عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البرلس.. بحيرة ابتلعها الكبار

بوابة الوفد الإلكترونية

البرلس - بحسب الروايات التاريخية - علي قمة بحيرات العالم، ولكن هيئة الثروة السمكية وحيتان الفساد يخسفان بالبحيرة سابع أرض ويغرقانها في بحر بلا آخر..

الأساطير تقول ان «البرلس» هي المكان الذي هبط إليه «آدم» عليه السلام بعد خروجه من الجنة.. وتقول أيضا إنها المكان الذي اختارته أزوريس لتخفي ابنها «حورس» في إحدي جزرة، وبفضل تلك الجزيرة نجا «حورس» من القتل وحكم مصر.
وحقائق التاريخ تؤكد - أيضا - انه من البرلس خرج اللحن السنجاري الذي تتبتل به كنائس مصر جميعا.. ذات الأرض تحتضن جسد صحابي جليل وهو «غانم بن عباد الله الأشعري الأخ الأكبر لأبي موسي الأشعري».
هذا المكان الأسطوري سقط الآن في قبضة حيتان الفساد الذين استولوا علي 170 ألف فدان من أراضي البحيرة.. رغم أنها محمية طبيعية منذ عام 1989.
انشغلت هيئة الثروة السمكية فى كفر الشيخ بإزالة شباك الصيادين الغلابة من مياه بحيرة البرلس وتركت «الحيتان» من أصحاب النفوذ، وتهاونت الهيئة مع «حيتان البرلس» وتبعتها بتراخى مع تجار الرمال الذين دعمتهم الدولة بمبلغ 50 مليون جنيه لتطهير البحيرة من الحشائش والبوص وكافة الرمال وتعاقدت مع شركة المقاولون العرب للقيام بهذه المهمة وإخراج الرمال على شواطئ البحيرة وبعدها قامت مافيا الرمال بسرقتها فى وضح النهار أمام أعين مسئولي المحافظة والثروة السمكية والمسطحات المائية.
والغريب انه فى يونيو الماضى أعلنت الحكومة ممثلة فى وزير الصناعة سمير الصياد عن إعادة طرح مشروع لاستخراج المعادن من الرمال السوداء بكثبان بحيرة البرلس التى تفوق استثماراتها 120 مليون دولار للاستثمار الاجنبى..... والسؤال كيف تقوم الحكومة بإبرام عقد ببيع تلك الرمال والتى لم يعد لها وجود بسبب قيام المافيا بسرقتها.


«الوفد» ذهبت الى بحيرة البرلس ورصدت بالصوت والصورة حالات التعدى على البحيرة التى تظهر ملامحها قبل دخول مدينة بلطيم بـ10 كم من على الطريق الدولى الذى تم انشاؤه على أطراف البحيرة ويعتبر هذا الطريق حدا لها، وعلى امتداد البحيرة تشاهد سطو وتعدى حيتان البحيرة على مساحات كبيرة من البحيرة وتحويلها لمزارع سمكية وذلك عن طريق إقامة العديد من سدود الرمال المسروقة.
ووضع لافتات تشير الى امتلاكهم أراضى البحيرة، وأمام ميناء البرلس توجد كثير من الورش الصناعية لأباطرة صناعة السفن الذين قاموا بردم البحيرة وتسويتها بالطريق الدولى.
تقابلنا مع « عبد المجيد القن « رئيس جمعية الصياديين وعضو الاتحاد التعاونى بالثروة المائية فاكد ان البحيرة تعرضت للنهب والاغتصاب من الحيتان المدعومة من أباطرة النظام السابق الذين أقاموا السدود وقسموا البحيرة فيما بينهم وجعلوها مزارع سمكية خاصة بهم مما تسببوا فى تآكل مساحات شاسعة من مياه الصيد الحر بالبحيرة وحرموا أكثر من 80 الف صياد يعيشون طيلة عمرهم على تلك المهنة ومصدر رزقهم الوحيد.
وأضاف «القن» الهيئة شاركت فى الجريمة، حيث قامت باغتصاب 60 الف فدان من البحيرة وتوزيعها لاصحاب النفوذ تحت مسمى الإيجارات منذ عام 1983 الى الآن ولم يكتف أصحاب النفوذ بالمساحات المخصصة لهم بل توسعوا فى التعدى على البحيرة واضافة مساحات اخرى لهم لتصل مساحة المستقطع من اراضى البحيرة الى عشرات الآلاف من الأفدنة.
وواصل «القن» بعض كبار الصيادين اقاموا «التحاويط والدور» بالمخالفة لقانون الصيد الذى يمنع «غزل المد» وتتفرع منه صناديق تطفو على الماء
حيث احاط كل معتدى على منطقة مساحتها 100 متر مربع ما يؤثر على عملية الصيد ونمو الزريعة، وهذه التحاويط تجعل المعتدى يصيد جميع الأسماك بما فيها الاسماك الصغيرة « الزريعة « الممنوع صيدها.
وطالب «القن» بضرورة عزل قطاع الصيد عن وزارة الزراعة وان يكون لها وزارة مستقلة لتدير شئون البحيرات المنتشرة فى جميع انحاء الجمهورية وتضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه بالتعدى على مساحات الصيد الحر واإهدار الثروة السمكية.
يلتقط أطراف الحديث أحمد فرجانى «صياد» ويقول مهنة الصيد لم تعد مصدر رزق للصيادين بسبب استحواذ قلة على البحيرة ومنع الصيادين من المرور أمام الأراضى المستقطعة... لقد تحول الواقع وصار الصيادون أشبه بصغار السمك الذى يجب عليه ان يتصدى لحيتان المافيا.
وطالب عبدالعظيم كامل مراد «بائع أسماك» بإنقاذ الصيادين الغلابة الذين يتعرضون للضرب والطرد من ذوى النفوذ الذين يمنعونهم من الصيد.
من جهة أخرى تمكنت «الوفد» من الحصول على مستندات بأسماء 100 صياد وتاجر من أصحاب اللنشات التى تعمل بنقل وتجارة الأسماك بالمخالفة لقانون الصيد رقم 124 لسنة 1989والتى تمنع أى مركب يعمل بالوقود بالسير فى البحيرات « المحميات الطبيعية « فى حين يعمل 400 لانش تحركه الماكينة وأغلبها يعمل فى صيد الزريعة.


وأوضح محمد الاجرود - محام - ان بحيرة البرلس منذ قديم الأذل تعد ثانى اكبر بحيرات الجمهورية الطبيعية من حيث المساحة وتنوع الاسماك بها، وقال التاريخ يؤكد ان بداية ظهور الإنسان الأول بدأ ظهوره فى ثلاثة أماكن هي جنوب شرق آسيا أو شبه الجزيرة العربية أو ضفاف بحيرة البرلس.
ورغم التاريخ الحافل للبحيرة فقد تعرضت لانتهاكات صارخة تحت سمع وبصر المسئولين على كافة المستويات التنفيذية والشعبية، ففى كتاب وصف مصر ورد ان مساحة البحيرة 270 ألف فدان، ثم قدرت فى عام 1913 بنحو 180 ألف فدان وظلت تتقلص الى ان وصلت قبل ثورة يناير 2011 الى 130 ألف فدان، وهذه المعلومات وردت فى كتاب بحيرات مصر وكتاب البرارى الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، وبعد الثورة حدثت تعديات خفضت مساحة البحيرة الى 100 ألف فدان والصياد الذى كان يتكسب قوته من الصيد بالبحيرة يعانى اليوم من سيطرة الحيتان علي البحيرة.
كما قام بعض ذوى النفوذ الآخرين بعمل سدود داخل منطقة الصيد الحر، حتى ان الصياد الفقير لا يستطيع الحصول على رزقه، والأدهى من ذلك قيام محافظ كفر الشيخ أحمد عابدين بالاعتداء على البحيرة من خلال بناء عدد من العمارات فوق ارض البحيرة وباعها فى مزاد ووصل سعر الوحدة منها الى 200 ألف جنيه.
كما ان رافد الطريق الدولى أهدر شريطاً ساحلياً بطول شاطىء البحيرة على ضفاف مدينة بلطيم والقرى المجاورة.
وواصل الاجرود يحسب للمحافظ مطالبته للحكومة بتخصيص ميزانية لتطهير بحيرة البرلس وبالفعل قد تم تنفيذ

المرحلة الأولى منه، ولكن الرمال المستخرجة من التطهير سرقتها مافيا تجارة الرمال، وهذه الرمال السوداء بها كثير من المعادن الهامة التى تصلح لكثير من الأغراض منها على سبيل المثال صناعة الطوب بكافة اشكاله، وتوجد دراسات عديدة لإنشاء مصانع لانتاج الطوب من تلك الرمال لتتحقق انتعاشة اقتصادية كبيرة لمصر وتوفر فرص عمل جديدة للشباب.
وأضاف الاجرود ان أمام المحافظة فرصة للحفاظ على المساحة المتبقية من البحيرة من خلال حصر الإيجارات بدقة وانتداب لجنة هندسية ومسحية لرفع هذه المساحات ورد الزائد منها الى الدولة والمساواة بين أصحاب المزارع وفقراء الصيادين فى استئجار مساحات مماثلة حتى يتساوى الجميع فى كافة الحقوق وتعود البحيرة الى الصيد الحر للغنى والفقير، ولابد من القضاء على ظاهرة بناء السدود.
وأكد الاجرود ان هيئة الثروة السمكية أصبحت لا تمارس مهام عملها من الناحية الرقابية، فما يحدث من إهدار وتدمير للمزارع والحضانات فى بحيرة البرلس جريمة كبرى.
ولابد من إزالة كافة التعديات الموجودة على البحيرة باعتبارها محمية طبيعية ويمنع فيها البناء وكذلك الاستقطاع أو الردم، والقضاء على بؤر التلوث الموجودة داخل البحيرة التى تؤدى إلى تلوث الاسماك والقضاء على الثروات النادرة والنوعيات الجيدة للأسماك، وذلك باتخاذ قرار بنقل كافة منابع الصرف الخطرة من صرف صناعى أو زراعى أو مخلفات صلبة تلقى فى مياه البرلس مثل مصرف «كوتشنر» وهو من أكبر المصارف التى تصرف مخلفاتها فى البحيرة أو إيجاد طريقة فى معالجة مياه المصارف قبل صرفها في البحيرة.
وقال محمد الاجرود بخلاف صيد الأسماك فى البحيرة يوجد صيد الطيور التى تقوم بعض الدول الاجنبية برصد مبالغ ضخمة للجمعيات البيئية لمحاربة التلوث والقضاء على الحشائش والبوص الذى ينمو داخل مياه البحيرة.
وأيضا إلى الآن لم تستغل البحيرة بتاريخها الحافل سياحيا فمثلا اللحن السنجارى المنتشر فى كنائس مصر الآن كان ينسب لإحدي الكنائس الكبرى الموجودة فى إحدي جزر هذه البحيرة والتى تسمى «سنجار».
وفى بداية العصر الإسلامى وفى عهد عمرو بن العاص قام بفتح هذا الاقليم الأمير غانم بن عباد الله الأشعرى الأخ الأكبر لأبو موسى الأشعرى وما زال ضريحه فى منطقة برج البرلس إلى الآن.
توجهنا إلى علاء عفت رئيس هيئة الثروة السمكية بكفر الشيخ الذى أكد ان مساحة بحيرة البرلس 108.6 ألف فدان تم الاعتداء على 8 آلاف فدان منها بعد الثورة بسبب الانفلات الأمنى، وقمنا بتحرير محاضر للمتعدين، وشاركنا قوات الشرطة والجيش فى تنفيذ الازالات على ثلاث مراحل أولاها لـ 1643 فداناً بدأت من 18 ابريل 2011 حتى 15 مايو 2011 والحملة الثانية لـ 1347 فداناً بدأت من 29 مايو وحتى 29 يونيو 2011، وتم استئناف العمل بحملة اخرى بتاريخ 25 سبتمبر 2011 حتى 16 اكتوبر 2011 وأزلنا خلالها 1460 فداناً.
وعن سبب التوقف عن إزالة باقى المساحة اجاب عفت ان ازمة السولار أوقفت معدات الهيئة عن تنفيذ باقى الإزالات والانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت سبباً فى التوقف لاننا لا نستطيع تنفيذ الإزالات إلا بحماية الشرطة والجيش، واضاف ان المتعدين قاموا بالسيطرة مرة ثانية على المساحات المزالة.
وعن سبب التوقف رغم انتهاء الانتخابات البرلمانية واستقرار الاوضاع الأمنية أجاب عفت انا خاطبنا مديرية امن كفرالشيخ لتنفيذ قرارت الازالة وننتظر التنفيذ.


وعن كيفية تقدير المساحات المتعدى عليها…. صرح عفت بأن حدود بحيرة البرلس معلومة ومرفوعة على خرائط استشعار ويتم تصويرها من خلال الاقمار الصناعية بتقنية (gps).
وعن دقة الأجهزة الحديثة فى تقدير المساحات أكد عفت ان تقدير المخالفة يكون ايضا بالخبرة من خلال لجنة من مشكلة من الهيئة لاننا لا نستطيع نزول مناطق الاعتداءت.
وعن عمل الهيئة فى الوقت الحالى اكد عفت أن عملنا يتمثل فى جزئين أولهما تنموى حيث إن نسبة النباتات والبوص فى البحيرة تصل الى 40%من إجمالى المساحة وتشكل عائقاً للصيادين أثناء الصيد.
وأضاف عفت ان الجزء الثانى فى عمل الهيئة يتمثل فى إزالة مخالفات الصيادين المتعدين على البحيرة بإقامة «الدور والغرائز والشبك» وقد وصل جملة إزالة الحوش1700 حوشة.
وأضاف عفت اننا مستعدون لتنفيذ الإزالات بشرط توفير الحماية الأمنية.