رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشرعية بقرار جمهوري!

بوابة الوفد الإلكترونية

منذ أن أنشأها حسن البنا في مطلع عشرينيات القرن الماضي ووصفها بأنها جماعة إصلاحية شاملة تهدف لإمارة إسلامية جديدة ظلت جماعة الإخوان المسلمين موضع الجدال لكل الأنظمة

في كل مكان, ومع انتشار اسم الإخوان المسلمين في مصر كانت الجماعة دائماً المعارض السياسي القوي الذي وصل إلي 72 دولة في العالم العربي والإسلامي, لتصبح التنظيم العالمي رقم واحد بعد سقوط الشيوعية والذي أصبح  بفضل رياح الربيع العربي مسيطراً علي مقاليد حكم مصر.
وبعد أن كان أعضاؤه سجناء في معتقلات مبارك خرجوا ليعلنوا عن ثورة الإخوان, ويهيئوا مصر لتصبح علي مقاس الجماعة, ويصححوا أوضاعهم ليصبحوا النظام الجديد.
وكان أهم هذه الأوضاع الخاطئة ذلك الوضع القانوني للجماعة الذي دارت حوله الشبهات والشكوك علي مر تاريخها, منذ أن أصدر النقراشي باشا قراراً بحل الجماعة, وهو نفس ما كرره مجلس قيادة ثورة 23 يوليو وظل وضع الإخوان المسلمين مخالفاً للقانون طوال العقود الماضية وحتي الآن.
قبيل حل مجلس الشعب تقدم حزب «الحرية والعدالة» بمشروع لتعديل قانون الجمعيات الأهلية مصاحباً لخمسة مشروعات  أخري مقدمة من منظمات حكومية مختلفة ومن النائب السابق عمرو حمزاوي.
وكان الاختيار قد وقع علي المشروع المقدم من الإخوان ليتم العمل به بعد اعتماده من اللجان المختصة بالبرلمان لكن أتت الرياح بما لا تشتهيه سفن الإخوان فتوقف مشروع القانون بعد صدور حكم حل البرلمان.
وجاء فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهورية ليعيد إلي أذهان الجماعة الحلم الأبدي لها, وهو التخلي عن كلمة «المحظورة» التي لاصقتها في كل خطوة تخطوها، خاصة في بيانات وخطابات إعلام مبارك والحزب الوطني المنحل.
وشرعت الجماعة في التواصل مع الرئيس لإعادة إحياء القانون وتمريره لتستطيع توفيق وضعها القانوني وفق قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي صنعته أيديهم.
لكن وجود المجلس العسكري واحتكاره للسلطة التشريعية وقف حائلاً أمام مرسي بمجرد انتزاعه لصلاحياته كاملة واحتكاره السلطة التنفيذية والتشريعية في آن واحد عاد الحلم ليداعب خيال الإخوان وبدأت الأخبار تتردد حول سعي الرئيس لإصدار ذلك القانون مع عدة قوانين أخري خلال الفترة المقبلة, خاصة بعد إصدار مرسوماً بقانون يلغي الحبس الاحتياطي للصحفيين في قضايا النشر وأثبت بذلك المرسوم قدرته علي سن القوانين واستخدام سلطته التشريعية بحرية كاملة.
وتسعي الجماعة إلي سن القانون الجديد للهروب من الدعوات والأصوات التي شككت في وضعها القانوني, حيث إن الجماعة منذ ثورة يوليو وحتي الآن ليس لها أي وجود رسمي وقانوني وهو ما يؤرق الجماعة، خاصة بعد أن رفع أحد المحامين دعوي قضائية تطالب بحظر استخدام اسم «جماعة الاخوان المسلمين», وتجميد كافة أنشطتها وحساباتها المصرفية وإغلاق جميع مقارها بالقاهرة والمحافظات, ورفع اللافتات المكتوب عليها «مقر جماعة الإخوان المسلمين», وحظر استخدام هذا الاسم بكافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لممارستها للعمل العام دون ترخيص من وزارة الشئون الاجتماعية التي كانت تفرض قيودها علي الجمعيات الأهلية وتضيق الخناق عليها من خلال قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002.. فالقانون يشترط علي أي جمعية أو مؤسسة أهلية أن تقدم إلي وزارة الشئون الاجتماعية محضراً لاجتماعها التأسيسي ويتضمن جميع أسماء الأعضاء المؤسسين, بجانب النظام الأساسي لها, ومواردها, وطريقة الحصول عليها, وكيفية استغلالها والتصرف فيها, وهو ما لم يستطع الإخوان إظهاره للأنظمة المختلفة  نتيجة الصراع الدائم بينهم وبين السلطة وحفاظهم التام علي سرية تنظيم الجماعة وتفاصيل العمل بها.
وبعد أن انقلبت الآية وأصبح الإخوان يمسكون مقاليد السلطة، فقد وجدوا الفرصة سانحة لهم لتفصيل قانون للجمعيات الأهلية يجعلهم يعملون بحرية وبشكل قانوني, ليتخلصوا من الصداع المزمن في رأسهم والذي يتمثل في موقف الجماعة القانوني.
وفيما يعد تأكيداً علي رغبة الإخوان في الاستمرار بالعمل السياسي, نصت المادة التاسعة من الفصل الثاني من الباب الأول في مشروع القانون علي أن «الجمعيات تعمل علي تحقيق أغراضها في ميادين الرعاية الاجتماعية والتنمية وتنوير المجتمع في الجوانب السياسية والثقافية والدينية والعلمية والفكرية».
ولتسهيل العمل بين تنظيم الإخوان العالمي دون قيود تحكمه نصت المادة 11 من الفصل نفسه علي أنه «يجوز للجمعية أن تمارس نشاطاً لا يتنافي مع أغراضها بالتعاون مع جمعية أو هيئة أومنظمة أجنبية, بشرط إخطار الجهة الإدارية والاتحاد الإقليمي».
ونصت المادة 12 علي أنه «يجوز لأي جمعية أن تحصل علي أموال من الخارج سواء من شخص مصري أو أجنبي أو من جهة أجنبية أو من يمثلها في الداخل, وأن ترسل أموالا إلي أشخاص أو منظمات في الخارج بعد الحصول علي إذن بذلك من الوزير

المختص أو مرور 30 يوماً دون اعتراض كتابي مسبب».
وفي المادة 20: «يحق للجمعية إنشاء فروع ومكاتب لها بمحافظات الجمهورية وخارج مصر بأي من بلدان العالم».
وقد تباينت آراء الخبراء حول مشروع القانون ومواده المشوبة بالمخاطر حيث, رحب الدكتور خالد حنفي عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة بمشروع القانون الذي حاربت الجماعة من أجله طيلة 30عاماً, وسعت لإثبات حقها القانوني الذي أنكرته الدولة عليهم, الإخوان لا تعتبر نفسها محظورة ,لأنه لم يصدر في حقها أي قرار بالحل كما أن القانون القديم كان أداة للقمع وأضيق بكثير من أنشطة جماعة مثل الإخوان المسلمين, وملاحقاً لكافة أنشطة منظمات المجتمع المدني.. وأضاف: لا نجد أي مشكلة في العمل وفق القانون الجديد الذي سوف يفتح الساحة للجماعة لتقديم أنشطتها بشكل أوسع مع مراعاة فرض الرقابة علي الأموال القادمة من منظمات أجنبية والكميات الكبيرة حتي لا يساء استخدامها.
وأكد المحامي والناشط محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد يحتاج إلي مناقشات وتريث في وضع المواد الخاصة به, التي لابد وأن تراعي دور الدولة الرقابي علي الجميعات الأهلية ,والسماح لكافة مؤسساتها بمراقبة أنظمة العمل بها، خاصة طرق التمويل وكيفية استغلالها وطرق إنفاقها.. وقال: إن ضخ أموال داخل البلاد عن طريق هذه الجمعيات قد يستغل من الجماعات المتطرفة التي قد ترتطب بمساعدة هذه الأموال أعمال إرهابية أو تخربية, كما أن إنشاء مكاتب الجمعيات سواء داخل البلاد أو خارجها يحتاج إلي متابعة من أجهزة الدولة, ولا يجب أن تكون حدود القانون مطلقة في هذه القضية.
أما عن جماعة الإخوان المسلمين فيقول زارع: «إن توجه الجماعة للعمل في إطار قانوني وبشكل رسمي معلن هي خطوة انتظرها الجميع بعد ثورة 25 يناير».. وأضاف أن التساؤلات كانت مثارة حول الموقف القانوني لها لأن النظام السابق كان يحظر عليها إنشاء جمعية معلنة خوفاً من توسع نشاطها.. أما بعدالثورة فلابد ان تخضع الجماعة للقانون وسلطاته.
ويري حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد لابد أن يتم وضعه في إطار محدد للعمل وفق الدستور ويراعي حق الدولة في الرقابة علي الجمعيات, ويحظر التنظيمات العسكرية وتكوين الميليشات وتحويل إشرافها من جهات إدارية إلي القضاء.
حتي إذا ظهرت أي جماعات متطرفة أو مخالفة لقوانين العمل يتم القضاء عليها.. وأضاف من الأفضل أن تختص الجمعيات بالعمل في مجالات الخدمة الاجتماعية وتترك الساحة السياسية للأحزاب التي أصبحت الآن تتحرك بحرية في الشارع السياسي بعكس ما كان يسلك النظام السابق, حيث كانت هذه المضايقات تجعل الجميع يتقبل عمل الإخوان المسلمين في المجال السياسي.. أما الآن فليس لديهم المانع من العمل مع وجود الحزب الخاص بهم, وتوجيه الجماعة إلي الأنشطة الاجتماعية والتنموية.
وإذا اختارت الجماعة العمل في إطار قانوني فعليها أن تلتزم بأن تكون جمعية معلنة ومسجلة وتُعرض ميزانيتها الثانوية وكافة أنشطتها علي الجمعية العمومية والجهات المعنية بها.