رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قوانين مصر .. طوق النجاة للفاسدين

بوابة الوفد الإلكترونية

يبدو أن الدستور لا ينتظر التعديل وحده، بل إن هناك ترسانة من القوانين التي تستحق إما التعديل وإما الإلغاء، حتى تنضبط المنظومة التشريعية في مصر، والتي أدت الفوضى الموجودة بها، والثغرات

التي تعمد النظام السابق وضعها بها، في كثير من الأحكام التي كانت محل استغراب الرأي العام.
الغريب أنه في ظل انشغال الجميع عن معايير وضع الدستور الجديد، لا يتحدث أحد عن هذه القوانين، أو يقدم حلولا لعلاج القصور الذي تسبب فيه ترزية القوانين طوال العقود الست الماضية، والتي كانت تفصل فيها القوانين على مقاس شخص أو جماعة.
«الوفد» تفتح ملف فوضى التشريعات في مصر، حيث وضع الخبراء خارطة طريق للقضاء على هذه الظاهرة، ووضع قوانين وتشريعات تليق بمصر الثورة، وتقضي على الفساد الذي يجد خلاصا دائما له بين سطور القوانين وتحت ثغرات التشريعات.
«خارطة الطريق» لإصلاح النظام التشريعي
إعادة صياغة القوانين وعدم التسرع والاستعانة بالمتخصصين أقصر الطرق لمعالجة الخلل

«مراجعة المنظومة التشريعية وإعادة صياغة القوانين للقضاء على التضارب والتكرار, ومراعاة تطابق النصوص الدستورية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان, ومنح المشرع الفترة الكافية لإعداد القوانين, وإسناد الإعداد لخبراء مختصين, وإرسال مشروعات القوانين لقسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لدراستها وتصحيحها دستوريا قبل عرضها على البرلمان».. هذه أهم المطالب التى نادى بها خبراء القانون لإصلاح الإطار التشريعي في مصر.
وشدد الخبراء على ضرورة مراعاة وحدة التشريع المطبق، بحيث يكون تشريعا واحدا فقط يتضمن كل الأحكام التى تتعلق بأحد الموضوعات المحددة, ووحدة النص للحالة الواحدة بحيث لا توجد نصوص متعددة تسري على نفس الحالة, فضلا عن وحدة أداة التنفيذ وعدم إحالة التشريع إلى تشريعات أخرى أو أحد النصوص بها لتقرير سريانها على ذات الحالة.
كما شدد الخبراء على أهمية أخذ عنصر الزمن كأحد الضوابط الهامة للعمل التشريعي وآليات التنفيذ في الاعتبار, بحيث يكون الإصلاح دافعا للمجتمع وليس معوقا له, ورفع المعاناة وتبسيط الإجراءات القضائية والإدارية مما تحمل المواطن عبئا، فضلا عن سهولة اللغة ووضوح العبارات واستخدام المعاني المألوفة والألفاظ المتداولة.
وطالب الخبراء بضرورة تنقية التشريعات الجزائية من النصوص التى تجرم حرية الرأي والتعبير, وعدم النص على توقيع عقوبات سالبة للحرية في جرائم النشر, ورفع القيود على حرية الصحافة والإعلام وعلى المطبوعات, ومراعاة تحقيق مبادئ حرية تشكيل منظمات المجتمع المدني ورفع وصاية الدولة وأجهزتها عن الحق في تأسيس الجمعيات والإشراف الإداري على نشاطها, فضلا عن ضرورة إصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات ويضع الآليات المناسبة لذلك, ووضع قواعد منظمة لممارسة الشعائر الدينية ملتزمة بمبدأ المساواة أمام القانون.
وأكد نجاد البرعى الخبير الحقوقي ضرورة مراجعة منظومة القوانين المصرية بواسطة مجلس الشعب, من خلال تشكيل لجنة خبراء تبحث القوانين على مدار عامين, ثم تعرضه على المجلس لإقراره.
واعتبر عصام الإسلامبولى المحامى بالنقض، أن تعديل المنظومة التشريعية يبدأ عقب صدور الدستور الجديد, بحيث تصبح المواد الدستورية التى سيبنى على أساسها القوانين الجديدة, أو سيتم وفقها تعديل القوانين السابقة قد وضحت, قائلا: «الدستور الجديد سيتضمن القواعد الخاصة بالحقوق والحريات, والتي ستنعكس في شكل تشريعات سواء بإصدار تشريعات جديدة أو تعديلا للقائمة حاليا».
وأوضح أن أهم القوانين التى يجب إعادة النظر فيها قوانين الإجراءات الجنائية والعقوبات ومجلس الدولة والسلطة القضائية والأحكام العسكرية ومباشرة الحقوق السياسية, وقانون الأحزاب ومجلسي الشعب والشورى والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة والتجمهر, فضلا عن قوانين العمل وحقوق المرأة والتأمين الصحي والاجتماعي والنقابات المهنية والعمالية, وقانون نقابة الصحفيين والإعلاميين.
وتابع: هناك قوانين لا يمكن تعديلها ويجب نسفها تماما مثل قانون العقوبات والذي وضع عام 1937, وتوجد فيه نصوص لا تلائم الوضع الحالي مثل العقوبات الخاصة بمخالفة النظام الاشتراكى, بجانب وجود عبارات غامضة به, فضلا عن أن قانون الإجراءات الجنائية لا يمكن تعديله ويجب إعادة صياغته من جديد على أساس الفصل بين سلطة الاتهام والتحقيق.
رقية عنتر
المنظومة التشريعية تحتضر
98 ألف تشريع ترهق المشتغلين بالقانون.. وملايين القضايا بسبب ثغراته

أجمع الخبراء والفقهاء القانونيون على ضرورة إعادة هيكلة العملية التشريعية بشكل كامل, نتيجة المشاكل والعيوب التى تعانى منها منذ فترة طويلة، خاصة القصور الشديد في «صناعة القانون».. والتشريع هو المصدر الرسمي الأول للقانون في مصر، ورغم أن السلطة المختصة بذلك هي السلطة التشريعية «مجلس الشعب»، إلا أن هناك سلطات أخرى قد تختص بإصدار التشريع، فالدستور يصدر عن السلطة التأسيسية، واللوائح والقرارات بقوانين تصدر عن السلطة التنفيذية بشكل مباشر أو غير مباشر، عندما تتقدم بمشروعات القوانين إلى البرلمان.
ورغم أن السياسة التشريعية انعكاس للسياسة العامة للدولة, إلا أن مصر شهدت خلال العقود الأخيرة إصدار تشريعات تعبر عن إرادة الحاكم وحده, وهو ما يعد من أهم عيوب العملية التشريعية, بجانب افتقادها سمات الصياغة التشريعية الجيدة بحيث تكون الألفاظ والعبارات المستخدمة في القانون واضحة وبسيطة بما يكفي لأن يدركها الشخص العادي، وقصور الدراسات اللازمة لدى المشرع ما يؤدى إلى تعديل التشريع بعد فترة وجيزة من صدورها.
وبحسب تأكيدات المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة الأسبق، تجاوز عدد التشريعات طاقة رجال القانون والمشتغلين به, فوصل إلى 98 ألف تشريع، فيما أوضحت دراسة أجريت على مدار أربعين عاما تقريبا 1950 – 1989، أن 70% من القوانين تصدر معدلة أو لاغية لقوانين موجودة, إذ صدر 1299 قانوناً معدلا لقوانين سابقة، بالإضافة إلى 1571 قانوناً لاغيا لقوانين معمول بها، أي 2870 قانوناً من إجمالي 4182 قانوناً صدر خلال هذه الفترة.
ويؤكد الدكتور حسن السباعي، خبير القانون الجنائي، ضرورة وجود «هيئة مختصة بإصدار التشريعات تكون ملمة بكل المعلومات القانونية, لكن ما يحدث أن المشرع الرئيسي في مصر بعد ثورة 1952 هو مجلس الشعب، والذي يضم أكثر من نصف أعضائه «عمال وفلاحين», غير ملمين بالمعلومات القانونية المطلوبة مما جعل صياغة القوانين الصادرة عن المجلس في تلك الفترة ضعيفة ومليئة بالثغرات, مقارنة بالتشريعات الصادرة عن مجلس الأمة في النصف الأول من القرن العشرين إذ كان يضم وقتها كبار القانونيين».
وطالب السباعي بإلغاء الـ50 % عمال وفلاحين من مجلس الشعب لمخالفتها المواثيق الدولية وتأثيرها السيئ على القوانين الصادرة عن مجلس الشعب, منتقدا إعداد السلطة التنفيذية للقانونيين وعرضها على مجلس الشعب, مؤكدا أن ذلك جعل القوانين مليئة بالثغرات لصالح الهيئات التنفيذية.
«القانون أداة الدولة الديمقراطية لتحقيق أهداف ومطالب شعبها في أغلبيته, لذا يجب أن يكون قواعد عامة ومجردة تحقق الصالح القومي».. هذا ما أكده الدكتور محمد حامد الجمل الفقيه الدستوري.
وأضاف: خلال الـ30 عاما الماضية أعد القانون وصيغ لتحقيق مصالح شخصية للرئيس المخلوع وعائلته ورجال الأعمال, مثل التعديلات التى أدخلها الرئيس المخلوع على دستور 1971 لتمرير خلافة جمال, وقانون منح تسهيلات والتصالح مع رجال الأعمال المنحرفين الذين حصلوا على أموال البنوك وهربوها إلى الخراج, وقانون منع الاحتكار الذي صدر لصالح كبار الرأسماليين في الدولة والذي نص على معاقبة من يبلغ عن الاحتكار.
وأكد «الجمل» أن البرلمان يقع عليه العبء الأكبر في حدوث مشاكل بالتشريع, فصياغة التشريعات ضعيفة  ورديئة, ولا تحمل قطعية الدلالة على أحكامها, كما أنها تتم بعجلة من قبل أعضاء الأغلبية بالبرلمان دون الرجوع إلى قسم الفتوى والتشريع للتحقق من دستورية مشروعات القوانين وسلامة صياغتها, مما أفرز العديد من المشاكل القائمة حاليا. 
وقال: مشاكل التشريع لم تنته بقيام ثورة يناير, فبعد الثورة زادت حدة شخصنة القوانين, مثل مشروع الدستور, فاغتصبت أغلبية البرلمان اختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوضع إجراءات وقواعد ومعايير انتخاب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور, فضلا عن التقدم بمشروعات قوانين تحقق مصالح خاصة لنواب الأغلبية مثل «قانون العزل السياسي» الذي استهدف استبعاد أشخاص بذاتهم من المنافسة على منصب رئيس الجمهورية, وما شاب هذا القانون من عيوب تجعله قانونا انتقاميا فيحرم من شغلوا مناصب معينة من الحقوق السياسية لمجرد أنهم كانوا يشتغلون هذه المناصب دون أن يثبت أخطاءهم بصورة عادلة, فبرر عقابهم بالإضافة للأثر الرجعى لأحكام هذا المشروع.
وأكد الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هذه القوانين مقيَدة ومقيدة وتجعل ممارسة الحق يعاقب عليه, مثل المعاقبة على ممارسة حق التظاهر, وهو ما يعد تقييدا للحق ومصادرة وليس تنظيما له, فضلا عن تضارب العقوبات المنصوص عليها في هذه القوانين مع قوانين أخرى.
وأوضح أن هذه القوانين تحتاج للتطابق مع القوانين الدولية ومعايير حقوق الإنسان العالمية, خاصة أن مصر صدقت على المواثيق والعهود الدولية.
رقية عنتر

«الوفد» يحمل راية الإصلاح التشريعي

الإصلاح التشريعي لم يغب عن رؤية حزب الوفد الشاملة للإصلاح بمصر, فوضع على رأس أجندة الاصلاح الوفدية, وعبرت رؤيته لتطبيق الاصلاح عن نقضه لعملية التضخم التشريعي وتعقيده وخلق بيروقراطية متعسفة بواسطتها, تعوق تحقيق مصالح الشعب.
فنص البند الحادي عشر في برنامج الحزب على الإصلاح التشريعي والذي يتمثل في مراجعة كافة التشريعات المدنية والجنائية والاقتصادية, وتنقيتها من كل القوانين الاستثنائية المقيدة للحريات ومن كل ما يعوق تحقيق العدالة, وبما يمكن من سرعة الفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام وإعلاء دولة القانون حتى يطمئن كل مواطن على نفسه وماله.
وأكد وزير العدل بحكومة الظل الوفدية المستشار بهجت الحسامى على سعى حزب الوفد للإصلاح التشريعي, من خلال مطالبته بمراجعة المنظومة التشريعية وتنقيحها للتماشي مع متطلبات العصر, مشيرا إلى أن الأولوية تمنح لقوانين مباشرة الحقوق السياسية وتنظيم الأحزاب وقوانين الانتخابات, تماشيا مع طبيعة المرحلة السياسية التى تمر بها البلاد.
وأضاف: بعد استقرار الأوضاع ستطرح الوزارة رؤيتها لتعديل قوانين استقلال السلطة القضائية, بجانب القوانين الاقتصادية مثل قانون الغرف التجارية وإنشاء قانون الشركات الموحدة والتجارة الالكترونية, مشيرا إلى أن أغلب القوانين تتطلب المراجعة والتعديل لقدمها وتضاربها مع غيرها, خاصة قانون العقوبات.
وطالب «الحسامى» بضرورة تعديل قانون مجلس الدولة ليصبح عرض الحكومة مشروعات القوانين على قسم الفتوى والتشريع قبل عرضه على مجلس الشعب إلزاميا, لمنع التضارب والتكرار, فضلا عن عرض مشروعات القوانين على المحكمة الدستورية تجنبا لشبهة عدم دستوريتها فيما بعد.
وطالب أحمد عودة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد بضرورة تفجير مجلس الشعب ثورة تشريعية يقوم من خلالها بمراجعة التشريعات التى صدرت في ظل النظام السابق والتي تميزت بتفصيلها لإرضاء شخصيات بعينها على رأسها الحاكم الديكتاتور والسلطة التنفيذية, فضلا عن إعداد وإصدار القوانين الضرورية التى تتطلبها المرحلة الحالية.
وقال: يرى حزب الوفد أن يتولى البرلمان عملية الإعداد والإصدار للتشريعات الجديدة بشرط التجرد من كل الميول الحزبية والدينية, ووضع المصلحة العليا نصب عينيه, لإصدار قوانين تحقق المصلحة العليا للوطن.

رقية عنتر

تضارب القوانين يجعل للعدالة «وجوها كثيرة»
عميد حقوق عين شمس: بعض القضاة يستندون إلى قانون ثم يكتشفون تعديله أو إلغاءه

القاعدة القانونية قاعدة سلوكية، فهي تحكم سلوك الأفراد داخل المجتمع والهدف منها تنظيم وتوازن المصالح المتضاربة وتخاطب الأفراد بشكل منظم، هذا نص يتبع آداب العمل القانوني توقفنا أمامه، فالقانون نفسه يرمى إلى أنه يخلق نوعا من التوازن وعدم التضارب، وبالطبع فإن هذه القاعدة مشوشة لأن تضارب القوانين بمصر سمة رئيسية تحكم العمل القضائي وتؤثر عليه وعلى أحكامه.
ولم يحدد القانونيون عدد القوانين المتضاربة لكثرتها، ولتواجد اختلافات بين ما يسمى بالقانون والتشريع والقرارات واللوائح التى تأخذ بها المحاكم، وهي متعددة المجالات وأشهرها القرارات المنظمة للأراضي والسياحة والعمل التجاري والاقتصادي والزراعي وغيرها التي تؤدي إلى التشويش على القاضي.
ويرى القضاة أن سرعة وكثرة التعديلات على القوانين وصدور القوانين الجديدة يزيد الأمر صعوبة على سير العدالة ونجد أحكاما في قضايا متشابهة مغايرة لبعضها البعض، ولأن مصر تتبع النمط الفرنسي في صياغة الدستور والقوانين الأخرى, مثل القانون المدني والجنائي, فقد اعتمدت على آلية سهلة تمكنها من إصدار قوانين عن طريق البرلمان، و تسمى القوانين الصادرة من البرلمان بالتشريعات.
واتفق عدد من القانونيين على ضرورة إعادة النظر في جميع القوانين واللوائح والقرارات من الجهات المختصة بالأمر وهى وزارة العدل، بعمل مجموعات من القوانين وتنظيمها في أبواب محددة يسهل على القاضي العودة إليها ودراستها بشكل دائم ومفصل حتى لا يقع في فخ الاستناد إلى قانون تم إلغاؤه أو إضافة تعديلات عليه.
ويؤكد مصدر قضائي أن تضارب القوانين وكثرتها تؤدي إلي زيادة الطعون بالنقض وتشويش القضاة، فضلاً عن أن كل مواطن يري أنه صاحب حق فيصر علي دعواه حتى تصل إلي محكمة النقض لتضع مبدأ قانونيا ينهي تعارض الأحكام، بل إنه قد يصل الأمر إلي أن بعض دوائر محكمة النقض قد تختلف، ويستدعي الأمر العرض علي الهيئة العامة لمحكمة النقض.
لذلك يجب التدقيق في القوانين، فالقانون المدني المصري يتكون من 1149 مادة نتيجة الدقة في وضع هذا التقييم الذي تولاها عبد الرازق باشا السنهوري، ومنذ العمل به في 15 أكتوبر عام 1949 وإلي الآن لم يتناوله تعديل، فيما عدا بعض النصوص الخاصة بالملكية الفكرية، بينما نجد قوانين حررت وتم تعديلها بعد أيام أو أسابيع من تاريخ صدورها، وقد تكون تتضمن مواد تتعارض مع مواد أخري، فلابد أيضًا من التروي عند التفكير في إصدار أي قانون لمنع هذا التضارب.
ويرى المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى القضاة الأسبق أن القوانين المتضاربة نادرة في القانون المصرى، لكنه شدد على أن القوانين كثيرة ويمكن دمجها، ولابد من نهضة تشريعية خلال الفترة القادمة ليكون هناك تشريعات محددة، حيث وصلت إلى ما يقرب من 98 ألف تشريع حسب آخر إحصاء تم إجراؤه.
وأضاف زكريا أن الأكثر تضاربا من القوانين هو القرارات التى تصدر عن الوزارات والهيئات المختلفة والتي تصدر دون دراسة ويجب إعادة ضبطها, لافتا إلى أن الفترة الأخيرة بعد ثورة 25 يناير زادت ظاهرة إصدار قوانين وتضاربها مما أدى إلى ارتباك القضاء، وظهر الأمر كأنه قصور في العدالة مثلما تم في إلغاء انتخابات الرئاسة وهو الحكم الصادر من محكمة بنها والذي استند إلى قانون مجلسي الشعب والشورى، وهو يختلف كثيرا عن الانتخابات الرئاسية، لذلك يجب أن يتم ضبط القضايا المتعلقة بالدولة ككل وتحويلها في المحاكم الرئيسية العامة.
واتفق الدكتور حمدي عبد الرحمن عميد كلية حقوق عين شمس السابق مع عبد العزيز، مضيفا أن هناك حالات يلجأ القاضي فيها إلى قانون تم تعديله أو إلغاؤه دون علمه، ومشكلة مصر كثرة القوانين حتى أصبحت دولة تعانى «الإسهال التشريعي» فنفاجأ أن هناك قانونا يصدر منذ أيام ويتم تعديله بمجرد فوات وقت قصير عليه مثلما تم مسبقا مع قانون الإيجارات الجديد.
وأضاف عبد الرحمن أنه لابد من تنفيذ القوانين وتوحيدها، وحل لغز قوانين تم وضعها في 11 سنة مثل القانون المدني الذي وضع عام 1948 ولم يتم اي ترميم فيه, ولفت إلى أنه يتمنى أن تكون هناك ديمقراطية في الفترة القادمة والبعد عن الأغراض الخاصة في وضع القانون وعدم اللجوء لفكر انتقامي مثل نموذج قانون العزل السياسي.
أماني زكى

«الفتوى والتشريع» الغائب الحاضر في قوانين الحكومة
خبراء: تجاهل عرض مشروعات القوانين على القسم تسبب في خروجها «مشوهة»

من المفترض أن يكون لقسم التشريع والفتوى بمجلس الدولة دور مهم وحيوي في صياغة القوانين وتجنب تضاربها مع غيرها طبقا للقانون, ورغم أن الدولة ترتكز دعائمها على المبادئ الدستورية، وتلتزم بأحكام الدستور والقوانين فيما يتخذ من تصرفات وإجراءات وما يصدر من تشريعات, إلا أن الحكومة تجاهلت عرض مشروعاتها على «الفتوى والتشريع» طوال العقود الماضية عن عمد, فأضرت بشكل وقوة التشريعات الصادرة.
وتحدد دور مجلس الدولة في العملية التشريعية المادتان (63، 64) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972, عندما نصت على أنه «يجب على كل وزارة أو مصلحة قبل استصدار أي قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذي صفة تشريعية أو لائحية أن تعرض المشروع المقترح على قسم التشريع لمراجعة صياغته، ويجوز لها أن تعهد إليه بإعداد هذه التشريعات, ويتولى قسم التشريع مراجعة صياغة التشريعات التى يري رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو رئيس مجلس الدولة نظرها

على وجه الاستعجال لجنة تشكل من رئيس قسم التشريع أو من يقوم مقامه، وأحد مستشاري القسم يندبه رئيس القسم ورئيس إدارة الفتوى المختصة».
كما أكد أعضاء قسم التشريع مسبقا أهمية دورهم وعدم اقتصاره على المراجعة اللغوية: «إن أداء قسم التشريع لوظيفته، كجهاز فني قومي متخصص يتولى مراجعة جميع التشريعات قبل صدورها، لا يجوز أن يقف عند مجرد المراجعة اللغوية للصياغة، وإنما هو يشمل جانبا أكثر أهمية يتصل بكفالة التوفيق قدر المستطاع بين تشريعات الدولة، ورفع احتمالات التضارب فيما بينها وتوحيد اتجاهاتها والتنبيه إلى ما قد يوجد بينها من تعارض أو خلط».
ورغم أهمية دور قسم التشريع بمجلس الدولة في عملية صناعة التشريع, إلا أن هناك العديد من الظواهر غير صحية التى تحدث مثل تجنب معظم الوزارات المختصة إحالة مشروعات القوانين إلى قسم التشريع مراجعتها, مما أدى إلى التناقض المستمر في محتوى القوانين الصادرة, كما أن الوزارات المختلفة تحيل اللوائح التنفيذية للقوانين للقسم لمراجعتها بعد صدور التشريع وليس قبله, وتكون نصوص اللائحة التنفيذية مقيدة بعدم الخروج على الأحكام الواردة في التشريع رغم ما به من نقص أو مخالفة.
وتراجع الإدارة العامة للتشريع بوزارة العدل الكثير من مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية وتتخذ إجراءات استصدارها في غيبة عن قسم التشريع بمجلس الدولة صاحب الاختصاص الأصيل بمراجعة تلك المشروعات طبقا لنص المادة (63) من قانون مجلس الدولة، مما أدى إلى حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الكثير من القوانين التى لم تتم مراجعتها بقسم التشريع بمجلس الدولة.
وقال الدكتور مصطفى عفيفي، عميد كلية الحقوق بجامعة طنط: إنه «يجب عرض مشروعات القوانين الجديدة التى تقترحها الحكومة على قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة, قبل عرضها على مجلس الشعب, لتلافي التكرار والتضارب مع القوانين الأخرى, فضلا عن ضرورة مراجعة القسم للتشريعات الموجودة سنويا لتنقيتها».
رقية عنتر
الحقوق المنسية في الدساتير المصرية

لحقوق الإنسان في دساتير العالم مفاهيم مختلفة ومصادر متعددة وأفرع كثيرة، فندها عبدالله خليل خبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان والمحامى بالنقض في دراسة معنونة بـ«حقوق الإنسان في الدساتير العالمية»، وتم تقسيمها إلى 3 فصول، هي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والثاني الحقوق المدنية والسياسية، والثالث ذكر خلاله السلطة القضائية.
وأول حقوق الإنسان تتضمن المواطنة والحياة الكريمة بما يشملها من صحة وتعليم وصرف صحي وضمان اجتماعي وحقه في المعاملة الإنسانية والحرية، أما الملمح الثاني فهو خاص بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فمن حق كل مواطن أن يكون له عمل خاص به، وأجر منصف وظروف عمل مستقرة فنصت الدساتير العالمية على أن المواطن له الحق في حمايته من التعسف أو الفصل دون تعويض  والالتزام بالأحكام الاجتماعية، والحد الأدنى الذي يحدده القانون ومنح المرأة نفس حقوق الرجل العامل وتوفير الأمان لهما وأيضا توفير حق التأمين بالبطالة غير الطوعية وحظر فروق في الأجور وفى معايير التوظيف وتكافؤ فرص من يعملون بشكل دائم أو متفرق واعتراف الدولة بالعمل المنزلي على أنه نشاط اقتصادي ومن هنا يحق لربات البيوت ضمان اجتماعي بحسب القانون بجانب عدم استغلال صغار السن في العمل وحظر العمل الليلي في حالة القصر الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما إلا كمتدربين.
أما الشق الثاني يتضمن حق تكوين النقابات والمفاوضات الجماعية وحق الإضراب، فلكل شخص الحق في تكوين نقابة عمالية دون إذن مسبق  ولكل صاحب عمل حق في تكوين منظمة لأصحاب العمل, ومن الحق أن يتم إنشاء اتحاد عام عمالي دون التدخل فيه بالحل إداريا وحصانة قادة هذه النقابات مكفولة ولا يكونوا عرضة للتمييز والاضطهاد أو السجن والحق في الإضراب سواء كان القطاع العام أو الخاص ولا يجوز للقانون تحديد إطار المصالح التى يجب الدفاع عنها خلال هذا الإضراب.
وبشأن الحق في الضمان الاجتماعي فهو غير قابل للتصرف لجميع الناس وهي مسئولية الدولة للأشخاص الذين يحتاجون لحماية خاصة من أرامل ويتامى شهداء ومن قتلوا في الحرب والمعوقين نتيجة حرب, بجانب حماية المعوقين والمسنين وإعانتهم  وتلتزم الدولة بتوفير الحماية الكاملة في حالات الشيخوخة والوفاة والعجز ويختص البرلمان بتشريع هذا الأمر.
فضلا عن أن مؤسسة الضمان الاجتماعي مستقلة وأموالها عامة ومنفصلة عن خزانة الدولة, إضافة إلى حقوق الأسرة والشباب والحق في مستوى معيشي ملائم كالسكن والأمن الغذائي والمياه وحماية المستهلكين والمستخدمين وحماية ودعم الصناعات والمهن والسياحة, والحق في بيئة نظيفة والحق في الصحة والرياضة والترفيه والتربية والتعليم وبشأن التعليم، فهناك محددات في الدساتير العالمية لكي توفر ذلك منها ضوابط لاختيار المعلمين والإدارة الديمقراطية للتعليم العام أي أن المؤسسات التعليمية تكون ذات حكم ذاتي، ويتم وضع خطة وطنية للتعليم وتمويل التعليم العام بأن يكون مجانيا وفقا للعدالة الاجتماعية والإنصاف بالتوزيع الجغرافي، والأهم هو الاستقلال الذاتي للجامعات الحكومية وكفالة حقوقها السياسية. 
وشددت الدساتير العالمية على احترام الضمير ونبذ العنف في التعامل مع الطلاب، وبالنسبة للاعتراف بمراكز البحوث حددها القانون في أن تكفل الدولة تخصيص الموارد اللازمة للبحث العلمي والتنمية التكنولوجية والابتكار وتخصيص نسبة لتمويل المشروعات والمنظمات التى تمنح أموالا عامة تخضع للمساءلة وإشراف الأجهزة المعنية.
وهناك جزء خاص بتضمين حقوق المواطنة المدنية والسياسية في الدساتير العالمية وتم تحديدها في حق الإنصاف بمعنى أن لكل شخص الحق في أن يلتمس سلميا الانتصاف مما يلحق به من ضرر وإقالة المسئولين العموميين وسن القوانين الإجرائية و اللوائح أو إلغائها أو تعديلها ومن حق كل مواطن التقاضي في حال تعرضه لتصرف غير قانوني من جانب مسئول عمومي , بجانب أن القانون حدد الأشخاص الذين لهم الحق في اللجوء إلى المحاكم وهم أي شخص يتصرف لمباشرة مصلحة ما أو نيابة عن شخص غير قادر أو من ينوب عن جماعة أو من يتصرف للصالح العام.
وحددت الدساتير العالمية بعضا ممن يكفل لهم بدون دفع رسوم وهم حق التقدم بالتماس دفاعا عن حقوق أو ضد أفعال غير شرعية أو ضد إساءة استخدام السلطة، أو الحصول على شهادات حكومية والوصول إلى بيانات شخصية أو تصحيحها, وكذلك المساعدة القانونية للفقراء وسرعة الإجراءات، والجرائم المرتكبة ضد حقوق الإنسان غير قابلة للعفو أو التقادم, وعدم التذرع بأوامر المسئولين للإفلات من المسئولية الجنائية وحق اللجوء إلى آليات الحماية الدولية وتعويض الشخص الذي يدان بسبب خطأ قضائي وعدم إنشاء محاكم استثنائية حتى في الطوارئ.
وضمن حق المواطنة وقاعدة حظر إساءة استخدام الحقوق، فهناك مقولة سائدة تقول: إن دساتير تضع قواعد عامة مرنة وتضع قواعد قانونية تفصيلية متعلقة بإنقاذ هذه المبادئ أي تفويض السلطة التشريعية في إصدار القوانين المكملة للدستور وبالتالي وضعت الدساتير الحديثة قيودا على السلطة التشريعية والتنفيذية تحد من إطلاق سلطاتها في فرض قيود , ولاحظ الباحث أن الدستور المصرى لعام 1971 فوض المشرع بالمساس بحقوق الأفراد والمؤسسات في المجتمع بمقتضى القانون استخدام عبارات « وفقا لأحكام القانون – ينظمها القانون – حدود القانون – الأحوال المبينة في القانون « وهو نهج لم يعد مقبولا في الدساتير الحديثة
وهذا اتجاه ضمن نص المادة 30 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والفقرة 1 من المادة 5 من العهدين الدوليين, كما أشار الباحث إلى انه يتطلب أن يتضمن الدستور ضمانات منها يجب أن يضع الشكل المسموح به للتدخل في حقوق الإنسان , وان تصاغ الأحكام الدستورية التى تجيز التقييد في عبارات دقيقة ويتم تفسير الأحكام الدستورية بدقة وأي شك بها يكون صالح الفرد.
كما كفلت الدساتير العالمية حماية الضعيفة والمهمشة مثل المعاقين، وحقوق الأقليات وحظر التمييز وحقهم في المجاهرة بدينهم ولغتهم، كما التزمت كافة الدساتير بالمادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بان حالة الطوارئ الاستثنائية التى تنطوي على خطر يهدد حياة الأمة لذلك يجب أن يكون هناك أزمة استثنائية تؤثر على الجميع وليس مجرد مجموعات تشكل تهديدا للدولة فقط.
ويجب أن يتم تحديد مده نفاذ الطوارئ باستثناء الحرب وهذا الإعلان محدد بمدة رأى الفقه الدولي بالا يتجاوز 6 أشهر ولا يجوز حتى في حالات الطوارئ عدم التقييد أو التحلل من الالتزامات الخاصة بالمعهد الدولي بالتمتع بالحياة والتحرر من التعذيب والرق والاستعباد والعمل الإجباري وحظر تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعى والاعتراف بالشخصية القانونية  فضلا عن أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافة لا تخضع لأي استثناءات ويكون للسلطة القضائية والتشريعية الحق في إبطال الطوارئ.
وشددت الدساتير العالمية على الحماية من الاختفاء القسرى فيحظر على اي سلطة أيا كانت عسكرية أو مدنية أن تسهل الاختفاء القسرى ومن يتلقى أوامر بذلك من الموظفين له الامتناع ويبلغ السلطات كما أكدت على حرية الرأي والتعبير ومن بينها أن تكفل الدولة حرية وسائل الإعلام واستقلالها عن السلطة السياسية ومنع احتكارها من الشركات الخاصة، إضافة إلى حرية الوصول للمعلومات ويجوز تقييدها لاعتبارات الأمن القومي والبيانات الشخصية , والحق في التجمع السلمي بلا سلاح دون الإبلاغ المسبق أو الحصول على إذن, وأضافت الدساتير حرية الحق في تكوين جمعيات إلا فيما يتعلق بجمعيات ذات نشاط عسكري أو ما شابه ولا يجوز حل الجمعيات إلا بقرار قضائي نهائي ولا يجوز التدخل في شئونها من جانب السلطات.
ونصت الدساتير العالمية على أنه حق مكفول في تكافؤ الفرص لتولى الوظائف العامة , وتضمنت دساتير جنوب أفريقيا وفنزويلا وفرنسا أن مؤسسات دستورية تمارس الرقابة على حقوق المواطنة، ففي فرنسا حامى الحقوق، وفى جنوب أفريقيا المدافع العام, ولجنة حقوق الإنسان, ولجنة تعزيز وحماية حقوق الجماعات الثقافية واللجنة الانتخابية، وهى مؤسسات مستقلة محايدة , وفى فنزويلا تتم من خلال المجلس الأخلاقي الجمهوري المكون من المدافع  عن الشعب والمدعى العام للجمهورية والمفتش العام للجمهورية.
وبالنسبة لإدارة الانتخابات كفلت الدساتير استقلالية إداراتها وديمقراطية تشكيلها وحق الطعن على قراراتها أمام المحاكم الانتخابية بالنسبة للانتخابات البرلمانية وأمام المحاكم الدستورية العليا بالنسبة للانتخابات الرئاسية.
وبشأن الرقابة الدستورية أوضحت الدراسة أن المحاكم الدستورية العليا تباشر الرقابة على دستورية القوانين، كما لفتت إلى كيفية تعيين أعضائها واختصاصاتها واستقلالها.
وعن السلطة القضائية هناك نصوص صريحة تؤكد على الاستقلال وعدم التدخل في شئونها ولا يجوز لأي جهاز أو سلطة أو فرد إعطاء أوامر أو تعليمات إلى المحاكم أو القضاة فيما يتعلق بممارسة السلطة القضائية أو إرسال تعميمات لهم أو مقترحات أو أسئلة أو مناقشات ويجب الامتثال إلى قرارات المحاكم ولا تلغي الأجهزة تلك القرارات ولا تؤخر تنفيذها  كما تنص على المعايير الخاصة بوظيفة القضاء لكن يتولى القضاء وشفافية إجراء التعيين وضماناتهم ضد العزل والأمن الوظيفي واختصاصات النيابة العامة.
أمانى زكى