فيديو.البدوي: عبور نشوة الثورة إلي البناء
وجه الدكتور السيد البدوي شحاتة رئيس الوفد خطاباً مفتوحاً الي الشعب السيناوي من مدينة العريش خلال المؤتمر الجماهير الحاشد الذي عقدته اللجنة العامة للوفد بشمال سيناء، ومن أرض سيناء الحبيبة في مدينة العريش رمز الصمود والبطولة والفداء.
أكد رئيس الوفد أن الاحتفال بعيد تحرير سيناء يأتي لأول مرة منذ ثلاثة عقود كاملة بعيداً عن اختزال هذا الاحتفال في اسم فرد، ويأتي عيد التحرير هذه الأيام ونحن نعيد الحق لأصحابه وننسب الفضل لكم في الصمود، ولكل مصر خلفكم في الاصرار والانتصار.
ووجه الدكتور السيد البدوي رئيس الوفد عدة رسائل هامة للشعب وللحكومة وللمجلس العسكري خلال خطابه الذي شهده أكثر من 3 آلاف مواطن سيناوي من محافظة شمال سيناء وبحضور امين القصاص رئيس اللجنة العامة للوفد بالمحافظة وعضو الهيئة العليا والدكتور علي السلمي رئيس وزراء حكومة الظل الوفدية وعدد من قيادات الوفد بشمال سيناء.
الإخوة الأعزاء
بداية لا أجد من الكلمات ما أعبر به عن سعادتي البالغة لوجودي هنا اليوم بينكم علي أرض سيناء الحبيبة في مدينة العريش رمز الصمود والبطولة والفداء.
أقف اليوم أمامكم في عيدكم الذي يتم الاحتفال به لأول مرة منذ ثلاثة عقود كاملة بعيداً عن اختزال هذا الاحتفال في اسم فرد.. يأتي عيد التحرير هذه الأيام ونحن نعيد الحق لأصحابه، ننسب الفضل لكم في الصمود، و لكل مصر خلفكــم في الإصــرار والانتصار.
فضل الانتصار والصمود لم يكن فقط لأسماء نعرفها، لكنه كان لأسماء وشخصيات ربما تاهت منا أسماؤهم، ولكن بقي لنا عملهم وثمرته.
إن الانتصار الذي نحتفل به اليوم هو في جوهره نفس الانتصار الذي تحقق في كل ميادين التحرير الممتدة من قلب القاهرة الي العريش.
وكما سالت الدماء في سبيل عودة سيناء الحبيبة لحضن مصر، سالت الدماء أيضا في الخامس و العشرين من يناير كي تعود مصر بأكملها لنا جميعا.
أتطلع اليوم أمامي، فأجد الوجوه هي ذات الوجوه التي صمدت وحاربت قبل ثمانية وثلاثين عامًا، وجوهًا بحثت عن تحقيق الأحلام المشروعة في غدٍ جديد. غد لا يعرف التمييز بين حق المواطن السيناوي، وحق المواطن السكندري، أو الاسواني، أو القاهري.. غد يرد الاعتبار والجميل لأهل سيناء الذين تم تهميشهم واضطهادهم أمنيا.. لقد أتقن النظام السابق عمله.. فزادت الشقوق واتسعت الفوارق بين أبناء مصر. ظنوا أننا لن نستيقظ أبدا. فصنعوا الفتنة علي كل أشكالها، حاولوها دينية، أو طائفية، و حاولوها سياسية أو اجتماعية ليعزلوا سيناء بالتشكيك في الولاءات والانتماءات وهم أهل البطولة والفداء ولكن نحمد الله ان كيدهم انقلب عليهم.
كان في عقلي سؤال يلح علي دائماً لم أكن أجد له أبدا إجابة، ولكني وجدت له نهاية يوم الخامس والعشرين من يناير.
كان السؤال.. لماذا لم تعمر سيناء؟ لماذا استمر الاحتفال يحمل كل عام نفس الافتخار الزائف باسم فرد؟ ولم يحمل إلا فيما ندر قدرا حقيقيا من الإنجاز التنموي والاجتماعي بخامس أكبر محافظة مصرية.!؟
لم أجد أبدا إجابة شافية، إلا أننا ولله الحمد شهدنا نهاية للسؤال و نهاية درامية لهذا النظام بقدر ما مارسه من قهر واستبداد وفساد أضاع مكانة مصر وأهدر مكانة المواطنة.
ثورة بعد استسلام للطغيان
كانت النهاية علي يد شعب مصر العظيم شبابه وشيوخه ونسائه وأطفال.. ثارت مصر بعد أن تصور الجميع أن شعبها قد ركع واستكان، واستسلم للاستبداد والطغيان.. هذا هو شعب مصر الذي كان علي مدي الزمان صانعا للتاريخ.. صنع تاريخاً جديداً للمنطقة كلها.. كان الزمان 25 يناير والمكان ميدان التحرير، ولا أعني هنا ميدان التحرير في القاهرة فقط ولكن ميادين التحرير في مصر كلها من أسوان إلي الإسكندرية.. من العريش الي السلوم.. هب الشعب عن بكرة أبيه في كل بقعة من بقاع مصر فأصاب أجهزة القمع بالشلل وسقط الطغاة.. لم يكن يتصور أي إنسان في هذه الدنيا أو أي جهاز مخابرات محترف في العالم إمكانية سقوط هذا النظام الذي كان يملك من القوة وأساليب القمع مالا نتصوره جميعا.. ولكن الشعب أراد الحياة الحرة الكريمة فاستجاب القدر وكانت مشيئة الله وإرادة المصريين فوق أحلام الطغاة الذين سقطوا وانهار حكم الفرد الذي عانينا منه علي مدي ثلاثين عاماً.
لقاؤنا اليوم يأتي ونحن في مفترق طرق.. نمر نحن المصريين بمرحلة شديدة الحساسية في ظل ظروف قاسية يمر بها الوطن.. مرحلة تجعلني أشعر ببعض القلق وتجعلني أقول وأعلن بكل الصراحة والوضوح أن الوطن في خطر.. نعم مصر في خطر سياسياً واقتصادياً واجتماعيا.. إن الثورة المصرية علي قدر تفردها وامتيازها عن كل ماسبقها في تاريخ الشعوب تتهددها أمراض وأخطار وانتكاسات تعرضت لها ثورات كثيرة.. فهل ينكر أحد أن الثورة الفرنسية كانت من الثورات العظيمة التي فتحت أبواب الأمل أمام شعوب كثيرة إلا أنها علي قدر عظمتها، علي قدر ما سببت معاناة شديدة لشعبها خلال مرحلة انتقالية شهدت الصراعات والاتهامات والفرقة والانقسام ساءت خلال هذه الفترة الأحوال المعيشية وانتشر الفقر وتفشي الجوع والخوف، وسادت أعمال الفوضي والبلطجة والتعدي علي النفس والمال والعرض، واستمر هذا الحال لمدة خمسة عشر عاماً الي أن جاء نابليون رئيساً لأول جمهورية فرنسية..
ليه ده حصل في فرنسا، وهل ممكن إنه يحصل عندنا، وهل فيه طريقة نتلافي بها هذه السلبيات الخطيرة .. الإجابة أيوه ممكن..
ليه ده حصل في الثورة الفرنسية..
أولاً: لأن الثوار انشغلوا بتصفية الحسابات والانتقام والجري وراء الشائعات والاتهامات، ومحاولة البعض خطف الأضواء وجني ثمار الثورة والبحث عن الزعامات الزائفة.
ثانياً: نجاح الثورات المضادة وأصحاب المصالح في إثارة الطبقات الفقيرة التي زادت معاناتها والتي دفعها الفقر والحاجة والقلق الي التمرد والاعتصامات والاحتجاجات وأصبحوا يترحمون علي أيام الملك.
الخطأ الثالث.. هو طول فترة الحركة الثورية التي استمرت 15 سنة بعد الثورة.. كان فيه كل يوم ثورة وكل يوم احتجاج، وكل يوم مظاهرة مما أدي إلي انهيار اجتماعي واقتصادي، فانتشرت الفوضي وعمليات النصب وزادت الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. هو ده اللي حصل في الثورة الفرنسية واللي بيخلينا نتساءل.. هل هناك أخطار مشابهة ممكن تهدد ثورتنا المجيدة لا قدر الله.. هذا السؤال مهم جداً ويجب أن يكون دائماً أمام عيوننا وحاضراً في أذهاننا، ولكي أكون صادقاً مع نفسي ومعكم فإنه إذا لم يقم كل منا بدوره في حماية الثورة وبناء الوطن.. الشعب، الحكومة، والمجلس الأعلي للقوات المسلحة فإن الثورة في خطر ومصر كلها في خطر، فأعداء الثورة الكامنون أكبر عدداً وأكثر تنظيماً وتغلغلاً في المؤسسات السياسية والرسمية والشعبية.. مازال 51 ألف عضو مجلس محلي من المنتمين للحزب الوطني يعيثون في قري مصر ومدنها فساداً، وكأن الثوار وميدان التحرير لم يغيروا مصر والعالم.. مازال العديد من المحافظين ورؤساء المدن ورؤساء المجالس القروية والعمد ومشايخ البلد والمنتمين للحزب الوطني المنحل والمعينين بقرار منه يمارسون الإرهاب والابتزاز والتشكيك وتوعد المواطن البسيط بأن أيامهم لم تنته وسوف تستمر.. مازال الاتحاد العام لعمال مصر والنقابات العامة التابعة له فرعاً قائماً من فروع الحزب الوطني المنحل وفلوله.. مازال أعضاء مجلسي الشعب والشوري الذين صدرت بحقهم قرارات من محكمة النقض بإبطال عضويتهم لثبوت التزوير والتلاعب في نتائج الانتخابات ينعمون بحقوقهم السياسية.. مازال رجال الأعمال الذين استخدموا الحزب الوطني لتحقيق منافع ومصالح واستولوا علي ملايين الأمتار من أرض مصر وتعاونوا في تنفيذ السياسات الاستبدادية للحزب الوطني وإحكام سيطرته علي البلاد لم يمسهم أحد.. مازال كبار العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين شاركوا في تنفيذ سياسات الفساد وخالفوا القانون وحققوا مكاسب غير مشروعة نتيجة ارتباطهم بالحزب وقياداته موجودين بأماكنهم.. أيضاً مازال من شملتهم تحقيقات النيابة العامة وجهاز »الكسب غير المشروع« والذين وردت أسماؤهم في تقارير هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات في وظائفهم وأماكنهم.. مازال عناصر النظام السابق منتشرين في المؤسسات الصحفية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومنهم من ينتظر الفرصة لإحداث الفتنة للنيل من الثورة.
الثورة في خطر
الثورة في خطر ومصر كلها في خطر لأن اقتصادنا ضعيف، وسبق لصحيفة الوفد أن أعلنت يوم 20 يناير أي قبل الثورة بـ 5 أيام أن مصر علي وشك أن تعلن إفلاسها فما بالك الآن بعد أن تراجع الإنتاج وأغلق العديد من المصانع وتأثرت السياحة بشكل كبير وتوقف التصدير، وتراجع دخل قناة السويس، وفقدنا في ثلاثة أشهر ما يزيد علي 6 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي للدولار ولو استمر الحال 6 شهور تالية ممكن سعر الدولار يرتفع بشكل كبير وده سيؤدي الي ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات حتي طبق الفول الذي يعيش عليه أغلبية هذا الشعب والذي يتم استيراده من الخارج.
طبعاً ده سوف يجعل من السهل علي المتربصين بالثورة في الداخل والخارج التحريض بمظاهرات احتجاجية واستغلال فقر وعشوائية الملايين لدفعهم لثورة مضادة هي ثورة الجياع التي لا يمكن لأحد أن يتكهن بمدي خطورتها وصعوبة مواجهتها.
ماذا علينا أن نفعله نحن كشعب في مواجهة تلك الأفكار والتحديات .. يجب أن نفوق جميعاً من نشوة الثورة والتلذذ بالحرية وألا نسيء استغلال هذه الحرية ونكون علي وعي كامل بكل ما يهدد الوطن والمواطن.. مصر علي حافة إعلان إفلاسها إذا لم نبدأ فوراً العمل والبناء وتوحيد الصف .. هذا ما يريده أعداء الثورة في الداخل حتي نترحم علي أيام العهد البائد، وأيضاً مايريده أعداء مصر في الخارج حتي نظل تابعين للهيمنة الأجنبية نتسول قوت يومنا، ومن لايملك قوت يومه لا يملك استقلال قراره وإرادته فنظل امتداداً لحاكم فرد استسلم ورضخ لتنفيذ الأجندة الأمريكية الصهيونية في المنطقة.
العالم يعلم أن الديمقراطية هي سر قوة الشعوب وسر تقدمها ورخائها، ومصر أمامها فرصة عظيمة لأن تصبح أكبر دولة ديمقراطية في المنطقة، وبالتالي أقوي دولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً هذا ما قامت من أجله ثورتنا المجيدة .. قامت أيضاً من أجل مصر جديدة تكفل كل الحقوق لكل أبنائها.. مصر جديدة قائمة علي العدل والمساواة والمواطنة لا المال أو الجاه أو النفوذ المغتصب، تلك هي الغاية الكبري لثورة 25 يناير ولكي تتحقق نحتاج الي وحدة الصف والتكاتف ونبذ الصراع السياسي والطائفي، وإعلاء صالح الوطن عن أي مصالح طائفية أو فئوية ضيقة، كل هذا في إطار دولة قوية تطبق القانون علي الجميع دون تهاون أو مهادنة، تحاسب كل من يمس أمن المواطن واستقرار الوطن.. نعم لقد قامت الثورة من أجل الحرية .. ولكن الحرية لا تعني التعدي علي حقوق الغير واستباحة ماله وعرضه.. الحرية لا تعني إشاعة الفوضي وتعطيل المرافق العامة وإيقاف عملية الإنتاج.. الحرية لا تعني الصراع الطائفي تارة بين المسلمين والمسلمين، وتارة أخري بين المسلمين والأقباط تلك الصراعات التي أصبحت ألغاماً نستيقظ كل يوم علي صوت انفجار أحدها، لقد قامت الثورة من أجل الرخاء والتنمية في ظل دولة ديمقراطية حديثة أساسها العدل واحترام حق الإنسان في عمل مناسب وسكن ملائم وتعليم حقيقي وعلاج آدمي.. لقد صنع شعب مصر ثورته وعلي عاتقه حماية هذه الثورة التي تبشر بمستقبل عظيم لمصر وشعبها .. يجب علينا يا إخواني ألا ننظر للخلف كثيراً ولا نجعل همنا الوحيد هو الانتقام ممن نهبوا ثرواتنا واستبدوا وأفسدوا وطغوا في البلاد، فنحن نؤمن بعدالة السماء ونثق في قضائنا العادل، ونثق في أن قواتنا المسلحة لن تترك أي فساد دون حساب فلم يعد أحد فوق المساءلة والقانون، فالرئيس السابق نفسه محبوس شأنه شأن غالبية رموز نظامه والبقية آتية في الطريق.. طبعاً محاسبة المفسدين شيء مهم ولكن لابد أن ننظر للمستقبل نحن في حاجة لعقول تفكر وتطرح الرؤي والأفكار .. يجب علينا كشعب أن نعمل بكل ما أوتينا من قوة وعزم وإرادة من أجل بناء الوطن الذي استعدناه وأعدنا تملكه بعد أن كان ملكاً لقلة قليلة حاكمة.
رسالة لرئيس الوزراء
أما عن الحكومة والتي أعلن رئيسها أنه يستمد شرعيته من ميدان التحرير فإنني أشد علي أيديها وأقول لها إنكم مسئولون أمام 85 مليون مواطن وليس ميدان التحرير فقط أو أي ميادين أخري.. ميدان التحرير هو فقط رمز للثورة التي منحت الشرعية للحكومة ورئيسها المحترم الدكتور عصام شرف الذي أعتز كثيراً بصداقته ووطنيته.. ومن هنا أوجه رسالة للوزراء جميعاً أقول لهم: أعلم جيداً صعوبة الظرف الذي توليتم فيه المسئولية وأعلم جيداً أن أيدي الكثيرين منكم مترددة في التوقيع علي أي قرار أو أي مبادرة للإصلاح وأنكم فقط تقدمون المسكنات لتسيير الأمور، وأن العديد منكم يظن أن بقاءه في الوزارة هو بضعة أشهر يريد أن تمر بسلام ودون أن يرتكب أخطاء نظراً لما ترونه من محاكمات لوزراء سبقوكم، ولكن يجب أن تضعوا نصب أعينكم أن الأيدي المرتعشة لا تستطيع البناء وأنكم نتاج ثورة تغفر الخطأ الإداري وتضع حسن النية والثقة فيكم، أما وزراء العهد السابق فهم يحاكمون علي ما ارتكبوه من فساد وتربح واستغلال للنفوذ.. وأقول لكم أيضاً إن للساعة قيمتها وقد شاءت إرادة الله أن تتحملوا المسئولية، وأن كلاً منكم يستطيع في أشهر قليلة أن يقدم لمصر وشعبها الكثير، كونوا أقوياء في قراركم لا تترددوا أو تتهاونوا، فأنتم مسئولون أمام الله وأمام التاريخ.
أما القوات المسلحة ومجلسها الأعلي والتي انحازت للشعب وثورته منذ اليوم الأول ـ ولن أكون مبالغاً إذا قلت ـ إنها كانت العنصر الأساسي في حقن دماء المصريين ونجاح الثورة، فأنا من هنا من العريش أعلن أنه من حسن حظنا كمصريين أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يضم كوكبة من أبناء مصر الوطنيين الشرفاء الزاهدين في الحكم والحريصين كل الحرص علي تسليمه في أقرب وقت لأهل الحكم والسياسة الذين يختارهم الشعب في الانتخابات النيابية والرئاسية القادمة.. وأعلم يقيناً مدي حرصهم علي الاحتفاظ بثقة الشعب فيهم وحبه لهم.. وهذا يجعلني أصارحهم بأنهم مسئولون أمام الله والشعب عن تأمين الثورة من أي انتكاسة قد تحدث نتيجة الفوضي أو المؤامرات الداخلية أو الخارجية، إنهم مسئولون أمام الله والوطن عن استعادة الأوضاع الطبيعية للبلاد بالإسراع في إصدار مجموعة من التشريعات التي تحقق العدالة الاجتماعية وتساعد علي تقليل الفوارق بين الطبقات وتؤدي الي التخفيف عن محدودي الدخل والفقراء وأصحاب المطالب الفئوية الذين أصبحوا قنابل موقوتة.. مسئولون أمام الله والوطن عن الحفاظ علي الوحدة الوطنية ليس فقط بمعناها الديني ولكن الوحدة الوطنية بمعناها الشامل.. الوحدة الوطنية بين الشباب والشيوخ.. بين الرجال والنساء.. بين أبناء الأطراف وأبناء الوادي.. بين المسلمين والمسلمين.. بين المسلمين والأقباط.. مسئولون أمام الله والوطن عن عودة الأمن للشارع المصري والطمأنينة للأسرة المصرية التي باتت مهددة بأعمال البلطجة والخطف والاعتداء علي النفس والممتلكات.. أعلم أن الأعباء جسام وأن المسئولية ينوء بحملها الجبال وأنكم في سباق مع الزمن ولكن هذا قدركم وأنتم أهل له.
إن الشعب المصري ينظر لقواته المسلحة بكل الإكبار والثقة .. ينظر إليكم كقادة عسكريين تقدرون الانضباط والالتزام بالقانون والحزم في مواجهة كل ما يهدد استقرار الوطن وأمن المواطن.. لا تترددوا في مواجهة قلة يحاولون القفز علي الثورة وجني ثمارها والادعاء بأنهم صانعوها علي حساب أبطال الثورة الحقيقيين وصناعها وهم شعب مصر شبابه ورجاله، نساؤه وشيوخه.. قلة تريد أن تحتكر الثورة وتفرض وصايتها علي 85 مليون مصري.
إن الشعب لا يقبل من قواته المسلحة ومجلسها الأعلي أن يسير في دروب السياسة وطرقها الملتوية في ظرف يحتاج الحسم وسرعة المواجهة مع أي خروج علي الشرعية والقانون ومبادئ ثورة 25 يناير.
الفضل لشهداء الثورة
أيها الإخوة الأعزاء ..
إن ما تحقق بفضل الشهداء وبفضل شعب مصر العظيم هو إنجاز وإعجاز.. لن نفعل كما انساق الآخرون فنسبوا الفضل الي غير أصحابه ولكن أقول إن الوفد كان عنصراً في صورة كاملة ولم نحاول أن نصادر علي الآخرين.. لقد ظل الوفد يكافح من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال صحيفته التي ترأسها مصطفي شردي والتي كانت أول صحيفة معارضة يومية ظلت تحارب الفساد والاستبداد وكانت أقلام كتابها مشاعل تضيء الطريق نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. ومن خلال استجوابات نوابه العظام في مجلس الشعب أمثال ممتاز نصار، وحلمي مراد، وعلوي حافظ، وعلي سلامة، وعبد المنعم حسين، وطلعت رسلان الذي صفع أقوي وزير داخلية في العهد السابق اللواء زكي بدر داخل مجلس الشعب.
ثم كانت تجربة الوفد الديمقراطية في انتخابات رئاسة الوفد فأُجريت انتخابات بين رئيس موجود هو محمود أباظة ومرشح من خارج المكتب التنفيذي والذي كان يجري الانتخابات، وكان المكتب التنفيذي بالكامل يساند الرئيس السابق عدا عضوين، شهدت تلك الانتخابات مناظرات سياسية رفيعة المستوي لأول مرة في مصر عبر شاشات التليفزيون والصحف ثم أجريت انتخابات نزيهة سقط فيها الرئيس الذي يجري الانتخابات، وحدث تداول السلطة لأول مرة في مصر، وخرج الرئيس الفائز والرئيس الخاسر متشابكي الأيدي يعلنان فوز الوفد وليس فوز مرشح معين.. هذا المشهد أثار شجون المصريين، ثم كان قرار خوض انتخابات مجلس الشعب وما أثير حوله من حديث عن صفقة بين الوفد والحزب الوطني نشر عنها في صحيفة المصري اليوم قبل أن أتولي الرئاسة بثلاثة أشهر.. وصاحب قرار الهيئة العليا بخوض الانتخابات النيابية حملة شرسة من بعض الأقلام المنتمية للجمعية الوطنية للتغيير والتي كانت تطالب الأحزاب جميعاً بمقاطعة الانتخابات، ومارست هذه الأقلام إرهاباً فكرياً لإرغام الوفد علي مقاطعة الانتخابات، وعلي الرغم من إعلاني أكثر من مرة أن أي صفقة مع الحزب الوطني هي انتحار سياسي لا يمكن أن أقدم عليه، وأن نجاح نائب واحد في البرلمان يستوي مع مائة نائب طالما لم نحقق الأغلبية الحاكمة، إلا أن الحملة استمرت مما دفعني الي الدعوة لجمعية عمومية لحزب الوفد لحسم قرار المشاركة في الانتخابات من عدمه.
إن قرار الوفد هو قرار أعضائه ودعوت الجمعية العمومية لاتخاذ القرار وكان قراراً صحيحاً 100٪ بالرغم من الفارق البسيط بين المؤيدين والمعارضين.. وقبل خوض الانتخابات ظلت مسألة الصفقة تطاردنا، جاءني منير فخري عبدالنور وقال لي: سوف أنقل لك رسالة أحملها وناقل الكفر ليس بكافر ولكن علي أن أنقل إليك هذه الرسالة.. وقال: إن رئيس أحد الأحزاب يبعث لك برسالة من أمين عام الحزب الوطني صفوت الشريف بيقولك هو زعلان منك لأنك لم تأت وتجلس معه لتتفق علي الكراسي.. فقلت له: بلغه أن أي صفقة مع الحزب الوطني هي بمثابة انتحار سياسي وأنا أذكي من أن أقدم بالوفد علي انتحار سياسي أو أقدم بشخصي علي انتحار سياسي.. وكان هذا هو رد الوفد علي صفوت الشريف.
وعندما خضنا الانتخابات كانت المرة الأولي التي يتحدث إلي فيها تليفونياً صفوت الشريف مباشرة وقال لي: إن الإخوان المسلمين خالفوا المادة الخامسة من الدستور واستخدموا شعارات دينية ولابد من استبعادهم من الانتخابات.. وأشار خلال حديثه معي إلي أن هناك طلباً باستبعادهم موجهاً إلي النائب العام من جميع أحزاب المعارضة في مصر، ويتبقي حزب الوفد الذي لم يوقع علي هذا الطلب وكان متأكداً أنني سوف أوقع معهم علي أساس أنها فرصة أن نستبعد الإخوان من طريقنا.. فقلت له: قد نختلف مع الإخوان وقد نختلف مع توجهاتهم واستخدامهم الشعارات التي تخالف نص المادة الخامسة من الدستور وتخالف القانون ولكن علي مدار تاريخ الوفد منذ تأسيسه لم نستبعد أي منافس بإجراء استثنائي ولكن نستبعده من خلال صناديق الانتخابات ورفضت التوقيع علي هذا الطلب، وبناء علي ذلك كان التقدم ببلاغ ضدي شخصياً للنائب العام بأنني تبرعت بحملة إعلامية للوفد ولم أنشر في صحيفتين يوميتين كما ينص القانون بشأن هذه التبرعات، فالوفد لا أحد يتبرع له.. الوفد غني وإمكانياته كبيرة وينفق علي نفسه ولكن هذا كان مقابل رفضي وهذا البلاغ لم يسأل فيه أحد وفشلت مسألة استبعاد الإخوان من الانتخابات عن طريق النائب العام.
موقف واضح من تزوير الانتخابات
وفي مؤتمر صحفي عقب اجتماع الجمعية العمومية واتخاذ قرار خوض الانتخابات كان ردي علي سؤال وجه لي في هذا المؤتمر: ماذا لو تم تزوير الانتخابات؟.. فأعلنت أنه إذا تم تزوير الانتخابات فسأعلن انسحابي من الانتخابات في أي مرحلة من مراحل الانتخابات.
ومع بدء الانتخابات يوم الأحد ومقدمات التزوير بدأت قبلها بليلة بشأن التوكيلات وقد اتصل بي بعض زملائنا مثل الدكتور محمد كامل والدكتور محمود السقا وقالا لي: هناك تزوير ونريد أن نعلن انسحابنا، فقلت لهم: أعلنوا انسحابكم.. وفي أسيوط اتصلوا بي وقالوا إن هناك تزويراً ونريد أن نعلن انسحابنا فأخبرت غرفة العمليات بأن المحافظة التي تريد أن تعلن انسحابها لها ذلك، لكن كان من الصعب في هذا الظرف أن أصدر قراراً جماعياً بانسحاب الوفد، ولنا مرشحون لم يبدوا هذه الرغبة، وعاد الدكتور محمد كامل بعد ساعة فقال: إن هناك بوادر علي انضباط الانتخابات ولم أنسحب والدكتور محمود السقا قال نفس الكلام والإسكندرية عادوا وقالوا نفس الكلام، لكني بلغت غرفة العمليات أن تبلغ أي محافظة أن هذا من حقها ومن حق أي مرشح أن يعلن انسحابه في أي لحظة من لحظات الانتخابات.
ويوم الاثنين بدأت النتائج تأتي وظهر تضارب في النتائج، فهناك مرشحون أعلنوا نجاحهم وانتظرت حتي تم إعلان النتيجة النهائية يوم الثلاثاء في الساعة السابعة مساء ويوم الأربعاء اتصلت برئيس تحرير الوفد وقلت له: أعلن أن رئيس الوفد يقرر الانسحاب من جولة الإعادة ودعوة المكتب التنفيذي لاتخاذ القرار المناسب.
وفي خلال الـ 24 ساعة بعد الإعلان اتصل بي الدكتور عصام العريان وسألني عن قرارنا فأكدت له أننا اتخذنا قرار الانسحاب من جولة الإعادة فقرروا هم أيضاً الانسحاب.. وهذا القرار الذي اتخذه الوفد كان القشة التي قسمت ظهر البعير وبمثابة المسمار الأخير في نعش النظام، ولا تتصوروا مدي الضغوط التي مورست علي جميع أعضاء المكتب التنفيذي وهي ضغوط أدبية وللحقيقة فإنه علي مدار 26 سنة قضيتها في العمل السياسي في حزب الوفد لم تمارس علينا أي ضغوط سوي الضغوط الأدبية سواء أنا أو زملائي كقيادات لحزب الوفد.. وكلمني الدكتور مفيد شهاب وقال لي: إن قرار الانسحاب سيتسبب في تدمير مصر اقتصادياً وسياسياً وسيسيء لسمعتنا إساءة كبيرة جداً، وأنا يا دكتور سيد لو بيدي لتنازلت عن المقعد الذي فزت به لمرشح الوفد ونحن نراهن علي وطنيتك لكي تحافظ علي سمعة مصر وعلي الاقتصاد المصري الذي سيتعرض لأذي كبير جداً بقرار انسحاب الوفد.. فقلت له: يا دكتور مفيد ولماذا لم تراهن علي وطنية أحمد عز الذي زوَّر وزيف إرادة الأمة بالكامل.. وبدأوا يتصلون بأعضاء المكتب التنفيذي وعرضوا علينا نجاح الـ 11 مرشحاً الذين يخوضون جولة الإعادة وأكثر من ذلك انضمام ثلاثين أو أربعين مرشحاً مستقلاً بعد نجاحهم للهيئة البرلمانية للوفد ويصبح للوفد خمسون مقعداً في البرلمان ويمثل أكبر هيئة برلمانية بعد 1984، وكل هذه الأمور لم تجد منا أي التفات، بل رفضت جميعاً واجتمع المكتب التنفيذي وحضرت في جيبي اليمين البيان الذي سألقيه عقب اجتماع المكتب التنفيذي في حالة الموافقة علي قرار الانسحاب وفي جيبي الشمال استقالتي من رئاسة الحزب وإعطاء الهيئة العليا والجمعية العمومية فرصة ثلاثة شهور لانتخاب رئيس جديد للوفد في حالة رفض المكتب التنفيذي قرار الانسحاب.. وصوت المكتب التنفيذي بالإجماع لصالح الانسحاب من الانتخابات عدا عضو واحد لم يصوت من حيث المبدأ القانوني أي من حيث الشكل وليس من حيث المضمون.
وكان رأيه أن القرار يخالف قرار الجمعية العمومية بخوض الانتخابات، ولكن هناك
ورفضنا كل هذه الأمور وانسحبنا من الانتخابات وهو الأمر الذي علي أثره انسحب الإخوان المسلمون وسيطر الحزب الوطني علي 97، من المقاعد لتكون فضيحة عالمية كبري عجلت بسقوط هذا النظام.
الإخوة الأعزاء.. لقداسقط قرار انسحاب الوفد والإخوان من مجلس الشعب قناع الديمقراطية فانكشف الوجه القبيح للحزب الوطني الذي سيطر علي 97٪ من مقاعد مجلس الشعب من خلال عملية تزوير مفضوحة لم يسبق لها مثيل خلال الحياة النيابية كلها.
لقد ظل الوفد حريصاً كل الحرص علي ثوابته وانحيازه لكل ما يحقق صالح الوطن والمواطن أميناً علي التراث الوطني العظيم الذي توارثناه عن آبائنا وأجدادنا منذ ثورة 1919 التي كانت نموذجاً من ثورة 25 يناير، لذلك كان قرارنا يوم 23 يناير بالمشاركة في الثورة.
وقال الدكتور السيد البدوي: إنني عقدت اجتماعاً مع شباب الوفد يوم الأحد الموافق 23 يناير حضره ممثلو الشباب بالمحافظات وأعلن عقب الاجتماع أن الوفد سيشارك في مظاهرات 25 يناير، ولم يرد في ذهن أي شخص أن يوم 25 يناير كان سيسقط هذا النظام وبالرغم من ذلك أتي إلينا الشباب صباح يوم 25 يناير وأكدوا لي أن مبارك ونظامه سيرحل، فكان الوفد أول حزب أو مؤسسة تعلن موقفها من الثورة، فقبل 25 يناير توارت كل الأحزاب والتيارات السياسية.. البعض قال: إنه لعب عيال والبعض أغلق مقراته ولم يتواجد، والإخوان المسلمون قالوا إن هذا يوم مجيد من أيام مصر وحقيقة هو يوم مجيد، ففي نفس اليوم عام 52 أعطي فؤاد باشا سراج الدين أوامره لجنود وضباط الشرطة في الإسماعيلية لمقاومة الاحتلال البريطاني وسقط شهداء مصر في هذا اليوم والتكريم الثاني لفؤاد سراج الدين أن تكون ثورة تحرير مصر يوم 25 يناير وهو عيد فؤاد باشا سراج الدين وشهداء الشرطة في الإسماعيلية، ففي يوم 25 ليلاً شعرت أنه لابد من فعل شيء، فدعيت لمؤتمر صحفي حضره أكثر من 22 قناة محلية وعالمية، وبمجرد وصول الصحفيين إلي الحزب اتصل بي قيادة كبيرة بالدولة.. وقال لي بالحرف: أنت بتحرق مصر، وكذلك اتصلت بي رئيس جهاز مباحث أمن الدولة وقال: ما تقوم به مسئوليته كبيرة جداً وانتظر ما سيحدث لك وللحزب!!
ورفضت كل ذلك وأصررت علي عقد المؤتمر الصحفي في وجود فؤاد بدراوي وعلي السلمي ومنير فخري عبدالنور، وقررنا أن نقول موقف الوفد وأصدرت بياناً قلت فيه: إن هذا النظام فقد شرعيته ولابد من تشكيل حكومة إنقاذ وطني وحل مجلس الشعب ووضع دستور جديد للبلاد.
وكان الوفد أول من يصدر مثل هذه الرؤية في أول يوم في الثورة، وتوالت البيانات في الوقت الذي صمتت فيه الكثير من القوي السياسية، ثم خرجت جريدة الوفد في عددها الأسبوعي يوم 3 فبراير ورجال النظام في مناصبهم وقالت: حاكموا هؤلاء وهم: حبيب العادلي وزير الداخلية وحسن عبدالرحمن رئيس جهاز أمن الدولة وصفوت الشريف وفتحي سرور وأحمد عز وزكريا عزمي وجمال مبارك، وتم نشر صفحة كاملة عن ثروة الرئيس، وقالت: إنها 70 مليار دولار.. وصفحة عن زوجة الرئيس تحت عنوان سيدة القصر التي تحكم مصر.. وكيف بدأت حياتها بمدرسة براتب شهري 11 جنيهًا.. الأمر الذي جعل الثوار في ميدان التحرير يرفعون الصحيفة ويتخاطفونها لدرجة أن سعر النسخة في هذا اليوم وصل إلي 25 جنيهاً.
وأضاف: وفي يوم 28 يناير عندما انسحبت الشرطة وتركت الاقسام والشوارع استوحينا فكرة اللجان الشعبية من ثورة 1919 واعلنا من حزب الوفد تشكيل اللجان الشعبية وتحويل جميع مقارات الحزب علي مستوي الجمهورية الي مقار للجان الشعبية لحماية المواطنين واعلن رقم 19614 لاستقبال شكاوي الانفلات الامني واعلنه الجيش علي جميع شاشات التليفزيونات وهو رقم الوفد وقام الوفديون بالدور المنوط بهم في انحاء الجمهورية.
شباب الوفد والثورة
وقام شباب الوفد اعتباراً من ليلة 25 يناير بدور مهم في دعم الثورة، حيث أرسلنا البطاطين، وشكلنا مجموعتين إحداهما للإعاشة والأخري للإعلام ـ وتوزيع 1000 وجبة يومياً في ميدان التحرير، وارسال شاحنة دواء زادت قيمتها علي نصف مليون جنيه تم القبض عليها بالقرب من ميدان طلعت حرب وتم حرق الادوية وتكسير السيارة والقبض علي سائقها، وأصدرنا جريدة ميدان التحرير برئاسة تحرير محمد شردي ومدير تحريرها شريف عارف وبتكلفة يومية 5 آلاف جنيه كانت توزع في ميدان التحرير لانها تصدر عنه.
لقد كان الوفد عنصراً ضمن عناصر وطنية كثيرة وفي مقدمتها شباب مصر النبيل الذي حلم واستطاع أن يحقق الحلم .. حلم 25 يناير، كان الجميع في حب مصر جماعة واحدة دينها الوطنية المصرية وشعارها الدين لله والوطن للجميع شهد المسيحيون صلاة الجمعة في الميدان، وشهد المسلمون قداس الأحد في ميدان التحرير.. لم تكن الدماء التي سالت دينية أو حزبية، ولكنها كانت دماء مصرية ذكية.. أريد أن نستعيد روح ثورة 25 يناير التي يمر عليها اليوم ثلاثة أشهر.. نُعلي مباديء المواطنة والتسامح السياسي والقبول بالآخر نُعلي حرية الفكر وحرية العقيدة وحرية الاختلاف.. نعم يتمسك الوفد بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، كما نتمسك بالقيم الروحية التي أرستها الأديان جميعاً وبالوحدة الوطنية، وبحق المسيحيين أن يحاكموا في قضايا الأحوال الشخصية وفقاً لشريعتهم إعمالاً لنص المادة الثانية من الدستور وإعمالاً للقرآن والسنة فقد قال الله في كتابه العزيز:
»وليحكم أهلُ الإنجيلِ بما أنزلَ اللهُ فيهِ ومن لايحكُمُ بما أَنزلَ اللهُ فأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُون«
صدق الله العظيم
وقال رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم
»إذا جَاءَك أهلُ الذمة فاحكُم بَينَهُم بِمَا يدِينُون به«
نرفض العلمانية التي تنادي بفصل الدين عن الدولة وأيضاً نرفض الدولة الدينية الثيوقراطية التي تنادي بسيطرة رجال الدين علي الحكم كما هو الحال في إيران، وذلك ليس اجتهاداً، فالسلطة في الإسلام مدنية فلا عصمة بعد النبي إلا للجماعة وليس لأي فرد مهما كانت منزلته، وهاهو خليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول في أول خطبة له بعد اختياره خليفة بعد مداولات ومناقشات السقيفة: »وُليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني«.
فالحاكم في الإسلام مدني تختاره الأمة بالديمقراطية أو الشوري وتراقبه وتسأله ولها حق عزله .
نؤمن في الوفد أيضاً بالحرية الاقتصادية المقترنة بالعدالة الاجتماعية القائمة علي حسن توزيع الدخل وتقريب الفوارق بين الطبقات.. كما نؤمن بالديمقراطية القائمة علي أسس التعددية السياسية والفكرية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة ومعاقبة كل من يعتدي عليها، كما نؤمن بدور مصر الرائد في المجال العربي والإسلامي والإفريقي.
معذرة إن كنت قد أطلت عليكم فقط أدعوكم اليوم أن يكون احتفالنا هو بداية لخطوات جديدة لا تنفصل فيها الممارسة السياسية عن الحق في التنمية والتعليم والعدالة الاجتماعية لكل أبنائنا الذين قادونا نحو ما نحن فيه اليوم.
خطواتنا الجديدة نضعها أمامكم فتكون طريقا نحو سيناء جديدة لا يكون تمثيلها رمزاً يوم عيد، أو تمثيلاً مكملاً بلا تأثير في برلمان هيكلي بلا وظيفة.
أدعوكم اليوم باسم الوفد العريق بتراثه وتاريخه، وباسم الوفد المعاصر بما يقدمه للمستقبل، أن يكون البناء كاملا فلا تنحصر النظرة لتنمية إقليم أو محافظة دون أخري، وإنما ننظر معا لمصر كلها بلا فوارق، أو شقوق مصطنعة، أو فتن.
هكذا يكون العيد اليوم مختلفاً، فيكون انطلاقة لما هو قادم من أيام، ويكون العيد القادم احتفالاً بإنجازٍ متجدد، وليس تأليهًا لأسماء تأتي وتذهب.
حما الله مصر وحما ثورتها المباركة ووقاها كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله
د. علي السلمي يطالب بتحويل سيناء لمنطقة صناعة وتجارة حرة
ضرورة العمل علي إقامة جامعات ومراكز بحوث علمية واجتذاب الشركات العالمية
أعلن الدكتور علي السلمي رئيس وزراء حكومة الظل الوفدية في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الجماهيري لحزب الوفد بمدينة العريش عن إنشاء »شركة سيناء الكبري للتنمية« وهي عبارة عن شركة قابضة تنشئ شركات متخصصة في جميع المجالات برأس مال يصل إلي نصف مليار جنيه عن طريق الأسهم والسندات لأهل سيناء خاصة ومصر عامة ولا يجوز ملكية غير المصريين بها. وقد أعلن الدكتور السيد البدوي رئيس الوفد تبرعه بمبلغ مليون جنيه لتأسيس هذه الشركة.
وأضاف الدكتور علي السلمي أن سيناء كانت الجنة المهجورة والآن تصبح الجنة الموعودة، حيث إن مساحتها تبلغ 61 ألف كيلو متر، أي ما يعادل 6٪ من مساحة مصر ويعيش عليها نصف مليون نسمة. وللأسف الشديد أن تنمية سيناء كانت شعاراً رفعه العهد البائد ولم يلتزم به، أما بعد ثورة 25 يناير فسيحقق الشعب الأمل وسيتم بعون الله تنمية سيناء وتعميرها لتصبح جنة حقيقية لملايين المصريين.
وقال الدكتور »السلمي« إنه إذا كان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء قد أعلن السبت الماضي من أرض سيناء ثلاث لاءات فأنا أضيف عليهم اثنتين أخريين وهم لا لتنمية سيناء بالشعارات، ولا لاستمرار السياسات الفاشلة في التعامل مع سيناء. وأضاف: كنا في الوفد أول من أعلن عن إنشاء وزارة لشئون سيناء في حكومة الظل الوفدية ونتمني أن تسير حكومة الدكتور شرف علي ذات النهج وتنشئ وزارة لسيناء يكون وزيرها من أبناء أرض الفيروز ويكون مقر الوزارة في سيناء ثم تنطلق عملية التنمية المستدامة لأنها المدخل السليم للانطلاق بسيناء إلي آفاق جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، خاصة وأن محاولات التنمية السابقة لم تكن مخلصة ولا جادة ولم تأخذ في الاعتبار طبيعة المجتمع السيناوي ولم تتم بمشاركة أصحاب سيناء.
وأشار الدكتور »السلمي« إلي ان المشروع القومي لتنمية وتعمير سيناء تعطل أو تم تعطيله بفعل فاعل، وترعة السلام متوقفة وغير مستغلة برغم ما أنفق فيها، وكان رجال العهد البائد بصدد طرحها لرجال الأعمال، علما بأن موقعها خطأ، لأنها كان يجب أن تتوسط سيناء وأضاف: حجم الإنجاز في المشروعات الصناعية والمرافق والبنية الأساسية، لم يزد علي 30٪، وللحقيقة أن إقامة التنمية ومجالاتها في سيناء واسعة لتوافر مقومات كثيرة، منها جغرافية سيناء والزراعة والبترول والغاز الطبيعي والفحم في شمال سيناء ورمال القار بجنوب سيناء مصدر للبترول ومعادن للمواد النووية كمصدر للوقود النووي، والثروة المعدنية حيث يتوافر بسيناء خامات بكميات كبيرة ونوعية متميزة، ورواسب الجبس والرمال البيضاء عالية السليكا والكبريت بشرق العريش وخامات حرارية والسيراميك وخامات صناعة الأسمنت ومواد البناء، وكذلك الثروة السمكية والسياحة.
ملامح تنمية سيناء
وطالب رئيس وزراء حكومة الظل الوفدية بتحويل سيناء إلي منطقة اقتصادية خاصة أو منطقة تجارة حرة لوجستية، بالإضافة إلي استثمار 400 ألف فدان وسط سيناء يرتبط بها 400 قرية بمعدل 555 فداناً لكل قرية، وتحويل سيناء إلي مدن وقري للعلوم والتكنولوجيا، كما في صحراء النقب بإسرائيل وإقامة جامعات ومراكز بحوث علمية ومراكز للتطوير التكنولوجي، واجتذاب الشركات العالمية في صناعات التقنية العالمية ومراكز الأبحاث والتطوير الخاصة بها.
كما طالب بالتركيز علي فكرة مناطق التنمية المتكاملة.. أي زراعة وصناعة وتعدينا وسياحة وليس منطق المشروعات المنعزلة وربط سيناء وبقية أقاليم الجمهورية، وتصحيح مشكلة ترعة السلام واستكمالها لتحقيق الغرض منها بزراعة 400 ألف فدان وإقامة تجمعات ريفية بمواقع الاستصلاح، بالإضافة إلي دراسة مشروعات محاور التنمية الريفية ومحور التنموي الشامل (بورسعيد- رفح) بإقامة مشروعات زراعية علي مياه ترعة السلام والمياه الجوفية والتصنيع الزرعي والثروة السمكية ببحيرة البردويل والصيد البحري بالعريش، والمناطق الصناعية ببئر العبد والشيخ زايد والعريش ورفح ، والسياحة علي طول الساحل، مع الاهتمام بحل مشكلة تملك الأراضي في سيناء فأهل سيناء لهم الحق في تملك الأرض كما في جميع أنحاء مصر.
وأكد الدكتور علي السلمي ضرورة أن تقسم سيناء إلي ثلاث محافظات شمال وجنوب ووسط سيناء ويكون المحافظون من سيناء بالإضافة إلي إنشاء مجلس إقليمي يجمع الأقاليم الثلاثة برئيس يكون بدرجة نائب رئيس الوزراء، وكذلك وزير لسيناء من أبناء سيناء ويكون مقار إقامة كل هؤلاء سيناء.
أمين القصاص: تمليك أراضي سيناء لأهلها
خطوة أولي نحو الأمن القومي والتنمية
ألقي أمين القصاص رئيس اللجنة العامة للوفد بشمال سيناء وعضو الهيئة العليا ووزير شئون سيناء في حكومة الظل الوفدية كلمة رحب فيها بالدكتور السيد البدوي رئيس الوفد والدكتور علي السلمي رئيس وزارء حكومة الظل الوفدية والحضور، وقدم لهم الشكر علي الحضور إلي مدينة العريش والمشاركة في احتفالات أعياء تحرير سيناء. كما قدم التحية والشكر لشباب ثورة 25 يناير من سيناء المناضلة والتحية إلي شهداء الثورة وشهداء حرب 73 العظام الذين روت دماؤهم الذكية أرض سيناء العزيزة.
وقال: إن أبناء سيناء يلتفون في هذه الليلة حول الوفد، ويطالبون رئيس الوفد والوفد بتبني مشاكل أبناء سيناء الذين أهملهم النظام البائد علي مر عقود طويلة وعانوا كثيرا. وأشار إلي أنه حتي حق الملكية حرموا أهل سيناء منه رغم أن القانون والدستور كفله لهم وتحججوا بأنه لدواعي الأمن القومي، وأضاف أن أحداِ لم يهتم بأبناء سيناء عندما كان نواب سيناء من الحزب الوطني. كما تجاهل النظام أيضا أن التمليك الخطوة الأولي والأساسية نحو التنمية الحقيقية لسيناء، لأن عدم التمليك وراء هروب معظم المستثمرين منها رغم ما فيها من كنوز ومعادن غير موجودة في أي مكان في أنحاء الجمهورية كلها. وأشار القصاص إلي أنه حتي المشروع القومي لتنمية سيناء الذي بدأوه بخطوات ثقيلة وبطيئة توقف نهائياً لأسباب غير معلومة حتي الآن إلا تنفيذ السياسة الأمريكية والإسرائيلية التي كانت تتبناها حكومة حسني مبارك البائدة.
المتحدث الإعلامي لشباب الوفد:
يدنا التي أسقطت نظام مبارك الفاسد ستبني مصر الحرية
ألقي حمد البراوي المتحدث الإعلامي للجنة شباب الوفد بشمال سيناء في المؤتمر الجماهيري بمدينة العريش كلمة عن شباب الوفد وجه خلالها الشكر باسمه واسم زملائه للدكتور السيد البدوي علي تلبية الدعوة بالحضور لسيناء والمشاركة بالاحتفال بعيدها السنوي.
وطلب في كلمته من رئيس الوفد العمل رفع الظلم والتجاهل والتهميش الإعلامي والثقافي والسياسي الواقع علي أرض سيناء الطيبة.
ووجه خالص التحية لكل من ضحي من أجل هذه اللحظة التاريخية التي يقف فيها المشاركون بالمناسبة محتفلين بالنصر.
وأضاف أن الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لهدم وإسقاط النظام السابق حملوا بعملهم هذا الجميع أمانة البناء لنظام جديد يقوم علي العدل والمساواة.
وأضاف ان يد الشباب التي أطاحت بنظام مبارك الفاسد هي من ستبني مصر الحرية والعدالة والمساواة.
وقال إننا نعلم أننا في بداية الطريق وإننا في حاجة لجهود الجميع ناصحين مساندين معربا عن تقديره للدور الكبير للوفد، مؤكداً ان الوقت الآن هو وقت البناء الذي يعتبر الطريق الوحيد للتقدم والحفاظ علي ما تم القيام به.
وأضاف إن شعارنا للمرحلة المقبلة.. شباب الوفد قادمون.. نقولها بكل إصرار وتحد.. نقولها والحماس يملأ قلوبنا .. نعم نحن قادمون وعازمون علي استرداد تاريخنا العريق.. تاريخ نعتز به ونقدره ونسعي جاهدين لتكملة مسيرته.. عازمون علي إعادة مكانة الحزب في مقدمة الأحزاب وفي صدارة المشهد السياسي في مصر.. هذا ما كان عليه وهذا ما سيكون بإذن الله تعالي.. ضميرا للأمة.. حقنا فوق القوة.. أمتنا فوق الحكومة، وموجهاً حديثه للدكتور البدوي رئيس الوفد قال حمد البراوي: كنت أول من أطلق شرارة التغيير داخل الحزب عندما جئت بانتخابات ديمقراطية نزيهة.. وقف الجميع لها احتراما وتقديرا.. وكنت أول من أتاح الفرصة كاملة للشباب.. مساندا لنا.. داعما لوجودنا.. مؤمنا بقدرتنا علي التغيير.. وعندما جاءت فرصتنا للتغيير كنت مصرا علي دعوتنا بالمشاركة في مظاهرات الخامس والعشرين من يناير.. دافعا لنا للنزول والالتحام بالشعب.. رافعين أعلام مصرنا الحبيبة.. مطالبين بإسقاط النظام.
أنت من اتحت الفرصة لنا.. ومازلت تطالبنا بالمزيد.. لن نتأخر ولن ندخر جهدا.. وسنظل مؤمنين بقدرتنا علي بناء مصرنا الجديدة إن شاء الله.
شاهد فيديو