عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

انهيار صناعة النسيج


كارثة جديدة ضربت صناعة الغزل والنسيج، يعتبرها القائمون علي هذه الصناعة، بأنها خراب وإفلاس وخروج من السوق، بعدها ارتفع سعر القطن بنسبة 100٪ والغزول 25٪، نتيجة لسياسات الحكومة الخاطئة والمتكررة منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وتحديدًا منذ صدور القانون رقم 203 لسنة 1991، وتحرير تجارة القطن عام 1995، ورغم كل المناقشات والاستجوابات التي قدمت في البرلمان، ومحاولات الوصول إلي آلية لإنقاذ تلك الصناعة، التي يعمل فيها ما يقرب من مليون عامل، من الخراب، إلا أن الكارثة عجلت بهذا الخراب، والدمار أصبح علي أبواب المصانع، والإفلاس لا محال منه للشركات العاملة في قطاع الغزل والنسيج - حسب رواد هذا القطاع - الذين مازالوا يصرخون من النقص الشديد في الأقطان والغزول، خاصة بعد الارتفاع الشديد في الأقطان والغزول، خاصة بعد الارتفاع الجنوني في أسعارها.

تفاصيل الأزمة الأخيرة وتأثيرها في انهيار تلك الصناعة، وكيفية الخروج من الأزمة، نطرحها في هذا الملف.

 

الأزمة الحالية لقطاع الغزل والنسيج، ليست مثل الأزمات السابقة، التي ضربت هذا القطاع من قبل، لأن الأزمة هذه المرة يعتبرها رواد تلك الصناعة والقائمون علي أمرها، أزمة خراب وإفلاس وخروج من السوق، فهناك نقص شديد من الأقطان اللازمة لصناعة الغزول، يتزامن معها نقص شديد في الغزول اللازمة لصناعة النسيج نتيجة الزيادة العالمية في أسعار القطن، والتي وصلت إلي 100٪، والغزول إلي 25٪ تسببت في ارتفاع حدة الأزمة واحتقانها داخل المصانع المصرية المنتجة للغزول والملابس الجاهزة، حيث تعاني المصانع المنتجة للغزول المستوردة من الهند وباكستان، والتي تصل نسبة استيرادها إلي حوالي 80٪، من إجمالي النسبة المستخدمة من الغزول في المصانع المحلية.

 

خراب وتوقف

أصحاب المصانع كشفوا أن مصر أصبح لا توجد فيها قوة إنتاجية من الغزول تكفي احتياجات المصانع، حتي أنهم لا يجدون الأقطان أو الغزول، إلا بأسعار باهظة تتغير لأعلي كل يوم، ما جعل مصانعهم وبكل موضوعية علي وشك التوقف وإعلان إفلاسها، إلا لو تدخلت الدولة بقوة وبسرعة، وبآليات غير مسبوقة، لإنقاذ هذه الصناعة، من خراب وشيك، لن يطول انتظاره أكثر من عدة أسابيع.

وأضاف المهندس أحمد الملاح صاحب أحد مصانع الغزل والنسيج بشبرا الخيمة، إلي ما سبق من كلامه، وقال إنه في كل مرة تشتد الأزمة، تخرج علينا الحكومة بتصريحاتها ووعودها التي لا تنفذ، وهذه المرة يبدو أنها النهاية بحق لتلك الصناعة، فمنذ أكثر من 20 عاماً، ونحن نعاني الأمرين مع تلك الصناعة وتحديدًا منذ صدور القانون رقم 203 لسنة 1991 والذي عرف بقطاع الأعمال العام، وكان وراء الانهيار الحقيقي لتلك الصناعة، فالحكومة وعن عمد دمرت صناعة الغزل والنسيج، ففي الماضي وقبل صدور هذا القانون، كان هناك قطاع عام، وكنا نحن في القطاع الخاص نعمل بجانبه، وكانت الحياة مستمرة، والرزق وافراً، والعمالة تغني في عنابر الإنتاج، ولكن الآن اتحسر كلما نظرت إلي العمال، الذين ظلوا معي وتحملوا معي وتحملت معهم كل مآسي تلك الصناعة، ولكن الوضع هذه المرة سيئ بكل الأشكال، الماكينات توقفت، والغزول غير موجودة، وبوادر الانفراج غير ظاهرة في الأفق.

 

سياسة حكومية فاشلة

طه العشري صاحب أحد المصانع المغلقة، بشبر الخيمة. أكد أن الحكومة وسياساتها الخاطئة مرة بإصدار القانون رقم 203 لسنة 1991، ومرة بتحرير تجارة القطن عام 1995، دمرت الصناعة وخسر الجميع »الجلد والسقط«، ولم يستطع أحد منا الصمود، فانهارت معظم مصانعنا واستثماراتنا وأغلقنا مصانعنا وسرحنا عمالنا.. والحكومة وحدها هي المسئولة عن هذا الخراب، الذي لحق بتلك الصناعة التي كانت إحدي قلاع النهضة المصرية في الستينيات، لتصبح الآن من قلاع الخراب في التسعينيات والألفية الثالثة، بحزمة قراراتها التي اتخذتها بتحرير تجارة القطن عام 1995، ووصولاً لإقرارات خفض الجمارك علي الغزول والأقمشة المستوردة، ما أدي إلي غرق الأسواق بالسلع الآسيوية والدول المجاورة، والتي تمتعت بتلك الانخفاضات، وأحياناً الإعفاءات الجمركية، وأفقدت عمليات تهريب الملابس الجاهزة والبضائع من الأسواق الخارجية حاجاتها إلي الغزول والأنسجة والمنسوجات المصرية، والاهتمام بها بدلاً من الاهتمام بأقطان التصدير ويجب إعادة النظر في قرارات خفض الجمارك والإعفاءات الجمركية لبعض الغزول.

 

الأسعار.. نار

المهندس صالح إبراهيم، صاحب أحد المصانع الخاصة التي مازالت تعمل وتقاوم الانهيار، ولديه 400 عامل مقسمين علي وحدتين للتشغيل، قال إن مشكلة نقص الغزول حالياً، تهدد المصنع بالتوقف، حيث ارتفعت الأسعار بشكل خرافي، رغم أن أسعار توريد النسيج لمصانع الملابس ثابتة ولم تتحرك وفقًا للاتفاقيات المبرمة بيننا وبين تلك المصانع، وبالتالي تصبح الخسارة كبيرة

علي أصحاب مصانع النسيج، أضف إلي ذلك، أن مشكلة تهريب الأقمشة المستوردة هي المسئولة عن انهيار الصناعة في مصر، وحمل الحكومة مسئولية وضع العراقيل والعقبات أمام المستثمرين المصريين.

وأكد طاهر مصطفي، صاحب أحد المصانع المغلقة، أن ارتفاع تكلفة الطاقة والمياه والصرف، والأزمة المالية العالمية السابقة، كانت وراء غلقه لمصنعه وتسريح عمالته.

وقال إنه يشعر بالحزن والأسي كلما تدهورت هذه الصناعة يوماً بعد يوم للحضيض، وهناك مصانع علي وشك الإغلاق نتيجة الارتفاعات المهولة في مدخلات الإنتاج، وعدم وجود عوائد تجزي تلك الصناعة، وأن هناك ضعفاً للتشابك والتكامل الرأسي لمدخلات الإنتاج، وعدم كفاءة نظم التوريد والتصدير والتسويق وانتشار التهريب، وعدم الالتزام بقواعد المنشأة، وعدم مواكبة التطورات العالمية في مجال التصميم، وكلها عوامل مهمة ومتدرجة ومتلاحقة، تقف وراء الانهيارات المتلاحقة لانهيار قلاع تلك الصناعة.

وقف حال

الواقع بالنسبة للعمال في قطاع الغزل والنسيج هو الأسوأ والأكثر ظلامًا، ويراها هؤلاء العمال الأكثر مهانة وإهدارًا للحقوق وعدم صرف المستحقات، وانعدام الرعاية الصحية والتأمينات.. هذا هو الواقع، أو الصندوق الأسود الذي يحمل أسراراً وآهات عمال قطاع النسيج الخاص.. فصرخات عمال القطاع الخاص للغزل والنسيج داخل صدورهم تكاد تنفجر من سوء الأحوال، وعجزهم عن سد جوع أطفالهم، وارتفاع أسعار كل مستلزمات الحياة، فتدني الأجور والمرتبات وطول ساعات العمل، وعدم وجود رعاية صحية ولا تأمينات ولا لجان نقابية تدافع عن حقوقهم، وعدم صرفهم لمنح المناسبات، والعلاوات الاجتماعية التي تقرها الدولة، التي إن صرفت فإنها تكون أقل بكثير مما تحدده الدولة، وأخيرًا تخفيض المرتبات إلي أكثر من النصف.

الأزمة الأخيرة وارتفاع أسعار الأقطان والغزول، قد تكون تمهيدًا جديدًا لوقف المرتبات وتسريحنا.. بهذه الكلمات تحدث جمال كامل، عامل بمصنع غزل ونسيج بشبرا الخيمة منذ 30 عامًا، عن أيام الرخاء والهناء.. في السبعينيات، وأيام الهم والغم والانهيار في التسعينيات، وبداية الألفية الثالثة.

محمود عيسوي عامل نسيج.. أضاف: أننا مهددون بالطرد والتسريح في أي وقت، وصاحب العمل يكافح من أجل استمرارنا، ولكن الظروف والانهيار ضده، ونرجو من الحكومة التدخل لإنقاذنا وإنقاذ مستقبل أطفالنا من الجوع.

إسماعيل طاهر قال: رحم الله زمناً وعصراً كان العامل والفلاح المصري فيه، عصب هذه الدولة، وزمام أمرها وقوتها أمام العالم، والآن أصبحنا فرجة للعالم كله، ونحن تخرب بيوتنا ويشرد أولادنا بفعل قرارات وسياسات حكومتنا الغراء.. ماذا نفعل.. نحن في انتظار غلق مصانعنا بين لحظة وأخري وربنا هو المنتقم من كل من يلعب بأرزاقنا وأرزاق أولادنا.

وعوض مصطفي، أكد أن الحكومة فرطت في حقوق العمال وجعلتهم لقمة سهلة في أفواه الكبار من أجل مصالحهم، وليس مصالحنا.. عليه العوض ومنه العوض.

400 مصنع فقط

وفقًا لتقارير النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج، أنه كان يوجد 1600 مصنع غزل ونسيج في شبرا الخيمة، منذ نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، وانخفض العدد إلي 400 مصنع فقط، ما يعني أنه تم إغلاق أكثر من ثلثي عدد المصانع العاملة نظراً للانهيارات المتلاحقة منذ بداية التسعينيات وحتي الآن.