رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأمن .. الحاضر الغائب في فتنة الوطني

بوابة الوفد الإلكترونية

باتت الفتنة الطائفية من أهم الملفات التي تهدد أمن المجتمع المصري وخلال شهور قليلة شاهدنا فتنة الخصوص وواقعة الكاتدرائية ومن قبلها أحداث دهشور والتي تساقط خلالها العديد من الأبرياء.

استطلعت «الوفد» آراء خبراء الأمن ورجال القانون عن أداء الأجهزة الأمنية في حل الفتنة الطائفية والسؤال: هل تتمكن  الداخلية من السيطرة علي الموقف أم ستزداد الأوضاع سوءا وتعجز عن السيطرة، وتفشل مؤسسات الدولة في وضع العلاج الناجح واستئصال المشكلة من جذورها.
اللواء محمد رشاد وكيل جهاز المخابرات الأسبق يقول: جهاز الأمن الوطني يتعامل مع ملف الفتنة الطائفية بكل قسوة وتقسيم الشعب المصري الي طوائف، الأمر الذي يؤدي الي زيادة الاحتقان بين المصريين متناسيا أن المواطنين أصبحوا يرفضون حاليا جميع وسائل العنف والقهر الذي عاشوه في العهد البائد، ويضيف: كما أن وسائل الإعلام عندما تتدخل في ملف الفتنة الطائفية تساهم في زيادته واشتعاله باستخدام لغة إعلامية تؤدي الي استعداء المؤسسات وصب الزيت علي النار.
وأكد «رشاد» أننا ورثنا هذا الملف من النظام القديم الذي كان يعتبر الفتنة الطائفية ملفا أمنيا لافتا الي أنه ملف مجتمعي وتنموي مشيرا الي أن كل الحلول المؤقتة لا تحل المشكلة من جذورها موضحا أن جهاز الأمن عندما يتدخل بمفرده في هذا الملف يزيده اشتعالا.
ويري اللواء رشاد أن حكومة قنديل تعاملت مع هذا الملف بنظرة سطحية للأمور فبدلا من وضع خطة قاعدة معلومات تستطيع بها تنمية المجتمع ومحاولة العمل علي انتعاش الاقتصاد المصري الذي سيمنح المواطن المصري الاستقرار والهدوء، وتعمل بطريقة بدائية جدا و«يوم بيوم» الأمر الذي يزيد الوضع سوءا أنها تقوم بحل مشاكلها علي حساب المواطن البسيط.
ويري المستشار عبدالمنعم السحيمي رئيس نادي القضاة الأسبق أن إدارة النظام الحاكم لشئون البلاد من أهم أسباب الفتنة مشيرا الي حل المشاكل بقرارات سياسية وإلقاء الأزمات علي عاتق وزارة الداخلية لتبدو في نهاية الأمر أمام الشعب مقصرة في أدائها الوطني مطالبا بضرورة تدخل جميع المؤسسات لحل الأزمات التي نواجهها.
ويواصل السحيمي: ليت الأمر اقتصر علي ذلك بل دائما نفاجأ بتعامل أجهزة الدولة بعدم مرونة ونري بأعيننا أجهزة الدولة وهي لا تتحرك لإنقاذ أي موقف وهناك بطء كما لو كان متعمدا لإشغال المواطن بقضايا فرعية وتشتيت ذهنه عن شئون وطن يضاف الي ذلك القنوات الإسلامية التي تتحدث بشكل لا يليق بالإخوة المسيحيين الأمر الذي يزيد اشتعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين علي الرغم من أن المسلم والمسيحي نسيج واحد خاصة أن أجدادنا أقباط.
ويؤكد السحيمي أن حل مشكلة الفتنة الطائفية لن يكون عن طريق الجهات الأمنية فقط، ولكن بإصدار قرارات سياسية تحقق خلالها طلبات الشعب المصري لأن عدم اهتمام النظام بمطالب المواطنين يؤدي الي تأجج الصراع بين النظام وبين طوائف المجتمع.
ويقول العميد محمود قطري - الخبير الأمني: إن حالة الانفلات الأمني الموجودة حاليا في مصر تساعد علي تفاقم ظاهرة الفتنة الطائفية بلا أدني شك كما أن دور الأمن في مواجهة الفتنة الطائفية سلبي وشديد السوء للأسف الشديد لأن الأمن يعيش وكأنه في غيبوبة فأبسط قواعد الأمن الوقائي لا يتم العمل بها في أحداث كاتدرائية العباسية التي تعد سابقة خطيرة تسجل في التاريخ المصري كإحدي النقاط السوداء في جبين مصر.
وتابع «قطري»: الاعتداء علي الكاتدرائية كان متوقعا من المواطن العادي فمن المفروض أن الأجهزة الأمنية تتوقعه من باب أولي ولكنها لم تتخذ أي احتياطات لتلافي أي خروقات أمنية، واكتفت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع مما أجج الفتنة الطائفية حيث بات المشهد وكأن الداخلية تضرب الأقباط.
وأضاف الخبير الأمني: لو كان ما حدث مقصودا فالشرطة تساعد أسيادها من حكام الإخوان المسلمين بإخافة الأقباط الذين علا صوتهم بعد ثورة 25 يناير وأخذوا يصرخون بحقوقهم وهذه هي نفس الأساليب التي كانت تستخدم في عهد مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، فالداخلية اشتهرت بالقبض علي بعض المواطنين لتسديد القضايا وفي كثير من هذه القضايا يتم تبرئة المتهمين لأن الشرطة لتجيد حتي طبخ التلفيق والمجرم الحقيقي ينعم بالحرية ويفلت من العقاب بسبب تقاعس الشرطة.
وعن الطريقة التي يجب اتباعها للحد من الفتنة الطائفية يري «قطري» أنه يجب عمل منظومة أمن وقائي حقيقية عن طريق الدفع بقوات الشرطة للعمل في الشارع لحراسته وتتم هذه المنظومة عن طريق تقسيم كل قرية وبلد الي أماكن صالحة للحراسة بنظام «الدرك» والدفع بقوات أمن كثيفة لحراسة الأمن العام في الشارع المصري ويمكن أن يقوم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتوفير أفراد عن طريق تجنيد عدد جديد والدفع بهم للعمل في المجال الأمني الشرطي.
واقترح «قطري» أنه يمكن طلب سلفة من البنك الدولي إذا كانت المشكلة التي تعيق تنفيذ ذلك مالية لأن الأمن السليم سيصنع اقتصادا وصحة وكثيرا من النواحي الاجتماعية في المجتمع بالإضافة الي أن الأمن مخل منذ عهد حبيب العادلي، فالكنائس كانت تحرس بطريقة خاطئة لأن العادلي كان يحمي النظام ومن ضمن حماية النظام كانت توجد قوات الحراسة علي الأماكن الحكومية مثل الوزارات والبنوك والكنائس وهذا نظام خاطئ، لأنه من المفروض أن تكون الشرطة عمومية وأن يكون هناك أمن خاص بهذه الأماكن بمعني أن تقوم كل كنيسة أو مصلحة حكومية بتوفير أفراد لحمايتها وتدفع بهم الي وزارة الداخلية لتدريبهم وتسليحهم مثل قواتها ومن ثم يقومون بحراسة الكنيسة وغيرها من الداخل والخارج لمساعدة الشرطة.
وأكد «قطري» أن منظومة الأمن تقوم علي أسس خاطئة، فيجب أن تفيق الشرطة من غيبوبتها وتتفاعل مع المسرح الجنائي والسياسي الموجود حاليا ومن ثم يكون لديها استشعار مسبق عما يتوقع أن يحدث وتقوم بالاستعداد لهذا التوقع حتي لو لم يحدث لأن هذا الاستعداد يقلل من حجم الخسائر بالإضافة الي أنها يجب أن تستخدم وسائل علمية جديدة لمواجهة أي أحداث فنحن متخلفون جدا في مقاومة الشغب الذي تم التعدي فيه علي المصالح الحكومية والفصائل الأخري فليس لدينا حل سوي الضرب

بالقنابل المسيلة للدموع أو الضرب بالخرطوش وفي الحالتين يقتل أبرياء فهناك وسائل أخري أقل خسارة مثل البراشوتات التي تلقي علي من يراد القبض عليهم فالشرطة تحتاج الي إعادة بناء لأنها متخلفة جدا في أدائها وأعتبرها هي المسئولة الأولي عن أحداث الفتنة الطائفية لأنها لا تقوم بواجبها الفعلي في حماية الأمن العام ولا تعرف شيئا عن المسرح الجنائي والاجتماعي والسياسي للبلاد.
فيما يري العميد حسين حمودة مصطفي المفكر الأمني أن أداء الجهاز الأمني متقاعس نتيجة ميراث الماضي وهذا التقاعس في التعامل مع الملف الطائفي شأنه شأن كافة الملفات التي يتقاعس فيها ولكن البنية العقائدية لجهاز الشرطة ليس لها علاقة بالفتنة الطائفية بدليل أن اللواء عبدالفتاح علي بعلاقات العامة بوزارة الداخلية قال إن القائد الميداني للعمليات أمام الكنيسة كان مسيحيا.
وتابع «حمودة»: إن السبب الرئيسي في فشل الملف الطائفي يرجع الي أن الشرطة تعمل برد الفعل وليس بالاستباق لمنع الجريمة قبل وقوعها ومن ثم فإن طبيعة الجريمة الطائفية تحتاج الي استباق من خلال وسائل الإنذار المبكر لأنها تشتعل سريعا وتشتد سريعا غير الجرائم الأخري، كما أن رد الفعل متأخر جدا وهذا ينتج عنه تهجير طوعي أو قسري للمواطنين الذين يشعرون بحالة من الرعب نتيجة تأخر الشرطة.
وأكد «حمودة» أن جهاز أمن الدولة والمسمي الآن بالأمن الوطني معطل من الناحية العملية وهذا أحد أسباب ضعف الشرطة في الناحية الطائفية فهذا الجهاز في السابق كانت لديه مصادر ومعلومات الي حد كبير تجعله علي دراية بالاحتقانات الطائفية في أماكن الاحتقانات ويستطيع أن يئدها في المهد في كثير من الأحيان فعلي سبيل المثال كان الجهاز يستدعي الطرفين ويحاول التوفيق بينهما وإن لم يستجيبوا يقوم بتهديدهم بالاعتقال وتتم السيطرة علي الموقف أما الآن أصبح جهاز الشرطة ليس له جهاز معلوماتي يستطيع أن يتنبأ بالأحداث أو يتدخل في وقت مبكر فهذا أدي الي المساهمة في العديد من الاحتقانات الطائفية رغم أن جهاز أمن الدولة في السنوات الأخيرة لحكم مبارك يقوم بدور سياسي في الملف الطائفي في إطار المناكفات السياسية بين نظام مبارك والنظام الأمريكي بمعني أن رضاء النظام الأمريكي علي مبارك يجعله يستجيب للأقباط فكان مبارك يسيس الجهاز وكان ذلك جليا في أوقات الانتخابات.
ويعتقد اللواء أحمد الفولي مساعد وزير الداخلية الأسبق أن الأمن يتعامل مع الفتنة الطائفية بطريقة خطأ بمعني أنه يتعامل معها علي أنها من اختصاصه ولكنه في الواقع بعدة عنها تماما فعندما تحدث مشاجرة بين شخصين أحدهما مسلم والآخر مسيحي يتم تضخيم تلك الواقعة رغم أنها من الممكن أن تكون مشاجرة عادية فلمصلحة من هذا التضخيم؟
ويقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق إنه منذ ثورة 25 يناير هناك غموض في موقف الأمن خاصة من قبل جهاز الأمن المركزي، ويتساءل الجمل: لماذا لا نري وجودا لأفراد الأمن وضباط الشرطة في الشوارع وأمام الكنائس والمساجد والمنشآت المصرية لفرض الأمان بين المواطنين.
وتساءل: وإذا كانت وزارة الداخلية قد حرق لها أكثر من 4 آلاف سيارة لنقل رجال الشرطة فهل تم تعويضها بسيارات أخري لنقل جنودها لتأمين المنشآت، وأضاف الجمل: هناك عجز واضح وإهمال شرطي متعمد في جميع المحافظات محذرا من انتشار 25 ألف مجرم  ومسجل خطر هارب من السجون.
ويؤكد اللواء عبدالوهاب خليل مدير أمن الجيزة الأسبق تراجع الأمن بشكل مخيف وبنسبة كبيرة بعد ثورة 25 يناير بسبب الخروج من حالة الكبت والاحتقان التي عاشها المواطن في عهد النظام البائد وهو ما عبر عنها المواطن العادي في تجرئه علي أجهزة الأمن، الأمر الذي أدي الي كسر هيبة الشرطة مؤكدا عدم سيطرة جهاز الشرطة علي المنشآت الحكومية مثل الكنائس والمساجد وغيرها لقلة إمكانياتها وتجهيزها بمعدات تستخدم فيردع المسجلين خطر والبلطجية والخارجين علي القانون ويحذر عبدالوهاب خليل من عدم تسليح أفراد الشرطة لمواجهة البلطجة خاصة في الطريق الدائري والمحور بالقاهرة والطرق الرئيسية بالمحافظات.