رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نظام الحكم.. أول لغم في دستور مصر الجديد

بوابة الوفد الإلكترونية

تحدد كل دساتير العالم الشكل الأساسي للدولة ونظام حكمها واختصاصات وسلطات الحاكم ورئيس الحكومة، وتقر جميعها مبدأ الفصل بين السلطات، إلا في مصر

فقد كان الدستور السابق ينص علي بعض هذه المبادئ ويتناقض معها أحياناً أخري، حيث كان يمنح لرئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة في كل شىء، جعلت منه «فرعوناً» لا يستطيع أحد الوقوف في وجهه، فقد كان له الحق في تعيين رئيس الحكومة، وعزله، وكذلك الحق في حل البرلمان. ورئيس الجمهورية هو أيضا رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ورئيس أعلي لمجلس القضاء، ورئيس للمجلس الأعلي للشرطة، فهو الحاكم بأمره في كل شيء.
لذلك يأمل جميع المصريين أن يخرج دستور مصر الجديدة ما بعد ثورة 25 يناير بصيغة مخالفة، لا تجعل الرئيس القادم فرعوناً أو نصف إله، بل يتعامل معه علي أنه بشر قابل للخطأ ويجب أن يحاسب إذا أخطأ.
أيام قليلة وتبدأ كتابة دستور الثورة هذا الدستور الذي سيحدد موقع رئيس الجمهورية القادم، وهل سيتم التعامل معه علي أنه بشر قابل للخطأ والمحاسبة بل والمحاكمة.
الجميع يتحدث الآن عن ضرورة تقليص سلطات رئيس الجمهورية في الدستور القادم، خاصة أن هذه السلطات المطلقة خلقت منه فرعوناً استمر في حكم مصر لمدة 30 عاما متواصلة وأراد بعدها توريث الحكم لابنه، ففي حين تحدد كل دساتير العالم فترة الحكم بمدتين فقط، جاء الدستور المصري مخالفاً لذلك - بحكم إجادتنا لصناعة الفراعين - وجعل فترة الحكم قابلة للتجديد لمدد أخري، وحتي عندما تم تعديل الدستور في عام 2005 ليصبح اختيار الحاكم بالانتخاب وليس بالاستفتاء كما كان من قبل، تم ابتكار المادة (76) والتي ليس لها مثيل في العالم، حيث تم تفصيل شروط الترشح لتنطبق تماماً علي جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع، واستمر الدستور القديم علي نفس الصلاحيات التي يمنحها لرئيس الجمهورية، والتي جعلته وفقاً للدراسات يتولي 35 سلطة في الدولة بما نسبته 67٪ من إجمالي السلطات التي تحدث عنها الدستور، بينما اقتصر دور السلطة التشريعية علي 14 صلاحية فقط بنسبة 25٪ من الصلاحيات بالإضافة إلي سيطرته بحكم موقعه كرئيس جمهورية ومن خلال موقعه الحزبي علي السلطة التشريعية، وبذلك كان رئيس الجمهورية يسيطر علي 88٪ من إجمالي السلطات في الدولة، فهو رئيس للدولة، ورئيس للسلطة التنفيذية، ورئيس لمجلس الدفاع الوطني، والقائد الأعلي للقوات المسلحة، والقائد الأعلي للشرطة، ورئيس المجلس الأعلي للهيئات القضائية، والرئيس الأعلي لجميع الأجهزة الرقابية في الدولة مثل هيئة الرقابة الإدارية، الجهاز المركزي للمحاسبات، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والمخابرات العامة، والمجالس القومية المتخصصة وغيرها، وهو المسئول عن تعيين وعزل كبار موظفي الدولة، ومسئول عن تعيين ثلثي أعضاء مجلس الشوري، و10 أعضاء بمجلس الشعب، وهو المسئول عن تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وله حق إصدار قوانين في قوة القانون، وغيرها من الصلاحيات التي لا يستطيع بشر تحملها.
هذا الوضع أثار استياء جميع الأوساط السياسية خلال العقود الماضية، والآن أصبحت الفرصة مواتية للتغيير وتقليص سلطات رئيس الجمهورية، حتي في ظل النظام الرئاسي الذي يري الكثيرون أنه الأنسب لمصر في هذه المرحلة، وضرورة أن ينص الدستور علي تحديد هوية مصر الجديدة ونظام حكمها.
ويري الدكتور شحاتة أبوزيد أستاذ العلوم السياسية ورئيس المنظمة الوطنية الدولية أن الدستور الجديد لابد أن ينص علي أن نظام الحكم رئاسي، فرغم أن النظام البرلماني هو الأفضل، إلا أن مصر مازالت دولة وليدة في الديمقراطية، لأن تطبيق النظام البرلماني سيؤدي إلي توليد صراعات بين القوي السياسية قد تؤدي إلي انهيار الدولة، لذلك فالنظام الرئاسي هو الأنسب في هذه الفترة، بشرط ألا يكون للرئيس كل الصلاحيات المطلقة التي كان يتمتع بها الرئيس السابق، كما يجب إلغاء نسبة الـ 50٪ عمال وفلاحين في عضوية مجلس الشعب، لان المبرر الذي جاء بها قد انتهي الآن، كما أنها تعتبر باباً خلفياً لالتحاق بعض الفئات بالبرلمان، وأضاف المفروض أن تكون عضوية البرلمان مقصورة علي دارسي العلوم السياسية والقانونية ممن لديهم القدرة علي التشريع، لان هذه هي الوظيفة الحقيقية للبرلمان.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية يجب النص في الدستور الجديد علي استقلال السلطة القضائية استقلالا تاماً، علي أن يتولي أمورها المجلس الأعلي للقضاء، بالإضافة

إلي ضمان جميع الحقوق الأساسية للإنسان. والنص علي ضرورة توفير الأمن للمواطن ومنشآت الدولة، وإضفاء حماية علي نهر النيل الذي يعد مصدر الحياة في مصر مع ضرورة تنظيم منظمات المجتمع المدني وحمايتها باعتبار أنها حلقة الوصل بين الدولة والأفراد أسوة بحماية الصحافة باعتبارها سلطة رابعة في الدستور السابق.
وطالب شحاتة أبوزيد بضرورة النص علي إيجاد جهاز منفصل عن السلطة التنفيذية يتبع البرلمان مباشرة يضم جميع الجهات الرقابية مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، والرقابة الإدارية وغيرهما من الجهات الرقابية، علي أن يكون أعضاؤه من المشهود لهم بالنزاهة، ويقدم تقاريره لمجلس الشعب، وأن يتم احترامها ومناقشتها وتفعيلها من خلال تقديم المتورطين في أي واقعة فساد للمحاكمة.
ورغم أنه مرشح رئاسي محتمل إلا أنه يري أن النظام الأمثل لمصر يجب أن يكون برلمانيا وأن يصبح رئيس الجمهوية مجرد «تشريفاتي» فهذا ما أكده الدكتور علاء رزق الخبير الاقتصادي والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، مشدداً علي ضرورة تحديد اختصاصات رئيس الجمهورية ووضع الدستور قبل إجراء الانتخابات، ولكن سبق السيف العزل، وأصبحنا مضطرين للتعامل مع الوضع القائم، وأضاف: الدستور الجديد يجب أن ينص علي حماية الأقلية وليس تعبيراً عن رأي الأغلبية التي ستنفرد بوضعه، كما يجب أن يتم التوافق عليه من جميع فئات المجتمع، وأن يضمن الفصل التام بين كافة السلطات، وألا تكون إحدي سلطات الدولة جائرة علي باقي السلطات، ولابد من إرساء مبدأ الدولة الديمقراطية الحديثة،  علي ان يكون النظام البرلماني هو نظام الحكم في الدولة لأنه يؤكد سيادة الشعب، وأضاف أن مصر في ظل دستور 1923، الذي أقر النظام البرلماني كان لها دور بارز في منطقة الشرق الأوسط، وتمتعت بنهضة اقتصادية وعلمية واجتماعية لم يسبق لها مثيل، حتي أن انجلترا كانت مدينة لمصر بـ 36 مليون جنيه استرليني، رغم أن مصر كانت دولة محتلة.
ولذلك فالنظام البرلماني أفضل لأنه لن يأتي لمصر بديكتاتور جديد، وتكون فيه سلطة رئيس الجمهورية مجرد سلطة شرفية حتي نضمن لمصر حياة كريمة، أما السلطة التنفيذية فتكون في يد رئيس الحكومة، والبرلمان يراقب أداء الحكومة ومن حقه سحب الثقة منها إذا فشلت في أداء مهمتها.
كذلك يجب أن ينص الدستور علي استقلال السلطة القضائية تماماً مع ضمان عدم تدخل السلطة التنفيذية في شئونها كما كان يحدث من قبل.
ورغم كل التأكيدات التي وردت علي ألسنة الخبراء بأن النظام البرلماني هو الأفضل، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر علي أكثر من 65٪ من اللجنة التأسيسية تري في مشروع الدستور الذي وضعته - أن نظام الحكم سيكون رئاسياً، علي الأقل في المرحلة الحالية، وهو ما يعني أن الدستور المصري سيتم تعديله مرة أخري بعد عدة سنوات، وهو ما سيحرم الدستور من أهم سماته خاصة الثبات والاستمرارية.