رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فؤاد سراج الدين‮ ‬يخرج من قبره محذراً‮ ‬مبارك‮:‬

قبل‮ ‬20‮ ‬عاماً،‮ ‬وبالتحديد في‮ ‬12‮ ‬ديسمبر‮ ‬1991‮ ‬حذر زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من خطورة الوضع الداخلي ‮ ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬ونبه سراج الدين‮ - ‬رحمه الله‮ - ‬الرئيس حسني‮ ‬مبارك إلي‮ ‬نقاط ضرورية‮ ‬غاية في‮ ‬الأهمية تأتي‮ ‬في‮ ‬مقدمتها سرعة تخليه عن رئاسة الحزب الوطني،‮ ‬وقدم له زعيم الوفد آنذاك أمثلة واقعية وموضوعية ودلائل من كل الدول الديمقراطية المحترمة لعله‮ ‬يستجيب إلا أن مبارك‮ »‬العنيد‮« ‬مضي‮ ‬وتكبر وأصر علي‮ ‬قناعاته الوهمية التي‮ ‬فجرت ثورة الشباب في‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬2011،‮ ‬فرداً‮ ‬علي‮ ‬ما أدلي‮ ‬به‮ »‬مبارك‮« ‬لصحيفة الحزب الوطني‮ ‬في‮ ‬بداية ديسمبر عام‮ ‬1991‮ »‬أن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني‮ ‬كلام‮ ‬غير مقنع وغير واقعي‮..« ‬إنها حرية‮.. ‬وليقولوا ما‮ ‬يقولون‮«.‬

 

خاطب زعيم الوفد الرئيس المصري‮ ‬تحت عنوان‮: ‬عفواً‮ ‬سيدي‮ ‬الرئيس‮.. ‬الأمثلة التي‮ ‬ذكرتها‮ ‬غير مطابقة للواقع‮.. ‬قائلاً‮: ‬من حق الرئيس علينا أن نصحح ما جاء في‮ ‬بعض إجاباته،‮ ‬خصوصاً‮ ‬إذا كانت تتناول وصفاً‮ ‬داخلياً‮ ‬يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي‮ ‬حد سواء‮..‬

وأوضح الزعيم للرئيس أن المعارضة طالبت مراراً‮ ‬وتكراراً‮ ‬بضرورة تخلي‮ ‬رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني،‮ ‬وذكره الزعيم بلقاء المعارضة بالرئيس‮ ‬يوم الإفراج عنهم في‮ ‬نوفمبر ‮١٨٩١ ‬حيث طالبوا فيه بهذا التخلي،‮ ‬ولم‮ ‬يقل‮ ‬يومها الرئيس مبارك،‮ ‬إن هذا المطلب‮ ‬غير مقنع ولا واقعي‮ ‬بل كان رده بالحرف الواحد‮: »‬مسألة لم تتقرر له‮« ‬واعتقدت المعارضة أن مطلبها الرئيسي سيتحقق في‮ ‬وقت لاحق ولكن خاب حتي‮ ‬اليوم،‮ ‬فلايزال مبارك‮ ‬يتشبث بالحزب الوطني‮ ‬الذي‮ ‬خربت مصر علي‮ ‬يد رجاله‮.‬

وقدَّم الزعيم للرئيس أمثلة واقعية تفند كل ما أدلي‮ ‬به لمحرر صحيفة الحزب الوطني‮.. ‬وأوضح لمبارك‮: ‬أن كل رؤساء الدول في‮ ‬البلاد الديمقراطية تخلوا عن ممارسة أي‮ ‬نشاط حزبي‮ ‬أثناء توليهم الرئاسة سواء كان ذلك في‮ ‬فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي‮ ‬تفرق بين الحزب الحاكم ورئيس الدولة‮.‬

وأكد فؤاد سراج الدين في‮ ‬نهاية مقاله المنشور بـ‮ »‬الوفد‮« ‬قبل عقدين من الزمان أن إصرار الرئيس مبارك علي‮ ‬رئاسة الحزب والدولة معا فيه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ويترتب عليه آثار وخيمة‮.‬

قال سراج الدين للرئيس‮ »‬في‮ ‬فرنسا‮ ‬يتخلي‮ ‬رئيس الدولة فور فوزه في‮ ‬انتخابات الرئاسة عن أي‮ ‬نشاط‮ ‬يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له‮«.‬

وانتهي‮ ‬زعيم الوفد في‮ ‬مقاله بتجديد مطلبه للسيد الرئيس بأن‮ ‬يفي‮ ‬بوعده ويتخلي‮ ‬عن رئاسة الحزب الوطني‮ ‬الحاكم،‮ ‬وأن تكون الفترة المرحلية قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر،‮ ‬ترسيخاً‮ ‬للديمقراطية وقضاء علي‮ ‬هذه الأوضاع الخاطئة التي‮ ‬نعيشها‮.. ‬وإلي‮ ‬المقال الذي‮ ‬نشر بعد عشر سنوات من وعد مبارك بالتخلي‮ ‬عن رئاسة الحزب الوطني،‮ ‬والآن ورغم مضي‮ ‬30‮ ‬عاماً‮ ‬وليس عشر سنوات مازال‮ ‬يقبض مبارك علي‮ ‬رأس الحزب الوطني‮ ‬الحاكم وإلي مقال الزعيم‮:‬

عفواً‮ ‬سيادة الرئيس‮..‬

الأمثلة التي‮ ‬ذكرتها‮ ‬غير مطابقة للواقع

بقلم‮: ‬فؤاد سراج الدين

أدلي‮ ‬السيد الرئيس محمد حسني‮ ‬مبارك بحديث إلي‮ ‬صحيفة الحزب الوطني‮ ‬يوم الاثنين قبل الماضي،‮ ‬ومن حقه علينا أن نصحح ما جاء في‮ ‬بعض إجاباته،‮ ‬خصوصاً‮ ‬إذا كانت هذه الإجابة تتناول وضعاً‮ ‬داخلياً‮ ‬يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي‮ ‬حد سواء‮.‬

سأل المحرر الرئيس عن رأيه فيما تطالب به المعارضة عن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني‮ ‬فكان جوابه بالحرف‮: »‬كلام‮ ‬غير مقنع وغير واقعي‮ ‬والأمثلة كثيرة‮.. ‬هل تخلي‮ ‬ميتران عن رئاسة الحزب الاشتراكي‮ ‬عندما تولي‮ ‬الرئاسة،‮ ‬وهل تخلي ميجور عن حزب المحافظين عندما تولي رئاسة الوزارة وهل ترك كول الحزب المسيحي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬عندما أصبح مستشاراً‮ ‬لألمانيا؟ إنها حرية رأي‮ ‬وليقولوا ما‮ ‬يقولون‮«.‬

بداية‮.. ‬المعارضة تردد دائماً‮ ‬مطالبتها بضرورة تخلي‮ ‬رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني‮.. ‬وكانت المعارضة قد طلبت منه عدم تولي‮ ‬هذه الرئاسة عندما التقي‮ ‬بقياداتها في‮ ‬مقر الرئاسة‮ ‬يوم الإفراج عنهم في‮ ‬نوفمبر‮ ‬1981،‮ ‬وكان هذا فور توليه مقاليد الحكم،‮ ‬ولم‮ ‬يقل السيد الرئيس‮ ‬يومها إن طلب المعارضة‮ »‬غير مقنع وغير واقعي‮« ‬بل كان رده بالحرف الواحد‮ »‬إنها مسألة لم تتقرر بعد،‮ ‬وعلي‮ ‬كل حال لو تمت فسوف تكون لمرحلة‮« ‬ولم‮ ‬يقل سيادته‮ ‬يومها إن هذا المطلب‮ ‬غير‮ »‬مقنع وغير واقعي‮« ‬وهاقد مضت عشر سنوات علي هذا الموعد ولم تنته الفترة المرحلية بعد‮! ‬واعتقدنا أو تصورنا أن الظروف لن تسمح للسيد الرئيس بتنفيذ وعده طوال هذه الفترة الطويلة،‮ ‬إلا أننا فوجئنا في‮ ‬حديثه الأخير مع صحيفة حزبه بأن سيادته‮ ‬يصف مطلب التخلي‮ ‬بأنه‮ »‬كلام‮ ‬غير مقنع وغير واقعي‮«.‬

أما عن الأمثلة الثلاثة التي‮ ‬سردها سيادته في‮ ‬حديثه فهي‮ ‬لا تصلح رداً‮ ‬علي‮ ‬مطلب المعارضة،‮ ‬بل إنها علي‮ ‬العكس تؤكد كل التأييد ما تنادي‮ ‬به أحزاب المعارضة من وجوب تخلي‮ ‬رؤساء الدول‮ (‬في‮ ‬البلاد الديمقراطية‮) ‬عن ممارسة أي‮ ‬نشاط حزبي‮ ‬أثناء توليهم هذه الرئاسة‮.‬

لقد ضرب السيد الرئيس مثالاً‮ ‬بالمستشار الألماني‮ ‬كول ويتساءل‮: »‬هل ترك كول الحزب المسيحي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬عندما أصبح مستشاراً‮ ‬لألمانيا؟‮« ‬وأوضح سيادته أن كول ليس رئيساً‮ ‬لألمانيا بل هو رئيس لحكومتها وهناك‮ ‬يطلقون لقب مستشار علي‮ ‬رئيس الحكومة‮.. ‬أما رئيس ألمانيا فهو‮ »‬ريتشارد فون فايتسكر‮« ‬ونفس الأمر بالنسبة لجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا فإن استشهاد الرئيس بحالته‮ ‬غير سليم لأنه ليس رئيساً‮ ‬لبريطانيا أو ملكاً‮ ‬عليها بل مجرد رئيس لحكومتها‮.‬

إننا لم نطالب بتخلي‮ ‬الدكتور عاطف صدقي‮ ‬رئيس حكومة مصر عن عضوية الحزب الوطني‮ ‬ولو أنه كان رئيساً‮ ‬له فلن نطالبه بالتخلي‮ ‬عن هذه الرئاسة،‮ ‬وتوليه هذه الرئاسة لن‮ ‬يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ولن‮ ‬يترتب عليه الآثار الأخري‮ ‬السيئة التي‮ ‬تترتب علي‮ ‬رئاسة رئيس الدولة للحزب الحاكم‮.‬

أما عن المثال الثالث الذي‮ ‬استشهد به السيد الرئيس وهو فرانسوا ميتران فهو استشهاد في‮ ‬غير صالح سيادته،‮ ‬بل إنه‮ ‬يؤيد رأي‮ ‬المعارضة كل التأييد من وجوب تخلي‮ ‬رئيس الدولة عن أي‮ ‬نشاط حزبي‮.‬

إن رئيس الدولة في‮ ‬فرنسا‮ ‬يتخلي‮ ‬فور فوزه في‮ ‬انتخابات الرئاسة عن أي‮ ‬نشاط‮ ‬يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له،‮ ‬فلم نسمع أن الحزب الاشتراكي‮ - ‬حزب رئيس الدولة‮ - ‬يحتكر وسائل الإعلام الحكومية،‮ ‬ولم نسمع أن الجهاز الحكومي‮ ‬في‮ ‬فرنسا مسخر لخدمة حزب رئيس الدولة،‮ ‬ولم نسمع أن فرانسوا ميتران‮ ‬يرأس اجتماعات حزبه في‮ ‬المقر الرسمي‮ ‬لإقامته أو في‮ ‬قصر رئاسة الجمهورية أو حتي‮ ‬في‮ ‬مقر الحزب‮. ‬ونشرت صحيفة الأهرام في‮ ‬عددها الصادر‮ ‬يوم الاثنين الموافق‮ ‬9‮ ‬ديسمبر أن الرئيس مبارك‮ »‬عقد اجتماعاً‮ ‬في‮ ‬اليوم السابق بالقصر الجمهوري‮ ‬بعابدين مع أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني‮«!‬

ولم نسمع أن رئيس الدولة في‮ ‬فرنسا‮ ‬يشرف بنفسه علي‮ ‬تنظيمات حزبه أو‮ ‬يقوم بوضع ومراجعة قوائم مرشحيه في‮ ‬الانتخابات،‮ ‬بل إن العلاقة تنتهي‮ ‬تماماً‮ ‬بين رئيس الدولة وبين الحزب الذي‮ ‬يرأسه فور فوزه بالرئاسة،‮ ‬ولا امتياز أو أفضلية بعد ذلك لحزب رئيس الدولة‮.‬

إننا‮ - ‬والشعب المصري‮ ‬كله معنا‮ - ‬مازلنا نطالب السيد الرئيس بالوفاء بوعده في‮ ‬التخلي‮ ‬عن رئاسة الحزب الوطني‮ ‬الحاكم وأن تكون‮ »‬الفترة المرحلية‮« ‬قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر ترسيخاً‮ ‬للديمقراطية وقضاء علي‮ ‬هذه الأوضاع الخاطئة التي‮ ‬نعيشها‮.

قبل 20 عاماً، وبالتحديد في 12 ديسمبر 1991 حذر زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من خطورة الوضع الداخلي في مصر، ونبه سراج الدين - رحمه الله - الرئيس حسني مبارك إلي نقاط ضرورية غاية في الأهمية تأتي في مقدمتها سرعة تخليه عن رئاسة الحزب الوطني، وقدم له زعيم الوفد آنذاك أمثلة واقعية وموضوعية ودلائل من كل الدول الديمقراطية المحترمة لعله يستجيب إلا أن مبارك »العنيد« مضي وتكبر وأصر علي قناعاته الوهمية التي فجرت ثورة الشباب في 25 يناير 2011، فرداً علي ما أدلي به »مبارك« لصحيفة الحزب الوطني في بداية ديسمبر عام 1991 »أن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني كلام غير مقنع وغير واقعي..« إنها حرية.. وليقولوا ما يقولون«.

خاطب زعيم الوفد الرئيس المصري تحت عنوان: عفواً سيدي الرئيس.. الأمثلة التي ذكرتها غير مطابقة للواقع.. قائلاً: من حق الرئيس علينا أن نصحح ما جاء في بعض إجاباته، خصوصاً إذا كانت تتناول وصفاً داخلياً يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي حد سواء..

وأوضح الزعيم للرئيس أن المعارضة طالبت مراراً وتكراراً بضرورة تخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني، وذكره الزعيم بلقاء المعارضة بالرئيس يوم الإفراج عنهم في نوفمبر ١٨٩١ حيث طالبوا فيه بهذا التخلي، ولم يقل يومها الرئيس مبارك، إن هذا المطلب غير مقنع ولا واقعي بل كان رده بالحرف الواحد: »مسألة لم تتقرر له« واعتقدت المعارضة أن مطلبها الرئيسي سيتحقق في وقت لاحق ولكن خاب حتي اليوم، فلايزال مبارك يتشبث بالحزب الوطني الذي خربت مصر علي يد رجاله.

وقدَّم الزعيم للرئيس أمثلة واقعية تفند كل ما أدلي به لمحرر صحيفة الحزب الوطني.. وأوضح لمبارك: أن كل رؤساء الدول في البلاد الديمقراطية تخلوا عن ممارسة أي نشاط حزبي أثناء توليهم الرئاسة سواء كان ذلك في فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي تفرق بين الحزب الحاكم ورئيس الدولة.

وأكد فؤاد سراج الدين في نهاية مقاله المنشور بـ »الوفد« قبل عقدين من الزمان أن إصرار الرئيس مبارك علي رئاسة الحزب والدولة معا فيه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ويترتب عليه آثار وخيمة.

قال سراج الدين للرئيس »في فرنسا يتخلي رئيس الدولة فور فوزه في انتخابات الرئاسة عن أي نشاط يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له«.

وانتهي زعيم الوفد في مقاله بتجديد مطلبه للسيد الرئيس بأن يفي بوعده ويتخلي عن رئاسة الحزب الوطني الحاكم، وأن تكون الفترة المرحلية قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر، ترسيخاً للديمقراطية وقضاء علي هذه الأوضاع الخاطئة التي نعيشها.. وإلي المقال الذي نشر بعد عشر سنوات من وعد مبارك بالتخلي عن رئاسة الحزب الوطني، والآن ورغم مضي 30 عاماً وليس عشر سنوات مازال يقبض مبارك علي رأس الحزب الوطني الحاكم وإلي مقال الزعيم:

عفواً سيادة الرئيس..

الأمثلة التي ذكرتها غير مطابقة للواقع

بقلم: فؤاد سراج الدين

أدلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك بحديث إلي صحيفة الحزب الوطني يوم الاثنين قبل الماضي، ومن حقه علينا أن نصحح ما جاء في بعض إجاباته، خصوصاً إذا كانت هذه الإجابة تتناول وضعاً داخلياً يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي حد سواء.

سأل المحرر الرئيس عن رأيه فيما تطالب به المعارضة عن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني فكان جوابه بالحرف: »كلام غير مقنع وغير واقعي والأمثلة كثيرة.. هل تخلي ميتران عن رئاسة الحزب الاشتراكي عندما تولي الرئاسة، وهل تخلي ميجور عن حزب المحافظين عندما تولي رئاسة الوزارة وهل ترك كول الحزب المسيحي الديمقراطي عندما أصبح مستشاراً لألمانيا؟ إنها حرية رأي وليقولوا ما يقولون«.

بداية.. المعارضة تردد دائماً مطالبتها بضرورة تخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني.. وكانت المعارضة قد طلبت منه عدم تولي هذه الرئاسة عندما التقي بقياداتها في مقر الرئاسة يوم الإفراج عنهم في نوفمبر 1981، وكان هذا فور توليه مقاليد الحكم، ولم يقل السيد الرئيس يومها إن طلب المعارضة »غير مقنع وغير واقعي« بل كان رده بالحرف الواحد »إنها مسألة لم تتقرر بعد، وعلي كل حال لو تمت فسوف تكون لمرحلة« ولم يقل سيادته يومها إن هذا المطلب غير »مقنع وغير واقعي« وهاقد مضت عشر سنوات علي هذا الموعد ولم تنته الفترة المرحلية بعد! واعتقدنا أو تصورنا أن الظروف لن تسمح للسيد الرئيس بتنفيذ وعده طوال هذه الفترة الطويلة، إلا أننا فوجئنا في حديثه الأخير مع صحيفة حزبه بأن سيادته يصف مطلب التخلي بأنه »كلام غير مقنع وغير واقعي«.

أما عن الأمثلة الثلاثة التي سردها سيادته في حديثه فهي لا تصلح رداً علي مطلب المعارضة، بل إنها علي العكس تؤكد كل التأييد ما تنادي به أحزاب المعارضة من وجوب تخلي رؤساء الدول (في البلاد الديمقراطية) عن ممارسة أي نشاط حزبي أثناء توليهم هذه الرئاسة.

لقد ضرب السيد الرئيس مثالاً بالمستشار الألماني كول ويتساءل: »هل ترك كول الحزب المسيحي الديمقراطي عندما أصبح مستشاراً لألمانيا؟« وأوضح سيادته أن كول ليس رئيساً لألمانيا بل هو رئيس لحكومتها وهناك يطلقون لقب مستشار علي رئيس الحكومة.. أما رئيس ألمانيا فهو »ريتشارد فون فايتسكر« ونفس الأمر بالنسبة لجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا فإن استشهاد الرئيس بحالته غير سليم لأنه ليس رئيساً لبريطانيا أو ملكاً عليها بل مجرد رئيس لحكومتها.

إننا لم نطالب بتخلي الدكتور عاطف صدقي رئيس حكومة مصر عن عضوية الحزب الوطني ولو أنه كان رئيساً له فلن نطالبه بالتخلي عن هذه الرئاسة، وتوليه هذه الرئاسة لن يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ولن يترتب عليه الآثار الأخري السيئة التي تترتب علي رئاسة رئيس الدولة للحزب الحاكم.

أما عن المثال الثالث الذي استشهد به السيد الرئيس وهو فرانسوا ميتران فهو استشهاد في غير صالح سيادته، بل إنه يؤيد رأي المعارضة كل التأييد من وجوب تخلي رئيس الدولة عن أي نشاط حزبي.

إن رئيس الدولة في فرنسا يتخلي فور فوزه في انتخابات الرئاسة عن أي نشاط يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له، فلم نسمع أن الحزب الاشتراكي - حزب رئيس الدولة - يحتكر وسائل الإعلام الحكومية، ولم نسمع أن الجهاز الحكومي في فرنسا مسخر لخدمة حزب رئيس الدولة، ولم نسمع أن فرانسوا ميتران يرأس اجتماعات حزبه في المقر الرسمي لإقامته أو في قصر رئاسة الجمهورية أو حتي في مقر الحزب. ونشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر يوم الاثنين الموافق 9 ديسمبر أن الرئيس مبارك »عقد اجتماعاً في اليوم السابق بالقصر الجمهوري بعابدين مع أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني«!

ولم نسمع أن رئيس الدولة في فرنسا يشرف بنفسه علي تنظيمات حزبه أو يقوم بوضع ومراجعة قوائم مرشحيه في الانتخابات، بل إن العلاقة تنتهي تماماً بين رئيس الدولة وبين الحزب الذي يرأسه فور فوزه بالرئاسة، ولا امتياز أو أفضلية بعد ذلك لحزب رئيس الدولة.

إننا - والشعب المصري كله معنا - مازلنا نطالب السيد الرئيس بالوفاء بوعده في التخلي عن رئاسة الحزب الوطني الحاكم وأن تكون »الفترة المرحلية« قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر ترسيخاً للديمقراطية وقضاء علي هذه الأوضاع الخاطئة التي نعيشها.