رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الوفد".. ترصد مآسى العمال فى يوم عيدهم

بوابة الوفد الإلكترونية

عمال مصر الشرفاء هم ثروتها وأصحاب النهضة الحقيقية علي مدار التاريخ، يواجهون في عهد الإخوان حياة بائسة ومتاعب تنوء عن حملها الجبال، لم تحقق الثورة مطالبهم في الحرية والكرامة والعيش والعدالة الاجتماعية،

الحكومة فشلت في توفير حياة كريمة لهم بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها مصر.
عمال مصر يهددون بثورة جياع قادمة يقودها الفقراء والكادحون لتصحيح مسار الثورة، ويحذرون من غضبة الشعب ضد الحكومة والإخوان المسلمين، وفشلهم في إدارة الحكم.
«الوفد» قضت يوماً مع عمال مصر ترصد معاناتهم ومطالبهم.


محمد نصر: فقدت عملى بعد الثورة.. وأبيع «عفش» المنزل هرباً من السجن

بين انتظار العمل والجلوس في المنزل يعيش «محمد نصر عبدالباسط» الذي تجاوز عمره الخمسين عاماً بعد أن فقد عمله بعد الثورة، يستيقظ يومياً في الرابعة صباحاً ويصلي الفجر ويمكث بعدها في المنزل فإذا ما أشرق الصباح بنوره خرج يشتري الخبز لأبنائه، وفي طابور العيش يقف «محمد نصر» يومياً ما يقرب من الساعة ينتظر مثل كثير من المصريين دوره من أجل الحصول علي 10 أرغفة من الخبز يسد بها رمق الجوع هو وأسرته الصغيرة المكونة من ثلاثة أفراد «رمضان» عامان، و«نصر» ثمانية أشهر، والزوجة وهي ربة منزل، ويجلس بين أولاده يتناولون الإفطار وهو عبارة عن فول وطعمية وهي الوجبة الرئيسية للأسرة علي مدار اليوم، وبعدها يخرج للبحث عن عمل مع أحد المقاولين أو الصنايعية، وفي حالة عدم وجود عمل يعود إلي منزله منكسر الخاطر تبدو عليه ملامح الحزن والخوف علي مستقبل أسرته.
ويقول محمد نصر: كنت أعمل «سائق معدات ثقيلة» في إحدي الشركات الاستثمارية التي تعمل في مترو الأنفاق لمدة ثلاث سنوات، ومع قيام الثورة أستغنت الشركة عن كثير من العمالة وكنت واحداً منهم وبعدها وجدت نفسي في الشارع بدون عمل وواجهتني كثير من المشاكل بسبب عدم الحصول علي عمل، حيث كنت حاصلاً علي قرض من البنك بـ 8 آلاف جنيه بضمان العمل ولم أستطع استكمال سداد القرض، وسددت نصفها ولم أستطع تسديد الباقي، وبعد عامين أقام البنك دعوي قضائية ضدي، واضطررت إلي بيع «عفش بيتي» حتي أسدد القرض حتي لا أدخل السجن، ولم أستطع توفير حياة كريمة لهم بسبب توقفي عن العمل، اتجهت إلي إخوتي، اقترضت منهم بعض المال وحتي الآن لم أحصل علي عمل مناسب وأعيش في شقة مكونة من غرفتين في عمارة آيلة للسقوط، وصاحب العمارة يهددني بالطرد منها لعدم سداد الإيجار.. أخرج يومياً أبحث عن عمل بين الصنايعية في مهن السباكة والنجارة وأتعرض للمخاطر الصحية والبدنية وأتعرض للإصابات والعمل غير دائم، يوم عمل وآخر بدون عمل والعمل في مهنة المعمار شاق ولا أتحمله بسبب تقدم العمر ولكن للضرورة أحكام وأحياناً انتظر العمل ويأتي أحد المقاولين يطلب عمالة، يجد أمامه العشرات وأحياناً أخري أشتغل مع أحد المقاولين بدون أجر لمدة أيام بسبب عدم توفر السيولة معه، وزمان كان العامل عملة نادرة وبالتالي الشغل كتير والعامل ياخد حقه، وكانت الحياة جميلة والظروف المادية ميسرة والفلوس لها قيمة، والأسعار منخفضة، والآن تبددت الأحوال المعيشية ونعاني من الغلاء ولا أستطيع دفع الإيجار الشهري للشقة التي أسكن فيها ودفع التأمينات.
وعن حياته اليومية يقول محمد نصر: الفول والطعمية الوجبة الرئيسية للأسرة علي مدار اليوم، أما اللحمة والفراخ فمنذ شهرين لم نراهما، وكذلك الفاكهة لم نشتريها مثل ثلاث شهور لأن الأسعار مرتفعة، وكيلو البصل إلي إلي 5 جنيهات في بداية الموسم، والبطاطس 3 جنيهات، والفاصوليا 5 جنيهات.. والغريب أن المنتجات الزراعية يحرم منها المصريون وتصدر للخارج وتباع بنفس الأسعار هناك مع الفارق في مستوي المعيشة والجودة العالية، وبعد ثورة 25 يناير كنا ننتظر الأمل والتغيير للأفضل ولكن الرجل الفقير مازال مهمشاً من الحكومة وكثير منا فقد عمله بعد الثورة، وبالتالي فقد الحياة كلها، ومن الغريب أيضاً أننا نعيش في بلد كبير مثل مصر وبه موارد كبيرة ولا نجد فرص عمل ومعيشة كريمة، ولم نر من الثورة إلا الغلاء والبطالة والانفلات الأمني والانفلات الأخلاقي في الشارع، والعامل المصري مظلوم منذ العهود السابقة تتجاهله الحكومات ويتحمل العمل لمدة 12 ساعة متواصلة وهذا لا يحدث إلا في مصر فقط، بالمخالفة لقانون العمل الذي يحدد 8 ساعات عمل.
ويستكمل حديثه قائلاً: عملت 18 عاماً في شركات المقاولات بأجر يومي وطرقت كل الأبواب بحثاً عن فرصة عمل، ولكن دون جدوي رغم أنني سائق معدات ثقيلة ومعي رخصة درجة أولي، وسافرت إلي السعودية وقضيت بها ثلاث سنوات وعدت إلي أولادي في مصر علي حلم أن أري حياة كريمة مثل كل الدول العربية، ولكن وجدت المواطن المصري ليس له ثمن أو كرامة أو حق.
ويضيف محمد نصر: أصبحت الآن في طابور العاطلين عن العمل وكنا ننتظر من الثورة حياة آمنة ومستقرة ومزيداً من المشاريع، وبالتالي توفير فرص العمل ولكن آمالنا خابت بسبب فشل الحكومة الحالية.
ويطالب محمد نصر الدولة بتوفير إعانة بطالة تصرف للعاملين الذين فقدوا أعمالهم، والشباب الذي لم يجد فرصة عمل مثل كل الدول الأخري، ووجود رعاية صحية كاملة للعامل وأسرته نظراً للمخاطر التي يتعرض لها أثناء العمل، ولكن الاحتجاجات والمطالب الفئوية أوقفت حالة البلد.. وأطالب بحل مشكلة ارتفاع الإيجارات بعد أن وصل إيجار الشقة في المناطق الشعبية أكثر من 500 جنيه، وأن يكون هناك اهتمام بالتعليم مثل الماضي عندما كان التعليم يعتمد علي الكتاب والمدرسة وكلاهما أفضل من الآخر، أما الآن فالتعليم أصبح تجارة وتعجيز لرب الأسرة، وأن توفر الدولة للمواطن الغذاء والدواء والعمل لأن العامل المصري مظلوم وأن يكون هناك قانون يحدد حداً أدني وحداً أقصي للمرتبات والأجور، فأنا سائق معدات ثقيلة وأقل أجر اتقاضاه 40 جنيهاً في اليوم والحد الأقصي 50 جنيهاً، فلماذا لا يطبق علي جميع المسئولين في الدولة.
وعن عيد العمال يقول: ما هو إلا رمز للعامل لأن تكريم العامل يكون من الناس قبل الدولة.

الأحلام المؤجلة لعمال مصر!
مصر للطوب الطفلى.. عمال معذبون.. وشركة تحتضر

تصوير: محمد فوزى
تحقيق - نشوة الشربينى:
اليوم يأتى عيد عمال مصر، ولاتزال أحلام ومطالب العمال لم تتحقق، بل يعيش العمال أسوأ العذاب والمعاناة بسبب تخاذل صناع القرار عن الوفاء بتلبية متطلبات هؤلاء العمال البسطاء.. فالاعتصامات تزايدت.. والاحتجاجات الفئوية مستمرة.. وأصبحت منتشرة في كل مكان، نتيجة لعدم شعور العمال بالأمل في الغد، بل داخلهم شعور باليأس وانعدام الرؤية في المستقبل، ولكن ازدادت معاناتهم مع إهمال ولامبالاة رؤساء الإدارات المختلفة عن إيجاد حلول واقعية وعاجلة لمشاكلهم.
تحت شعار «يد تعمل ويد تطالب».. تبني عمال شركة مصر لإنتاج الطوب الطفلى هذا الشعار الذي رفعه جبالي المراغي رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، لإثبات نواياهم المخلصة وحرصهم علي الاحتفاظ بمكانة هذه الشركة العريقة في مجال البناء والتشييد ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتي لا تتعرض الشركة للانهيار الكلى، بعد أن توالت خسائرها في السنوات الخمسة السابقة، بسبب سوء وتهالك ماكينات التشغيل بالشركة وعدم تفكير الإدارة في إيجاد حلول حقيقية للأحوال السيئة التي يعانون منها العمال، فلم يكن علي العمال سوي الاستمرار في عملهم بلا توقف منذ بداية الأزمة، باعتباره الضمان الوحيد لعودة حقوق العمال المسلوبة، ولكنهم فوجئوا بأن إدارة الشركة توجه ضربة قوية لهم وتسعي إلى التضحية بمصائر هؤلاء العمال وأقوات أبنائهم وتشريدهم وتسريحهم في الشوارع عاطلين بلا مورد رزق بحجة أن الشركة تتكبد خسائر فادحة دون النظر لأحوال العمال السيئة في ظل غلاء المعيشة واشتعال الأسعار، وهو ما يفتح الباب من جديد للخصخصة وعمليات البيع علي يد حكومة الإخوان لتذهب الصناعة الوطنية إلي زوال بمرور الوقت.
انتقلت «الوفد» إلي شركة مصر لإنتاج وبيع الطوب الطفلى ومواد البناء، ورصدت ما آل إليه حالها بعد أن تدهور حالة الشركة من تكهين خط إنتاج متهالك وبيع خردة فتحولت الشركة إلي خراب واقتصر العمل فيها علي ثلاث خطوط قديمة وتدني إنتاجها إلي 3 ملايين طوبة شهرياً.
في قرية عرب أبو ساعد التقت «الوفد» بعمال شركة مصر لإنتاج وبيع الطوب الطفلى ومواد البناء «مصر بريك»، أحد أعرق الشركات في تصنيع الطوب الطفلى (الأحمر) ومواد البناء؛ التي تأسست كشركة مساهمة مصرية سنة 1981، تمتلك وزارة التعمبير من رأسمالها 74٪ والمقاولات والبنوك 26٪، ومساحة الأرض الكلية 115 فداناً، ورأسمالها قدره 25 مليون جنيه.
وخلال جولتنا عبر عمال الشركة عن استيائهم الشديد بسبب تدهور حالها.. وعندما تحدثنا إليهم قالوا: نحن ننتظر العدل الحقيقي في أن يأخذ العمال حقوقهم كاملة لكونهم يعملون في ظروف شديدة الصعوبة. وأكدوا أن أحوالهم سيئة للغاية وما يطالبونه هو تحسين الأوضاع المتردية لهم وللشركة، مؤكدين أنهم ضد كل من يخرب في مصر ويتسبب في تشريد العمال.
ووصف رجب توفيق حسين -رئيس اللجنة النقابية بالشركة- موقف إدارة الشركة بـ«المتخاذل»؛ فدائماً ما يصدر عن رؤساء إدارات الشركة كلام للاستهلاك فقط.. فهم غير حريصين علي مصلحة الشركة وعودة حقوق العمال المسلوبة.. وقال: أعمل بالشركة منذ 29 عاماً، وقابلتنا الكثير من المصاعب خلال العامين الماضيين 2011 و2012 من ركود السوق العقارى وعدم مقدرة الشركة علي تسويق كامل إنتاجها من ثلاثة خطوط إنتاجية، وبالتالى ارتفاع المصروفات عن الإيرادات والذي من شأنه تحقيق خسائر مباشرة عن العام المالى 2012، إضافة إلي ما عانى منه العمال من قلة الدخل الشهرى، حيث إن أعلى مرتب للعامل بالمستوى الأول لا يتعدى 1500 جنيه شامل العلاوات الاجتماعية ونظام الحافز الحالى بالبنط ولا يمثل أي نسبة مئوية من المرتب لأنه يقل ولا يزيد مع الأخذ في الاعتبار زيادة الأسعار.. فأعلي حافز له 16 بنطاً * 12 جنيهاً يساوي 192 جنيهاً حافزاً شهرياً لا يتبقى منه سوي 80 جنيهاً صافياً بعد خصم حصة الضرائب والتأمينات، بينما أقل عامل بالمستوي السادس لا يتعدى 700 جنيه شامل العلاوات الاجتماعية وأعلي حافز له 6 «بنط» * 12 جنيهاً يساوى 72 جنيهاً حافزاً شهرياً يصل إلي 20 جنيهاً بعد خصم الضرائب والتأمينات أيضاً ويضاف لكل مستوى حصة في المكافأة السنوية وهي عبارة عن 9 شهور ليصبح الأعلى متوسط 2500 جنيه شامل المرتب والمكافأة والحافز ويصبح الأقل متوسط 900 جنيه، فهذا الدخل لا يكفي لسد الاحتياجات المعيشية للأسر التي يعولها العاملين مما يعرضهم للاستدانة لسد الاحتياجات المعيشية، ونحن نعلق آمالنا علي المكافأة السنوية لسد متطلبات الحياة.
ويتابع: رئيس الشركة هددنا في اجتماعه مع العاملين بأن أعضاء مجلس الإدارة يطلبون منه إغلاق الشركة وهم علي انتظار تليفون منه وهذا يخالف تماماً للتوجيهات التي نادت بها الثورة بمنع الخصخصة وعدم تصفية الشركات.. فهل الثورة نادت بشىء والواقع شىء آخر؟!
ويواصل: لا توجد رعاية صحية كافية للعاملين بالشركة، نظراً لوجود المصنع في بؤرة تلوث، قمائن طوب، شركة الكوك نسبة تلوث عالية جداً.
عبر محمد سعد -نائب رئيس اللجنة النقابية- بحزن شديد عن عدم تعاون إدارة الشركة مع أعضاء النقابة والعاملين بالشركة.
ويذكر أن مشكلة شركة مصر لإنتاج وبيع الطوب الطفلى ومواد البناء ترجع لـ 5 سنوات مضت، وازداد الوضع سوءاً في ظل تجاهل المسئولين بالإدارة عن تحديث معدات الشركة ليقطع بعدها عمال الشركة رحلة طويلة من العذاب والمعاناة في البحث عن حقوقهم الضائعة.
وقال نبيل عبدالجواد -عضو لجنة نقابية- أنا قضيت من عمرى 29 عاماً ومع هذا راتبى لا يزيد على 1200 جنيه، بالإضافة إلي حافز 100 جنيه، ولم يكفنى هذا المرتب إلا الأسبوع الأول من الشهر، خاصة أنني أعول 5 أبناء منهم 3 بنات وولدان، وما نأمله هو حل هذه المشاكل حتي يتسنى للعاملين مواجهة أعباء الحياة.

اصحى يا عامل مصر يا مجدع.. وافهم دورك فى الوردية
عمال مصر «حطب الثورة».. تاريخ نضالى ومستقبل غامض.. و«النهضة» شردتهم

تحقيق: أحمد السكري

يأتي عيد العمال هذا العام، والملايين من العاملين بأجر يقاومون ببسالة مخططات التجويع التي تشنها حكومة الإخوان المسلمين، فالبقاء علي قيد الحياة في ظل غلاء الأسعار أصبح معجزة، والاستمرار في العمل بات مهدداً بعد أن تم إغلاق نحو 4600 شركة، بينما الحصول علي فرصة عمل بات ضرباً من الخيال، باختصار: الأوضاع المعيشية تتدهور، والأزمات تتوالي من سولار وبنزين وارتفاع في أسعار الكهرباء والغاز والمياه.. وأخيراً كارثة تخصيص الخبز.

الثورة مستمرة.. والنضال مستمر
يحدث كل ذلك لأن النظام الراهن منحاز لرجال الأعمال، ويسعي إلي التوقيع علي اتفاق مع صندوق النقد الدولي أول شروطه المزيد من رفع الأسعار، ويرفض في ذات الوقت الاستجابة إلي مطالب العمال في التثبيت والأجر العادل والتطهير والنقابة الحرة.
ومن أجل الحصول علي رضا المستثمرين المصريين والعرب والأجانب، فهو يسعي إلي قمع حركة العمال بكافة الطرق، بدءاً من وصف الإضرابات بـ «الفئوية» وفصل وتشريد القيادات النقابية، مروراً بمحاربة النقابات الحرة انتهاء بالقمع المباشر، كالقبض علي القيادات العمالية وإحالتهم إلي المحاكمات، وفض الاعتصامات بالكلاب البوليسية، وأخيراً استخدام الجيش لفض إضراب السكة الحديد.
والادعاء بأن ثورة يناير غيرت أو حققت ما يصبو إليه المصريون يخالف الحقيقة تماماً، فمنظومة الفساد مستمرة في معظم المناحي الحياتية في البلاد، كذلك أخفقت الثورة حتي الآن في إحراز أية مكتسبات للطبقة العمالية في مصر.
العمال الذين اهتموا عموماً بالقضايا الاقتصادية التي برزت عندما قامت مصر بتسريع عملية خصخصة المؤسسات العامة وحتي عام 2010، لم تشجع التحول الديمقراطي كهدف استراتيجي سوي أقلية صغيرة من العمال الناشطين.
ولم تكن الحركة العمالية المستقلة، التي تسعي عادة إلي استرضاء النظام بل تحديه علناً، مستعدة للإمساك بزمام المبادرة عندما اجتاحت الاضطرابات العالم العربي في يناير 2011.. كما لم تكن لدي الحركة قيادة معترف بها وطنياً، وهي لم تتوافر سوي علي القليل من الموارد التنظيمية أو المالية وعلي دعم دولي محدود، فضلاً عن أنه لم يكن لديها برنامج سياسي، بل فقط برنامج الحد الأدني الاقتصادي.
شارك العمال منذ عام 1998 وحتي 2010، فيما يزيد علي 4 ملايين عامل مصري في نحو 3400 إلي 4000 إضراب ونشاطات جماعية أخري ولعبت تلك الاحتجاجات دوراً كبيراً في نزع الشرعية عن النظام في أعين كثير من المصريين، قبل فترة طويلة من التظاهرات الحاشدة التي أدت إلي الإطاحة بحسني مبارك.
واعتبرت مصادر أن الزخم الأهم منذ قيام الثورة وحتي الآن كان في الملف العمالي الذي يشهد كل يوم اعتصاماً واحتجاجات يصفها البعض بأنها فئوية، إلا أنها لا تخرج عن المطالب اليومية التي تهم القطاع الأعرض والسواد الأعظم من المصريين في توفير قيم العدالة الاجتماعية والحقوق المهدرة من عيش وحرية وكرامة إنسانية.

هايماركت.. وقصة عيد العمال
يحتفل العمال سنوياً في أول مايو بعيد العمال.. كذكري لإحياء النضال من أجل الثماني ساعات في اليوم - حسبما ذكر موقع ويكيبديا - ويسمي الأول من مايو بالعطلة الدولية لعيد العمال.
بدأت فكرة «يوم العمال» في استراليا عام 1856 ومع انتشار الفكرة في جميع أنحاء العالم، تم اختيار الأول من مايو ليصبح ذكري للاحتفال بحلول الدولية الثانية للأشخاص المشتركين في قضية هايماركت 1886 التي وقعت نتيجة للإضراب العام في كل من شيكاغو، وإلينوي، والولايات المتحدة التي شارك فيها عموم العمال، والحرفيين والتجار والمهاجرين في أعقاب الحادث الذي فتحت فيه الشرطة النار علي أربعة من المضربين فتم قتلهم في شركة ماكورميك للحصاد الزراعي، وأدي إلقاء الأمن لقنبلة علي المجتمعين في الساحة إلي استشهاد 12 شخصاً بينهم 7 من رجال الشرطة.
وفي السنين التي تلت الحادث ظلت ذكري شهداء «هايماركت» مصدراً لتأريخ بداية النضال العمالي ضمن العديد من الإجراءات والمظاهرات الخاصة بالأول من مايو، واليوم أصبح الأول من مايو احتفالاً دولياً للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية.
وفي كثير من الأحيان يتخذ الناس في هذا اليوم كيوم للاحتجاج السياسي ويشمل مسيرات الدعم للعمال والمطالبة بحقوقهم المادية والأدبية.

عمال مصر معين نضالي لا ينضب
وفي مصر عرفت الحركة العمالية أوج نضالها ضد سياسة تحكم وتعسف صاحب رأس المال في مصائر العمال في السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر لتصبح بمثابة قوة اجتماعية جديدة تضاف لرصيد الحركة الوطنية المصرية وارتبطت في البدء بفلاحي مصر ثم انتقلت للعمال، ومنذ قيام عمال تفريغ الفحم في بورسعيد بالإضراب عن العمل عام 1882 وحددوا هدفين، الأول: هو المطالبة بالحصول علي الأجر مباشرة من الشركات حيث كان العمال يشتغلون عن طريق مكاتب حرفية للفحم يديرها مقاولون أو معلمون، والثاني: برفع الأجر المدفوع من الشركات الأجنبية، وبذلك فقد كان هذا الإضراب موجهاً ضد الشركات الأجنبية وكان لهذا الإضراب صدي لدي الحكومة المصرية، مما حدا بها آنذاك، إلي إصدار قرار بتشكيل لجنة توفيق للنظر في النظام المعمول به، وإزاء إصرار العمال علي موقفهم أعلنت الشركات الأجنبية قبولها لإلغاء نظام التشغيل للعمال عن طريق المكاتب ودفع الأجر إليهم مباشرة، ولكنها رفضت المطلب الخاص بتحسين الأجور ورفعها وبذلك نجح أول إضراب عمالي في مصر بتحقيق بعض أهدافه.
ومنذ تاريخ أول إضراب عمالي محدد الأهداف في مصر وأصبح العمال رقماً هاماً في المعادلة السياسية في مصر.

لم يجنوا ثمار الثورة
إلا أن الحركة العمالية في مصر عانت كثيراً بعد الثورة ولم يشفع للعمال وقوفهم في وجه النظام البائد بدءاً بإضراب المحلة الشهير عام 2008 ونهاية بإضراب المقطورات قبل الثورة بأيام قليلة، والتي اعتبرها البعض شرارة العصيان المدني الأول في مصر.
وعاني العمال من وطأة التعسف والإهمال وتناست حكومات الثورة وبرلمانها تطبيق قانون الحد الأدني والأقصي للأجور، أو كما لخصوا حالهم من الثورة في بيان مشترك: «هذه الثورة إن لم تؤد إلي توزيع عادل للثروة وإقامة عدالة اجتماعية.. فكأن شيئاً لم يكن.. إن الحريات السياسية لا تكتمل إلا بالحريات الاجتماعية.. حيث إن حرية رغيف الخبز هي المقدمة الطبيعية لحرية تذكرة الانتخاب».
فيما سيطرت حالة من التشويش والانهيار علي المشهد العمالي في الفترة الأخيرة نتيجة لصراعات وتوترات عديدة منذ اندلاع الثورة بين فصائل عمالية مختلفة، وفي غضون هذه المهاترات ضاعت وحدة كيان الحركة العمالية وأصبحت القيادة للبيانات وللغة الشجب والإدانة فقط دون النظر إلي حل مشكلات حقيقية للمطالب الفئوية التي تؤرق عمال مصر.
والمتابع للشأن العمالي يجد أن دم العمال ووحدتهم، تفرقت علي أيدي الاتحاد العام لعمال مصر من جهة، واتحاد العمال المستقل ووزارة القوي العاملة من جهة أخري.
وفي الفترة بين تنحي مبارك وسقوط رجاله، خاصة حسين مجاور رئيس الاتحاد السابق المحبوس علي ذمة قضية قتل المتظاهرين، وحتي حل الاتحاد في أغسطس الماضي شهدت أكبر حركات وموجة احتجاجية عمالية لم يكترث بها الاتحاد المستقل أو المدخل أو وزارة القوي العاملة نفسها وذهبوا لحرب التصريحات والتخوين بينهما والمظلوم في القضية هم العمال الذين لم يجدوا من يوجه غضبهم لصالح الاقتصاد.
ولعل أبرز المطالب العمالية هي إلغاء قانون 34 لسنة 2011 الذي اعتبره البعض منهم صدمة وانتكاسة لنضالهم، يقضي القانون بتجريم الإضراب والاعتصام، الأمر الذي يثير الحنق والسخرية في آن واحد!.. فهل يوجد كفاح عمالي دون اعتصام وإضراب؟.. وجميع النصوص والمعاهدات الدولية تؤيد حق العامل في الإضراب.
ومازالت نقاباتهم المستقلة تواجه بمعارضة من قيادة الاتحاد العام، وكما عارضهم المجلس العسكري، وأخيراً جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك لا تملك النقابات المستقلة قدرات تنظيمية ومالية وسياسية كافية لمقاومة هذه المعارضة بشكل ناجح بشأن العديد من القضايا.
وتميزت الموجة الأخيرة من الاحتجاجات العمالية باستمرار بعضها لمدة طويلة نسبياً مع تصعيد في طبيعة الاحتجاج من اعتصام إلي إضراب ثم إضراب عن الطعام، وكان العمال قد طوروا اعتصامهم إلي إضراب.
في المقابل لم تتجاوز احتجاجات القطاعات الحيوية في هيئة النقل العام والسكة الحديد ومترو الأنفاق ساعات محدودة، وربما يعود ذلك إلي حساسية هذه القطاعات وتأثيرها، الأمر الذي يدفع الدولة لمحاولة احتواء حركتها بأي وسيلة سواء عن طريق الاستجابة - أو التظاهر بالاستجابة - لمطالبهم، أو عن طريق الضغط والحصار الأمني المحكم.

احتجاجات حاضرة ودولة مغيبة
كان واضحاً أن الدولة بدأت تتخلي عن سياسة المهادنة التي اتبعتها مع الموجة الأولي من الاحتجاجات، فبعد أن كان ممثلو الدولة سواء في وزارة العمل أو التنظيم النقابي الرسمي أو الإدارات يصفون مطالب العمال بـ «المشروعة» في محاولة لامتصاص غضب العمال، بدأت النبرة تتغير لتصف تحركات العمال بالفوضي، ولتدعي عدم مشروعية الاحتجاج «عمال علي بطال»، والمؤشر الآخر علي تغير سلوك الدولة تجاه الاحتجاجات العمالية هو الدور التدخلي المباشر لأمن الدولة سواء لإرهاب العمال كما حدث مع عمال هيئة النقل العام، أو من خلال عملية التفاوض.
حال عمال مصر الآن مثل الثورة لا قائد لهم ولا صوت يعبر عنهم على الاطلاق، وبذلك فقدت الحركة العمالية والكيان المدافع عنهم وعن مطالبهم وبعض القيادات الموجودة الآن تعتقد أن قانون الحريات هو البناء الأصلي في تحقيق حرية العمال وهو ما لا يفهمه الكثير من البسطاء من يقف لساعات مضربين أو معتصمين باحثين عن حل سريع لتشريدهم وفقدانهم للقمة العيش والتي تحتاج الى حل قوى من جانب الوزارة أو مقترحات الاتحاد المستقل أو مطالبات واصرار الاتحاد الرسمي.
وحمل قيادات عمالية اتحاد العمال المنحل وقياداته الذنب الأكبر في ضياع الحركة النقابية وتفتتها لأنهم من باعوا الاتحاد للنظام السابق وجعلوا مصر قطعة سوداء في منظمة العمل الدولية، ولم يكترثوا بآلام العمال واكتفوا بالتفاخر لصرفهم اعانات شهرية لنحو 20 عاملاً وتدخلاتهم الوهمية لحل مشاكل العمال تاركين عمال مصر على الرصيف لسنوات كما سمحوا لأنفسهم أن يلقوا بالمعتصمين داخل اتحادهم على السلالم ويعذبوهم.
أول الغيث قطرة.. هذا ما قاله أبوالعز الحريري المرشح لرئاسة الجمهورية واصفاً حال العمال بعد الثورة بأنه أفضل من السابق وأن العمال نجحوا في إحراز مكاسب لعل اهمها هو إنشاء نقابات مستقلة تعبر عن مطالبهم وتسعى وتحارب لتحقيقها.
ويرى «الحريري» أن أهم إنجازات الثورة للطبقة العاملة تمثلت في النقابات المستقلة التي ستمثل دوراً كبيراً في إعادة حقوق العمال والوقوف بجانبهم، وأضاف: ان الجميع يتحدث الآن عن حقوق العمال وقريباً سيكتمل الحلم.
وأضاف «الحريري» أن هناك أكثر من 700 ألف حالة عمالة مؤقتة تم تثبيتها وهناك حديث لا ينتهي عن حقوق العمال في حد أدنى للأجور يكفل لهم الحياة الكريمة، مشدداً على أن ثمار الكفاح لن تجني بين عشية وضحاها.
أكد خالد علي، الناشط الحقوقي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أن ملايين العمال المصريين يستقبلون عيدهم في ظل حالة من الظلم والقهر الاجتماعي، مطالباً بتغيير قانون العمل بما يمنحهم الأمان الوظيفي ويضمن معايير عمل آدمية في مواجهة رجال الأعمال الذين يستغلون انتشار البطالة ويجبرون العمال على التوقيع على استمارة أو ايصالات أمانة عند بداية عملهم، حتى يتمكن من فصل العمال دون منحهم

أية حقوق أو تمكينهم من رفع دعاوى قضائية.
وأشار «علي» الى أن الثورة ستكون بلا قيمة إذا أخفقت في توزيع عادل للثروات في المجتمع، وحينما يشعر الحرفي والمزارع بوجود من يدافع عن حقوقه ويسترد الثروات المنهوبة من يد رجال السلطة.
جذوة نيران لن تنطفئ.. هذا ما وصف به خالد تليمة، أمين اتحاد الشباب التقدمي لحزب التجمع، نضال العمال، أكد «تليمة» أن حال العمال بعد ثورة يناير لم يتغير كثيراً وأنهم قدموا تضحيات وشهداء ليس بحثاً عن رفاهية لهم ولكن لتحقيق العدالة الاجتماعية والعيش والحرية والكرامة الانسانية، وأصبحوا سطراً مهما في صفحة الثورة المصرية، مضيفاً أن عيد العمال يأتي هذا العام وما من شىء جديد يلوح في الأفق سوى بعض النجاحات وصفها التقرير أنها لا تسمن ولا تغني عن جوع، وأوضح «تليمة» أن عمال مصر سجلوا رقما قياسياً جديداً في الاحتجاجات العمالية التي زادت إلى الضعف خلال العام المنصرم.


ياسر: دفعنا ثمن الثورة.. والوظائف للإخوان والمحاسيب

«ياسر محفوظ» سائق توك توك، شاب في العقد الثالث من العمر، في المهنة يقضي يومه كاملاً في الشارع بحثاً عن لقمة العيش والصمود أمام تقلبات الحياة.
يقول: أستيقظ في الخامسة صباحاً وأخرج للعمل لأعود آخر اليوم أحمل قوت أولادي، المعيشة أصبحت صعبة ولدي ثلاثة أبناء في التعليم يستنزفون دخلي في الدروس الخصوصية، ومواجهة ارتفاع الأسعار، وكيلو اللحمة وصل 80 جنيهاً، الفقير لا يستطيع شراءه، ويكتفي بالفول والطعمية وجبة أساسية.
وعن معاناته في العمل، يقول: أعاني طوال اليوم من مشاكل المرور واضطهاد الشرطة لنا من خلال سحب الرخص والمخالفات الفورية، وأحياناً أدفع 150 جنيهاً مخالفات يومية، يعني شقي اليوم تأخذه الشرطة، ومعاملة الشرطة سيئة في الشارع رغم قيام الثورة وانكسار الشرطة أصبحنا لا نستطيع المرور في الشارع، المخدرات انتشرت في كل مكان، والرشوة مازالت موجودة في كل المصالح الحكومية، وعلشان استخرج رخصة أصرف ألف جنيه، وأنا كسائق محروم من الخدمات الصحية والتأمين الصحي، وأعاني من غلاء الأسعار، علبة الكبريت وصلت 25 قرشاً، كانت بتعريفة زمان.
ويضيف ياسر: العامل الحر مثلي لا يحصل علي علاوة اجتماعية أو أي دعم من الدولة حتي لو كان لي علاوة ماذا أفعل بها في مواجهة الغلاء الذي يلتهم دخل المواطن، الحياة في مصر أصبحت بؤساً ونحن نعيش في أسوأ عصر علي مدي التاريخ، والثورة لم تحقق أهدافها «العيش والكرامة والعدالة الاجتماعية» العامل في مصر لا يتعامل بكرامة «حسبي الله ونعم الوكيل» الإخوان خربوا البلد، أعترف بأن المرتبات زادت وفي المقابل زادت الأسعار بطريقة جنونية، وحال البلد وقف، زمان كان مرتب الموظف 4 جنيهات والإنسان يعيش حياة كريمة، وكانت الوظائف تنشر في الجرائد الحكومية وعندما نتقدم إليها يكون عدم في توزيعها علي الشباب، أما الآن الوظائف بالمحسوبيات والإخوان وأنصارهم فقط.
ونحلم بتأمين صحي وناد اجتماعي أنا وأبنائي والحياة الآمنة أصبحت أنام وأنا يقظ خوفاً من البلطجية الذين يقتحمون المنازل ويعتدون علي الآمنين.
وعن معاناته في العمل، يقول: أقف يوماً كاملاً في محطات البنزين من أجل الحصول علي 4 لترات بنزين، وأشتريه من السوق السوداء بسعر 7.5 جنيه، بدلاً من 3.5 جنيه، كرهت المهنة بسبب الاستغلال في كل شيء وعدم توفير البنزين، وفي الوقت نفسه يهرب الغاز إلي غزة والمصريين محرومين منه، ونحن مقبلون علي ثورة جياع وحرب أهلية بسبب الإخوان ولا نشعر بأي تغيير، الثورة استفاد بها الإخوان والتيار الإسلامي، والفقراء والغلابة دفعوا ثمن الحرية، كنا ننتظر أفضل، الثورة انعكست عليّ للأسوأ، المصانع أغلقت في مدينة 6 أكتوبر.
ويطالب «ياسر» بفرصة عمل حتي يشعر بالأمان الاجتماعي، ويقول: تركت التعليم لأن اللي معاه شهادة مش لاقي وظيفة ورجعت إلي الدراسة مرة أخري حتي أشجع أبنائي علي التعليم، واحتفال الدولة بعيدالعمال «سمك لبن تمر هندي».. أين دخل وموارد الدولة؟


طارق: ثورة الجياع قادمة.. والدولة حولتنا إلى متسولين

في التاسعة صباحاً يجلس «طارق خواص» ومعه معدات العمل، فرغم أن سنه لا يتجاوز أربعين عاماً إلا أن العمل في مهنة النقاشة أصابته بالشيخوخة المبكرة والأمراض.
يقول طارق: تعلمت المهنة منذ أن كان عمري 10 سنوات، والدي كان يعمل في القوات المسلحة حيث كنت أعمل أيام الإجازات وفي المناسبات كي أساعد أسرتي وأعتمد علي نفسي، ورغم أني حاصل علي دبلوم صنايع قسم معادن زخرفية وأثاث، لم أجد فرصة عمل، وبعد سنوات في المهنة وجدت نفسي عاجزاً عن توفير حياة كريمة لأسرتي بالكاد فاضطررت إلي السفر من أجل تكوين نفسي وسافرت إلي السعودية عملت بها ثلاث سنوات وعدت بعدها إلي العمل في نفس المهنة أستيقظ في الثامنة صباحاً انتظاراً للخروج للعمل وأحياناً يكون العمل في مدينة 6 أكتوبر، فأستيقظ في الرابعة صباحاً، ودخل العامل الحر في مصر لا يكفي لمعيشة كريمة لأنه ممكن يشتغل يوم، ويجلس بدون عمل يوم آخر.
وعن حياته اليومية يقول: أقف في طابور العيش يومياً لمدة ساعتين وأحياناً أشتري «عيش سياحي»، وأعاني من مرض الحساسية بسبب التعامل مع المواد الكيماوية مثل الغاز والبلاستيك وأحياناً لا أستطيع الخروج للعمل بسبب آلام المرض، والعامل في مصر لا يحصل علي كامل حقوقه، أحياناً يعمل ولا يحصل علي حسابه وأجره، وأحياناً لا أحصل علي أجرة نهائياً، وبسبب الظروف الصعبة ابنتي لم تستطع إتمام الدراسة في المرحلة الابتدائية لأنني لا أقدر علي الدروس الخصوصية وأدفع 500 جنيه، وإيجار 350 جنيه، وقبل الثورة كانت فرص العمل كثيرة، ولا أستطيع شراء اللحمة والفراخ إلا مرة في الشهر، وعصر السادات ومبارك كان أفضل من عصر الإخوان، كان العامل يجد عمله بسهولة.
ويضيف «طارق»: العامل الحر في مصر ليس له حقوقه ونقول لرئيس الدولة إما تعطونا حقوقنا أو نروح أي دولة أخري نعيش فيها، ولا يوجد معاشات مثل الموظفين والحياة الكريمة والأسعار تذبح المواطن، والعامل الحر الدولة لا تقدم له خدمات وإنما تحمله كل شيء علي نفقاته الخاصة، وبالتالي إما يتسول أو يكون بلطجياً، وفي حالة إصابته أو عجزه عن العمل تتكفل الدولة بتوفير عمل له أو تعويضه.. نواجه في حياتنا مشكلة البحث عن العمل مشقة كبري أمام العامل الحر حتي نجد أجراً يومياً نعيش منه، وإذا وجد العمل فهو يحتاج إلي تحصيل الأجر بنفسه والقانون لا يقف مع العامل الحر وإنما يكون متهماً، فلو اشتغلت مع رجل أعمال ولم يعطني أجري وعلمت له «محضر»، أنا هتحبس لأنني دائماً مدان أمام الحكومة، ويجب علي النقابات المهنية توفير الدعم والمساندة والمطالبة بحقوق العمال، والعامل الحر لا يستطيع أن يعلم أبناءه في مدارس خاصة.
ويتساءل طارق: المدن الجديدة يبني بها مئات الفلل والمنتجعات الخاصة لصالح من؟.. نحن نقوم ببنائها والأغنياء يسكنونها، والفقراء يسكنون المقابر إن وجدوها، والأحياء الشعبية أصبحت مكتظة بالسكان وأسعار السكن فيها خيالية، مقدم الشقة لا يقل عن 20 ألف جنيه والإيجار الشهري 500 جنيه، الجنيه المصري زمان كان له قيمة يساوي 3 دولارات، الآن الدولار وصل 7 جنيهات، وهذا ما فعله بنا حكامنا، ننتظر من يقف مع الفقراء والعاملين والكادحين الدولة لا تكفلنا رغم مواردها الكثيرة.
ويحذر «طارق» رئيس الدولة والحكومة ويقول: إياكم وغضبة الفقر ستدفعون الثمن آجلاً أم عاجلاً، فقد فاض الكيل بالفقراء ونحن صابرون، وهناك ثورة جياع قادمة، حالة المواطن المصري يرثي لها وأصبحنا لا نستطيع المرور في الشارع والخبز المدعم لا تأكله الحيوانات، هناك معاناة في الحصول علي رغيف العيش ومعاناة في أكله يدعموه علشان يكرهونا فيه.
ويطالب «طارق» الدولة برعاية صحية وتأمين صحي شامل للعامل الحر ومعاش يحميهم ويمنعهم من التسول في الكبر وحل مشكلة البطالة، فالمواطن يعيش علي الفتات ويأكل من بواقي الأغنياء لا نحقد علي الأغنياء ولكن نطالب بحقنا مثلهم بدلاً من المتاجرة بدمائنا ومطالبنا.
ويضيف «طارق خواص»: تقدمت قبل الثورة لمشروع خريجي الشباب في محافظة الجيزة وحصلت علي قرض 7 آلاف جنيه وحصلت علي محل وقمت بشراء ملابس للتجارة وبعد الثورة قام البلطجية بكسر المحل وسرقة البضاعة منه وتقدمت بعمل محضر ولم أحصل علي تعويضات وأدفع حتي الآن 200 جنيه قسطاً شهرياً.
ونطالب الدولة بإعانة بطالة، فهناك عمال معاقون ولا يتحملون القدرة علي الأعمال الحرة، وتوفير خدمة صحية للعامل بدلاً من التردد علي العيادات الخاصة حيث وصل سعر الكشف الطبي أكثر من 150 جنيهاً، وأن يكون هناك عدالة اجتماعية في الدخل بين الأغنياء والفقراء.


«غريب»: مرتبى يكفينى 10 أيام.. وحكومتنا فاشلة

«محمد أحمد غريب» مدرس ثانوي صناعي، حياته كعب دير بين المدرسة، التي يعمل فيها في شبرا مصر، وتجارته في بولاق الدكرور وباقي الوقت في المواصلات، هكذا يصف حاله.
يقول محمد غريب: المرتب بعد الكادر والمكافآت 1100 جنيه بعد 22 عاماً في العمل في مهنة التدريس، أي أن اليوم لا يعادل 40 جنيهاً، يضطر بعد انتهاء العمل في المدرسة الساعة الواحدة ظهراً للعمل بالتجارة في الملابس والأحذية، وكنت قبل الثورة بشتغل علي تاكسي ولكن بسبب ظروفي الصعبة والأحوال المعيشية اضطررت إلي بيعه حتي لا استلف من الناس بعد أن حاصرتني الديون، لأن المدرس في المدارس الفنية التجارية والصناعية لا تتاح له فرصة إعطاء دروس خصوصية مثل مدرس الثانوية العامة، و90٪ منهم يعيش علي مرتبه وبعضهم يعمل وقتاً إضافياً «دليفري» في المطاعم والمحلات والبعض الآخر يعمل سائق تاكسي، وهذا قانوناً ممنوع، المدرس يكون سائقاً ويمنع من الحصول علي رخصة مهنية لذلك.
وعن حياته اليومية يقول أحمد غريب: أرجع من العمل الساعة 12 مساء ولا أري أولادي إلا يوم الإجازة والمناسبات الرسمية، الناس زمان كانت تحسد الموظف وكان طوال الشهر يحصل علي احتياجاته من البقال والجزار وفي آخر الشهر يسدد ما عليه ويتبقي جزء من المرتب، النهاردة المرتب يكفي بالكاد حتي يوم 10 في الشهر، ولا يكفي لحياة كريمة، زوجتي تعمل محاسبة لمساعدتي في الحياة وتربية الأبناء ولدي أربعة أبناء منهم طفل معاق يحتاج 1000 جنيه شهرياً رعاية صحية وعلاج، بالإضافة إلي الدروس الخصوصية لأنه لا يوجد تعليم في المدارس الحكومية، فالمدرس يترك الحصص ويلعب كرة مع زملائه ويجبر الطلاب علي الدروس الخصوصية.
ويضيف أحمد غريب: أعاني مثل كل الموظفين من غلاء المعيشة وأصبحنا بسبب ضغط الحياة والظروف الصعبة نأكل وجبة واحدة في اليوم والباقي في الشارع والعمل، والعلاوة زمان كانت فرحة كبيرة للموظف، فلو كان مرتبه مثلاً 6 جنيهات يحصل علي علاوة جنيهين سنوياً، أي ثلث المرتب، وعند الزواج علاوة أخري جنيهين، وعندما يرزق بمولود جنيهين، أي 100٪، والغريب أن علاوة الزواج منذ أيام عبدالناصر وحتي الآن جنيهان، ويخصم منها 40 قرشاً دمغة ويتبقي 160 قرشاً، والعلاوة السنوية التي أقرتها الدولة للموظف وهي 10٪ علي مرتبه الأساسي لا تكفي أو تجاري زيادة الأسعار، أنا مرتبي الأساسي 400 جنيه، يعني هحصل علي 40 جنيهاً علاوة، لا تشتري كيلو لحمة، والمرتب يكفي بالكاد الإيجار والكهرباء والمياه والغاز الطبيعي، زمان كنت بدفع من 20 إلي 27 جنيهاً استهلاك الكهرباء، وآخر فاتورة مطالب بها 280 جنيهاً، ورفضت الدفع لأن هذا حرام، وأتمني أن يكون مرتب الموظف محترم مثل كل دول العالم، ويكفل له حياة إنسانية حتي أعود إلي بيتي وأولادي في الرابعة أو الخامسة عصراً وأجلس بينهم مثلما كان والدي يعمل في القطاع الخاص ويعود في الساعة الخامسة.
ويضيف محمد غريب: الحكومة فاشلة وعاجزة عن توفير احتياجات المواطن اليومية، وأصبحنا نري الموظفين يتسولون في الشوارع لأن الحياة صعبة، وكيلو العدس وصل 9 جنيهات، الأسرة تحتاج 100 جنيه حداً أدني مصاريف يومية، والمدرسون في المدارس الفنية يعملون في المهن الحرة مثل: السباكة والكهرباء وغيرها، والمدرس أصبح مهاناً بسبب الدروس الخصوصية.
ويطالب محمد غريب، الدولة بتوفير معيشة محترمة ودوراً فعالاً لنقابة المهن التعليمية التي أصبح دورها يختصر في إعطاء كارنيه فقط، وأن تكون صورة المدرس جميلة مثل الماضي وأن تعود له هيبته، فالمدرس في كل دول العالم هو أعلي الفئات دخلاً، ويحصل علي خدمة صحية تليق به بدلاً من الطابور الذي نقف فيه عند الذهاب للمستشفيات الحكومية.

مطالب ثابتة لنظم متشابهة!
حل اتحاد العمال.. قانون الحريات النقابية.. وقف التعسف ضدهم.. حد أدنى وحد أقصى للأجور.. حل أزمة البطالة

أماني زكي

بأي عيد عدت يا عيد علي عمال مصر, فما أشبه اليوم بالبارحة, من عهد مبارك إلي المجلس العسكري في مرحلته الانتقالية إلي ما أطلقوا عليها حقبة الاستقرار الإخواني بقيادة الرئيس محمد مرسي, مازالت جراح العمال تئن وأيديهم مرفوعة إلي السماء داعين الله أن ينصرهم طالما لم يشعر بهم أي رئيس تولي البلاد.
الأغرب في المشهد العمالي هو تكرار نفس نغمة المطالب علي مدار 3 سنوات ولا جديد يضاف إليها سوي مزيد من المطالب تضاف إلي الأخري لتكون محصلة التنفيذ «صفر», رفع عمال مصر ما يقرب من 8 مطالب للعام الماضي وما قبله 7 مطالب، وها هو العام العالي وصلت المطالب إلي 11 مطلباً، أجمع ممثلو عمال مصر عليهم  في الاحتفال بعيد العمال.
هي لا تتغير بل تذهب عقولنا إلي أنها بنفس ترتيب مطالب العام الماضي, والفارق أنها ستذهب ليد أول رئيس جاء عقب ثورة 25 يناير وهو الرئيس محمد مرسي, جاءت في مقدمتها, سرعة إصدار قانون الحريات النقابية, الذي يضمن للعمال حريتهم النقابية، وعدم تدخل أي جهة في شئونهم النقابية, ووقف التعسف ضد العمال والنقابيين بسبب ممارستهم لنشاطهم النقابي، وإلغاء كل أحكام الحبس ضد العمال بسبب ممارسة حقهم في الإضراب، وإلغاء كل القوانين التي تجرم الإضراب والتظاهر، فضلاً عن الانتهاء من تحديد الحد الأدني والحد الأقصي للأجور علي ألا يتعدي الحد الأقصي 15 مثل الحد الأدني، وربطهما بالأسعار، وزيادة الحد الأدني بنفس نسب التضخم الحقيقية.
وأعلن العمال عن رغبتهم في عمل حصر دقيق للمصانع المتوقفة، وأسباب توقفها، وذلك للنهوض بها وإعادة تشغيلها، كذلك حصر سريع للمشاكل التي تمر بها المنشآت والمصانع، ومحاولة حلها قبل تفاقم الأزمة، وتحسين الرعاية الصحية للعاملين في مصر، وإصدار قانون عمل جديد يحقق الأمان والرعاية للعامل المصري.
كما طالبوا بتشكيل لجنة لحماية العامل من صاحب العمل الجائر، وإصدار قرار من رئيس الجمهورية بعودة العمال المفصولين، وسرعة إجراء الانتخابات العمالية لحل الاتحاد الرسمي لعمال مصر الحالي، والعمل علي عودة المؤسسات المخصصة تحت مظلة الدولة، والنهوض بالصحة والتعليم والبحث العلمي.
كما شددوا علي ضرورة  وضع خطة عاجلة للقضاء علي البطالة وإلزام الحكومة بتوفير فرص عمل للشباب، وصرف بدل بطالة يساوي الحد الأدني للأجور لحين توفير العمل لهم.
وطالبوا بتثبيت كل العمالة المؤقتة, وتعديل كل التشريعات الاجتماعية التي صدرت في عهد مبارك بمعرفة رجال الأعمال مثل قانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية، وتنفيذ أحكام القضاء الخاصة بعودة الشركات المخصخصة بالفساد للقطاع العام وضخ الأموال فيها وتشغيلها, ورفض القروض التي تزيد من إفقار الشعب المصري، ووقف السياسات التي تقوم علي زيادة الديون وزيادة أعبائها علي الشعب المصري وفي القلب منه العمال, والعمل من أجل إعادة توزيع الثروة بما يضمن التوزيع العادل.