رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من يحرق مصر ؟

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد انتشار الحرائق في محافظات السويس والقاهرة وطنطا وغيرها، وقبل أن نخوض في أسبابها وأهدافها يجب أن نتذكر أنه أثناء عملية نقل السلطة من محمد نجيب إلى عبدالناصر، زادت الحرائق والتفجيرات حتي أتي ناصر ليعم الأمن والأمان.. بقلم خالد محيي الدين من مذكراته»

.. مقولة تداولها الشباب علي الإنترنت عقب تزايد اشتعال الحرائق الشهر الماضي، في إشارة منهم إلى أن المجلس العسكرى المسئول الأول عن إضرام النار في القاهرة، في محاولة منه لتكرار سيناريو حرائق 1952 والذي سبق تسليم السلطة إلى «العسكر» لتظل بحوزتهم حتي تنحي مبارك.
وعلي الرغم من نفي أعضاء المجلس العسكري خلال مؤتمرهم الخميس الماضي مسئوليتهم عن الأحداث، والتأكيد علي أن هذه الحرائق بفعل أياد خارجية وداخلية لا ترجو لمصر الخير، إلا أن خبراء الاقتصاد والأمن أكدوا أن هناك أسباباً أخري قد تكون وراء حرق اقتصاد مصر الفترة الماضية.
واستبعد الخبراء وقوع هذه الأحداث للأسباب التقليدية مثل الجرد، خاصة أننا لسنا في موسم الجرد السنوي والذي اعتادت فيه مصر ظهور مثل هذه الحرائق بشركات القطاع العام لإخفائه سرقات أو مخالفات معينة، كما أن ادعاء حرق شركات القطاع الخاص للحصول علي التأمين ليس مقنعاً في هذه الفترة، إذا ما أخذنا في الاعتبار التطورات في الجانب السياسي وقرب الاستقرار بانتخاب رئيس لمصر نهاية الشهر الجاري.
الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى والاستراتيجي الدولي أكد أنه رغم استمرار التحقيقات في أحداث الحرائق حتي الآن، إلا أن هناك 3 احتمالات قد تقف وراء انتشار الحرائق بهذا الشكل المنظم في فترة محدودة، أولها: أياد وقوى داخلية وخارجية تريد تعطيل مسيرة التقدم السياسي والاقتصادي للبلاد، هذا إن سلمنا بنظرية المؤامرة.
وأضاف: الأيادي الخارجية قد تكون من الأعداء الاستراتيجيين «إسرائيل وأمريكا» لأنهم لم ولن يكونوا في أي وقت أصدقاء لمصر حتي لو قدموا دعماً مادياً لنا أو حدث تطبيع، فأطماعهم في مصر معروفة، وإحسانهم علينا لأغراض معينة، فضلاً عن أن هذه الأيادي قد تكون عدواً خارجياً مرحلياً ليس سعيداً بقيام ثورة مصر ويخشي انتقال عدواها إلي بلاده، فيحاول تشويه صورة مصر عقب الثورة حتي يقلل من نجاحها وفائدتها علي البلاد، ومع تصفية جهاز أمن الدولة وضعف وزارة الداخلية تركنا مساحة لجواسيسهم وعملائهم لفعل ما يشاؤون، فالساحة فارغة لكل من يريد اللعب أو تجنيد مصريين من أصحاب النفوس الضعيفة لحرق الاقتصاد المصري مقابل الحصول علي أموال.
وتابع: أما السبب الثاني فيتمثل في الإهمال الجسيم داخل كل المصالح والشركات الحكومية والخاصة، والذي انتشر كثيراً الفترة الماضية مع غياب الجدية واختفاء معايير المحاسبة، فأصبح المناخ مؤهلاً لوقوع مثل هذه الحرائق.
واستمر: السبب الثالث لإشعال المصانع والشركات قد يكون انتقاماً وتصفية حسابات، خاصة مع تزايد الفساد بكل صوره في مصر، فمنظمة الشفافية الدولية قالت في تقريرها السنوي إن مصر أصبحت الدولة 118 من حيث الفساد علي مستوي العالم 2011، مقارنة بترتيب 2010 الذي احتلت فيه مصر ترتيب 98 عالمياً.
وتابع: الانشغال بالسياسة وتسليط الأضواء عليها علي حساب الجانب الاقتصادي الذي عاني من الإهمال كثيراً عقب الثورة، مما فتح الباب لانتشار الفوضى والتخبط فيه، وترك مساحة لكل من يريد إشعال المصانع والشركات للانتقام من شخصيات معينة وتصفية حسابات معهم أو حتي للسرقة.
وتابع: الانشغال بالسياسة وتسليط الأضواء عليها علي حساب الجانب الاقتصادي الذي عاني من الإهمال كثيراً عقب الثورة، مما فتح الباب لانتشار الفوضي والتخبط فيه، وترك مساحة لكل من يريد إشعال المصانع والشركات للانتقام من شخصيات معينة وتصفية حسابات معهم أو حتي للسرقة.
واستبعد «عبده» فكرة وقوف المجلس العسكري وراء الأحداث للاستمرار في السلطة أطول وقت ممكن، مؤكداً أنه حتي الآن لم يثبت وقوف ضباط الجيش وراء حرائق الخمسينيات، كما أن الأحداث كانت مواتية الأسبوع الماضي بعد محاولة اقتحام وزارة الدفاع لاستخدام قانون الطوارئ، ووقف الانتخابات والاستمرار في الحكم إن أراد، إلا أنه لم يفعل وهذا يبرئ ساحته من هذه الاتهامات.
وعلق الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد الخبير الاقتصادي وعميد مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات سابقاً قائلاً: أسباب هذه الحرائق ترجع بقوة إلي ما يطلق عليه «الاقتصاد الخفى» غير الظاهر، وهذا الاقتصاد ليس بعيداً عما يحدث من تطورات علي الساحة السياسية، مشيراً إلي أن هذه الأحداث مخططة ومتعمدة من قبل الفلول التي فقدت مراكزها وامتيازاتها بقيام الثورة، فتختار أماكن محددة بعناية فائقة لإحراقها، مثل مصنع توشيبا العربي بقويسنا، باعتباره رمز القطاع الخاص المصرى الناجح.
وأضاف: الهدف من إحراق رمز من رموز الاقتصاد الناجح هو إرسال رسالة تخويف لمستثمري القطاع الخاص مضمونها أن الفترة القادمة لن تشهد استقراراً، ولن يكون أحداً منكم في مأمن، وقد يطاله التدمير في أي وقت.
كما أن العناصر التخريبية التي تقف وراء هذه الحرائق استهدفت شركات ومصانع للقطاع العام، مثل شركة النصر للبترول بالسويس، وهذا الاختيار تم بعناية فائقة، باعتبارها شركة مهمة من حيث الإنتاج البترولي في مصر، فضلاً عن كونها تقع في إحدي المحافظات التي تعد مصدراً دائماً للقلق منذ الثورة، وشاركت بقوة في إسقاط النظام السابق.
وأوضح «عبدالمطلب» أن بعض التفسيرات تقول إن هذه الحرائق ظاهرة مثل السحابة السوداء، لابد أن تظهر في هذا التوقيت مع قرب انتهاء السنة المالية والجرد، للتغطية عن حالات السرقة والمخالفات التي وقعت، إلا أنني لا أؤيد هذا التفسير، فالأول أقرب للحقيقة مع قرب الانتخابات ومحاولات الفلول إحراج القائمين علي الإدارة الجديدة من خلال الأعمال التخريبية، معتبراً أن ما يحدث طبيعي من قبل مجموعة من الأشخاص تقاوم التغيير، قائلاً: هذا ما يطلق عليه في علم الإدارة «مقاومة التغيير»، وسببه - جزئي - طول الفترة الانتقالية التي تزداد فيها المخاطر.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن خسائر هذه الحرائق من الناحية المادية المباشرة ليست كثيرة، فلن تتعدى الملايين، إلا أن الخسائر غير المباشرة لا تعد ولا تحصى، لأنها ستؤثر علي القطاعات الاقتصادية الحساسة مثل السياحة والاستثمار الأجنبي، كما أنها ستؤثر سلبياً علي أسهم بعض المرشحين المحسوبين علي النظام السابق، مثل الدكتور أحمد شفيق.
واعتبر الدكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم الاستراتيجية أن توقيت وقوع الحرائق المتلاحق والمتزامن يؤكد أن الجزء الأكبر من هذه الأحداث مدبر، والجزء الآخر بالصدفة، مشدداً علي أن المؤشرات حتي الآن تؤكد أن أغلب هذه الحرائق مدبرة ومرتبطة ببعضها وخلفها كل الدول والقوي التي ترغب في تدمير مصر، وهي إسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية والفلول وبعض القوي الثورية والحزبية التي لم تستطع تحقيق أهدافها بعد قيام الثورة.
وأضاف: هناك مصريون يعملون داخل البلاد لصالح قوي داخلية وخارجية لا ترغب في رؤية مصر تقف علي أقدامها من جديد، فيحاولون إرباك السلطة القائمة وجر البلاد إلي ما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا من خلال استفزاز القوات المسلحة علي مدار سنة ونصف السنة تقريباً، فضلاً عن رغبتهم في إضعاف الثورة، خاصة أنهم يستشعرون أن أهدافها تتشابه مع أهداف ثورة 1952 من حيث الاتجاه القومي، ودول مثل أمريكا وإسرائيل وبعض الدول العربية لا تريد للاتجاه القومي أن يحيى من جديد.
ورفض «فؤاد» تحميل الجيش مسئولية الحرائق التي شبت في البلاد عام 1951، قائلاً: الجيش لم يكن المسئول عن حرائق 1951، ولا يوجد كتاب واحد يؤكد ذلك، وبالعكس القوات المسلحة كانت تشارك في الإطفاء بمعداتها، وأتعجب ممن يأخذون الحقائق ويقلبونها، وتداول هذا ثانية جاء نتيجة تغييب الشباب، فشبابنا مغيب، ومع انتشار البطالة والفقر أثرت هذه الشائعات علي الشباب وانتشرت من قبل الجهات التي تنفق حتي الآن علي الشباب، وأنفقت في ميدان العباسية لمحاولة جر القوات المسلحة لاستخدام العنف وإراقة الدماء.
فيما أكد الدكتور هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث سابقاً أن الحرائق جزء من الانفلات الأمني والأخلاقي المنتشر في البلاد، معتبراً أن بعضها وقع بدوافع انتقامية وتصفية حسابات، بعيدة عن الأهداف السياسية وقرب الانتخابات.
واعتبر «الناظر» انتقال الحرائق بين المحافظات دليلاً كافياً علي أنها ذات أهداف انتقامية، قائلاً: انتقلت بين المحافظات بسبب التقليد، فالجريمة دائمة التكرار بسبب التقليد.

عشرات الحرائق والفاعل مجهول
خطة متعمدة لتدمير الاستثمارات الوطنية وتخويف المستثمرين الأجانب

تشهد مصر الفترة الحالية سلسلة من الحرائق المفتعلة والتى تتم وفق خطة مقصودة ومرتب لها بعناية فائقة, ولا يمكن حاليا تحميل الجرد السنوى - الذي كان سبباً دائماً لإحراق مخازن ومستندات مصانع وشركات القطاع العام والخاص لإخفاء جرائم السرقة والاختلاس - المسئولية عن هذه الأحداث, كما أنه لم يعد من المقبول الاكتفاء بتحميل «الماس الكهربائى» المسئولية, فحتى لو كان ما وقع وتسبب فى اشتعال النار فى هذه الشركات والمصانع ماساً كهربائياً, فهو بفعل فاعل لم تتوصل إليه التحقيقات حتى الآن.
سلسلة الحرائق التى تضرب البلاد لم تبدأ الاشهر الماضية فقط, فقد بدأت مبكرا جدا قبيل تنحى الرئيس مبارك عن السلطة بالبلاد, عندما قام ملثمون مجهولون بتفجير خط الغاز المؤدى الى إسرائيل والأردن 5 فبراير 2011, وهو الحدث الذى تكرر 14 مرة حتى إبريل الماضى, دون تمكن السلطات المصرية من منعهم أو حتى تحجيم نشاطهم, ودون تحديد حجم الخسائر التى تكبدتها البلاد نتيجة هذه التفجيرات, وتحديد الفاعل الحقيقى وراءها, ومدى ارتباط ذلك بالوضع السياسى فى البلاد.
تلت المرات الأولى لتفجير خط غاز العريش, حرائق قليلة كل فترة, كأن اشهرها فى إبريل 2011 حريق مصنع الشرقية للدخان بالمنطقة الصناعية بمحافظة 6 أكتوبر والذي يعد بمثابة المرحلة الأولى من مجمع الشرقية الصناعي الذي تبلغ قيمته 5.5 مليار جنيه مصري وافتتح في 31 مارس 2011, وخسرت الشركة ما خسرته.
ثم الحريق الهائل بأحد أكبر فروع مصانع جهينة لتصنيع الزبادى بنفس المنطقة, والذى بدأ بإضرام النيران فجرا فى مخازن الشركة المجاورة للمصنع، ثم امتداد الحريق إلى 90% من المصنع, ليصل حجم الخسائر إلى 350 مليون جنيه، دون التوصل إلى السبب الرئيسى للحريق.
ثم حريق هائل فى محصول القمح بأرض زراعية ببنى سويف يمتلكها القمص عبدالقدوس حنا وكيل مطرانية ببا والفشن وسمسطا ببنى سويف فى مايو 2010, وامتدت ألسنة اللهب لتدمر محصول فدانين ونصف الفدان من القمح كامل النمو بعد تجميعه وتشوينه استعدادا لدرسه.
ثم تبعه الحريق الأشهر بمنطقة وسط البلد بالقاهرة خلال أحداث مجلس الوزراء, عندما اشتعلت النيران فى المجمع العلمى صباح السبت 17 ديسمبر الماضى، وتجددت الحرائق في مبنى المجمع صباح اليوم التالى بعد انهيار السقف العلوي للمبنى من الداخل، فقضي على أغلب محتويات المجمع البالغ عددها 200 ألف وثيقة؛ تضم مخطوطات وكتباً أثرية وخرائط نادرة, وتكلف تجديد المجمع 3٫6 مليون جنيه.
ولم يمر شهران حتى شهدت البلاد سلسلة متتالية من الحرائق, بدأت بحريق 50 فدانا من أشجار النخيل والزيتون في واحة سيوة, مما تسبب في خسائر تزيد علي 7 ملايين جنيه, واحتراق 2500 شجرة ونخلة مثمرة, واستمرت عمليات الإطفاء الأرضية والجوية 12 ساعة.
تلاها حريق هائل شب بمخزن للبلاستيك فى مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية, أسفر عن احتراق المخزن وتصدع مبانيه واحتراق كميات كبيرة من البلاستيك، وقدرت الخسائر المبدئية بنصف مليون جنيه.
ثم شبت عدة حرائق فى شهر مارس كان أشهرها حريقاً هائلاً داخل مصنع كيماويات بالبدرشين, وأتت النيران علي محتويات المصنع بالكامل, ولم تعلن حتى الآن قيمة الخسائر, بالاضافة الى حريق هائل نشب فجرا داخل مخزن تابع لمحافظة القاهرة فى منطقة غمرة, كان يحوي كمية هائلة من مخلفات ومرتجعات المحافظة ولم تحدد حجم الخسائر والتلفيات, فضلا عن اشتعال حريق هائل فجرا في خط الغاز مسطرد - إسكندرية بمدينة الخصوص, دون إعلان حجم الخسائر المادية.
ليأتى شهر إبريل الذى شهد موجة حرائق لم تشهدها البلاد من قبل كان أضخمها وأشهرها حريق فى معامل التكرير بشركة النصر للبترول‏‏ بالسويس منتصف الشهر‏,‏ والذى استمر عدة أيام بعد انتقال النيران إلى تنكات أخرى, وشاركت 4 طائرات و50 سيارة إطفاء من شركات البترول من السويس والقاهرة فى الإطفاء.
وأسفر الحريق عن مصرع عامل وإصابة ‏23‏ آخرين من الشركة وقوات الدفاع المدني‏, وقدرت الخسائر بمليار جنيه إذا ما أخذ بعين الاعتبار سعر بيع المواد التي احترقت والمنشآت البترولية، بالإضافة إلى تأخير تفريغ سفن النفط التي تم إبعادها عن الشواطئ القريبة من الحريق بميناء الزيتيات والغرامات والتكاليف المترتبة عليها.
ورغم أن التحقيقات لم تنته, وبالتالى لم تعلن بعد الأسباب الحقيقية للحريق, إلا أن عدداً كبيراً من مهندسى الشركة أكدوا استحالة حدوث أى تسرب بترولى بالمصادفة لقوة الصمامات الموجودة بالخزانات وإحكام غلقها جيدا, ووصول إجراءات الأمان إلى درجة 100 % بعد حريق معمل شركة السويس لتصنيع البترول والذى سبق حريق شركة النصر بـ 45 يوما.
ولم تمر عدة أيام حتى شب حريق هائل بشارع الخان التجاري بطنطا في خيام الباعة الجائلين وفرع شركة بيع المصنوعات بوسط مدينة طنطا, وامتد الحريق إلى 13 محلا تجاريا و20 باكية لبيع الملابس والمفروشات, وأسفر عن مصرع أربعة أشخاص تفحمت جثثهم, وإصابة 27 آخرين مما تسبب فى خسائر بشرية ومادية تخطت الـ 200 مليون جنيه.
تلا هذا الحريق, اشتعال النيران في مصنع ثلاجات بمجموعة توشيبا العربى بمدينة «قويسنا»‏,‏ وأسفر عن إصابة‏400‏ شخص من عمال المصنع باختناق,‏ وخسائر مبدئية تقدر بـ 60 مليون جنيه مقسمة ما بين 23 مليون جنيه ثمن خسائر 95 وحدة تكييف، والباقى خسائر فى المبنى نتجت عن شدة الحرارة.
تلاها حريق هائل شب في مقر البنك الوطني بالدقي‏,‏ اسفل شقة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم‏, والتهمت النيران الأوراق والمستندات الخاصة بالبنك, ولم تعلن حجم الخسائر أو سبب الحريق حتى الآن.
تلاها نشوب حريق فى أحد فروع محال عمر أفندى بحى مصر الجديدة بالقاهرة، وأسفر عن احتراق البدروم بالفرع بالكامل، ولم تعلن بعد حجم الخسائر المالية.
ووسط هذه الحرائق الكبيرة, نشبت العديد من الحرائق مثل اشتعال النيران في مصنع «الشرق الأوسط» لإنتاج الورق بالمنطقة الصناعية في مدينة شبرا الخيمة، دون إصابات بشرية, وأسفر الحريق عن احتراق 650 طنا من ورق الدوبلكس «منتج نهائي معد للبيع, بجانب نشوب حريق ضخم بمصنع معالجة المياه الناتجة عن حفر الآبار البترولية بالمنطقة الصناعية بمدينة جمصة بمحافظة الدقهلية، نتيجة انفجار أحد الخزانات، وامتدت النيران إلى مصنع آخر مجاور لحلج الأقطان، مما أدى إلى مصرع اثنين وإصابة ثالث, ولم تعلن حجم الخسائر المادية.
بجانب حريق بمزرعة أسمنت باسيوط إثر اشتعال كمية من البوص والأعشاب الجافة داخل المكان المخصص لفرم الأعشاب الجافة داخل المزرعة، وقدرت التلفيات بمبلغ 600 ألف جنيه دون حدوث إصابات بشرية. كما شب حريق هائل بالمنطقة الصناعية بمنطقة الرويسات بمدينة شرم الشيخ دون وقوع خسائر بالأرواح أو إصابات, فضلا عن نشوب حريق هائل بالحوض العائم بترسانة السويس البحرية التابع لقناة السويس.
وأنقذت العناية الإلهية منطقة الشروق الصناعية بالخانكة من حريق هائل اندلع فى أحد المصانع الخاصة بالكاوتش. كما اندلع حريق هائل بمصنع مفكو للأثاث بحلوان, ولم تعلن بعد أسباب الحريق وحجم الخسائر لكل منهما.
فيما شب حريق هائل داخل إحدي محطات الوقود بقرية بلوط بأسيوط‏,‏ أسفر عن إصابة عشرة أشخاص والتهمت النيران المحطة بالكامل. وأنقذت العناية الإلهية مدينة أبو سمبل السياحية من حريق مدمر نتيجة اندلاع النيران في محطة الخدمات البترولية الوحيدة داخل المدينة, ونتج عنه إصابة 3 أشخاص باختناقات واحتراق سيارة نقل وعربة توك توك وتفحمها بالكامل.
وأدى نشوب في حريق هائل بمصنع للكيماويات بالشرقية إلى مصرع عاملين وإصابة آخرين, وتلف منشآت المصنع والتى تقدر الخسائر بملايين الجنيهات‏.‏ كما تمكنت قوات الدفاع المدني من السيطرة علي حريق نشب بمصنع إفيكو للكرتون التابع لمجموعة النساجون الشرقيون بدون خسائر في الأرواح.
أما عن شهر مايو, فقد شب حريق هائل فى مصنع كراسى بامبو بمنطقة العباسية هذا الاسبوع, وأتت النيران على محتويات المصنع بالكامل, ولم تقدر بعد حجم الخسائر المادية, ولم تعلن اسباب الحادث.

الاقتصاد المصري تأكله الحرائق والتعويضات
إبراهيم العربي: التحقيقات جارية في حريق مصنع الثلاجات
مسئول مصر للتأمين: جميع الشركات المحترقة تحت الفحص وتحديد قيمة التعويضات الأسبوع القادم


أدت الحرائق التى امتدت داخل البلاد, ونشبت بالعديد من المصانع والشركات الى خسارة الاقتصاد ملايين الجنيهات, وتحسبا لامتداد الحرائق لمصانع وشركات جديدة, طالبت جمعية التنمية الصحية والبيئية بضرورة زيادة إجراءات الأمن الصناعى, وإلزام أصحاب المصانع بتوفير إجراءات السلامة والصحة المهنية وتشديد عقاب المخالفين.
وكانت الجمعية قد حملت الأمن الصناعي مسئولية ارتفاع معدلات الحرائق والانفجارات في الشهور الماضية, مؤكدة أن الاقتصاد المصري يخسر مئات الملايين من الجنيهات بسبب هذا الإهمال وغياب الأمن الصناعى.
ورغم تأكيد المهندس إبراهيم العربى رئيس مجلس إدارة شركات العربى أن حرق مصنع ثلاجات قويسنا قضاء وقدرا, إلا أنه كشف عن إعادة دراسة تشديد إجراءات الأمن الصناعى بالمجموعة, ووضع خطة لتنفيذ ذلك.
وقال فى تصريحات «للوفد» إن الشركة تكبدت خسائر قدرت من 50 إلى 60 مليونا, لذا وضعت الإدارة خطة انتاجية لتعويض النقص, كما أن الموردين ضاعفوا من الكمية الموردة من الخامات الأساسية.
ونفى «العربى» تأثير ما يحدث من حرائق على فرص الاستثمار العربى والأجنبى داخل مصر, قائلا: «لن يتأثر الاستثمار بهذه الحرائق, فمثلاً.. ما وقع بمصنعنا كان قضاء وقدرا وليس متعمدا, مشيرا إلى أن التحقيقات لاتزال جارية فى هذا الأمر».
وحمل الخبير المصرفى أحمد قورة عناصر أجنبية ومصرية مسئولية محاولة تدمير الاقتصاد بإشعال الحرائق فى المصانع والشركات, قائلا: هذه الحرائق مفتعلة من مصريين وأجانب لهم أغراض خبيثة تتمثل فى زعزعة الاستقرار وإثارة الشغب وخلق نوع من عدم الرضا عن الحكم القائم والثورة وتدمير الاقتصاد, لطلب معونات أجنبية من بنوك عالمية يتم من خلالها رهن الاقتصاد المصرى لجهات أجنبية.
واعتبر «قورة» سوء الإدارة الحالية بالبلاد السبب الرئيسى فى نجاح محاولات تدمير الاقتصاد, قائلا: نحن نساعد الغرب على تنفيذ مخططهم الخبيث بسوء إدارة البلاد, فنجاح أى عمل يتوقف على حسن الإدارة.. فإذا حدثت قلاقل فى ظل وجود إدارة ناجحة لن تتأثر البلاد, ولكن توقف الكثير من المصانع دون تدخل الحكومة, وسرقة بضائع مصانع أخرى كانت فى طريقها للبيع دون تدخل الداخلية, وغيرها كثير أكد أن الإدارة فاشلة, ولم تستطع الحفاظ على الاقتصاد وتوفير الاستقرار له.
وعن حجم الخسائر التى تكبدتها البلاد جراء الحرائق المتتالية, قال: لا أحد يستطع حصر الخسائر المادية, لعدم وجود جهة بالبلاد تختص بالمتابعة والتقييم, وهذا جزء من سوء الإدارة, فلا تتوفر حتى الآن لدى الجهات الحكومية معلومات دقيقة لكل ما يتعلق بالاقتصاد من شركات ومصانع وبنوك وغيرها.
وربط الخبير المصرفى توقف إشعال الحرائق فى الاقتصاد المصرى بتولى قيادات على مستوى عال من الكفاءة والمسئولية الملف الاقتصادى, قائلا: إذا تولى الملف الاقتصادى قيادات ذات مستوى عال من الكفاءة وترعى الله وتخاف على مصلحة البلاد ستتوقف الحرائق خلال 48 ساعة, مؤكدا على تأثر البنية التحتية للاقتصاد المصرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة بما تعانيه المصانع والشركات والبنوك من حرق متتال.
ورغم أن المصانع والشركات الكبرى أعلنت عن حجم خسائرها جراء الحرائق وقدرتها بالملايين, إلا أنها أشارت إلى تأمينها على هذه الشركات والمصانع, فأكدت إدارة مجموعة جهينة أن المصنع المحترق مؤمن عليه بـ 296 مليون جنيه ببنك المهندس, كما أكدت مجموعة توشيبا العربى وشركة النصر للبترول أنهما مؤمنان عليهما بشركة مصر للتأمين, وهو ما يقلل من حجم خسائرهم.
وأكد جمال عبدالعال رئيس قطاع منطقة القاهرة بشركة مصر للتأمين أن جميع شركات التأمين فى مصر لا تعمل إلا إذا أعادت التأمين مرة أخرى على الشركات لدى شركات تأمين أجنبية, طبقا لما ينص عليه القانون المصرى.
وأوضح أن شركات التأمين تتحمل جزءا من الخسارة جراء احتراق مصانع أو شركات مؤمن عليها, إلا أن الجزء الأكبر تتحمله شركات التأمين الاجنبية, قائلا: لا توجد شركة تأمين لا تتأثر بخسارة الشركات المؤمن عليها, فشركات التأمين المصرية تتحمل جزءًا من التأمين يسمى بحد الاحتفاظ, مشيرا إلى أن حجم خسارة كل شركة لن تظهر حاليا, ولكن سيظهر مدى تأثر كل شركة فى ميزانية الشركة نهاية السنة المالية.
وبالنسبة للمصانع والشركات التى تعرضت للحريق ومؤمن عليها بالشركة أكد أن أشهره شركتا توشيبا العربى فرع قويسنا والنصر للبترول بالسويس, مشيرا الى أنه سيتم نهاية الأسبوع المقبل تحديد قيمة التعويضات التى تستحقها كل شركة, لأن جميع الشركات المحترقة لا تزال تحت الفحص.

أطماع القوى الإسلامية
حاربوا القوى المدنية باستخدام الدين.. حاولوا تشويه الثوار.. أيدوا حكومة الجنزوري.. ثم هاجموها للاستحواذ على السلطة


 

بعد اندلاع ثورة يناير انصهرت القوى الإسلامية مع باقى القوى المدنية فى قلب ميدان التحرير لإسقاط النظام وتوحدت كل الأهداف والمطالب حتى تنحى مبارك وتولى المجلس العسكرى السلطة، يومها تفرق شمل القوى السياسية وانشغلت القوى الإسلامية بجمع المغانم وانفصلت عن التحرير تماماً وغيرت قبلتها ناحية السلطة والسيطرة على مقاليد الحكم فى البلاد.
فبينما واصل الثوار والقوى المدنية التظاهر فى ميدان التحرير من أجل استكمال أهداف الثورة والإعداد لمليونيات للضغط على المجلس العسكرى من أجل عمل الإصلاحات السياسية كانت جماعة الإخوان تعيد ترتيب أوضاعها فى الشارع استعداداً للانتخابات وحاولت ترسيخ وجودها وتركت مهمة مطالب الثورة إلى القوى المدنية فاهتم الثوار بالضغط لمحاكمة مبارك ورموز فساده ورفعوا قضايا لحل الحزب الوطنى وإلغاء المجالس المحلية وأجبروا العسكرى على اتخاذ خطوات جريئة بفضل قوى الدفع الثورية.
ولكن القوى الإسلامية انتشرت فى الشوارع وتحالفت مع المجلس العسكرى الذى أخرج قياداتهم من السجون وترك لهم الملعب السياسى يروجون فيه أفكارهم وكان ثمار هذا التحالف استحواذ الإخوان على لجنة التعديلات الدستورية.. ودارت معركة بين القوى الإسلامية والمدنية على تلك التعديلات، فالقوى المدنية كانت ترى ضرورة إصلاح ما أفسده نظام مبارك والتدشين لحياة ديمقراطية سليمة بعمل الدستور أولاً، فى حين كانت القوى الإسلامية ترى عكس ذلك وتصارع نفسها لإجراء انتخابات برلمانية على اعتبار أنها القوة الوحيدة التى تركت الميدان ونزلت إلى الشارع وكانت تضغط من أجل إجراء الانتخابات أولاً على اعتبار أنها القوى القادرة على حصد أغلبية البرلمان.
ولم تدخر القوى الإسلامية سلاحاً فى مواجهة القوى المدنية فى معركة الدستور أم الانتخابات وسخرت الدين فى خدمة هذا الهدف، فكانت تروج أن التصويت بنعم هو الطريق إلى الجنة وغير ذلك من طرق الاستقطاب الدينى الواضح وكانت النتيجة محسومة لصالحها، فالدين هو أفيونة الشعب.
بعد الاستفتاء منح العسكر للإسلاميين شرعية التواجد فى الملعب السياسى بالسماح لهم بإنشاء أحزاب ادعت قيادات القوى الإسلامية أنها مدنية فى البداية ولكنها لم تكن كذلك، فالاستقطاب الدينى كان واضحاً فى تلك الأحزاب التى خاضت الانتخابات البرلمانية

بنفس طريقة الاستفتاء بل إن معظم الشيوخ وعلماء الإسلاميين أفتوا بأن التصويت لغير الأحزاب الإسلامية حرام شرعاً، وكان من الطبيعى أن تحصد القوى الإسلامية أغلبية كبرى فى البرلمان بعد هذا الاستقطاب وصلت إلى 70٪ من المقاعد.
ردت القوى الإسلامية الجميل للمجلس العسكرى بحمايته فقاموا بتشويه الثوار الذين هتفوا بسقوط حكم العسكر ولم يتضامنوا مع أى قوى مدنية نزلت إلى التحرير اعتراضاً على الأخطاء التى ارتكبها المجلس العسكري، بل انه فى مظاهرات 25 يناير الثانية كانت القوى الإسلامية هى صوت العسكر فى الميدان ودافعوا عنه وقاموا بحماية شرعيته حتى حصدوا نفس الأغلبية فى انتخابات الشورى نتيجة مقاطعة الشارع لها بدعوى عدم أهمية مجلس الشوري.
بعد انتهاء الانتخابات والدعوى إلى اجتماع مشترك لمجلسى الشعب والشورى لوضع معايير الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور الجديد تعرضت القوى الإسلامية التى أظهرت نوايا صريحة فى الاستحواذ على كافة مقاليد الحكم فى البلاد بعد أن سيطروا على عدد كبير من مقاعد الجمعية التأسيسية تعرضوا لهجوم القوى المدنية ولم يناصرهم العسكرى كعادته بل ترك المعركة بينهم دون تدخل وكانت النتيجة حل الجمعية التأسيسية نتيجة حكم قضائى حصل عليه أستاذ القانون جابر نصار.
حكومة الجنزورى أيضاً فضحت القوى الإسلامية، فعقب المظاهرات التى اندلعت للمطالبة بإقالة حكومة عصام شرف بارك الإسلاميون حكومة الدكتور كمال الجنزورى وقدموها إلى الشارع على أنها المخلص والمنقذ، وبعد أشهر وعندما اكتشفت القوى الإسلامية أن حكومة الجنزورى تسير عكس إرادتها أدركت أن وجودها يمثل خطراً عليها، خاصة بعد أن رفض العسكرى تشكيل حكومة تضم عدداً كبيراً من الإسلاميين.
وأيضاً الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب قال: إن الجنزورى هدده بحل البرلمان، فشنت القوى الإسلامية أعنف هجوم على الحكومة وقامت بسحب الثقة منها فى البرلمان وطالبت المجلس العسكرى بإقالتها بعد رفضها تقديم استقالتها ووصل الأمر إلى حد تعليق جلسات البرلمان وعندما فشلت كل حيل البرلمان فى سحب الثقة لم يجد الكتاتنى سوى الاستسلام وتهدئة الأمور حتى لا يخسر معركته مع الحكومة.
الغريب فى الأمر أن القوى الإسلامية التى خاصمت التحرير بعد الثورة ولم تقم بعمل مظاهرات فى التحرير إلا مرة واحدة فقط للاعتراض على وثيقة «السلمي» وجدت نفسها فجأة مضطرة إلى النزول إلى الميدان فى الأيام الأخيرة للاعتراض على سياسات المجلس العسكرى وبالطبع لم تجد مساندة من باقى القوى السياسية فظهرت مليونياتها شاردة وضعيفة فى مواجهة العسكر.
القوى الإسلامية أيضاً لجأت إلى وزارة الدفاع للتظاهر أمامها للاعتراض على سياسات العسكرى بعد أن وجدوا نتائج مظاهرات ميدان التحرير غير مجدية على الإطلاق.
الدكتور محمد النجومى - الخبير الاستراتيجى - قال: إن اعتراض جماعة الإخوان على حكومة الجنزورى يأتى من منطق وحيد هى أنها تريد أن تشكل الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة أن موقفها فى غاية الصعوبة وفرصة مرشحها الدكتور محمد مرسى فى الوصول إلى كرسى الرئاسة تبدو مستحيلة، ولذلك لجأت إلى الحكومة وتريد تشكيلها بأغلبية إخوانية حتى تحمى البرلمان، وأيضاً حتى تقوم بزرع رجالها فى الوزارات خلال بضعة أسابيع فقط وهو نوع من تثبيت سلطتها على الأرض.
أشار الدكتور إبراهيم زهران - رئيس حزب التحرير المصرى - إلى أن التنظيم السرى للإخوان هو المسئول عن الحرائق التى تحدث فى مصر الآن والصراعات السياسية، فالإخوان عندما رفضوا الحكومة وفشلوا فى إقالتها يحاولون الآن إحراجها عن طريق خلق أزمات متتالية لها حتى تخسر كل ما لديها فى الشارع.. وقال: إن التيارات الإسلامية لا تريد وضع دستور فهم يرون أن القرآن هو الدستور وهم يماطلون فى الوصول إلى توافق عام حول تأسيسية الدستور حتى يمكنهم فرض القرآن كدستور.. وأشار «زهران» إلى أن أطماع القوى الإسلامية فى السلطة هى التى وضعتنا فى هذا المأزق الصعب الذى نعيشه الآن، وهم يريدون أن يحصلوا على الحكومة وكرسى الرئاسة، كما أنهم يريدون أيضاً أن يسير الشعب وراءهم ومن يعارضهم فهو كافر وعدو للدين الإسلامي.

أخطاء شباب الثورة

80 مليونية في التحرير بدون أهداف واضحة.. والانفلات الأمني أدي إلي سخط شعبي علي الثورة
ضعف الخبرة السياسية وكثرة الائتلافات وغياب الرؤية أسباب تشويه الثوار

لم يستطع شباب الثورة أن يحافظوا علي مكاسب الثورة وتراجعوا إلي الخلف وتمسكوا بالميدان وتركوا الشارع فكانت النتائج التي تحققت بعد مرور ما يقرب من 16 شهراً علي ثورة 25 يناير هي وجود حالة من السخط علي شباب الثورة ونجحت المحاولات التي قام بها البعض لتشويههم، خاصة بعد الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد.
فمنذ اندلاع الثورة قام الثوار بتنظيم ما يقرب من 80 مليونية جعلتهم يدخلون في صدامات مباشرة مع الشارع المصري الذي يبحث عن الاستقرار ولكن القوي الدينية والمجلس العسكري روج لفزاعة المليونيات، فظهرت كما لو كانت تسير عكس إرادة الشارع المصري، رغم أن الثوار مشغولون حتي الآن في تحقيق أهداف الثورة التي لم تتحقق، ويحاولون الضغط علي العسكري للدفاع عن حقوق الثورة المشروعة وهو ما خلق الأزمة، خاصة أن إصرار الداخلية علي عدم تحقيق الأمن في الشارع لا يزال مستمراً.
الثورة التي اندلعت يوم 25 يناير كانت بلا قيادة واضحة في الميدان وهو ما حقق لها ميزة وحيدة، وهي مشاركة كل القوي فيها، فالثورة المصرية عكس كل الثورات كانت نابعة من الشعب، وبقدر ما كان ذلك ميزة كان عاملاً سلبياً، خاصة أن القوي الثورية انقسمت في عدة كيانات وكل منها أصبح له مطالب مختلفة، ففقدت الثورة وحدتها التي هي مصدر قوتها.
كما أن الثوار بعد تنحي مبارك مباشرة تركوا ميدان التحرير وسلموا بفكرة تسليم السلطة إلي المجلس العسكري بعد إذاعه عمر سليمان نائب الرئيس لبيان التنحي، فظهر الميدان خالياً من الثوار في اليوم الثاني للتنحي مباشرة دون أن يتفقوا مع العسكر علي الجدول الزمني لتسليم السلطة وعمل الإصلاحات السياسية فكانت النتيجة أن عادوا إلي الميدان ولكن في شكل كيانات متفرقة ومتنافرة ومتناحرة.
شباب الثورة لم ينضموا إلي كيانات سياسية أو أحزاب وكل ما نجحوا فيه هو تكوين مجموعة من الائتلافات الثورية التي وصل عددها بالمئات الآن، وكلها مختلفة في المطالب عن الأخري، وكان ذلك واضحاً في عدد من المليونيات التي كانت تطالب بتسليم السلطة إلي مجلس رئاسي مدني وطرح كل ائتلاف مجموعة من المرشحين ولم يكن هناك اتفاق علي أسماء بعينها فماتت الفكرة بعد ولادتها مباشرة.
الثوار تركوا الشارع فريسة للتيارات الدينية وانشغلوا بعد ذلك بتحقيق مطالب الثورة في الوقت الذي قام فيه الإسلاميون بالنزول الي الشارع وعقدوا مؤتمرات انتخابية حتي تلقي شباب الثورة أول صفعة في الانتخابات البرلمانية التي لم يحصل فيها شباب الثورة سوي علي 7 مقاعد فقط وبعدها قام نواب البرلمان نفسه بتشويه الثوار.
وعندما حاول الشباب تصحيح مسار الثورة في مظاهرات 25 يناير الثانية وجدوا التيارات الإسلامية تقف لهم بالمرصاد، فحينما أعلنوا أن الشرعية في الميدان وجدوا بعض الأصوات الإسلامية تشوه الثوار وتنال من عزيمتهم.
وعلي مدار المليونيات الـ 80 الماضية لم يتفق الثوار علي مطالب موحدة وحتي فكرة تسليم العسكر للسلطة لم يكن هناك اتفاق حولها، فهناك من نادي بتسليمها إلي مجلس رئاسي مدني وهناك من طالب بتسليمها إلي البرلمان وقوي ثورية أخري طالبت بتسليمها إلي رئيس المحكمة الدستورية.
الثوار أيضاً أفرطوا في المظاهرات بشكل كبير حتي فقدت معناها وجدواها وظهرت حالة من السخط العام عليها وتلك نقطة الضعف الخطيرة التي سمحت للعسكري بمهاجمتهم، خاصة أن هناك عدداً كبيراً من الثوار تمسكوا برأيهم ورفضوا التفاوض علي مطالبهم بل إنهم وجهوا بعض الإهانات إلي القوات المسلحة وردوا اعتداءات الجيش عليهم، وهو ما ساعد علي الترويج لتلك الاعتداءات بشكل يخالف الحقيقة حتي فقد الثوار جزءاً كبيراً من التعاطف الشعبي معهم.
أحمد خيري المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار قال: إن الأخطاء التي وقع فيها شباب الثورة جاءت نتيجة عدم وجود نضج سياسي كاف لديهم يمكنهم من استقراء الأمور والأوضاع المستقبلية، كما أنهم صاروا خلف التيارات الدينية التي استغلت شباب الثورة للضغط علي المجلس العسكري لإصدار قوانين لصالحهم سواء الرئاسة أو البرلمان ولكن أصبح الآن هناك فهم لتلك القضية.
أشار إلي أنه كان علي الثوار أن ينضموا إلي كيانات حزبية حتي يتمكنوا من ممارسة العمل السياسي، كما أنهم بحاجة إلي نوع من النقد الذاتي حتي يتعلموا من أخطائهم ويقوموا بتصحيحها، كما أن الخطأ الأكبر أنهم لم يقبلوا لمن هم خارج أعمارهم السنية ورفضوا أشخاصاً كانوا يملكون الخبرة، إما لأنهم ينتمون إلي النظام السابق أو أنه خارج المرحلة العمرية لهم.
وأكد أن عدم وجود قائد للثورة كان لطبيعتها الخاصة وهو جانب إيجابي لإظهارها علي أنها غير مرتبطة بقوي أو تيار سياسي معين، ولكن الجانب السلبي يكمن في عدم القدرة علي التفاوض مع شخص معين علي مطالب الثورة.
وأضاف أن هناك تأثيراً حدث علي المسيرة الثورية وحدث تشوه للصورة الثورية وفقدنا أرضية كبيرة في الشارع ولم نحصل علي عدد مناسب من المقاعد في البرلمان ولكن كل هذه الأخطاء سيتم تداركها في المستقبل.
وقال الدكتور السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمقراطية: إن الخطأ الأكبر للثوار أنهم تركوا الميدان في 11 فبراير ولم يتمسكوا بحقهم في نجاح ثورتهم وكان يجب علي الثوار مقاطعة استفتاء 19 مارس ومنعه لأنه السبب في الأزمات التي نعاني منها الآن، وكان المفترض أن يتم تغيير النظام بشكل جذري والتصدي لكل محاولات الالتفاف علي الثورة عن طريق الصفقات مع المجلس العسكري التي عقدتها القوي الإسلامية، وأشار إلي أن الثوار كان عليهم أن يتمسكوا بفترة انتقالية لتأهيل الشعب وإدارة المرحلة الحالية بشكل أفضل حتي يكون هناك قدرة علي تغيير البلاد بدلاً من المأزق الذي نعيشه الآن.
وأكد أن الثورة لم تكن بلا قائد وكان بالإمكان توحيد الصفوف بعد تنحي مبارك وإيجاد قيادة جماعية ولكن النخبة كانت سبباً في تفتيت الشباب حولهم والمجلس العسكري يتحمل جزءاً من ذلك، فكثرة ضغوطه وعدم اتخاذ خطوات جادة سبب رئيسي في عدم وجود قيادة.
وأشار إلي أن الثوار انشغلوا بالمليونيات عن الشارع ولم يتفقوا خلالها علي مطالب واحدة حتي تعرضوا للتشويه الواضح والمتعمد، والأخطر أن عدم استقرار البلاد أدي إلي انقلاب الشارع علي الثورة والثوار، وربما كان ذلك عن قصد وسوء نية.

فلول الوطنى ومعركة النفس الأخير
رجال أعمال «مبارك» يمولون عمليات الفوضى وتعطيل الانتخابات الرئاسية
تنظيم «جمال» و«عز» يضم 42 ألف بلطجى لحماية مصالح النظام السابق

لا يمكن النظر إلى الحرائق المشتعلة فى مصر بمعزل عن النظام السابق، فالمشهد الذى وضعنا فيه مبارك ونظامه كان مليئاً بالسواد والعبثية وتفاصيل الصوره التى رسمها النظام المخلوع ببراعة شديدة تشبه مخلفات الحرب فى كل مكان، ففلول الحزب المنحل المنتشرين فى كل شبر جاهزون للانقضاض على الثورة وإشعال الحرائق فى البلاد وبعض رجال أعمال النظام السابق ينفقون بسخاء لتحقيق هذا الهدف.
فلول الوطنى تلقوا أكبر صدمة فى الانتخابات البرلمانية الماضية، وطبق الشعب عليهم العزل السياسى وأبعدهم عن المشهد تماماً، رغم أن الأمل كان يراودهم فى تحقيق عدد كبير من المقاعد يمكنهم من استعادة النظام المخلوع ولكن ذلك لم يحدث فكان البديل هو الفوضي.
فلول الوطنى يدركون حقيقة أن بقاء العسكرى فى السلطة يدعم بقاءهم وأن انهيار النظام بمجرد إعلان اسم الرئيس الجديد يعنى نهاية وجودهم، فهم يخوضون الآن معركة النفس الأخير للحفاظ على شرعية وجودهم ويسعون بكل قوة الآن إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، خاصة أن الرئيس القادم من الممكن أن يفتح ملفات الفساد التى تم إغلاقها ويكشف تورطهم فى عدد من قضايا الفساد.
ومن يتابع الأحداث جيداً يجد أن متغيراً مهماً أشعل الأحداث - كما يؤكد الدكتور أحمد يوسف أستاذ العلوم السياسية – وهو اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التى تعتبر نهاية المرحلة الانتقالية، وبمجرد إعلان اسم الرئيس القادم يعتبر نجاحاً للخطوة الأولى للثورة، وهو ما جعل الفلول يتحركون فى كل اتجاه لإفساد انتخابات الرئاسة، التى تدشن لمرحلة ما بعد نظام مبارك وتكتب نهاية من كانوا أحد أهم صناع الفساد.. والأخطر كما يقول يوسف: إن فلول نظام مبارك يدركون جيداً أن بقاء العسكرى فى مصلحتهم ويبعدهم عن شبح المحاكمات، فكان لابد أن يتحرك رجاله لإحداث اضطرابات فى البلاد لعرقلة الانتخابات القادمة فهم لديهم خريطة بالأماكن التى يمكن أن يحدث فيها اضطرابات ولديهم الأسلحة التى يمكن أن يشعلوا بها نيران الفتنة، وبالفعل نجحوا فى ذلك، خاصة مع عجز الداخلية للقضاء على الانفلات الأمني.
وتوقع أحمد يوسف أن تتكرر حوادث الفتنة فى العديد من الأماكن، خاصة أن المزاج العام فى مصر غير منضبط، خاصة أن لدينا فى مصر الآن قطاعين أحدهما يؤمن بضرورة الثورة والبقاء فى الميدان، والآخر يطالب بالاستقرار والاكتفاء بما حدث من مليونيات، وكلاهما من الممكن أن يصطدم ببعضه فى الفترات القادمة لو استمرت حالة الانفلات الثورى قائمة.
ويذهب الدكتور محمد الجوادى - أستاذ الاجتماع السياسى - إلى سيناريو آخر للأيدى الخفية التى تعبث بوحدة المسلمين والأقباط قائلاً: إن فلول الوطنى وراء ما يحدث ويبدو أنهم حصلوا على الضوء الأخضر للتحرك فساروا فى كل شبر لإحداث فوضي، خاصة أنهم يشعرون الآن بقوتهم ومدى تأثيرهم على الحياة السياسية فى مصر، خاصة أنهم أقوى من المجلس العسكرى الحاكم فى مصر الآن.
وأضاف: أن رجال أعمال النظام السابق، الذين ارتبطوا بمصالح مباشرة مع نظام مبارك يمولون عمليات الفوضي، والنظام الحاكم فشل فى محاولة إبعادهم عن المشهد أو حتى الاستفادة منهم بشكل سياسى فشعروا بالتهميش فانطلقوا لإحداث الفوضى فى مصر.
واعتبر «الجوادي» ان تنظيم جمال مبارك وأحمد عز الذى يضم فى قوامه 42 ألف بلطجى ليس بعيداً عما يجرى فى مصر الآن، فهذا التنظيم تم إعداده بعناية طوال سنوات حكم مبارك ليكون أداة الوريث فى وأد أى احتجاجات تحدث وإحداث فوضى فى البلاد عند اللزوم والحل هو استخدامهم فى وظائف تشبه الأدوار التى يقومون بها الآن مثل حراسة السجون والكنائس والأديرة إلى غير ذلك من الوظائف.
وأشار «الجوادي» إلى أن التنظيم السرى موازى لأمن الدولة وليس تابعاً له فكان كل وظيفته التى مازال يمارسها حتى الآن هى حماية الحزب الوطنى ودعم وجوده، وهذا الأسلوب كان يتبع فى الدول الشيوعية الديكتاتورية واستعان به النظام المخلوع وجمال مبارك لأهداف محددة.
ويرى عبدالغفار شكر - وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى - أن الجزء الأكبر من الأزمة التى نعيشها وكان يمكن أن نقضى على الفلول وكل بقايا النظام السابق هو أننا بدأنا بالانتخابات البرلمانية أولاً، ولم نضع الدستور فى البداية، وبالتالى تداعيات هذا الخطأ تظهر الآن، التى قام باستغلالها البعض لصالحه، والخطأ الاكبر لكل المشاكل حتى فى حالة وجود الفلول هم الإسلاميون الذين اعتقدوا أن قدرتهم أكبر من أى قوي، والآن هم يدركون مدى الخطأ الذى ارتكبوه.
وأضاف أن القوى المدنية كلها متوحدة على موقف واحد لمنع انفراد الإسلاميين ومنع وجود الفلول والقضاء عليهم بكل الطرق.