رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خراب يا مصر فى عهد «مرسى»

بوابة الوفد الإلكترونية

200 يوم من توالى الانهيار الاقتصادى واشتعال لهيب أسعار جميع السلع فى موجات غلاء غير مسبوقة، وحالة ركود بسبب تحديات الشراء لدى غالبية المواطنين وشبح إفلاس يهدد الدولة رغم نفى الرئيس واتهامه من يروجون هذه «الحقيقة» بأنهم المفلسون.

عقد المصريون الآمال على رئيس ما بعد الثورة وحكومة قنديل التى أتى بها فى 24 يوليو الماضى، وظن الناس أن الحكومة بمباركة «رئيس الدولة» ستعكف على تنفيذ خطط وبرامج معدة مسبقاً للنهوض بأحوال البلاد الاقتصادية ليشعر المواطن حتى بمجرد بوادر انفراجة أزمة عاشها فى نظام مبارك وتفاقمت فى العامين اللاحقين على الثورة، خاصة فى فترة انتقالية هى الأصعب فى حياة المواطنين، وانتظر المصريون بوادر حل البطالة التى تلتهم أحلام 12 مليون عاطل ومنح فرص الحياة لفقراء يصل عددهم إلى أكثر من 25 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر و16 مليوناً تؤويهم 1221 منطقة عشوائية فى قبور وشروخ جبال وعشش صفيح ومخرات سيول.. لم يتغير شيء خلال 200 يوم من حكم الرئيس محمد مرسى.. الأحوال الاقتصادية ساءت، ومنابع الدخل القومى جفت ليصل عجز الموازنة فى الـ 16 شهراً الأخيرة فقط إلى 8 مليارات جنيه، وتوقع خبراء وصول العجز إلى 200 مليار فى نهاية السنة المالية.
فى مقابل ذلك، ارتفعت أسعار السلع، ووصلت فى بعض الأحيان إلى 150٪ فى انعكاس لانهيار الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، فضلاً عن سياسات نظام عجز عن تلبية احتياجات المواطنين وإنقاذ الاقتصاد المصرى من عثرته، ولم يجد أمامه سوى اجترار نظام مبارك الذى دأب على أسلوب الجباية ونهب المواطنين الغلابة فى فرض ضرائب ينوء بحملها شعب محمل أصلاً بأثقال جسام. ورغم أن العدالة الاجتماعية كانت رأس أهداف الثورة، إلا أن نظام الرئيس مرسى وجد أن الضرائب هى الحل، حتى لو كانت ضد هذه العدالة الاجتماعية، حيث يأتى القرار 102 لسنة 2012 بتعديلات قانون الضرائب، ثم يتم تأجيله «مؤقتاً» بسبب الاستفتاء على الدستور «الإخوانى».. ومن المنتظر تنفيذ القانون حرفياً وفقاً لتعليمات صندوق النقد الدولى مانح القرض المشروط والمثير للجدل.. وكان الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الباقى فى منصبه رغم أنف الجميع قد أكد فى بيانه الأول أن حكومته ستعمل على توفير الحياة الكريمة للمواطنين قائلاً: «إن حياة المواطن لن تتغير والبطون خاوية، إلا أن حكومة قنديل ونظام مرسى لم يجدا سوى قرض صندوق النقد الدولى الذى يقدر بـ 4.8 مليار دولار كحل للأزمة.. وتشمل تعديلات الضرائب اللازمة لمنح الصندوق فرض ضرائب قيمتها 50٪ على السجائر و150٪ على المعسل والدخان والخمور، وفى هذا إقرار بما كانوا يعتبرونه من قبيل الفسق.. وتشمل الضرائب الجديدة ضريبة دمغة على أرصدة التسهيلات الائتمانية والسلف بنسبة 4٪ فى الألف، وضرائب على تراخيص السيارات، بما يشعل أسعار المواصلات التى ارتفعت مسبقاً بسبب أزمة السولار والبنزين.
ويأتى على رأس كوارث الـ 200 يوم الضريبة العقارية التى لم يجرؤ نظام مبارك على تطبيقها، إلا أن نظام مرسى حدد أول يوليو القادم موعداً لتطبيق الضريبة مع تعديل بسيط، بحيث تخضع للضريبة كل وحدة تصل قيمتها الإيجارية إلى 24 ألف جنيه سنوياً.
ويأتى الغلاء من أهم «إنجازات» نظام الرئيس مرسى فى الـ 200 يوم لتشهد السلع الغذائية تزايداً ملحوظاً فى الأسعار حسب تقارير الغرف التجارية، وأهم الزيادات كانت فى أسعار زيوت الطعام بأنواعها بنسبة تتراوح بين 10 و30٪، ولأننا نستورد أكثر من 80٪ من المواد الغذائية لتغطية الاستهلاك المحلي، فإن موجة الغلاء فى ازدياد مستمر، وهو ما سبق أن حذرت منه شعبة البقالة والمواد التموينية، مؤكدة أن الزيادة فى الأسعار لن تقل عن 20٪ بنفس قيمة انخفاض الجنيه وارتفاع الدولار، ومن أهم السلع التى ارتفعت أسعارها ومن المتوقع أن تشهد المزيد من الارتفاع السكر والألبان والحبوب والدقيق، وفى الـ 200 يوم خرج البنك المركزى ليحذر من أن احتياطى النقد الأجنبى لشراء السلع الأساسية يكفى 93 يوماً فقط، إلا أن وزير التموين وقتها أكد أن هذا الكلام مجرد شائعات وأن مخزون القمح يكفى 6 أشهر، والسكر حتى فبراير القادم، وأن احتياطى زيت التموين مقداره 105 آلاف جنيه، والزيت الحر 155 ألفاً، والأرز 7 ملايين.
ولم يمض العام الأول من حكم الرئيس محمد مرسى حتى عانى المواطنون من ارتفاع شديد فى المرافق والخدمات، كان على رأسها الغاز والكهرباء التى زادت فى ديسمبر 2012 بنسبة 7.5٪، وهناك زيادة مماثلة من المقرر أن تطبق فى شهر يناير الحالى، وحتى الأدوية زادت أسعارها بنسب متفاوتة، وصحيح أن الزيادة لم تتعد قروشاً فى بعض الأصناف، إلا أن أصنافاً أخرى زادت للضعف، وأرجع المسئولون هذه الزيادة إلى توالى خسائر الشركات، فضلاً عن تداعيات ارتفاع الدولار فى مقابل انهيار الجنيه، بما أثر بشكل كبير على التغليف، ووصل إلى الأدوية وكثير من السلع الغذائية لنفس السبب.
ربما لا يعلم الكثير من المواطنين علاقة انهيار الاحتياطى النقدى وزيادة الدين وتفاصيل اقتصادية أخرى مرتبطة بحياة الناس وتتعلق بغلاء مستلزماتهم الأساسية، لكن تبقى الحقيقة المؤسفة أن مصر تمر بحالة اقتصادية فى غاية السوء، وارتفعت فيها الديون الخارجية إلى 34 مليار دولار، والديون المحلية إلى تريليون جنيه، ووصل سعر الجنيه إلى أدنى مستوياته فى الآونة الأخيرة، فى حين لم يزد على 580 قرشاً قبل الثورة وحتى فى أثنائها ولم يكسر حاجز الـ 6 جنيهات إلا بقروش قليلة، وزاد عجز الميزان التجارى إلى ما يقرب من 12 مليار دولار نتيجة زيادة الواردات وانخفاض الصادرات.
وذهبت وعود الرخاء أدراج الرياح.. وكان الدكتور هشام قنديل الذى أصر الرئيس مرسى على وجوده على رأس الحكومة بعد الاستفتاء على الدستور قد وعد بمشروعات استثمارية واتفاقات تجارية مع إيطاليا والصين بما يعادل أكثر من 200 مليار دولار.. ولم ير المصريون سوى مزيد من سوء الأحوال. وساءت أوضاع الزراعة والصناعة والاستثمار، ووصلت خسائر قطاع السياحة إلى 30 مليار دولار على مدى العامين الماضيين.
ووفقاً لتصريحات رئيس غرفة السياحة والسفر فإن خسائر قطاع السياحة أسبوعياً تبلغ 300 مليون دولار، منذ صدور الإعلان الدستورى فى الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر الماضى.
وأضاف أن السياحة المصرية خسرت موسم السياحة الشتوي، وأن نسبة الإشغال فى الغردقة وشرم الشيخ وصلت إلى 50٪، ويأتى ذلك فى ظل معاناة قطاع السياحة من أزمة السولار لاعتماد أتوبيسات السياحة عليه، ومع توالى تدهور قطاع السياحة أثر الوضع بشكل ملحوظ على العاملين بها، حتى إن 15٪ منهم فقدوا وظائفهم، وتعرضت نسبة كبيرة أخرى لتخفيض رواتبهم بسبب سوء الأوضاع.
أما قطاع الصناعة فقد تأثر بشكل بالغ ولم يشهد أى تطور منذ أن تولى الدكتور مرسى رئاسة

الجمهورية، بل وصلت خسائر القطاع إلى 20٪ بسبب انقطاع الكهرباء فقط فى المائة يوم الأولى بعد توليه الحكم.
وبسبب تراجع التصنيف الإنمائى لمصر وارتفاع نسبة الركود وتراجع الجنيه أمام الدولار استمر خسائر قطاع الغزل والنسيج، ولم يشهد خلال حكم الرئيس مرسى أى خطة لإنقاذ كبرى الصناعات المصرية، مما أدى إلى وصول نسبة توقف المصانع داخل القطاع إلى 40٪.
واستمرت كوارث قطاع الأعمال العام الذى لم تسع حكومة الإخوان ونظام مرسى لاتخاذ أى خطوة على طريق إنقاذ 400 ألف عامل المتبقين فى 9 شركات قابضة و151 شركة تابعة لها مازالت مملوكة للدولة وتعانى من الإهمال وتهددها المشاكل المالية بالتوقف رغم أن هذه الشركات ركن أساسى فى الاقتصاد المصرى الذى يحتاج إلى عناية مركزية، بل لجأ النظام الحالى لعقد اتفاقيات مع إيطاليا والصين، وتركت ما يقرب من نصف مليون عامل مصرى يواجهون التشرد وخراب البيوت.
وفى الـ 200 يوم الأولى من حكم الرئيس مرسى زادت أحوال الفلاحين سوءاً، رغم أنهم مصدر أهم السلع الغذائية والاستراتيجية، وبعد أن وعدهم الرئيس بشراء طن الأرز بـ 2000 جنيه اشترت وزارة التموين 500 ألف طن فقط بأسعار تراوحت بين 1450 و1600 جنيه، وتكدست 6 ملايين طن أرز شعير فى مخازن الفلاحين، كما واجه الفلاحون مشكلة تكدس القطن، حيث لم تتقدم الحكومة لشراء أقطان الموسم الحالى التى بلغت 2.8 مليون قنطار ولم تعمل على تسويق 900 ألف قنطار متراكمة من العام الماضى ولم تصرف الدعم المقرر ولم تضع الحكومة سياسة واضحة بشأن زراعة القمح، ولم تزرع سوى 40٪ من المساحة المخصصة، فى حين لم يجد الفلاح التقاوى الجيدة، ولم يتم تعميم الأصناف الجيدة واستخدام الفلاحين التقاوى المخزنة لديهم من الموسم السابق، فضلاً عن عدم حل مشكلة ديون الفلاحين التى أمر الرئيس بإسقاطها.
وبشكل عام، ووفقاً لرؤية الدكتور حمدى عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق فإن الأداء الاقتصادى ضعيف جداً فى نظام الرئيس مرسى وحكومته، وهناك مؤشرات عديدة على ذلك، أولها أن معدل النمو الاقتصادى لا يتعدى 2.2٪، رغم أنهم قالوا إنه 2.6٪ طبقاً لبيانات شهر سبتمبر، والواقع أنه منخفض وتراجع عن السنة الماضية وقبل الثورة، وهو أقل مما تم إعلانه فى البرنامج الانتخابى للرئيس عندما ذكر أنه فى نهاية السنة الأولى 2012 من المفترض أن يكون 4٪ لم يتحقق نصف هذه النسبة.
وأشار البيان إلى أن معدل البطالة سينخفض إلى النصف، لكنه زاد بسبب إهمال الاستثمارين الداخلى والخارجى.
وهناك مؤشر آخر يتبلور فى قضية الديون التى زادت من نهاية يونيو فى بداية حكم «مرسي» بشكل غير مسبوق وتجاوزت 1.3 تريليون دينى داخلى فقط، ولم تدخل فيه ديون الهيئات الاقتصادية وبنك الاستثمار القومي، لو وضعناها فى الاعتبار لوصل لأكثر من 100٪ من الإنتاج المحلى.
أما الدين الخارجى فإنه انخفض 33 ملياراً قبل تولى الدكتور مرسى الحكم، وارتفع حالياً 35 مليار دولار.
وتبقى مشكلة غلاء الأسعار بشكل غير طبيعى مؤثراً على سوء الأداء بسبب سياسات حكومية تفرض ضرائب مبيعات وترفع أسعار المياه والكهرباء والطاقة والبنزين والأدوية حيث زادت أسعار 39 صنفاً جملة واحدة.
ثم يأتى مؤشر العملة، حيث ارتفع الدولار مقابل الجنيه بشكل غير مسبوق، واقترب من 6 جنيهات و60 قرشاً.
أما العجز فى ميزان المدفوعات فقد تجاوز الـ 18 مليار دولار، وقد يصل عجز الموازنة إلى 200 مليار جنيه، وهو رقم لم يحدث من قبل، مما ينذر بموجة أخرى من ارتفاع الأسعار فى الفترة القادمة، مع الأخذ فى الاعتبار أن البعد الاجتماعى مازال متدنياً والأعباء تزيد على الفقراء ومحدودى الدخل، مع انخفاض معاشات الضمان الاجتماعى وعدم تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، ويبدو أن هناك من يعطله.
سألت الدكتور حمدى عبدالعظيم عن حقيقة قضية الإفلاس التى ثار حولها الجدل فقال: الإفلاس بالمعنى التجارى هو العجز عن سداد الديون، والنظام يقول إنه قادر على دفع الديون فى ميعادها، أى أن النظام يأخذ من الودائع ويسدد منها الديون، ويعتبر هذا حلاً وهمياً، لكنه يمنع إعلان الإفلاس. والإفلاس بالمعنى الأوسع يعنى أنه سيأتى وقت لا تستطيع فيه شراء احتياجاتنا، وكان هذا وارداً، لكن رفع «قطر» المساعدات إلى 5 مليارات، رفع بالتالى الاحتياطى فى البنك المركزى وهذا أيضاً حل وهمي للأزمة.. ويضيف الدكتور عبدالعظيم أن النظام الحالى يسخر كل الجهود للقضايا والصراع السياسى فى حين أن الملف الاقتصادى مازال مغلقاً فى نظام الدكتور محمد مرسى.