الرأس ملحق به «أذن» وأسفله بقايا وجه يحتفظ بقطعة من الخد تكشف توصيف «اللحية» وعلى اليمين قليلا يظهر «لغم» لم ينفجر بعد تركته قوات الجيش في موضعه أيضا قبيل مغادرتها.
وبقايا الأشلاء حاضرة أسفل الشجيرات في مشهد تتجمد عنده مشاعرك متجاوزة تعاطفها أو تبلدها إزاء شخص كان ينوي «تفجيراً» أخفته وفاته لتطرح بعدها أسئلة «هل كان الجيش مستهدفا أم قوات حفظ السلام التي تعبر من هنا»؟.
تفاصيل الواقعة يرويها الشيخ محمد الغزالي- أحد قيادات المنطقة- قائلا «منذ الثانية ظهرا لفت انتباهنا سيارة دفع رباعي «2 كبينة»-تايلاندي- منزوعة «الأرقام» تحمل 6 أفراد «ملتحين»، تحوم حول المنطقة ذهابا وإيابا، لم نكترث بالمرور إلا بعد تكراره أكثر من مرة طاردناهم ثم فوجئنا بعد صلاة المغرب بـ«صوت انفجار» مروع، خرجنا في ذعر شديد ازداد تدريجيا بعد مشاهدة «أشلاء جثة» وسيارة على الطريق هي ذاتها التي كانت تستكشف قبل ساعات، فرت هاربة عقب الانفجار طاردناها بـ«20 دراجة بخارية» و10سيارات لكننا لم نتمكن من القبض عليهم.
يسترسل الشيخ الساخط على الوضع الأمني «عدنا إلى الأرض لنعثر على لغم لم ينفجر بعد وأشلاء مبعثرة وبقعة كبيرة لـ«بارود» اللغم المنفجر وخيط يصل بين اللغمين يكشف انفجار اللغم الأول إبان محاولة فاشلة في «زراعة اللغم الثاني ثم أبلغنا الجهات الأمنية التي لم تصل إلى مسرح الحدث إلا بعد 3 ساعات».
«اللغم» يتكون من مادة «tnt» «حسبما يروي- شهود عيان- يستهدف بالدرجة الأولى قوات حفظ السلام التي تبعد نقطتها عن الأرض مسافة «كيلو متر»، أو ربما تستهدف دورية «جيش» كرد فعل على العملية العسكرية التي تؤتي ثمارها في القبض على العناصر المتورطة في خطف المجندين ولم تنته بعد.
يتدخل صاحب الأرض- سعيد حميد- بلهجة حادة «أنا عايز بس اسأل سؤال، اللي أنا فيه يرضي مين أنا متضرر من حاجة «معفنة» زي كده ومش عارف أعمل إيه اشيلها أدفنها وبكده ابقى حجبت معلومة عن الدولة ولا أسيبها للجهات السيادية فييجي حد بالليل ياخدها من الجماعات، ومنستفيدش منها؟.
يلوح الرجل بيديه في غضب يغلب على حديثه «أبويا بلغ من المغرب ومحدش اهتم ييجي يحلل الجثة ويشوف مين ده؟، لماذا لم يأت البحث الجنائي حتى الآن؟.
ويستطرد قائلا «هنعمل إيه؟.. إنت بتقولي هنعمل إيه؟.. احنا بنضرب كف على كف ومش عارفين إيه اللي بيحصل بالضبط»؟.
أقرب كمين هنا على بعد «2 كيلو متر» يبقى التقصير الأمني ليه ؟.. تساؤل تتناقله ألسنة أهالي «جوز أبورعد».
حسبما أفاد «سيد سليمان فريج»- أحد شهود العيان- أول مرة تحصل حاجة زي كده في المنطقة تلك التي تبعد عن الأنفاق بضعة كيلو مترات وبعد هذه الحادثة يتضاعف الحزن على المجندين المختطفين- على حد قوله.
عن الأنفاق التي يعمل  بها الشاب يتحدث «الأنفاق هي البركة، يأتي ذلك لغياب فرص العمل والخدمات عن المنطقة، لافتا إلى أن المنطقة تعاني ندرة في خدمات المرافق، ومن يريد خدمة أرضه أو منزله بـ«مياه» أو «كهرباء» يدفع «دم قلبه».
«سيد فريج» الذي يناشد الرئيس «مرسي» توفير حد الكفاف من الآدمية لأبناء منطقة حدودية يقول «مش لاقيين أي حاجة علشان متمسكين بالعمل في الأنفاق».
خارج دائرة «اللغم الجهادي» والأشلاء، يكشف «فريج» عن انتعاش بزنس الأنفاق بعد واقعة «اختطاف الجنود»، مشيرا إلى أن50 نفقاً يعملون حاليا بأسعار ضعف أسعار الأوقات منزوعة «الحدث»، يبدو انتعاشها واضحا إذا علمت أن  السلع الأكثر انتشارا وشيوعا في الأنفاق هي «الزلط والأسمنت والحديد» وتسعيرتها حتى باب النفق وفقا لـ«فريج» تأتي في 95جنيها لـ«متر الزلط» و«665جنيها» لـ«طن الأسمنت» و«6 آلاف جنيه» لـ«طن الحديد»، بينما تكاليف عبورها لم يتمكن «الشاب» من حفظها نظرا لـ«بورصة خيالية» من التكاليف تزداد يوما بعد يوم كلما طال أمد أزمة اختطاف الجنود.
في «منطقة جوز أبورعد» يلجأ الأهالي لـ«تأمين» منازلهم بلجان شعبية تتناوب السهر خلال أيام هي الأصعب في تاريخ المنطقة، يقول الشيخ محمد الغزالي في سياق الغياب الأمني «في أي حادث طاريء نجري اتصالا سريعا بالجيش»، مختتما حديثه بـ«إبداء» أسف على الجنود المختطفين، واصفا ما يجري على أرض الوطن بأكمله بأنه مثير لـ«عدم الرضا» معربا عن أمله في إطلاق سراحهم قريبا».
في المنطقة الحدودية يتعاطف الأهالي مع «الجيش»، تبدو حميمية العلاقة بينهما حاضرة في أزمات بحجم الأزمة الحالية ونتائج العملية العسكرية تعلي  جدار ثقة ممتداً عبر سنوات بين أهالي رفح والقوات المسلحة لكن ثمة انتظار لدى المحرومين من «دفء الوطن» لقليل من الاحتواء يمحو سنوات هجر متعمد لـ«حقوق مشروعة» لم يدركوها بعد.