رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أدلة علي تورط‮ مجهولين‮ ‬في اغتيال السادات



فتح اتهام رقية أنور السادات‮ ‬الرئيس السابق حسني مبارك بالتخطيط والمشاركة في اغتيال والدها أنور السادات كاد‮ ‬يغلق بعد ساعات من خروج آخر من تورطوا في هذه الجريمة من السجن،‮ ‬ونعني عبود وطارق الزمر‮..‬

الاتهام الذي تضمنه بلاغ‮ ‬للنائب العام تقدم به سمير صبري محامي رقية السادات استند إلي تصريحات حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق،‮ ‬قال فيها إن السادات اغتيل برصاص اطلق عليه من داخل المنصة وليس من خارجها كما جرت عليه سياق المحاكمة‮.. ‬لتتداعي من جديد علامات الاستفهام حول حادث المنصة المثير بعد ثلاثين عاماً‮.‬

ليست مفاجأة أن رصاصات قتل السادات أصابته من الخلف ومن جواره فهذا ما أكده التقرير الطبي الذي تمت صياغته عقب تشريح الجثة مباشرة‮.. ‬كما سبق أن نشر شوقي خالد محامي خالد الاسلامبولي أول المتهمين في قضية الاغتيال،‮ ‬والوثائق الدالة علي وجود قاتل مجهول داخل المنصة في كتاب بعنوان‮ "‬محاكمة فرعون‮" ‬عام‮ ‬1986‭.‬‮. ‬لكن الكتاب تعرض للمصادرة والمنع والتعتيم الكامل‮. ‬

في التفاصيل مزيد من دواعي إثارة الشكوك والشبهات حول حقيقة ما جري في المنصة‮ ‬يوم الثلاثاء‮ ‬6‮ ‬أكتوبر‮ ‬81‭.‬

خلال العرض العسكري في ذكري الانتصار توقفت إحدي عربات العرض وهبط منها شاب وألقي قنبلة قرب سور المنصة بينما ألقي جندي آخر قنبلة ثانية وانتصب جنديان ووجها بنادقهما الآلية نحو الرئيس الواقف لتحية قواته‮.. ‬ساد الهرج وفي أقل من دقيقة انتهت حياة السادات،‮ ‬وتم القبض علي ثلاثة من القتلة‮ ‬هم خالد الاسلامبولي وعبد الحميد عبد السلام وعطا طايل،‮ ‬أعقبه القبض علي حسين عباس فيما بعد‮.‬

التقرير الطبي الأول ـ الذي نشر خالد صورة منه في كتابه ـ قال‮: ‬نصا‮ "‬إن الرئيس وصل مستشفي القوات المسلحة بالمعادي في الواحدة والثلث ظهر الثلاثاء‮ ‬6‮ ‬أكتوبر وكان في‮ ‬غيبوبة كاملة،‮ ‬والنبض وضغط الدم‮ ‬غير محسوسين،‮ ‬وضربات القلب‮ ‬غير مسموعة،‮ ‬وحدقتا العين واسعتان ولا‮ ‬يوجد بهما استجابة للضوء‮.. ‬وأثبت فحص الجثة وجود فتحتي دخول في الجهة اليسري أسفل حلمة الثدي اليسري،‮ ‬ووجود جسم‮ ‬غريب محسوس تحت الجلد في الرقبة،‮ ‬بالإضافة إلي فتحة دخول أعلي الركبة اليسري من الأمام،‮ ‬وفتحة خروج بمؤخرة الفخذ اليسري وكسر مضاعف في الثلث الأسفل لعظمة الفخذ اليسري،‮ ‬ووجود جرح متهتك بالذراع اليمني من الامام أسفل المرفق‮".‬

وينتهي تقرير الطب الشرعي الي نتيجة صادمة وغريبة تقول إن الرصاصات التي أدت إلي مصرع السادات هي ثلاث‮: ‬الرصاصة الأولي أصابت جانب الصدر الأيسر واخترقت الصدر في الاتجاه من‮ ‬اليسار الي اليمين وميل كبير من ناحية القدمين إلي ناحية الرأس،‮ ‬والثانية أصاب مقذوفها مقدم الساعد الأيمن ونفذ من نفق تحت الجلد دون أن‮ ‬يحدث كسورا بالعظام‮.. ‬أما الرصاصة الثالثة فقد أصاب مقذوفها بوحشية خلف أسفل الفخذ الأيسر،‮ ‬ونفذ من مقدم الفخذ أعلي حافة الرضفة‮. ‬

لكن وفي‮ ‬10‮ ‬نوفمبر صدر تقرير ثان من الطب الشرعي حرره نفس الأطباء الذين كتبوا التقرير الأول قال"إن المقذوفات بالجسم أطلقت علي سيادته من‮ ‬يساره وخلفه وباتجاه من القدمين نحو الرأس‮".. ‬وفي تقرير ثالث بتاريخ‮ ‬19‮ ‬ديسمبر‮ ‬81‭.‬‮. ‬نقرأ‮ "‬الرصاصة التي أحدثت الوفاة حدثت من أسفل إلي اعلي كما‮ ‬يقطع بذلك مسار المقذوف‮". ‬

وطبقا لتحليل شوقي خالد محامي المتهمين باغتيال السادات،‮ ‬فإن المقصورة التي‮ ‬يقف عليها الرئيس تقع علي رصيف‮ ‬يرتفع عن أرضية الشارع بـ15‮ ‬سنتيمتر‮ ‬،‮ ‬وارتفاع السور من جهة الشارع‮ ‬150‮ ‬سنتيمترا،‮ ‬وطول الشخص العادي في المتوسط‮ ‬170‮ ‬سنتيمترا‮.. ‬معني ذلك بلا مواربة أن اتجاه الرصاص المنطلق من بندقية الواقف علي المنصة سيكون من اعلي الي اسفل وليس من أسفل الي اعلي كما أكدت التقارير الطبية‮.‬

إن ثلاث طلقات قتلت السادات وأحدثت ثلاثة جروح،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن تصور إطلاقها دفعة واحدة من سلاح واحد وإلا لكانت قوتها واحدة وفتحات دخولها متطابقة‮.. ‬وبالنسبة لإصابة الساعد ففتحة دخول المقذوف كانت باتساع سنتيمتر واحد،‮ ‬وفتحة الخروج علي بعد‮ ‬2‮ ‬سنتيمتر إلي اعلي من فتحة الدخول متساوية مع فتحة الدخول،‮ ‬وهو ما‮ ‬يستحيل حدوثه من البنادق الآلية المستخدمة مع المتهمين وهو نفس الحال بالنسبة للجرح الخامس للقتيل أسفل مؤخرة الفخذ اليسري‮. ‬

كذلك فإن لب الرصاصة المستخرج من جسد الرئيس،‮ ‬طبقا لتقرير الطب الشرعي،هو عبارة عن لب اسطواني مسلوب في جزئه العلوي علي هيئة نصف قمع‮ ‬،‮ ‬وهو لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون من ذات العيار المستخدم في بنادق المتهمين‮.‬

هذا التحليل الجنائي دفع محامي خالد الاسلامبولي ورفاقه إلي القول أمام المحكمة إن السادات لم‮ ‬يقتل بأسلحة المتهمين‮ ‬،‮ ‬وفيما‮ ‬يبدو"أنهم أطلقوا نارا علي جثة هامدة‮". ‬

لقد قتل في حادثة المنصة‮ ‬7‮ ‬أشخاص‮ ‬غير السادات وأصيب‮ ‬26‮ ‬آخرون،‮ ‬وضمت قائمة القتلي اللواء حسن علام،‮ ‬خلفان ناصر‮ "‬عماني الجنسية‮ " ‬والمهندس سمير حلمي ابراهيم و الأنبا صموئيل ومحمد‮ ‬يوسف رشوان وسعيد عبد الرءووف بكر وشانج لوي‮ "‬صيني الجنسية‮" .‬

ويذكر تقرير الطب الشرعي الخاص باللواء حسن علام أنه اطلق عليه عياران‮ ‬يتعذر تحديد نوع السلاح المطلق لهما‮.. ‬كما‮ ‬يذكر تقرير الطب الشرعي الخاص بجثة محمد رشوان أن إصابته نشأت عن رصاصة من عيار‮ ‬38‮ ‬من البوصة من أسلحة نارية قصيرة المدي وهو ما‮ ‬يعني ان اصابته لم تحدث نتيجة البنادق التي ضبطت مع الجناة‮.

واذا كانت الاستدلالات السابقة تؤكد وجود قتلة آخرين نفذوا اغتيال السادات وهو ما‮ ‬يشكل لغزا حتي الآن،‮ ‬فإن وجود شاهد ملك في قضية الاغتيال ظهر فجأة داخل المحكمة ثم اختفي فجاة أيضا دون أن‮ ‬يوجه له اهتمام‮ ‬يمثل لغزا أكبر‮.‬

وقصة ذلك الشاهد تقول باختصار إن‮ ‬يوم‮ ‬31‮ ‬اكتوبر‮ ‬81‮ ‬تقدم ضابط مهندس برتبة مقدم‮ ‬يدعي ممدوح أبو جبل للشهادة في قضية الاغتيال،‮ ‬وأكد أنه تعرف علي الملازم عطا طايل رحيل في سبتمبر‮ ‬1981‮ ‬وعرفه علي خالد الاسلامبولي ومحمد عبد السلام فرج وانضم معهم لتنظيم الجهاد‮ ‬وعلم منهم اعتزامهم اغتيال السادات وطلبوا منه إحضار إبر ضرب نار ففعل،‮ ‬لكنه أحضر لهم إبرا لا تعمل‮.‬

المثير في هذه القصة أنه جري اعتبار الرجل شاهد ملك ولم تتم توجيه أي تهمة إليه رغم اعترافه بالمشاركة فعليا في تدبير اغتيال رئيس الجمهورية،‮ ‬ثم اختفي بعد ذلك تماما ولايزال‮.‬

ما سبق عرضه‮ ‬يفتح مجالا للشك في قيام مجهولين ـ حتي الآن ـ من داخل المنصة بإطلاق الرصاص علي السادات لحظة المفاجأة التي أصابت الجميع عند انحراف عربة الاسلامبولي ورفاقه وإلقائهم قنابل للتخويف واطلاق رصاص لم‮ ‬يصب السادات‮.‬

فهل أقدم القتلة‮ "‬المجهولون‮" ‬علي اغتيال الرئيس لحساب شخص آخر أو نظام جديد كان‮ ‬يوشك أن‮ ‬يولد؟‮.. ‬ما تردد عن اعتزام السادات تعيين منصور حسن نائبا له بدلا من حسني مبارك عقب احتفالات أكتوبر وقتها،‮ ‬قد‮ ‬يجيب عن السؤال،‮ ‬حيث أن مصلحة واضحة لمبارك تشي بإمكان تورطه في هذه الجريمة رغبة في التخلص من السادات قبل خلاص الأخير منه‮. ‬

هناك تصور آخر‮ ‬يروج لإعداد عملية الاغتيال برمتها بالتعاون مع جهات أجنبية،‮ ‬ويتبني ذلك الرأي بعض من‮ ‬يعتبر وثيقة القرار الجمهوري الذي اتخذه حسني مبارك في نهاية اكتوبر‮ ‬81‮ ‬أي بعد ايام قليلة من تنصيبه رئيسا للجمهورية بمنح بعض المزايا للعسكريين الأمريكيين في مصر‮.. ‬وكان‮ ‬غريبا وقتها أن تنشر الوقائع المصرية ذلك القرار الذي حمل رقم‮ ‬166‮ ‬لسنة‮ ‬1981‮ ‬والمؤرخ في‮ ‬27‮ ‬اكتوبر،‮ ‬إذ‮ ‬ينص في مادته الأولي علي‮" ‬الموافقة علي اتفاقية المزايا والحصانات الممنوحة لأعضاء مكتب التعاون العسكري الأمريكي بالقاهرة و العسكريين الامريكيين العاملين في بعثات المهام الخاصة اثناء تواجدهم بالقاهرة‮". ‬

وقد جاءت اللحظة السانحة عندما علم مدبرو الاغتيال بأن هناك تنظيما داخل القوات المسلحة‮ ‬يهدف لقتل السادات،‮ ‬فسعوا لتسهيل مهمتهم وتوكيل فريق آخر لتأكيد تنفيذ المهمة‮.. ‬أبرز الشواهد علي هذا السيناريو ثلاثة‮: ‬الأول أن القناصة التابعين لحراسة الرئيس السادات تراجعوا الي الخلف وهو ما لم‮ ‬يحدث في العروض العسكرية السابقة‮.. ‬والثاني عدم تفتيش عربة خالد الاسلامبولي قبل دخول العرض علي النحو المتبع‮.. ‬والثالث تعطيل الدراجة البخارية خلال العرض قبل مرور عربة خالد حتي‮ ‬يضطر السائق للإبطاء فيسهل علي خالد ورفاقه القفز من السيارة‮. ‬

ما‮ ‬يضيف انزعاجا آخر للمشككين في حقيقة اغتيال السادات والمتورطين فيه،‮ ‬هو أن محاكمة خالد ورفاقه لم تستكمل ولم تجر بصورة تضمن العدالة،‮ ‬حيث أصرت المحكمة علي النطق بالحكم وانسحب الدفاع مجبرا،‮ ‬ليكتب أنيس منصور في مطلع أبريل‮ ‬82‮ ‬أن‮ "‬مصر ستحتفل بعيدين الجلاء عن سيناء،‮ ‬وتنفيذ حكم الإعدام في المتهمين بقتل السادات‮".. ‬وطلب الدفاع التحقيق مع منصور باعتباره‮ ‬يعلن حكما قبل صدوره لكن أحدا لم‮ ‬يلتفت لمطالبه وتم بالفعل تنفيذ حكم الإعدام في حسين عباس وخالد الاسلامبولي رميا بالرصاص وفي محمد عبد السلام فرج وعبد الحميد عبد السلام وعطا طايل شنقا في‮ ‬15‮ ‬أبريل‮ ‬1982‭.‬‮ ‬