جامع: كل انتخابات مبارك مزورة
»ما يحدث في مصر كارثة بكل المقاييس سببها نظام يستمع فقط لحاملي الدفوف و»كذابين الزفة«، هكذا وصف دكتور محمود جامع، مستشار الرئيس الراحل أنور السادات وعضو الشوري سابقاً، حال مصر الآن مطالباً الرئيس مبارك وحاشيته حكمه بالرحيل، وأعلنها جامع صريحة.. الدرس انتهي لكل رجال النظام الذي يزور الانتخابات ويحكم مصر بقبضة الاستبداد والفساد، واعتبر الرجل الذي شارك في صنع قرارات ثورة التصحيح (15 مايو 1971) تخلي الداخلية وفرار رجالها من ميدان الواجب، وإطلاق المساجين والمعتقلين لإرهاب الشعب ـ مؤامرة كبري ـ متسائلاً بحسرة: لصالح من يحدث كل هذا الفراغ الأمني، الذي روع الشعب وحاول إطفاء جذوة انتفاضة الجوعي والمقهورين؟ ويواصل: لصالح من يتم قتل الشباب الذي يحمل مطالب مشروعة تنقذه من البطالة والعنوسة ويشعر بكرامته كإنسان مكذباً هنا التصنيف الحكومي الأعمي للشباب قائلاً: »شبابنا ليس إرهابياً ولا مخرباً ولا متآمراً« والدليل حمايته لمكتسبات الوطن عند فرار الشرطة وتركها الميدان لبلطجية والسجون والمعتقلات.
وأكد، الذي كان صديقاً مقرباً جداً للسادات، أن جميع الانتخابات التي أجريت في عهد مبارك مزورة، وهذا وحده يكفي لعدم شرعية النظام، وحمّل جامع الإعلام الحكومي مسئولية ما حدث من فوضي، لأنه صانع البيانات المزيفة والمضللة التي تعوق مسار التصحيح، مطالباً هنا بمحاكمة كل من تسبب في هذا التضليل السياسي والإعلامي الذي خرب مصر ودمر مقدراتها وجعلها مباحة للعملاء والجواسيس تحت وطأة الفقر والغلاء، واعتبر الشاهد علي عصر المرحلة الساداتية البرلمان الحالي نقطة سوداء في تاريخ مصر »جاء بالتدليس والتزوير والخداع والتصريحات الوهمية والوردية. ولفت جامع إلي نقطة في غاية الخطورة وهي تشبث النظام بالسلطة« قائلاً: »الديكتاتور يحميه غروره، فيرهب شعبه ويعيش في أكذوبة ويتمسك بالسلطة«، مؤكداً أن الحزب الوطني احتمي بأغلبية مزيفة سقطت في أول اختبار حقيقي لمواجهة الجماهير.
زرت الرجل في منزله بمدينة »طنطا« ومن هنا حمّلني أكثر من قنبلة تكفي واحدة منها لرحيل النظام..
> كيف تري الأحداث التي تشهدها مصر منذ 25 يناير حتي الآن؟
- هذه الأحداث بالكامل حذرت منها كل القوي السياسية الوطنية من مفكرين ورجال أحزاب، ومع هذا لم يستمع إليها أحد من النظام أو من رجال الحزب الوطني الذي كان يعتقد أنه يحتمي بأغلبية كاذبة خادعة، لم تظهر في الساحة للتصدي لتلك الأحداث التي قد تذهب بمصر إلي المجهول الذي وضعوه في مستقبل الوطن من خلال استيلاء الحزب الوطني علي مقدرات البلاد والعباد.
> القرارات التي اتخذت هل تراها لتهدئة الأمور أم خطوات جادة للإصلاح؟
- كل القرارات التي اتخذها النظام الحالي هي قرارات تحت ضغوط إذن اتخذها النظام وهو مكره عليها وليس بطولية لأن الرئيس مبارك قال: اتصلوا بالمعارضة مع أن نظامه كان يهمشها ولا يلتفت إليها، بل قال هو بنفسه علي هذه المعارضة "خليهم يتسلوا"!! والآن يطلب من رئيس الوزراء الجديد أن يتشاور مع المعارضة، ود. فتحي سرور بعد أن كان يقول بأعلي صوته: إن مجلس الشعب سيد قراره، أعلن أنهم سيحترمون أحكام القضاء في الأعضاء الذين عليهم شبهات في عضويتهم.. مع أن الرئيس مبارك قال من قبل: إنه يفتخر بهذا البرلمان ونتيجة الحزب الوطني ومفيش تزوير!!، ثم أعلنت د. آمال عثمان، رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب، أن 90٪ من أعضاء البرلمان مطعون في عضويتهم.. وكانوا يكابرون من قبل.
> دماء الشباب وإزهاق أرواحهم من يتحمل المسئولية وهل تتوقع مزيداً من القتل؟
- الحرية لن تأخذها مجاناً، فعلي الجميع أن يعلم أن الحرية لها ثمن غال جداً لا يدفع إلا بالدماء والأرواح، وهذا ما نراه الآن لأن الشرطة تطبق قانون الطوارئ والاعتقالات والقوانين الاستثنائية، وكانت متفرغة لقهر الشعب وضربه وإذلاله وانتهاك حرماته، وأيضاً لتزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ويخرج علينا »أحمد عز« بزهو وفخر ويعلن أن الحزب الوطني فاز بأغلبية كاسحة مع إنه يعلم أنه تدليس وتزوير طالما أن الشرطة لها دور في حماية النظام.. فلماذا يأمن الميدان والمواجهة ولم نجد لأفرادها أي أثر؟
هم الآن يدفعون الثمن، وكان الثمن هروبهم من أداء الواجب، لكنهم لا يعرفون غير حماية النظام وضرب الشعب وعندما تصدي لهم المتظاهرون لم يجدوا إلا الفرار، الحل الوحيد الذي أمامهم.. وليس الشرطة هي الجهاز الوحيد الذي هرب بل الإعلام الحكومي أيضاً من كتاب السلطة هربوا من تغطية الحقائق من الأحداث، فأصبحت الصحف الحكومية في حالة يرثي لها بعد تدميرها وإفلاسها بسبب الرقص للنظام.
> إلي أي مدي تتحمل وزارة د. نظيف مسئوليتها عن تلك الفوضي؟
- لا تتحمل أي شيء علي الإطلاق، لأنها لم تكن تحكم فالذي كان يحكم هو جمال مبارك وأحمد عز وحبيب العادلي، وكانوا يملون قراراتهم علي نظيف ووزارته لتنفيذها.. فأري نظيف ووزراءه لا حول لهم ولا قوة لأنهم كانوا عبيداً للنظام، والذين يحكمون كانوا عبدة "النظام"!! ولكنهم أفاقوا بعد أن انتهي الدرس للنظام بالكامل.
> وماذا عن الحلفاء الدوليين للنظام المصري خاصة الولايات المتحدة الأمريكية؟
- أمريكا تلعب علي الحبلين، وتمسك العصا من المنتصف، فهي كانت تؤيد النظام المصري لأنه حليفها والآن بعد أن رأت أن الكفة تميل لصالح المتظاهرين بدأت تؤيدهم وتخلت عن النظام، ورأينا "أوباما" اتصل بالسعودية وإسرائيل وقادة أوروبا للتشاور فيما يحدث في مصر ولم يتصل بالرئيس المصري.. فلا أحد يؤيد النظام إلا إسرائيل والقذافي!!
> وكيف تري حادث كنيسة القديسين؟
- المقصود من هذا الحادث خلق فتنة طائفية وأراه مخططاً أجنبياً، فلا هو من ترتيب الجماعات الإسلامية ولا السلفية أو المتطرفة في مصر، ولن يتوقفوا وسيكرونها مرة واثنتين وثلاث لأنهم يستغلون حالة السخط والغضب والتفكك والظروف المعيشية السيئة داخل المجتمع المصري، ولن ينجحوا لأن المسلمين والمسيحين يعيشون في أحسن عشرة وجيرة، ولكن المجتمع المصري مخترق بعملاء وجواسيس ومخربين يهمهم عدم الاستقرار وصنع الفتن.
> لكن هؤلاء المخربين وجدوا أرضاً خصبة للبؤر والقلاقل التي يزرعون فيها الفتن؟
- ليس إلي هذا الحد، لكن بعض الأقلام ووسائل الإعلام تطاولت وضخمت الموضوع!! وإن كانت تريد أن تمنع الفتنة، ولكنها تزيدها بتسليط الأضواء عليها.. فالذي يحدث مع عادات الصعيد، وانتشار عوامل الثأر والتعصب قد توجد بعض التوترات لكن في الآخر الشعب واع ومدرك أين الأخطار.. ولكن الإعلام يهاجم التيارات الإسلامية، والإخوان المسلمين، والجهاد، والسلفيين مع أنه لم يثبت قيام الإخوان منذ ستون عاماً بعملية إرهابية.
> لكن التاريخ يشير إلي عمليات إرهابية كبري قامت بها جماعة الإخوان سواء كانت قتلاً أو تفجيرات خلال الأربعينيات؟
- بالفعل ولكنها حوادث لا تتعدي أصابع اليد الواحدة وكانت في فترة تنتشر فيها الجماعات السرية، والسادات اشترك في اغتيال أمين عثمان وأيضاً في محاولة اغتيال النحاس باشا ثلاث مرات، وأحمد ماهر والنقراشي وعبدالفتاح عنايت اشتركوا في قتل سردار الجيش الإنجليزي.. وعبدالناصر أطلق الرصاص علي حسين سري باشا وقام بعمل تفجيرات في شوارع القاهرة، فهذه التشكيلات كانت موجودة في تلك الفترة.
> ولماذا توجه سهام النقد إلي الإعلام؟
- لأننا لو نظرنا إلي شبابنا لوجدنا ظاهرة التحرش الجنسي والزواج العرفي وتدخين الشيشة للبنات، فالأخلاق انتهت في مجتمعنا!! وأصبحنا لا نأمن علي بناتنا من التحرش في الشوارع والمواصلات العامة والإعلام يا سيدي مسئول مسئولية كبيرة لأنه يبعث علي الفساد والفتن وكل وسائل الإفساد!! ويحارب الشباب بتصنيفه الغريب لهم، هذا مخرب، وهذا إرهابي، وهذا متآمر، وآخر سلفي، وبهذا تفرغوا للهدم وليس للبناء في هذا البلد!!
> كيف تري نتائج انتخابات مجلس الشعب؟
- الانتخابات البرلمانية لا تسلم من التزوير وبدأت منذ عصر الثورة لأن عبدالناصر هو الذي اخترع نسبة 99.99٪ والمهرجانات الشعبية والتزوير استمر حتي الآن فدمر الشعب، لأنه بدأ بالمعتقلات والسجون والإعدامات، وانفرد بالسلطة وأطاح بكل معاونيه فانعدمت الشوري والديمقراطية ومات الشعب معنوياً وأندهش من شعب مهزوم في نكسة فاضحة تهتف، ويتمسك بقائده المهزوم.. ونجد عضو مجلس شعب يرقص ويزغرد لأن قائده تراجع عن الاستقالة، فأعضاء مجلس الشعب يعملون بالريموت كونترول.
> إذن.. هذا المجلس لا تعول عليه أية إصلاحات؟
- لا هذا المجلس مثل المجالس التي سبقته والمجالس التي ستأتي بعده طالما لم تتغير أنظمة الحكم وأساليبها.. حيث أذكر أن "عبدالناصر" وقف بعد انفصال سوريا في مجلس الشعب قائلاً: دعاة الانفصال والخونة الذين أهانوا المشير وأهانوا الجيش.. أصدرت أوامري إلي قوات الصاعقة والمظلات برئاسة "جلال هريدي" لأن يذهبوا إلي "اللاذقية" ليدكوا العناصر الانفصالية.. فانفجر المجلس بالتصفيق والتهليل.. وأكمل "عبدالناصر" لكنني حقناً للدماء، أمرت بوقف هذه الحملة وأمرتهم بالانسحاب.. فانفجر المجلس ثانية بالتصفيق والتهليل!! عندهم كده هية.. وكدة هية.. لا فاهمين ماذا يدور من حولهم؟ ولا عارفين فيه إيه!!، ثم إن المقيدين في الجداول الانتخابية حسب تقارير وزارة الداخلية 25٪ الشعب ولا يذهب إلا 10٪ للتصويت في الانتخابات، ورغم هذا يتم تزوير الانتخابات والشعب تأكد من التزوير الفاضح فيقول: لن أذهب والحكومة ستعمل اللازم، فالانتخابات كلها تزوير وتدليس وضلال.. والشعب فقد الولاء والانتماء لبلده ولحكامه!!
> %96 من مقاعد البرلمان للحزب منهم 9 وزراء و35٪ من الأعضاء رجال أعمال.. إلي هذا الحد تنعدم المعارضة؟
- هذا البرلمان نقطة سوداء في تاريخ مصر ومهما قال المسئولون: إن فيه تجاوزات، لا هي كوارث وفضائح ورأيناها، وأحزاب المعارضة ليست ضعيفة.. فالرشاوي دفعت وحدثت تدخلات والصناديق تم تعبئتها.. فأصبحنا أمام برلمان مزور فسوف يزور طالما زور له وسيوافق علي أي شيء وسينتخب الرئيس القادم سواء كان مبارك أو غيره لأنه يعمل بالريموت كنترول.
وأذكر أنني كنت عضواً بمجلس الشوري والله لم أنتخب نفسي وحصلت علي 99٪!! والأعضاء لم تكن تحضر الجلسات فأحضروا دفتر حضور.. وكانت النواب توقع لزملائها.. وأيضاً كانوا يوقعون لبعض في اللجان لأنها كانت لها بدل حضور خمسين جنيهاً ودليل آخر علي الفساد أن عضواً ذهب لأداء العمرة 15 يوماً وكان مثبوتاً أنه يحضر الجلسات وطوال النهار تري العضو يمسك لستة طلبات ويمر علي مكاتب الوزراء والمحافظين فهل هذا عمل عضو البرلمان.. فنحن دولة تنزل القهقري!!
> الحزب الوطني...........؟
- قاطعني ولم يدعني أكمل قائلاً: حزب إيه الحزب استولي وسيطر علي البلد وحتي مقدراته اختارها من أفضل قصور الشعب في الدولة، وكانت أيضاً للاتحاد الاشتراكي، وأيضاً هنا في طنطا الحزب يستولي علي القصر.. وهذا سفه وضلال لأنها أموال الشعب.. فمن أين يأتي الولاء؟!.. الحزب الذي ألغي الإشراف القضائي علي الانتخابات، وغير مواد الدستور (76، 77) الخاصة برئاسة الجمهورية حتي يستمر قابضاً علي السلطة، الحزب الذي أفرز التدليس والتزوير.. فكثرت المشاكل، الحزب الذي أنتج سياسة مسئول يحصل علي راتب مليون جنيه وغيره اثنين مليون أو ثلاثة ملايين جنيه، ونجد آلاف العاطلين فلا توجد عدالة ولا مساواة.. والشخصية المصرية دُمرت والشباب يري الوساطة والمحسوبية والرشاوي والغالبية العظمي عاطلة وتتحرش بالبنات في الشوارع هذا هو الحزب الوطني.
> كيف تري وزراء مصر؟ وهل يشعرون بمعاناة الشعب الذي يحرق بعض أبنائه أنفسهم؟
- العيب ليس في الوزراء لكنه في النظام.. وكيف يدار دولاب العمل.. فقل لي مثلاً مشروع توشكي أخباره إيه؟ وما خسائره؟ ومشروع فوسفات أبوطرطور؟ وهل يعقل أن وظيفة وزير التعليم أن يتفحص حمامات المدارس، ودفاتر الحضور والانصراف؟! فهل هذه وظيفته؟ فسياسة وزير التعليم هي سياسة التعليم تلك السياسة المدمرة الفاشلة التي أفرزت تعليماً موازياً للدروس الخصوصية من الابتدائي حتي الجامعة، والصحة فالمريض المصري يعاني لأن أساتذة الجامعات لا يذهبون إلي المستشفيات الحكومية وليل نهار يعملون في عياداتهم ومستشفياتهم الاستثمارية والمستشفيات الحكومية لا يوجد بها إمكانيات ونحن نشاهد مآسي مثلاً يوجد مستشفي في طنطا تكلفته 300 مليون جنيه فارغاً وينعي من بناه لأنه تنقصه الأجهزة والمريض إذا دخل مستشفي حكومياً يطلبون منه العلاج والشاش والقطن علي حسابه فالمشروعات فاشلة والنزيف مستمر.
> وما الحل والعلاج لهذه المشاكل؟
- الحل في هيئة تأسيسية منتخبة من المستشارين والقانونيين لوضع دستور جديد، بدلاً من الدستور الحالي وينص علي تداول السلطة دون لف أو دوران.. وتحدد به مدة رئيس الجمهورية، وإلغاء قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية وقانون الإرهاب.. فالبلد خربت من هذه القوانين وتقنين العمل الصحفي حتي تنتهي الصحافة الساذجة والمضللين من حملة الدفوف.. فكل مسئول في الصحافة القومية يحافظ علي مصلحته لأنه يحصل علي مليون جنيه ولو
> هل فرضت أحداث تونس تطوراتها علي الواقع المصري؟
- بدون شك.. فالظروف والمعاناة وأنظمة الحكم وعصا الأمن الغليظة، والديكتاتورية والفساد والسرقة والاستئثار بالسلطة هذا كله تعاني منه الدول العربية فكلنا نري ما يحدث في العالم العربي من تمرد الشعوب علي حكامها وبنية تهدم، وثروات تنهب ودماء تهدر، وقد يقتل الحاكم، ويسجن أو يهرب كما حدث في تونس، أو قد يتنحي راضياً أو مكرهاً أو ينحني للعاصفة حتي تهدأ مؤقتاً ويعود كما كان ورأينا ومازلنا نري العجب العجاب.
> ما الذي أوصل أحوال العالم العربي لهذه النتيجة؟
- السبب الحقيقي هو الحكم الديكتاتوري الإرهابي والحاكم الأوحد الفرد، الذي ينفرد بالقرار دون مشورة أو دراية، ومن غير حسيب أو رقيب فيعميه غروره، وتسلطه، وتسكره السلطة ويصبح غائباً عن الوعي، يتخبط ذات اليمين وذات الشمال ويرهب شعبه ويستعبده، ويطلق أفكاره لشعارات كاذبة، وأوهام خادعة، حتي يصدق نفسه ويعيش في أكذوبة كبري.
> البعض كان ينظر إلي الشعب المصري علي أنه جثة هامدة إلا أنه أفاق علي ثورة 25 يناير الشعبية؟ ماذا تقول؟
- ما حدث هو انتفاضة شعب حي بعدما ضاق به الحال والظروف وزادت عندما يأس الشاب نفسه فتأججت وسارت الأمور بالشكل الذي رأيناه.. لكن حقيقة الأمور أن الشعوب هي التي تدفع ثمن إرهاب وأخطاء وتجاوزات الحاكم الديكتاتور.. وذلك من كرامته، وحريته التي اغتصبت وأهينت ودمرت وأصيبت الشعوب بالذل والهوان والسلبية القاتلة.. فأصبح الحاكم في واد يصول ويجول ويرتع كما يشاء، ويقرر ما يشاء ويبعثر أموال شعبه كيفما شاء ويقرب من يشاء ويبعد من يشاء.. وشعبه المغيب المغلوب علي أمره في واد آخر، وبدا بمظهر الرعاع ظلماً تلاحقه نظرات العالم بأنهم متخلفون وأغبياء وجبناء لأنهم سكتوا علي هذا الظلم والقهر!! ولكنهم ليسوا كذلك، بل أضعفهم حكامهم بقبضة السلطة والتجويع.
> القمة العربية الاقتصادية.. أقرت علي لسان الأمين العام لجامعة الدول العربية بأن الشعوب العربية منكسرة بسبب الفقر والبطالة؟
- قمة عربية إيه؟! فما أكثرهم!
> القمة العربية في شرم الشيخ؟
- كل هذه القمم مناظر وضحك علي الشعوب.. فالقمم العربية ماتت وكانت جنازتها حارة.. فالمشاكل ستستمر.. والمانشتات في الصحف المصرية تظهر وكأن المشاكل العربية الاقتصادية كلها تم حلها وهذا تهريج القمم العربية اقتصادية، أوغيره تأخذ مساجلات ومباحثات ومساحات إعلامية وتستنفد جهود الروساء وتشغل شعوب الأمة العربية بتوافه الأمور وما يحدث علي الساحة من مشاهد وأحداث يدعو إلي السخرية والرثاء.. فالحكام لا يعترفون بأخطائهم الفاحشة في حق شعوبهم وإهمالهم لحقوقهم المشروعة بسبب حكمهم بالحديد والنار وتزويرهم لإرادتهم بما يسبب فساداً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ويقولون قمة اقتصادية!!
> لكن توجد شواهد بأن الحكومة تعمل ألف حساب لهذا الشعب وزير البترول عين مئات العاطلين ووزارة التضامن ضخت المليارات إلي الدعم وهكذا؟
- هذا ضحك علي الذقون، ولكن السمة الموجودة أن كل فئة لها مطالب تقوم بالتظاهر والاعتصام فالظلم موجود وعدم المساواة موجودة والاستهتار أيضاً، والعملية أصبحت بلطجة كل يريد أخذ حقه ولو بالذراع من حكومة جباية لا تريد الإصلاح تخدع الشعب وتخدره بالقرارات البراقة والتصريحات الوردية الخادعة، وتطبق سياسة النفس الطويل لكسب الوقت!! وليس المهم الحل الموضوعي لمشاكل الشعب، ولكن الأهم في عثرتها الالتفاف حول الحاكم الأوحد للاحتفاظ بأكثر مدة ممكنة بكراسي السلطة.. وليذهب الشعب إلي الجحيم.. فقالوا: إن مشكلة البطالة ستحل ولم يحدث والغلاء سينتهي فزاد الغلاء.. فهذه سياسة رقيعة مائعة يقصد بها الديكور الدعائي السياسي للإصلاح والتغيير المزعوم.
> هل لم يتبق شيء للمصريين إلا الانتحار حرقاً طالما لا يحصلوا علي حقوقهم؟
- عمليات الانتحار بالحرق ليست وسيلة ثم إن البعض منهم يلبس ملابس ثقيلة والحروق تجدها بنسبة 5٪ وبعدما يحرق نفسه.. الحكومة تقول ما يتحرق الشعب إيه اللي سيحدث ولا حاجة!! فالشباب المصري أصبح كاليتيم الذي لا يجد من يرعاه ولم يدرسوا مشاكله ولم يخططوا لحلها هم وقادتهم، ولجنة سياستهم ومفكروهم ناهيك عن »المطبلاتية« الذين يتقنون العزف بالمزمار والذين يفخرون بأنه حزب الأغلبية الكاسحة وهم في حقيقتهم كغثاء السيل، لا وزن ولا قيمة لهم ولا يحترمهم أحد!! ولا يحبهم أحد لأنهم لا يحلون ولا يربطون!! وانشغلوا فقط بمصالحهم الخاصة والجري وراء المناصب الوزارية والغنائم وتركوا الشعب يغرق في مشاكله ومصائبه وكوارثه وبطالته دون اهتمام اللهم إلا التصريحات النارية الكاذبة الواهية التي لا تغني ولا تسمن من جوع وتبرزها وسائل الإعلام المأجورة أو المملوكة لهم بكل كذب وخداع ونفاق.
> وكيف تري الشباب المصري الآن؟
- الشباب المصري هم حزب الأغلبية الحقيقي، حزب الشباب العاطل، حزب العزوبة والعنوسة، شباب المقهور تائه مدمر، مشغول دائماً بالبحث عن أي عمل يخرجه من ورطته، ولم تكن تشغله أية مشكلة من مشاكل وطنه سواء كانت داخلية أو خارجية منع من النشاطات السياسية والاجتماعية، في الجامعات حتي من الكلام في السياسة، فاعتقدنا أنه عديم الشعور فاقد الولاء والانتماء!! حواراته مع المسئولين كانت تمثيليات متكررة وعديمة الفائدة لأنها كانت تتم تحت رقابة وتحذير وتهديد.. ولكن فجأة ألقي بكل هذا وراء ظهره، وخرج من السلبية واللامبالاة فأصبح عملاقاً أرق مضاجع النظام وهز أركان دولته، بل أبهر العالم بما أقدم عليه وأجبر النظام علي الاستماع له بعدما كان يتعالي عليه ويستهتر بمعاناته واحتياجاته.
> هاجمت سياسات الحكام العرب.. وماذا عن معاوني هؤلاء الحكام؟
- المعاونون تاريخهم معلوم في العمل السياسي وسمعتهم ليست علي ما يرام، وتوجد أسرار مدفونة والملفات مليئة بالفضائح، لأنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية بدون مبادئ ويزينون الضلال للحكام والشواهد كثيرة.. فماذا عن قضية رشوة المرسيدس التي فجرتها جريدة "الوفد"، وماذا عن العمولات والانحرافات.
> لجنة الـ"100" التي توليت رئاستها في 1971 ماذا كشفت لك من أسرار؟
- بعد نجاح السادات في القضاء علي مراكز القوي شكل لجنة الـ»100« وكنت في لجنة الضمانات القانونية والسياسية وكان في تلك اللجنة د. عائشة راتب ود. نبيل الهلالي ود. حسين خلاف ومحمد عبدالفتاح أبوالفضل كان أمين شئون العضوية ومهمة هذه اللجنة هي رفع العزل السياسي عن المعزولين سياسياً وتوليت هذه الملفات، وجاء د. محمود القاضي لأنه كان معزولاً سياسياً وفتحت الملف الخاص بالدكتور »القاضي« فوجدت جهة أمنية سيادية تقول في تقريرها إنه من الإخوان المسلمين وجهة أمنية أخري تؤكد أنه شيوعي وينصحون بعزله.. فكان التناقض في الأجهزة شديداً ورفعت عنه العزل وعن فايز حلاوة وعلوي حافظ وعبدالعزيز خميس، رئيس تحرير روزاليوسف، وعن محمد أبوالفضل الجيزاوي وعباس المصري وكثيرين وأرسلت مبرقة إلي أمانة الاتحاد الاشتراكي وهاجت الأجهزة علينا وبعض الأجهزة اعترضت علي رفع العزل عنهم وكان من الذين اعترضوا محمد عبدالسلام الزيات وهؤلاء هم المعاونون!!
> متي يتم حسم قضية الدولة المدنية؟
- هو إحنا عارفين مصر دولة إيه؟!
> الدستور ينص علي مدنية الدولة؟
- هو إحنا عندنا دستور؟!! الدستور يكون موجوداً عندما يتم احترامه فمنذ أن قام رجال الثورة بإلغاء دستور 23 خوفاً من انعقاد البرلمان بأغلبية حزب الوفد لم نر دستوراً يحترم.. فقد وضع "عبدالناصر" عدة دساتير مؤقتة 54، 56، 64 ووضعت جميعها في سلة المهملات.. إلي أن جاء السادات ووضع بعض ترزية القوانين دستور 71 وأسموه الدستور الدائم!! ثم تم تعديل بعض المواد فأصبحت أمام عجب العجاب وصارت كل المواد المكتوبة في الدستور غير مطبقة علي أرض الواقع مثل سيادة القانون.. فنحن نحكم بقانون الطوارئ الاستثنائي والمحاكم الاستثنائية من عسكرية وأمن دولة هذا الجهاز الذي أصبح يحكم مصر!! إضافة رلي القوانين سيئة السمعة التي تلاحقنا منذ ثلاثين عاماً.. فأين الديمقراطية، وأين حقوق الإنسان المكفولة في مواد الدستور دون تطبيق وأين تطبيق المواد التي تنص علي صون كرامة المواطن وحفظها، فالتليفونات مراقبة قبل الأشخاص.
> بعد تلك الأحداث التي فرضت نفسها علي الواقع السياسي كيف تري انتخابات الرئاسة المقبلة؟
- كان الأول لا يفرق أن يأتي الرئيس مبارك ويكمل أو أن يأتي جمال مبارك وتورث أو أن يأتي غيرهما ولكن الآن المسألة اختلفت تماماً شكلاً وموضوعاً.. وأقول للنظام انتهي الدرس فلن نقبل أن يختار رئيس الجمهورية مجلسي شعب وشوري مزورين.