رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دستور الثورة يتشح بالسواد ويتلطخ بالدماء

بوابة الوفد الإلكترونية

مازالت تتوالى ردود أفعال غاضبة فى الأوساط السياسية لإصرار الرئيس مرسى وجماعته علي تمرير مشروع الدستور الذى وصفه خبراء السياسة والقانون ونشطاء بأنه كارثى ومشوه ويكرس عهداً جديداً من عهود الاستبداد والديكتاتورية

وبالرغم من موجات الغضب المتواصلة لفئة كبيرة من الشعب المصرى فإن الرئيس الذى جاء بانتخابات حرة نزيهة لأول مرة فى تاريخ مصر شهدها لها العالم بأكملة لتعطش الشعب المصرى لعصر جديد من الديمقراطية سلبت منه خلال عهود استبدادية مضت الا انه يبدو ان الشعب المسكين سيظل راكداً فى بركة من الظلم والقهر خاصة فى ظل نظام جاء فجأة من جحور الظلام كانوا يسكنونها بالامر من مبارك ونظامه فخرجوا الى النور ليضحوا بالغالى والنفيس فى مرحلة جديدة من القهر باسم نصرة الاسلام على ارض مصر، فجاء الرئيس مرسى ليستعطفه الجميع من خلال خطاباته ذات الصبغة الدينية التى يرق لها قلب الكافر ليصدم الشعب بعد شهور من الثقة بأن الرئيس الذى وثق به الجميع خطط هو وجماعته ليس فقط السيطرة على كل مؤسسات الدولة بل الشروع فى دستور جديد لمصر يحكم قبضتهم لأجيال قادمة، ومن هنا جاء تحذير الخبراء المتخصصين من ضرورة رفض مشروع الدستور وسرعة انقاذ الشعب المطحون من مؤامرة جديدة عليه من الاخوان المسلمين بعد الحزب الوطنى.
فى البداية يقول حسين عبد الرازق، عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع، إن الرئيس محمد مرسي لا يملك السلطة التأسيسية، وإنما يملك السلطة التنفيذية، وبالتالي لا يحق له إصدار إعلانات دستورية، واصفاً الإعلان الدستوري الجديد بـ«الباطل».  مضيفا أن مرسي تحاور مع تيار الإسلام السياسي الذي يؤيده من البداية، في الوقت الذي قاطعت فيه القوى المدنية الحوار.
وأعلن عبد الرازق رفض حزب التجمع للإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد، مبررا ذلك بأنه يؤسس لدولة دينية استبدادية، ويعتدي على السلطة القضائية، ودعا القيادي بحزب التجمع الشعب المصري إلى مواصلة التظاهر والاحتجاج السلمي بهدف إسقاط الإعلان الدستوري، وتصعيد تلك الاحتجاجات حتى تصل إلى الإضراب والعصيان المدني.
وأضاف مجدى عبدالحميد المحامى والناشط الحقوقى انه بالإشارة إلى اتساع الهوة بين قوى المجتمع المدني والقوي الليبرالية من جهة وبين جماعات الإسلام السياسي من جهة أخرى، والتي وصفها بالدفع بالتأسيسية في اتجاه التأسيس لدولة دينية بل ودولة استبدادية، محذرًا من تسويق هذا الخلاف على اعتباره خلافاً بين مجموعة من الكفرة العلمانيين وبين حماة الدين على غرار ما حدث في الاستفتاء على الإعلان الدستوري في 2011. وأكد عبد الحميد أن الخلاف أعمق وأخطر، وأبعد من كونه خلافاً حول الدين وعلاقته بالدولة، وإنما هو خلاف يمتد لنظام الحكم، والحقوق الاجتماعية والسياسية وحقوق الإنسان بشكل عام، هو خلاف على دستور من المفترض أن يعبر عن روح الثورة ويلبي مطالبها، العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وعرف وحيد عبد المجيد، الخبير السياسى الدستور بأنه وثيقة قانونية ينبغي أن يتوافر فيها أمران، الأول هو التوافق العام في المجتمع بمختلف انتماءاته السياسية وطبقاته الاجتماعية والاقتصادية، والأمر الثاني أن يحمي حقوق الضعفاء، ويتضمن ضمانات واضحة لحقوقهم لوضع حد لانتهاكات الأقوياء، سواء كانوا أغلبية سياسية، أغلبية دينية، الأثرياء، أصحاب النفوذ السياسي..الخ، مشددًا على أن الدستور ليس كتاب قانون أو كتاب دين كما يظن البعض، وإنما هو كتاب لحماية الحقوق والحريات الأساسية وبصفة خاصة حماية حقوق الضعفاء.
وفي هذا السياق، حذر عبد المجيد من مجموعة من النصوص الواردة في الدستور والتي تمثل نقاط سوداء تفتح الباب للصراعات المجتمعية وتُفرغ الدستور من معناه كوثيقة لحماية المجتمع. من هذه المواد ما يفتح الباب لجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لفرض سيطرتها على المواطنين بحصانة دستورية تُعطي الحق لجماعات من «المجتمع» بالمشاركة في حماية الآداب والأخلاق العامة، وكذلك الإصرار على رفض أي نص يشير إلى التنوع الثقافي والاجتماعي في المجتمع المصري والتشبث الشديد بفكرة الوحدة الثقافية لفئات المجتمع، في إنكارٍ فج للآخر أيًا كان انتماؤه الديني أو الثقافي أو الأيديولوجي.
ناهيك عن تهميش الفئات الأكثر احتياجًا للحصانة الدستورية مثل الفلاحين والعمال، حيث يرفض الإسلاميون وضع ضمانات بسيطة لحقوق الفلاحين الفقراء من تعسف بنك الائتمان الزراعي وسياساته الزراعية، أو فرض أية مسئوليات على الدولة لحماية المزارعين وقيامها بدورها في توفير السماد أو تسويق المحاصيل وغيرها من المهام. كذلك لم ترد أية إشارة للعمال إلا في مادة واحدة من خمسة أسطر، بها أربع إحالات للقانون، ولا علاقة لها بقانون العمل ولا بمسألة الجور أو تحديد ساعات العمل أو حماية العامل من تعسف أصحاب رأس المال، مؤكدًا أن الجمعية التأسيسية الحالية فقدت شرعيتها لأنها لم تعد ممثلة للمجتمع، ودستورها لا يعبر عن المجتمع ولا يحقق الأهداف المفترض أن يحققها الدستور.
وأكد عبد المجيد قائلاً إن «معركة وضعية الشريعة في الدستور معركة مفتعلة لا محل لها في مناقشات تستهدف وضع دستور يمثل وثيقة قانونية بالأساس، كما أن الشريعة حاضرة في القوانين والممارسات حتى من قبل إضافة المادة الثانية للدستور، وقبل وصول الإسلاميين للحكم». وأضاف عبد المجيد: «هذه المعركة تستهدف تزييف الوعي، وتسويق قضية الدستور على اعتبارها معركة من أجل نصرة الشريعة وهي في الحقيقة معركة سياسية وضيعة، بل هي معركة انتخابية بالأساس»، مؤكدًا أن القوى الإسلامية تتعامل مع الدستور على اعتباره حلبة انتخابية تنافسية تكسبهم كتلا تصويتية تحت دعوى كونهم حماة الدين.
وأضاف عمرو حمزاوي استاذ العلوم السياسية لتلك المواد، ما أطلق عليه باب الاستبداد الرئاسي وهندسة النظام السياسي «الباب السادس»، حيث يعطي الدستور لرئيس الجمهورية حق تجاوز السلطات الثلاث في الدولة، كما يعطي له حق حل البرلمان، وكذلك تمرير ما يروق له من اتفاقيات دولية «سيادية» بأغلبية برلمانية (50% +1) متجاهلاً رفض نصف البرلمان تقريبًا، رغم أن مثل هذه القرارات تحتاج في معظم دساتير العالم لأغلبية الثلثين. كما يؤسس هذا الباب، لاستمرارية الوضع الاستثنائي لمنظومة القوات المسلحة، ويُقلِّص من صلاحية البرلمان في هذا الصدد. هذا بالإضافة إلى إعطاء رئيس الجمهورية حق تعيين رؤساء كافة الجهات الرقابية في الدولة والمفترض أن تراقب الرئيس، ما يعطي مؤسسة الرئاسة وضعًا استثنائيًا.
كما أكد حمزاوي أيضًا خطورة اللغة الأخلاقية المُقحمة في الدستور، قائلا «لا أعلم كيف أطلب من الدولة بكيانها الاعتباري واجبات أخلاقية مثل صيانة الأخلاق أو احترام الآداب، وأصنع من أصحاب النفوذ الاجتماعي والسياسي أوصياء على المواطنين، بينما في الوقت نفسه أطرح مواد دستورية تضفي شرعية على عمالة الأطفال وتتعدى على حقوق النساء وتنكر حقوق العمال والفلاحين».
وقد أرجع عمرو حمزاوي ذلك إلى تشكيل الجمعية من الأساس، والذي طغى عليه المكون الحزبي ليس فقط من جانب الأحزاب الإسلامية وإنما كل التيارات، الأمر الذي اعتبره حمزاوي سببًا في تحويل قضية الدستور إلى معركة انتخابية يحكمها الولاء الحزبي وتحدد أهدافها ومساراتها الكتل التصويتية. هذا بالإضافة إلي ما أطلق عليه سياسية «التأميم والاحتكار»، حيث تم حصر تمثيل المواطنين في النقابات، والمسيحيين في الكنائس، والنساء والأطفال في الاتحادات القومية، وغيرها من مظاهر الإقصاء والاحتكار. أما المشكلة الثالثة بحسب حمزاوي فكانت غياب صيغة واضحة لإجراءات إدارة جلسات التأسيسية بما يفتح المجال لإدارة العمل عبر قنوات داخل الجمعية، والإجراءات غير الشفافة وغير الديمقراطية.
من جانبه رفض معتز الفجيري والباحث بالدراسات الشرقية والافريقية من الأساس وجود مادة عن الشريعة الإسلامية في الدستور، معللاً ذلك بما تفتحه هذه المادة من أبواب للصراع حول أحكام الفقه والتفاسير والاجتهادات التي هي نتاج تفاعلات اجتماعية طويلة ومحل اختلاف العلماء والفقهاء، ولا تعد بأي حال نصاً سماوياً وإنما نتاج اجتهاد بشري، قائلاً «إننا ندرس في كليات الحقوق أحكام الفقه ولكننا لا نهتم بدراسة التفاعلات

الاجتماعية وتوازنات القوى والخلافات في التفاسير والاجتهادات التي أنتجت هذه الفقه. كما أن الحاكم لا يتدخل في صنع الفقه وإنما ينفذ أحكامه، فإذا أصبح الحاكم هو الفقيه والمفسر لصنع له أحكاماً تؤسس لاستبداده، واختفت المعارضة وتلاشى الاختلاف، وصار من المستحيل أن يعارض أحد فقه الحاكم أو يختلف معه في التفسير والاجتهاد»، مشيرًا إلي أن الدولة الدينية لا تعني وجود رجال الدين في الحكم وإنما وجود رجال دين تُفسر النص، وتترك الأمر للحاكم.
وفي هذا الإطار شدد الفجيري على أنه وإن كانت الشريعة ليست بالضرورة منافية لحقوق الإنسان، فإن أحكام الفقه وتفسير الفقهاء للشريعة قد ينطوي على الكثير من الانتهاكات، ومقاصد الشريعة تخضع أيضًا للتفسير والاختلاف، لافتًا الانتباه إلى فكرة الميل للخيارات الفقهية الأكثر تشددًا رغم وجود خيارات أخرى أنسب للواقع، بما يكرس لنزعة محافظة، واحتمالية توظيف اختلاف الفقهاء لتحقيق مكاسب سياسية أو سلطوية. فقانون الأحوال الشخصية وأحكامه والتي من المفترض أنها تتوافق مع الشريعة الإسلامية تختلف تمامًا بين المغرب والسعودية وتونس ومصر، وجميعها بلاد مسلمة، مؤكدًا أن اختلاف القانون هو انعكاس لاختلاف الاجتهاد في فهم وتفسير الشريعة، رغم أن الدين واحد.
واكد الدكتور سمير تناغو استاذ الحقوق بجامعة الاسكندرية ان رئيس الجمهورية اغتصب السلطة التأسيسية التى لا يملكها، فأصدر ثلاثة دساتير تكميلية، الأول فى أغسطس 2012، الذى ألغى به الدستور التكميلى الذى أصدره المجلس العسكرى، والثانى فى 21 نوفمبر 2012 الذى أقال به النائب العام وحصن قراراته أمام القضاء، والثالث فى 8 ديسمبر 2012 الذى ألغى به الدستور التكميلى الثانى خضوعاً لثورة الشعب، ونص فى الدستور التكميلى الثالث على تحصينه من رقابة القضاء أيضاً. متعجبا من اغتصابة السلطة التأسيسية وإصدار ثلاثة دساتير تكميلية لا تخضع لرقابة القضاء و ادعى مستشاروه القانونيون، أنه يعجز تماماً عن تعديل ميعاد الاستفتاء، حتى لا يخالف الدستور التكميلى الصادر فى مارس 2011. وهذه حجة قانونية فاسدة، يخجل من قولها أى رجل قانون صغير. فما بالك بكبار رجال القانون. مشيرا إلي ان أول من تمسك بهذه الحجة القانونية الفاسدة هو المستشار محمود مكى فى مؤتمره الصحفى الذى قال فيه إن الرئيس على استعداد لتأجيل ميعاد الاستفتاء ولكنه يخشى الطعن فى هذا القرار لأنه يخالف الدستور التكميلى الصادر فى مارس 2011.  وان هذا يدل على أن النية كانت مبيتة لإجراء الاستفتاء فى ميعاده دون تأجيل.
وتأكدت هذه النية المبيتة بما قاله الدكتور محمد سليم العوا، فى المؤتمر الصحفى بعد جلسة الحوار، من أن جميع المشاركين أجمعوا على أن رئيس الجمهورية لا يملك مخالفة الميعاد المنصوص عليه فى الدستور التكميلى فى مارس 2011، لأنه ميعاد ملزم وليس ميعاداً تنظيمياً. الآن فقط رئيس الجمهورية لا يملك ولا يستطيع، بعد أن ملك وتّملك واغتصب السلطة التأسيسية ثلاث مرات مشيرا بقولة إلي أنه يحترم كثيراً ثلاثة من كبار رجال القانون، قيل إنهم اشتركوا فى إعداد الدستور التكميلى الثالث، هم الأستاذ الدكتور ثروت بدوى، والأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والأستاذ الدكتور محمد سليم العوا. وأنا أطالبهم باسم الزمالة القانونية، وباسم سمعتهم القانونية، وأمانتهم العلمية، أن يقولوا للشعب، إن الرئيس الذى اغتصب السلطة التأسيسية ثلاث مرات، لا يعجز عن تأجيل ميعاد الاستفتاء من أجل سلامة المجتمع والوفاق الوطنى.
ومن جهتة شن الدكتور جابر جاد نصار استاذ القانون الدستورى بحقوق القاهرة هجوما عنيفا على الدستور الجديد المقرر الاستفتاء عليه السبت القادم واصفه بانه اكبر ظاهرة كارثية مرت بها مصر لتكريس الاستبداد والديكتاتورية التى مهما تغيرت وتعدلت نصوصها فانها ستظل باطلة لبعدها عن التوافق الاجتماعى مؤكدا ان الدستور الجديد جاء لترويج مؤامرة سوف تشهدها مصر فى المرحلة المقبلة من فصيل سياسي خطف ثورة يناير والتف عليها.
وتعجب نصار من موقف الرئاسة تجاه الاوضاع الراهنة التى تمر بها مصر وحالة الاضطراب بسبب الاعتراض على مسودة الدستور فى الوقت الذى يصر فيه الرئيس مرسى دون مجادلة فى تمرير المسودة الحالية للدستور بالرغم من عيوبها التى اتفقت عليها معظم القوى السياسية متعجبا من تحصينها بعدم الطعن عليها مؤكدا ان النظام الاخوانى يريد التملص من الرقابة على القوانين بوجود مواد بالدستور غير مبررة وانتقامية وجدت لاهداف سياسية وجاء ذلك واضحا من نسف المحكمة الدستورية واجهاض مواد خاصة بالحقوق والحريات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مؤكدا ان هناك مؤامرة تم تدبيرها من التيار الاسلامى لسلق العديد من المواد المتعلقة بالحريات العامة وجاء ذلك من خلال التلاعب بنصوص من الدستور كانت قد حظيت بالموافقة اثناء مناقشات مواد الدستور من أعضاء التاسيسية بالاجماع الا اننا فوجئنا بان كل نصوص الدستور تغيرت تماما وتم نسفها وليست هى المتفق عليها مؤكدا ان هناك ايادى خفية عبثت بدستور مصر لفرض هوية لتطويعه باهداف سياسية.
واضاف نصار ان هناك نسفاً تاماً للمواد المتعلقة بالحقوق والحريات وغير ملزمة ايضا للحكومة بحمايتها وجاء ذلك واضحا فى المواد 15 و16 و76 والباب المتعلق بحرية الرأى والتعبير وباب النقابات والجمعيات ووضع القوات المسلحة والقضاء العسكرى والاشكايات المتعلقة بهم.