عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"إدريس علي".. الذي عاش مظلوما ومات وحيدًا


النوبة مسقط رأسه وعشقه، مصدر إلهامه في كل عمل يصدره، يكتب عن أهله ببساطتهم ومشاكلهم ليؤكد أنهم بشر يستحقون حياة كريمة وليسوا عينة تجارب عشوائية مستعدة دائما لخدمة المجهر حتي تفقد العقل والروح.

 

فشل "إدريس علي" في الحصول علي أي شهادات دراسية طوال حياته ورغم ذلك فهو عضو في اتحاد الكتاب، ونادي القصة، وجمعية الادباء، ونادي القلم - الفرع المصري -، وهاهو وقد فارق عالمنا منذ أيام، وأبى إلا أن يرحل في صمت بعد أن أثرى المكتبة المصرية والعربية بمؤلفات لايمكن للزمن أن يتجاوزها.

استطاع من خلال قراءاته الحرّة في الآداب العالمية المترجمة والادب المصري أن يكون واحداً من ادباء مصر العظام، فقد تأثر بنجيب محفوظ ويوسف ادريس والطيب صالح وتوفيق الحكيم ومكسيم جوركي، وديستوفسكي وارنست همنجواي وريتشاردرايت، وجون ثننابيك، بدأ حياته العملية بوظيفة رقيب متطوع بالقوات المسلحة، وانتهي بوظيفة امين مكتبة بشركة المقاولون العرب .

أصدر عشرة كتب ما بين القصص والروايات اولها "قصة السرير الواحد - مجلة صباح الخير يناير 1969"، وآخرها رواية "الزعيم يحلق شعره 2009 - دار وعد للنشر" التي اثارت - ومازالت - جدلاً واسعاً منذ صدورها وصودرت جميع نسخها.

ترجمت بعض اعماله الي اللغات الاخري مثل الانجليزية والفرنسية والأسبانية ونوقشت رسالة ماجستير عن "بنية السرد الروائي" عنده، بينما حصل هو علي عدة جوائز منها أفضل رواية صدرت عام 1998 "انفجار جمجمة" من معرض الكتاب، جائزة اتحاد الكتاب للرواية عام 2009 عن رواية "مشاهد من قلب الجحيم" والجائزة الثانية لرواية "اللعب فوق جبال النوبة" من المجلس الاعلي للثقافة "جائزة نجيب محفوظ" وجائزة جامعة اركانسو الامريكية عن ترجمة لرواية "نقلا" للإنجليزية، وقد وافت المنية الأديب المبدع منذ ايام وحيدا يشتكي الظلم، التقته "الوفد" فى هذا الحوار بعد ازمة روايته "الزعيم يحلق شعره" التي أثارت جدلا واسعا وقتها . .

عشت حياة صعبة اقرب الي المأساة ورغم ذلك أنتجت ابداعاً يفوق الكثيرين من الادباء الذين عاشوا حياة رغدة.. كيف ذلك؟

حياتي كلها عبارة عن سلسلة من الكبوات والعذابات المتواصلة، فقد بدأت العمل في سن العاشرة كصبي مكوجي، وصبي بقال، وعامل غسل زجاجات في معمل ادوية، وعامل تذاكر في سينما وحارس علي بوابة، وهذه الاعمال جميعا افادتني في ابداعي، ومعظم ما كتبته هو سيرتي الذاتية علي مدي جميع رواياتي وقصصي، رويت فيها ما تعرضت له من الاهانات والجروح النفسية التي لا تندمل بسهولة، وحاولت بالكتابة هزيمة واقعي البائس لأقول للجميع، هأنذا لقد حققت بعض النجاحات واذا أسعفني العمر سيكون هناك المزيد.

هل تخجل من عدم حصولك علي أية شهادات دراسية؟ وكيف تعلمت كتابة الابداع؟

- لا أخجل ابداً من ذلك، فقد فشلت في الحصول علي التعليم ولكني حصلت علي الثقافة عندما دفعني أبي الي الشارع لتعلم العامية المصرية والاحتكاك بالاولاد فأفزعوني، فاخترت ولداً طيباً يهوي قراءة "ارسين لوبين" وصادقته وأدمنت القراءة معه التي شكلت مستقبلي فيما بعد.

هل أنت كاتب صدامي؟

- أبداً انا انسان بسيط مسالم جداً، ولكن المشكلة هي التي تأتي الىَّ حتي إن روايتي الأخيرة اخرجتها بالصدفة البحتة الي النور فجرت علىَّ المشاكل.  لماذا؟ ربما لحظي السيئ، فهذه ليست المرة الاولي التي أتناول فيها تفاصيل حياتي في ليبيا من خلال عمل ابداعي، وايضا شخصية الرئيسي الليبي.. هذه ثالث رواية عن ليبيا. وما حكايتها؟ - عثرت عليها بالصدفة في أوراق قديمة ومهملة، ولم أعد كتابتها أو أغير فيها واكتشف انها ضعيفة فنياً، ولم أكن اتمني أن يتم تقييمي من خلال الرواية التي أتناول فيها الفترة التي عملت فيها بليبيا من عام 1976 الي عام 1980، وعاصرت تجربة تطبيق قوانين الكتاب الاخضر والحرب بين مصر وليبيا عام 1977 وقد عانينا نحن المصريين العاملين في ليبيا من جراء هذه الحرب معاناة

رهيبة لا استطيع وصفها، وعند وصولي للقاهرة عام 1980 قمت بكتابة مسودة رواية "الزعيم يحلق شعره" ونظراً لأنها تصف الحياة الليبية من الداخل تركتها منسية فترة طويلة لمدة عشرين عاما ولم أعد اليها مطلقاً.  وماذا عن توقيت نشرها؟ - اعتقد اني تحديت القذافي لسبب لا يخطر علي بال أحد وهو انتقامي منه لتسليمه صديقي المناضل السوداني "هاشم العطا" للجزار السوداني - آنذاك - جعفر النميري وكان هذا هو الدافع الاساسي رغم جرائم القذافي الكثيرة.  وما موقفك القانوني الآن؟

منذ مصادرة الرواية والقبض علي الناشر لم يطلبني أحد للتحقيق ولكني أنتظر ذلك في أي لحظة.

صف لنا الساحة الثقافية؟

الساحة الثقافية منقسمة علي نفسها ليس لها موقف واضح، المعظم يجري وراء مصالحهم الخاصة، ليس هناك وضوح رؤية حول عدد من القضايا مثل التوريث مثلاً، والمرشحين للرئاسة، فليس هناك برنامج واضح المعالم يحدد الناخب علي أساسه من ينتخب.  وما مطالبك من الرئيس القادم؟ - إلغاء قانون الطوارئ وقانون الحسبة وقوانين النشر المشبوهة واعادة النظر في الثوابت والمحاذير، وإلغاء خانة الدين من الرقم القومي لأنها تسبب مشكلة مع الاقباط، وتعديل الدستور ليسمح للقبطي بتولي رئاسة الجمهورية بسهولة وقصر مدة الرئاسة علي 4 سنوات لفترتين فقط.  لديك رأي صادم في علاقتنا باسرائيل يخالف رأي معظم المثقفين، اشرحه لنا؟ - أنا حاربت وأعرف اسرائيل جيداً واجزم ان صراعنا معها صراع وجود وليس صراع حدود، ومعاهدة السلام السارية حالياً هي فترة هدنة، اسرائيل تستفيد منها جيداً، فلماذا لا نستفيد نحن أيضا من خلال زيارات "اشخاص" وليس مؤسسات او هيئات للتعرف علي اسرائيل من الداخل وتكوين فكرة جيدة عنها، وكذلك لا مانع من ترجمة الادب العبري ولا داعي للجمل الشهيرة التي تحمل الرفض والتقوقع داخل الوطن.

هل تري ان المثقف الحقيقي يوافق علي ذلك؟

اين هو هذا المثقف، الفرصة غائبة تاما امامه، الفكر الوهابي يملأ البلاد، والاعلام الرسمي يغلق ابوابه والفضائيات كل يعمل حسب اجندته الخاصة، وهذه كارثة ضخمة، ففرنسا لم تتغير الا بفكر المثقفين، ومصر تتعرض لحملة منظمة من الفساد والسرقة والنهب حتي ان الاجيال الجديدة لن تجد شيئا بعد بيع كل شيء.

ماذا حققت من مشروعك الابداعي؟

في الحقيقة انني هبطت "بالبراشوت" علي الساحة الادبية، ليس لي شلة ولا جماعة ولا حزب يساعدني، ومع ذلك صممت علي الاستمرار وسط جيل الستينيات الذين تصدروا الساحة وقاموا بنفي الاجيال التالية لهم، فابتعدت عنهم ولم تشغلني السياسة ولا المظاهرات واخترت الكتابة علي اولئك الذين يجاهدون للبقاء علي قيد الحياة.