عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكام مصر حاولوا التقرب إلي الشعب بـ «الصوت والصورة»

بوابة الوفد الإلكترونية

جمال عـبدالناصر أحب أن يُلقب بـ «الزعيم والقائد»، بصورة جماهيرية وبدلة شعبية، متخذاً من التواضع مدخلاً لقلوب العامة، وكانت أهم المحاور الشعبية التي اعتمد عليها

هي «دغدغة مشاعر الشعوب بالعروبة والقومية»، محمد أنور السادات اعتمد جلباب المصريين وعباءة الشيوخ طريقاً للغالبية، وارتداءه للزي العسكري لزعيم النازية هتلر جسراً لنخبة الوطنيين، ليس انبهاراً فقط بالزعامة ولكن لإبراز عدائه الضمني لليهود، وكان يسعد بتسميته «الرئيس المؤمن»، أما محمد حُسني مبارك فكانت رغبته إلصاق وصف قائد الطلعة الجوية، وأن ينسب لنفسه جانبا مهما في النصر الذي تحقق في حرب أكتوبر.
كانت هذه بعضاً من صفات أحبها أصحابها وروجوا لها، إما مباشرة أو عن طريق بطانتهم، كما استخدموها جسور تواصل سياسي صنعها هؤلاء لأنفسهم، بأشكال متباينة، إلا أن هناك جوانب أخري في سلوكيات هؤلاء، عكست بعضاً من أهم معالم شخصياتهم.


سعي جمال عبدالناصر لمخاطبة الحس الجماهيري «بالصوت والصورة ونقل الخبر»، فكانت لغة الخطابة قريبة جداً لفهم وعقل ووجدان الشعب المصري وكل الشعوب العربية، فباللهجة العامية المصرية أوصل في معظم الأحيان رسالته لشعبه، وهي ذات اللهجة التي أحبتها كثير من الشعوب العربية، حيث تسمعها في المُسلسلات وتراها في الأفلام المصرية، وكان يؤكد دوماً أنه رجُل الشعب الذي يُمثل الضمير الوطني للأمة، وقد ساعدته قامته الطويلة الطبيعية في تأكيد صورة الزعيم، الذي يحيا عيشة بسيطة مثل باقي جموع الشعب.
وانتشرت عن عبدالناصر عادة أكل الجبن الأبيض والخبز البلدي، تلك العادة وغيرها ساعدت في التصدي لمحاولات العبث بصورة نقية حتي بعد رحيله، حيث لم يتمكن أحد من النيل من صفة طهارة يده وسلامة ذمته المالية، وتلك الصورة الجماهيرية غير المصطنعة نفذت بالفعل لقلوب ووجدان جماهير عريضة في محيط جغرافي تجاوز الأراضي العربية إلي الأفريقية والآسيوية، ومنذ أن خلع عبدالناصر الزي العسكري عقب الثورة كان يرتدي بدلة مدنية كلاسيكية بقميص أبيض، أما الصورة المعروفة التي انتشرت وهو يلعب الشطرنج مع ابنه خالد، فأوصلت رسالة رفضه للمحاباة أو أن له بطانة خاصة، فكان لذلك أثر جماهيري ساهم في شعبيته، وقد كان يعيش هو وأسرته في منزله بحي منشية البكري، لا تحيط به أي مظاهر خاصة.


أما الرئيس أنور السادات، رجل الجوائز والنياشين، فعشق المظهر الذي رُوعي فيه أن يكون له مضمون ومشروعية اعتمدت علي دغدغة المشاعر البصرية لدي المواطنين في مصر وقراها، فقد لبس الجلباب والعباءة وبيمينه المسبحة، أراد أن يجعل من وصف الرئيس المؤمن مشهداً ذا مصداقية، فجلس علي الأرض في قريته ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، ليقول للعامة الريفيين بشكل خاص أنا منكم ابنكم وكبير العائلة، مُستفيداً بعادات وأعراف الشعب في تقدير واحترام الكبير.
كما اعتمد السادات علي أسلوب شديد الحنكة والذكاء، فبعقل الفلاح المصري وحنكة رجُل السياسة، أراد عقب توقيع اتفاقية كامب دافيد للسلام مع الإسرائيليين، التي كانت من تداعياتها المقاطعة العربية التي عُرفت آنذاك بمجموعة دول الصمود والتصدي، أراد إظهار عدائه لليهود والإسرائيليين بارتدائه الملابس العسكرية المرصعة بالنياشين والنجوم، ذات طابع الزي العسكري الألماني في عهد الزعيم الألماني أدولف هتلر، الذي عُرف بعدائه الشديد لليهود وإيذائهم فيما عُرف بمحرقة اليهود، فأمسك ذات عصي هتلر بيده مرة، وأخري وضعها تحت إبطه، وهو المشهد الذي التقطته عدسات كاميرات المصورين ونشرته وسائل الإعلام العربية والعالمية.
عشق حسني مبارك الحصول علي الجوائز والأوسمة والنياشين، وشهادات الدكتوراه الفخرية، وتمتع بصفات أهمها أنه كان عنيدًا بطيء الفهم، منتفخ السلوكيات

حيث حاول دائماً أن يضفي علي شخصيته بما ليس فيها حقيقة، تعود علي المراوغة السياسية التي أوصلته لعادة الكذب، وكان بطبيعته يشك في معظم المحيطين به، عُرفت عنه عادة النميمة والتعرض لسيرة الغير، وكان غالباً لا يشعر بأي شخص آخر في الدنيا إلا نفسه وذاته، عُرف عنه تحطيم الآخرين حتي أنه كان يتلذذ دائما بأنه الشخص الأهم، كان مستعدًا للقضاء أو الاشتراك في إنهاء حياة آخر قد يهدد طموحه، لم يتمكن طوال فترة حكمة من الاقتراب الحقيقي للشعب المصري، ولم ينجح في منحه الأمل، حتي أن المصريين كانوا دائماً في انتظار المجهول، وعزف معظمهم عن الاشتراك في صنع سياسة بلدهم.
هذا عن الرؤساء الثلاثة السابقين، أما الرئيس القادم والذي بات محصوراً بين الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، والدكتور محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة.


حركات شفيق الجسدية وانفعالاته تتسم بالحرفية المدروسة التي تخلو من حقيقة شخصيته، فهو يتصنع الخفة والرشاقة خاصة من خلال ملبسه، يسعي لنشر سلوك الثبات الانفعالي اعتمادا علي نبرة صوت هادئة، كل الدلالات الظاهرة حتي الآن تشير إلي أن صفاته ستكون أنه رجُل يسعي دائماً للتوازنات السياسية، أما تركيزه علي أنه مُنقذ الثورة عبر الكلام فقد يضعه أمام علامات استفهام، ويذكر المصريين بكلام المخلوع مبارك أنه كان ينحاز للفقراء ومحدودي الدخل، وهو الأمر الذي لم يتحقق ولم يثبت.


لدي شفيق براعة في تمثيل ثقته الفائقة بنفسه، أما ‏تبسيط‏ ‏كثير من‏ ‏الأمور‏ ‏للشعب فربما لا يأتي بثماره التي يريدها هو، لأنه سلوك قد يستفز الكثيرين خاصة في هذه المرحلة، فشل في تمثيل الثبات الانفعالي، حينما‏ ‏انفعل‏ ‏بشدة‏ ‏ليلقي‏ ‏ما‏ ‏بيده‏ ‏من‏ ‏أوراق‏ ‏بعصبية‏ ‏في حوار مع الكاتب علاء الأسواني.
أما الدكتور محمد مرسي، فيعتمد علي تاريخه وعلمه ويُفضل أن دعايته يقوم بها الآخرون، يخاطب الآخر بصمته مرات وأخري بترك الفرصة لأن ينشر فكره الآخرون، رجُل تكتيك علمي بحرفية التنظيم، يريد التواصل مع الجموع بإظهار بساطته، يتخذ من الخطاب الروحي العقائدي طريقاً للعامة، يساعده في ذلك كونه من كبار قادة الإخوان المسلمين، يستخدم وقته فيما يفيده ويدخر جهده لعدم الدخول في صراعات جانبية، يظهر اقترابه من البسطاء رغبة منه في توصيل رسالة شعبية يعزز بها مشروعه النهضوي.