رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شهداء الحرية

بوابة الوفد الإلكترونية

فاذكريني.. كما تذكرين المهرب.. والمطرب العاطفي.. وكاب العقيد.. وزينة رأس السنة.. اذكريني إذا نسيتني شهود العيان.. ومضبطة البرلمان.. وقائمة التهم المعلنة.. والوداع الوداع

من خرج طالبا للحرية فهو شهيد.. ومن خرج رافضاً للظلم فهو شهيد.. ومن قتل غدراً فهو شهيد..
ولأنهم أفضلنا، فقد خصهم الله بالجائزة الكبري.. الشهادة، فتركونا وصعدوا إلي جنات الله.. رحلوا بعد أن فتحوا لمصر باب الحرية الذي كان مغلقاً عقودا طويلة.
أعدادهم تصل إلي 1100 شهيد حسب بعض التقديرات وتقل إلي 900 شهيد في تقديرات أخري، منهم 841 شهيداً صعدوا إلي بارئهم في الفترة من 25 يناير حتي 11 فبراير 2011 منهم 796 رجلاً و15 إمرأة و30 تشوهت جثثهم للدرجة التي فشل معها معرفة ما إذا كان رجلا أو إمرأة.
ولعل ما يمزق القلوب حزناً وألما أن بين الشهداء ملائكة صغار لم تتعد أعمارهم 10 سنوات وبينهم أيضاً رجال اشتعل رأسهم شيبا.. فهناك 4 شهداء أعمارهم أقل من 10 سنوات و108 أعمارهم بين 10 سنوات و20 سنة، أما النسبة الأكبر بين الشهداء فتراوحت اعمارهم بين 20 و30 عاما وبلغ عددهم 342 شهيداً، بينما بلغ عدد الشهداء في الفئة العمرية «30-40 سنة» إلي 157 شهيداً، و62 شهيداً في الفئة العمرية «40-50 سنة» و48 شهيداً بين 50 و60 سنة، و9 شهداء بين 60 و70 سنة، و5 شهداء بين 70 و80 سنة وشهيد واحد تجاوز عمره 80 عاما.
وحسب التقارير الطبية فإن شهداء يناير سقطوا صرعي بأكثر من آلة قتل فـ 679 سقطوا شهداء بطلق ناري، و9 شهداء قتلوا دهساً، و45 شهيداً قتلوا مختنقين و68 شهيدا لم يتبين سبب وفاتهم بينما استشهد 46 لهبوط حاد في الدورة الدموية.
28 يناير 2011 هو يوم الشهادة الأكبر ففيه سقط 551 شهيدا يليه يوم 29 يناير 2011 وسقط فيه 70 شهيداً بينما سقط 44 شهيداً يوم 30 يناير و28 شهيداً يوم 31 يناير و8 شهداء يوم 1 فبراير و24 شهيداً يوم 2 فبراير و12 شهيداً يوم 3 فبراير وبعدها بدأ عدد الشهداء ينخفض إلي شهيدين يوم 4 فبراير و4 شهداء يوم 5 فبراير وشهيد واحد في كل من يومي 7و9 فبراير، أما يوم تنحي مبارك 11فبراير فسقط فيه شهيدان.
أكثر المحافظات التي قدمت شهداء كانت القاهرة التي سقط فيها 373 شهيداً يليها الاسكندرية 97 شهيد ثم الجيزة 60 شهيد والفيوم 52 شهيد والقليوبية 33 شهيد والسويس 28 شهيداً والبحيرة 24 شهيداً والمنوفية وبني سويف، وفي كل منهما 22 شهيداً وشمال سيناء 17 شهيداً والشرقية 9 شهداء والدقهلية وقنا وفي كل منهما 8 شهداء والاسماعيلية 6 شهداء وأسيوط 4 شهداء وكفر الشيخ 3 شهداء ودمياط شهيدان وقدمت أسوان شهيداً كما قدمت الاقصر شهيدا واحدا أيضاً.
وكل هؤلاء الشهداء دفعوا بحياتهم ثمناً للكرامة وحرية الشعب خرجوا من مظاهرات الثورة، باحثين عن حياة كريمة وغد أفضل لبلادهم وتضحية كل شهيد تستحق أن تروي جيلا بعد جيل.
شيماء فؤاد حسين «25 سنة» واحدة من شهيدات الثورة، يروي والدها قصة استشهادها قائلاً: نزلت شيماء إلي ميدان التحرير يوم 26 يناير، ثم اتفقت مع اصدقائها علي الذهاب إلي منزل الرئيس مبارك لمطالبته بالتنحي وذلك في يوم 6 فبراير ولكن القدر لم يمهلها، فقد احاطت بعض السيدات بها هي والمتظاهرين في شارع صلاح سالم، وقامت احدي السيارات بدهسها فماتت علي الفور وأضاف الوالد المظلوم: أشعر أن دم شهداء يناير راح هدراً، ولم تتحقق أي من مطالبهم، فقد رحل الحزب الوطني وجاء الاخوان الذين ساروا علي نفس خطي نظام حسني مبارك.
أما أحمد بسيوني «33 سنة» خريج كلية التربية الفنية فقد كان متزوجا ولديه ولد وبنت قرر النزول في بداية الثورة لتصوير احداثها، ثم غلبه الحماس وقرر أن بشارك المتظاهرين أيضاً الهتافات يوم جمعة الغضب، لكنه فوجئ بإحدي سيارات الشرطة تدهسه فسقطت منه الكاميرا علي الارض وتحطمت لتتحطم معها كل احلام «أحمد» ويحكي لنا أخوه: أن أحمد كان بصدد مناقشة الدكتوراه لكن القتلة حالوا بينه وبين تحقيق حلمه في مناقشة رسالته الجامعية.
أما أميرة سمير السيد وتبلغ من العمر 17 سنة فقد توفت في منزلها بالإسكندرية وأمام والدها في مشهد يشيب له شعر الرأس، فقد كانت أميرة تقف في النافذة المطلة علي قسم شرطة الرمل تقوم بتصوير ما يحدث من مشاهد العنف، فرآها أحد القناصة الواقفين فوق سطح القسم وأصابها برصاصة دخلت في قلبها لتخرج من ظهرها، ويحكي والدها قائلاً: كانت الضحكة لا تفارق وجهها، كانت أطيب إنسانة، حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم.
أحمد عبد الرحيم «18 سنة» استشهد في ميدان المطرية يوم جمعة الغضب وتقول والدته: إن أحمد خرج ليصلي الجمعة ثم فوجئ بعد ذلك بوجود مظاهرات وكان يتم خلالها إلقاء قنابل مسيلة للدموع، فأراد أحمد النزول إلي الميدان لاسعاف المتظاهرين وتصوير ما يحدث لكن رصاصة غادرة أصابته في مقتل ليسقط قتيلا، وينال شرف الشهادة.
وفي نفس اليوم المشئوم «جمعة الغضب» خرج ولاء الدين حسني «33 سنة» مع أصدقائه ينادي بالحرية والعدالة الاجتماعية وعندما أصيب بعض اصدقائه وحاول اسعافهم اطلق عليه احد القناصة رصاصة في رأسه اودت بحياته علي الفور.. وتقول والدته: لم يتمكن ابني من رؤية طفله المولود حديثاً، وسأنزل يوم 25 يناير لأطالب باستكمال مطالب الثورة ما دام قتله المتظاهرين لم ينالوا بعد جزاءهم.
خالد علي «19 سنة» من محافظة دمياط،

نزل إلي الشارع يوم جمعة الغضب، وتملكه الفضول لمعرفة ما يحدث، فأصيب بخرطوش أودي بحياته، ويقول والده: ابني كان يحلم بمستقبل سعيد لكنه أصيب غدراً قبل أن يحقق ما كان يتمناه لنفسه، وأضاف الوالد: لن أرتاح قبل أن نأخذ حق هؤلاء الشهداء.
حسين طه الطالب في السنة الثانية بكلية الحقوق من محافظة الاسكندرية كان ثائراً يحب بلده حباً شديداً شارك في المظاهرات يوم 25 يناير، وكان يكتب علي الفيس بوك الآية الكريمة «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» وكان يحث أصدقاءه علي المشاركة في المظاهرات، وفي جمعة الغضب خرج «حسين» ليصلي ولم يعد بعدها إلي مزله، وبعد أن استمر البحث عنه لمدة 3 أيام، وجدته أسرته مقتولاً بالرصاص في أحد المستشفيات القريبة من جامع «القائد إبراهيم» وتحكي والدته: كان «حسين» يحب مصر ويضع علم مصر فوق سريره، وكذلك علي صفحته بالفيس بوك.. الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة.
حكاية أخري مليئة بالحزن والألم هي حكاية الشهيد كريم بنونة الذي خرج في 25 يناير كغيره من المعارضين للنظام والمطالبين بإسقاطه، تاركاً طفلين أكبرهما 3 سنوات وزوجة في منزل أسرته، كان «كريم» يقوم بتوزيع منشورات علي المتظاهرين في الميدان دعا فيها إلي السلمية وعدم استخدام العنف، وفي ليلته الأخيرة وقف في الصفوف الأمامية يدافع عن الميدان، فانطلقت رصاصة طائشة تجاهه واستقرت في صدره ليسقط شهيداً.
أما علاء عبد الهادي «طبيب الميدان» الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، وكان يقف في المستشفي الميداني يساعد الاطباء في علاج المصابين، إلي أن هجمت عليهم قوات الأمن، وبدأت في الاعتداء عليهم بالضرب وأصيب ببعض الكدمات لكنه لم يتراجع مع تقدم المتظاهرين من جديد في شارع قصر العيني عاد إلي الصفوف الأولي حتي أصيب برصاصة في رأسه أنهت حياته، قبل أن يصل إلي مستشفي قصر العيني التي كان يحلم بأن ينضم إلي فريقها الطبي بعد تخرجه.
محمد متولي «34 سنة» كان خاطباً ويستعد للزواج ثم قرر النزول يوم 25 يناير مع أصدقائه إلي ميدان التحرير، وعندما تم إلقاء القنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين، نصحه أصدقاؤه بالذهاب معهم، لكنه طالبهم بالبقاء قليلاً، وفي لحظات جاءه طلق ناري في رأسه أدي إلي وفاته بعد أن راح في غيبوبة لمدة 4 أيام.. وتحكي ابنة أخيه: لقد كان أحن إنسان رأيته في حياتي، نزل ليهتف ضد من أفسدوا وطنه وسرقوا خيراته، لكن رصاصات الشرطة لم تمهله.

بعد مرور عامين علي الثورة لم يرجع حق الشهيد ولم تتغير أحوال البلد فهل ضاعت دماء الشهداء هدراً؟! سؤال لم نجد إجابة عنه بانتظار أن يجيب المستقبل عليه.
الشهيد المبتسم

هذا الشهيد المبتسم قُتل أثناء ثورة 25 يناير وشيعته الجماهير المصرية في جنازة مهيبة بمسجد السيدة نفيسة فهو مجهول الهوية ظل جثمانه حائراً يتنقل ما بين ثلاثة مستشفي الهلال ومشرحة زينهم، لا يملك إلا أن يبتسم دون أن يبوح بأسراره أو آلامه ولا يشكو إلا الله.. يتيما ليس له أسرة تبحث عن حقه وتسأل عمن قتله.. أو تعطيه حق الدفن أو تقف في طوابير صرف التعويضات.
لقد ظل الجثمان أياماً يعاني من برودة ثلاجة المشرحة، منتظراً أن يأتي أحد ليسأل عنه أو يكشف عن سره.. وفي النهاية تعاطفت إحدي النساء مع هذا الشهيد وتقدمت بطلب إلي المشرحة لاستلام جثمانه لدفنه إلي جوار والدها في مقابر الأسرة، وبعد الموافقة علي طلبها هذا، سدل الستار أخيراً علي قصة هذا الشهيد المبتسم وبعد مرور أكثر من شهرين علي واحدة من أكثر قصص شهداء الثورة التي تحمل معاني القهر والألم.