عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما تجوع الحرة تأكل بـ "زواج السُترة"

بوابة الوفد الإلكترونية

انتشرت في الشهور الماضية حكايات مثيرة عن رواج سوق الزواج من فتيات سوريات في العديد من المساجد المصرية، ومع أن بداية القصة بدأت من أحد مساجد محافظة قنا، حينما عرضت فتاة سورية، هاربة من جحيم بشار في بلادها، نفسها للزواج،

وحققت بالفعل حلمها بالارتباط بزوج مصري دفع لها 500 جنيه مهراً، ثم توالت فصول القصة، وانتشرت في العديد من المحافظات، حتى انتهت في القاهرة التي وصل فيها سعر الزواج من فتاة سورية لأكثر من 120 ألف جنيه بجانب توفير شقة الزوجية على حساب العريس.
هؤلاء السوريات ضحايا الحرب الأهلية المستعرة في مختلف أنحاء سوريا، نزحن مع أسرهن الى مصر بحثاً عن الأمان، ولم يخطر على بالهن الزواج من مصريين، لكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر فرضت على أسر هذه الفتيات اختيارات لم تخطر على بالهم لستر بناتهم، كان على رأسها الموافقة على تزويجهن لشباب واحياناً شيوخ مصريين.
وفي هذا التحقيق، بحثنا عن اسباب هذه الظاهرة وكيف تتم فصول هذا الزواج، وكيف تعيش الأسر السورية في مصر؟ وكيف يحلون مشاكلهم المعيشية الصعبة؟
وكانت الاجابة في السطور التالية.

هاربات من «جحيم بشار» إلى «نار القاهرة»
سوريات.. في رحلة البحث عن ضل راجل

الجديد في المتعة «غير الشرعية» هو تقنينها تحت غطاء شرعي، هذا ما حدث بالفعل فيما عرف بتزويج السوريات.
بدأها بعض رجال الدين برغبة حقيقية منهم في «سترة بنات الاسلام» النازحات من سوريا، واستغلها الباحثون عن المتعة تحت اسم «الزواج الرخيص» الذي لا تتعدى تكلفته اكثر من تكلفة رحلة قصيرة الى المصايف الرخيصة، 500 جنيه وسكن مفروش.
هذا ما يتكلفه الزوج السعيد اذا ما أراد الزواج من فتاة سورية من أحد المساجد التي عرفت بتوفيق هذه الزيجات ومنهم مسجد خاتم المرسلين بالعمرانية، مسجد الحصري، وعماد راغب، الخلفاء الراشدين في مدينة 6 أكتوبر.
جاءت الفكرة عندما لجأت سيدة سورية لأحد مساجد قنا في صعيد مصر، وقت خروج المصلين من صلاة الجمعة، وطلبت المساعدة وعرضت نفسها للزواج قبلها أحد المصلين كزوجة ثانية وهو يشعر بالفخر لأنه ساهم في حل مشكلة هذه السيدة، وبالسعادة للمنحة التي اعتبرها ربانية كشىء من التغيير.
لا أعلم ما موقف زوجته الأولى، لكن كل ما أعلمه يقينا هو انتشار الفكرة كالنار في الهشيم.
سافرت الفكرة من قنا حتى أسيوط بنفس الأسعار تقريباً، وأصبحت مصدراً للمتعة والترفيه لمن ملوا حياتهم الزوجية، ويدعون أن الدين شريعتهم والاسلام دستورهم.. وعندما وصلت الفكرة الى القاهرة وزادت التكلفة لتصل الى ألفي جنيه.
عرفت قضية تزويج السوريات في الاعلام ولدى المفكرين والنخبة المثقفة باسم «تجارة الرقيق» لذا سرعان ما تبرأ منها شيوخ المساجد.
خرجت كاتبة هذه السطور في جولة الى المساجد المذكورة لم يرحب بها، ولاقت هجوماً شديداً من قبل حراس المساجد وخدامها، ورفض الشيوخ الكلام، حينها بدأت رحلة البحث عن «عريس».. رجل يرغب في الزواج من سورية حتى قبل بذلك «ع. ض» مهندس في احدى جامعات مصر، ووافق على أن يخوض التجربة مع مندوبة الوفد بصفتها «أخته».
قصد العريس وأخته مع «كاميرا الوفد» مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر، وكان السؤال عن متعهد التزويج من سوريات.. لكن من الواضح أن كل العاملين في مسجد الحصري وجمعية الحصري للخدمات الاجتماعية ملتزمون بأوامر صارمة تمنعهم من الحديث عن قضية التزويج التي اشتهروا بها.
فكانت اجاباتهم واحدة «لا نعلم شيئا عن هذا الموضوع» حتى قابلنا موظفة في الجمعية ارشدنا اليها أحد المنتفعين من نشاط الجمعية، وأخيراً التقينا الموظفة المسئولة لم نشأ أن نسألها عن اسمها حتى لا تشك في أمرنا، وبدأت مندوبة «الوفد» في الحديث معها طالبة تزويج أخيها «ع. ض» من احدى السوريات المترددات على مسجد الحصري، وقبل أن انهي حديثي كأخت العريس قاطعتني الموظفة قائلة: «أنا معرفش أنت بتتكلمي عن إيه، المسجد ملوش صلة بالمواضيع دي».
ثم أشارت في حديثها إلى لافتة كبيرة معلقة أمام المسجد تؤكد أن علاقة «الحصري» بتزويج السوريات شائعة، لكن ما لم تذكره الموظفة لنا أن لافتة تبرؤ المسجد من القضية ذيلت بدعوة «حسبي الله ونعم الوكيل في مروج هذه الشائعات».
ومن جانبه أكد «حمدي الخولي» على المعاش أنه سبق وذهب الى أحد المساجد التي عرفت بتزويج السوريات وحصل منها على كشف بأسماء النساء المعروضة بالصور، مؤكداً أن عملية التزويج واقع وتتم في العلن أو في الخفاء!

سنة أولى في «سوق المتعة»

السقوط بالنسبة لسيدة أو فتاة وحيدة ليس له إلا معنى واحد، لكن الوصول الى الهاوية له طرق ودروب عدة، كلها ملك للشيطان.
إنه شيطان الإنس الذي يجلس، ويترقب أي فرصة تسنح لاستغلال ظروف المنكسرات، وإغوائهن، وتعزيز شعورهن بانكسار الفقر حتى يطبعن أنفسهن مع انكسار بنكهة جديدة.
انكسار الضياع والفساد الأخلاقي، والمشاركة في سوق الأجساد.
جميعنا يعلم أن مثل هذا السوق، موجود في مصر وبقوة.. لكن الجدير بالذكر هو دخول وجه جديد لسوق المتعة وهو الفتاة السورية، وذلك أمر متوقع، خصوصا اذا اجتمع في الشارع «رجل قواد» و«امرأة» ضعيفة، فقيرة، وإيمانها ضعيف، لا يكفيها زاداً لكي تصمد أمام التيار الجارف الملىء بالوصل، فسرعان ما يخضب طرفها النظيف ويسري في باقي أوصالها دون أن تدري.
خلف مسرح مدينة نصر، تتقدم السورية الجميلة ومعها رجل يدفعها بالملاطفة تارة وبالنهر تارة اخرى الى أي سيارة ينتظر صاحبها مجئ هذا النوع من العروض.
تبدأ الفتاة الحديث بمساعدة وتشجيع من قوادها، بالسؤال إن كان صاحب السيارة يريد أي مساعدة من الفتاة، على صاحب السيارة أن يعاين بضاعته وبعدها إما القبول أو الرفض.
هذا ما حدث مع «ع. م. أ» عندما كان في سيارته على أحد جانبي الطريق خلف مسرح مدينة نصر في انتظار ابنائه وقت خروجهم من المدرسة، كان الأب منشغلاً بقراءة الصحف، وإذ به يسمع طرقاً خفيفاً على زجاج النافذة إنها «احدى الجملات»، هكذا وصفها «ع. م. أ» قائلا: «كانت فتاة جميلة جداً ومعها رجل طويل القامة خفيف الشعر أنيق الملبس، ثم جاء صوت الفتاة على استحياء وبلهجة سورية تطلب فتح باب السيارة.
وأضاف: استوقفني طلبها قليلاً وحسمت أمري بعدم فتح الباب والاكتفاء بفتح زجاج النافذة، سألتني الفتاة إن كنت أحتاج المساعدة وبابتسامة عريضة وغير مبررة يؤمن الرجل على سؤالها، وعندما قابل «ع. م» عرضهما بالرفض ألقيها عليه التحية بلطف مصطنع، وأكدتا له أنهما متواجدتان في هذا المكان دائما وفي أي وقت.
هناك من يتابع هذه الأحداث على الجانب الآخر من الشارع وفي يده «سنجة كيلو حديد» متأهب للدفاع عن الأب «ع. م» في حالة تطور الأحداث. وهو عم «علي الفهكاني» الذي أكد لنا أن هذه «الأشكال» على حد قوله دائما ما تتردد على الشارع وهناك من يستجيب لعروضهن، مشيراً الى أنه لن يتدخل في حالة استجابة «الزبون» لكنه قرر أن يتدخل للدفاع عن الأب لأنه لاحظ عدم استجابته لـ «أولاد الحرام» وإصرارهم على إغوائه.
وشارك في حديثنا أحد «البوابين» في المنطقة يدعى «صلاح الراعي» قائلا: إن مثل هذه الأحداث كثيراً ما تقع في شوارع مدينة نصر الهادئة ليلاً ونهاراً على حد سواء في غياب تام للشرطة.
وأضاف: إن رجال الأمن الخاص بالعقارات والبوابين هم أكثر دراية بما يحدث لأن من دواعي عملهم أن يراقبوا الاحداث جيداً في الشارع لكن دون تدخل.

هل تسقط «كارمن» في شارع «جامعة الدول»؟

جامعة الدول العربية، ربما يذهب خاطرك نحو الجامعة التي أنشئت للتعامل مع الأزمات العربية دون جدوى، وإنما يقصد شارع «جامعة الدول العربية بالمهندسين».
لهذا الشارع نصيب من اسمه، فيمكنك فيه أن ترى كل الوجوه العربية.. إنه عرض غير منظم للأزياء العربية.
فقط توسط حديقة الميدان بالشارع المقصود، تجول بعينيك لترى جامعة الدول العربية تجتمع كل لحظة بشعوبها في أركان هذا الميدان، هناك أكتاف الأخوة تصطدم بدلاً من أن تحتضن وكفوفهم لا تمتد للسلام.. فقط للاشارة دون كلام.
وعيونهم لا تلتقي وأنوفهم تترفع عند البعض.. ومنكسرة بطبيعة الحال عند آخرين.
تنقسم الوفود العربية في جامعة الدول العربية الى قسمين.. الأول لا يهمنا سبب مجيئه والآخر نعلم جيداً أنه جاء مستغيثاً بعد أن ألقى به ظلم النظم المستبدة لإخماد ثورات الربيع العربي.
ضيوف شارع جامعة الدول العربية من العرب ينظرون بترفع أحياناً ويأس أحياناً أخرى أو بلا مبالاة غالباً لـ «كارمن شتى» السورية التي اختلفت النظرات، ذات العرق الواحد «العربي» في دوافعها، وأهدافها لكنها اتفقت في أنها لن تفيد «كارمن السورية» في شىء.. لن تساهم في حل مشكلة سيدة عربية «مكسورة الجناح».
ما تبقى من ملامحها الثابتة وسط تجاعيد الحزن والضعف التي غزت شبابها.. يؤكد أنها كانت جميلة، بل فائقة الجمال.
وتشردت وتشرد جمالها بيد الديكتاتورية واللاإنسانية التي تجسدت على الأرض باسم «بشار الأسد» بعد أن قتل زوجها، وأطفالها الأربع، وأباها وأختها الصغرى، في قصف اجتياح مدينة «حمص».
وللحظ السيئ - كما تعتبره كارمن - أنها كانت من الناجين دون كامل أسرتها.
عاشت «كارمن» مع أشلاء أحبائها «48 ساعة» قطع صغيرة من أشلاء بشرية تعرف تفاصيلها جيداً، جمعتها بعينين جامدتين، وشعر ناحل اقتلعت خلاته بيديها أثناء ساعات العويل الصامت. تشابكت الخصلات الصفراء المقتلعة مع أشلاء أحبائها قبل الدفن.
انه مشهد من مشاهد الحياة ليس مشهداً من فيلم تم إخراجه ليكون فيلم رعب وإنما هكذا كان فيلما من مشهد واحد «مرعب».
حزينة «كارمن شتى» احدى النازحات السوريات الى مصر، وقالت: إن الموت حرمها الستر وتخلى

عنها.
واليوم.. ها هى تتسول في طرقات شارع جامعة الدول، بعد أن قرصها الجوع، تحت لافتة «اختكم سورية وتحتاج المساعدة».
حالة التسول في حد ذاتها لم تكن سبباً في حزن كاتبة هذه الكلمات خصوصاً من سيدة بدت تتسول الحياة حتى تفوز بالموت، لكن المحزن مرور عشرات «الدشداشات العربية» على المأساة وكأنها لم ترها، فلم يساهم أصحاب العمائم في رفع المعاناة عن «كارمن» البائسة التي دفعت وغيرها الكثيرات من السوريات ثمن المطالبة بالحرية لبلادهن.
افترشت «كارمن» الأرض بثيابها الرثة بعد إفاقتها من حالة إغماء سريعة، تحلق حولها المارة متسائلين بلهجاتهم المختلفة عما حل بها، وسرعان ما انفض الجمع، وذهبت لحظة الإشفاق على «كارمن» وما نالت منه الا بعض النقود التي ألقيت بين يديها.
وبينما اكتفى أصحاب «الدشداشات» بكلمات الرثاء، كان هناك «الشيطان».. رجل لم يذهب كما ذهب الآخرون.
جلس بعيداً بعض الشىء على حافة إحدى السيارات، وعيناه الطامعتان تخترقان «كارمن»، والسؤال الذي تبقى لدينا: هل تسقط «كارمن» في جامعة الدول العربية؟

آباء وأبناء وأرامل في رحلة البحث عن «جنيه»
والد «شذا» طلب 120 ألف جنيه مهراً وشبكة.. اضافة الى شقة

الأسر السورية في مصر تعيش «على البلاطة» جاءت باحثة عن الأمان فوجدته، لكنها وجدت أيضاً الفقر ينخر في أوصالها وخيام المنازل المشتركة تجرح حياء بناتها.
خرجت كاميرا «الوفد» لترصد مأساة الأسر السورية في بيوت مصرية.
بلا شك الفتاة السورية مع اسرتها أفضل حالاً من تلك التي تُعرض يومياً في سوق «التزويج» أو المتعة «غير الشرعية».
فهى في ظل من تبقى من أسرتها محمية، ومصانة من قسوة المجتمع الشرقي وذكوريته، وأقل تعرضاً للاستغلال، هذا ما أكده لنا رياض باطوش - أب سوري من حمص - دون أن يقصد عندما عرضنا عليه تزويج ابنته شذا «21 سنة» فما كان من باطوش الا استدعاء ابنه الأكبر «يوسف باطوش» وبكل حسم قال: إنه لا يرفض العرض في حالة تأكده من صلاح العريس المتقدم للزواج كما اشترط 100 ألف جنيه مهراً و20 ألف جنيه شبكة وأن يكون الشاب الراغب في الزواج منها يمتلك سكناً دائماً حتى يضمن استقرار ابنته، وحينما اعترضنا على شروطه بحجة أنها شروط تعجيزية وأن الفتاة في حالة تزويجها ستكون أفضل حالاً من حياتها وأسرتها على البلاط.
فما وجدنا منه إلا السخرية قائلا: «الموت أفضل لها من زواج غير مستقر» واصفاً أن مثل هذا الزواج أشبه بالضياع خاصة أنه موطن غير موطنها.
ففي حالة تعرضها للغدر من زوجها ستعود بأطفالها إن وجدتنا أو ستضيع ويضيعون معها إن لم تجدنا.
«رياض باطوش» أب لأربعة أبناء أصغرهم «تمره» 13 سنة وأكبرهم «محمد» 22 سنة، يعيش مع أبنائه وزوجته في شقة بالجيزة كل أثاثها «حصيرة» وأدوات بسيطة في المطبخ وتليفزيون صغير شاشته غير مستقرة تؤكد أنه قديم جداً.
يؤكد رياض أن جيرانه من المصريين تبرعوا له بأثاث كاف لشقته لكنه اضطر لبيع هذا الأثاث لسد تكلفة ايجار الشقة الذي يزيد على ألف جنيه.
«الغريب أعمى ولو كان بصير» هذا خير ما يوصف به حال «نجم الدمشقي» من حمص، فهو جاء لاجئا إلى مصر مع أكثر من 30 ألف لاجئ سوري باحث عن الأمان وتعلقاً بالحياة وهرباً من الموت الذي يحصد أرواح عشرات الأبرياء يومياً في سوريا.
ولأنه غريب خائف ومضطرب لم يستطع العثور على سكن مناسب لحالته المادية المتعثرة، استعان بأحد السماسرة للعثور على مأوى ورغم أن مصر والجيزة خاصة بها أحياء كثيرة تناسب امكانياته الا أنه ومع غياب النصيحة الأمينة استأجر شقة في أحد ميادين الجيزة بمبلغ 1500 جنيه، هذا المبلغ كبير جداً بالنسبة لدخل «نجم» من عمله «قهوجي»، لذا فتحاول أمه جمع أكبر قدر من التبرعات حتى تستطيع تدبير إيجار الشقة، أما عن قوت الأسرة التي غاب منها ثلاثة رجال راحوا شهداء في قصف غادر على «حمص» فهو متروك للقدر، الذي من شأنه وحده أن يحدد هل سيحصلون على الثلاث وجبات أم وجبة واحدة.
تقول «أم نجم» إنها جاءت إلى مصر مع ابنها نجم وزوجته وزوجة أخيه الشهيد بعد أن زاد القصف الجوي في دمشق، جاءت مع من جاء من سوريا بحثاً عن الأمان، عاشت أم نجم ومن تبقى من أسرتها أكثر من أربعة أشهر على نفقة المصريين من أهالي الجيزة، ومساعدة بعض الجمعيات الأهلية، لكن مع تدهور الأمور الاقتصادية في مصر انقطعت المساعدات، الآن تبحث أم نجم وابنها الوحيد عن اقامة أرخص لها ولأطفال شهدائها وكغيرها من الأسر السورية الفقيرة يتجه تفكيرها الى دمياط، التي عرفت لدي السوريين أنها المدينة الوحيدة التي تتوافر بها أرخص شقق مفروشة.
كما تتجه الأسر بسورية أيضاً الى «سفاجا» ربما لنفس السبب، وربما لتوافر فرص عمل في هذه المدينة السياحية، هذا ما قاله «فاروق مصطفى» أب لثلاثة أطفال.
فرغم ظروف السياحة المتدهورة الا أن سفاجا تتميز عن غيرها بوجود فرص عمل واقامة رخيصة.
المرأة هى المرأة، مصرية كانت أم سورية، فقيرة أو غنية تستطيع أن تكون عمادا لأسرتها وتعولها بأقل الامكانيات الممكنة، هذا ما تفعله السيدة «حزنة».. سيدة زاد عليها عبء أطفال أيتام حتى أنساها موت أبنائها الثلاثة وزوجها الشيخ الذين راحوا ضحايا لوحشية بشار الأسد وقصف الجيش النظامي في سوريا.
مات زوج «حزنة» ثم مات أبناؤها في غضون شهر واحد وترك كل ابن ما بين طفل وثلاثة أطفال فلم يبق من الأسرة غير الأرامل وابنائهم الأطفال، الأم «حزنة» تعمل بائعة متجولة باللهجة السورية حتى تكسب قوت يومها ويوم أحفادها، ربما حالفها الحظ يوماً لتدبير الثلاث وجبات وربما لا.
لا تعتبر «حزنة» أن توفير الطعام مشكلتها الأساسية وإنما مشكلتها هى اصرارها على استكمال رسالتها في تربية أحفادها والحاقهم بالمدارس المصرية حتى ترى فيهم أبناءها الشهداء «صابرين»، «محمد»، «محمود»، «زيد»، و«مصطفى» كلهم ما بين ثلاث وعشر سنوات، عرفت «حزنة» ما نعرفه جميعاً أن وزارة التربية والتعليم في مصر قبلت أطفال سوريا في مدارسها بدون ورق فقط بامتحان قبول يحدد مستوى الطفل السوري وبناء على ذلك يتحدد في أي صف سيلتحق الطفل برسوم سنوية لا تتعدى 300 جنيه، وهذا هو التحدي الحقيقي الذي تضعه «حزنة» نصب عينيها، وهو توفير المبلغ المناسب لإلحاق أحفادها بالمدارس المصرية.