رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كبار المفكرين وعلماء الأزهر يكشفون الجانب الإنساني في «حياة البطريرك»

بوابة الوفد الإلكترونية

أربعون عاما علي مقعد البطريرك قضاها الراهب انطونيوس السرياني الذي تم استدعاؤه من قبل البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الراحل،

ليشغل منصب أسقف التعليم في فترة الستينيات، ثم ينتخب «بطريركا» منذ عام 1971، ويصبح «البابا شنودة» رقم 117 بين بطاركة الكنيسة الأرثوذكسية.
تحول البابا عبر سنواته علي كرسي مارمرقس الرسول، الي «ظاهرة» تتعدد جوانبها  من ناحية  إلمامه باللغة العربية، وقواعد الشعر، وكتابة التاريخ ،الي زعامة سياسية للأقباط، بجانب سلطته الروحية كرأس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
تمتع البابا على مدار حياته بروح الدعابة حتي في أحلك الأزمات، مصاحبة للحزم والحسم الباديين بين الحين والآخر في عينيه.
أضفت حياة الرهبنة، علي شخصيته، طابع الهدوء الذي يتسق مع ميوله الأدبية، ليصبح بعد توليه أسقفية التعليم صديقا لـ «كبار» الكتاب والمثقفين والسياسيين في مصر،وشهدت كواليس حياته كثيرا من الشد والجذب على الصعيدين الثقافي والسياسي.
تدفع الأجواء المحاطة بالحزن على  رحيل البطريرك، رفاق دربه إلى سرد الجوانب الخفية من حياة بابا العرب متعدد المواهب، يقول المفكر القبطي جمال أسعد-أحد المقربين للبابا شنودة في مطلع فترته البابوية، أعرف البابا شنودة منذ أن كان أسقفاً للتعليم باعتبار أستاذيته لكاهن القوصية القمص ميخائيل متى، وكنا نذهب لزيارته وقت أن كان أسقفا للتعليم ،ويستطرد أسعد قائلا: «أنا أول سياسي مصري يزرو البابا شنودة إبان اعتقاله في دير الأنبا بيشوي ،واستمرت زيارتي مايقرب من 10ساعات، وكنت دائم الاتصال به،وكان يكلفني بمهام معينة من بينها «مشكلة اعتداء الجماعة الإسلامية على كاهن دير مواس».
والخلاف الحقيقي والحديث لـ «أسعد» لم يكن مع البابا شنودة، وإنما كان من الدور السياسي الملقى على كاهل الكنيسة.
فيما افتتح د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع حديثه عن البابا شنودة قائلا: «العلاقة مع البابا شنودة الثالث قديمة جداً، بدأت منذ أن كان راهباً، تعرفت عليه بعد أن اختارته الكنيسة الأرثوذكسية ممثلاً لها في «المجلس المصري للسلام» الذي كان يترأسه خالد محيي الدين مؤسس التجمع،وكانت إسهاماته وتعاونه، في تعبئة الرأي العام ضد العدوان الاسرائيلي علي مصر، دافعاً الي تقوية العلاقة بيني وبينه وتواصلنا الي أن أصبح  بابا  الكنيسة.
ويضيف السعيد.. لم تكن العلاقة بيني وبينه مجرد علاقة مواطن عادي، برأس الكنيسة، وإنما كانت علاقة صداقة ونقاش فكري عميق وأجمل اللقاءات التي كانت تجمعنا عندما يكون في الدير متحرراً من أعبائه.
وحول انتماء البابا السياسي في لحظات الصفاء يقول السعيد: من الصعب أن يوصف البابا بأنه «سياسي» ضمن تيار بعينه، وإنما هو رجل فصيح لا يعبر عن رؤية سياسية بعينها حتي لا يصبح طرفاً في مواجهة، وهو كان ضد رؤساء الكنيسة الذين يعلنون مواقفهم السياسية، لافتاً الي أن هذا كان سبب الخلاف بينه وبين متي المسكين.
ويردف قائلاً: البابا شنودة يناقش دون أن يبدي رأياً في الشأن السياسي ويتطرق الحوار بيننا في خلوته بالدير الي كافة القضايا ورغم أنفنا نتناقش في العقيدة المسيحية.
وحول موهبته الشعرية يقول: هو يقول الشعر كنوع من المتعة والعبادة وقصائده لا تخرج عن هذا الاطار، ورغم أن البابا خريج قسم التاريخ، لكنه خلال فترة الرهبنة تمكن من الإلمام بالعديد من اللغات وترجم الإنجيل الي الإنجليزية وكان في غاية الابداع.
وأبرز المواقف الانسانية التي أذكرها له والحديث لـ «رئيس حزب التجمع» أنه في أثناء احدي زياراتي له اتصلت بي زوجتي فجأة، وقالت لي تعال أقعد مع ابنك شوية قبل سفره لـ «أمريكا» فاستأذنت منه، وفور وصولي الي المنزل، وجدته أرسل لي كارتا شخصيا له مكتوبا عليه.. ابني خالد رفعت السعيد يهمني أمره جدا وأرجو شموله بالرعاية وقال لي في اتصال هاتفي «لو اتزنق في حاجة يقدم الكارت ده لأي قسيس في أمريكا وهما ينفذوا له اللي هو عايزه».
ويسترسل السعيد قائلاً «ظل هذا الكارت معي،حتي أصبت بمرض عضال، لم أتمكن من علاجه، وكلمت كل الناس في السفارات الأجنبية والقنصليات، للوقوف علي دواء لهذا المرض لكن دون جدوي».
وتذكرت الكارت، فاتصلت بـ «سكرتارية البابا» وطلبت التحدث معه فقالوا إنه في اجتماع للمجمع المقدس فطلبت منهم أن يخبروه أني علي الهاتف وقطع البابا اجتماعه وتحدث إلي فأخبرته بحاجتي، وطلب منهم أن يتصل بي، وبعدها بنصف ساعة وجدت هذا الطبيب يتصل بي وقال لي: إنت مين، فقلت له: رفعت السعيد، فرد قائلاً «ياراجل حرام عليك، جميع الأساقفة كلموني، لحد ما لقيت واحد بيكلمني وقال لي البابا معاك ع التليفون فسقط من يدي وقابلته وأعطاني الدواء وشفيت والحمد لله.
وفيما قاله د. يحيي الجمل، نائب رئيس الوزراء السابق، وأحد أصدقاء البابا شنودة المقربين، إن هناك لدي البابا شنودة جوانب لا يعرفها الكثيرون ممن ينظرون اليه علي

أنه رأس الكنيسة، أبرزها، حبه للأدب وروايته للشعر وخفة ظله.
يقول د. يحيي الجمل، كنت ذات مرة في زيارة له، أشكو له همي، وقلت له ان أحد أصدقائي المسيحيين قد استعار مني كتاب «قرية ظالمة» الذي كتبه الأستاذ محمد كامل حسين، ولم يعده، فقال ضاحكاً أصل صاحبك ده هو نفسه «قرية ظالمة» علي كل حال سأرسل لك نسخة غداً، ومازلت أحتفظ بالطبعة التي أرسلها.
ويسترسل نائب رئيس الوزراء السابق قائلاً «بدأت علاقتي بالبابا شنودة أوائل الثمانينيات عقب اتخاذ الرئيس السادات قرارات عصبية عام 1980، من بينها القبض علي قرابة ألفي مصري من جميع ألوان الطيف السياسي.
وذات مرة خلال تلك الفترة اتصل بي الأنبا بسنتي وحدد موعداً للقائي وقال: لقد جئت اليك من أجل الخلاف المحتدم بين البابا شنودة والرئيس السادات وقراره بتخلية البابا من منصبه وتعيين لجنة مؤقتة لادارة أمور الكنيسة، وسألني ما إذا كنت أقبل الدفاع عن البابا امام القضاء الاداري، وقبلت علي الفور وقتها قال البابا لـ «المحامين الكبار» من الأقباط، لقد اخترت معكم يحيي الجمل فما رأيكم تعالوا نرحب به زميلاً عزيزاً.
فرد البابا قائلاً «سأنبئكم لماذا اخترته»..أنتم تقولون إنه من أكبر أساتذة القانون الدستوري، هذه واحدة أما الثانية فلأنه مسلم وأنا رأس الكنيسة القبطية، والثالثة أنه عمل وزيراً مع السادات ولم يتردد لحظة في الوقوف معي في مواجهة قرار قدر أنه غير سليم من الناحية القانونية.
وقال المستشار مصطفي الطويل ـ الرئيس الشرفي لحزب الوفد، إن البابا شنودة رجل وطني محب لبلده بدرجة كبيرة جداً، ومخلص لأبناء طائفته بصفة خاصة، واعتبر الطويل أن مقولته ان مصر ليست وطناً نعيش فيه، وإنما وطن يعيش فينا، انعكاس حقيقي لوطنيته، لافتا إلي أنه صاحب موقف مشرف إزاء جميع الأزمات التي أحاطت بالوطن.
وأضاف الرئيس الشرفي للوفد، أنه جلس مع البابا أكثر من مرة، مؤكدا أنه يتحلي بروح الفكاهة والقفشات المصرية وليس.. متزمتا دينيا، كما يظن البعض.
وأشاد الطويل بـ «براعة» البابا في النثر والشعر، وعطائه الأدبي، إلي جانب إلمامه بالتاريخ، واستطرد قائلاً: قطعاً للوفد مكانة في قلب البابا، باعتباره الحزب الوحيد الذي يرفع شعار الوحدة الوطنية.
رؤية علماء الأزهر لم تختلف عن مثيلتها للقيادات السياسية ،في ذلك قال الشيخ علي أبو الحسن ـ رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر الشريف: إن البابا شنودة يتمتع بشخصية سياسية حكيمة، ويستعصي علي من يحاول أن يجره بعيداً عن وطنيته.
  أبو الحسن الذي يذكر للبابا علاقته الوطيدة بـ «الإمام الراحل فضيلة د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر»،لم ينس موقفه حينما قال الرئيس السابق: إن من حق اسرائيل ان تكون لها السيادة علي أماكن العبادة في القدس، ورد البابا شنودة قائلا: «لا ـ اسرائيل لها حق العبادة، وليس لها حق السيادة».،واستطرد قائلا: «البابا شنودة كان يستقوي علي من يريد جره للخطأ».
وقال د. فوزي الزفزاف ـ أحد كبار علماء الأزهر الشريف أن البابا شنودة من مواقفه المعلنة تتأكد وطنيته، معرباً عن أمله  في انتقال روح الوطنية الجماعية للأقباط ،ليعود المجتمع يداً واحدة كما كان من قبل.