رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خطة الانقلاب على الديمقراطية!

بوابة الوفد الإلكترونية

لأحداث المشتعلة مخيفة ومحرضة على طرح علامات الاستفهام بحثاً عن إجابات شافية وقاطعة، تزيل الالتباس حول حقيقة ما يجرى فى البلاد من حرائق وخراب بلغ مداه،

ومواجهات وصلت مرحلة الخطر، التى تهدد الثورة ومراميها فضلاً عن أنها تبدد أى أمل فى الاستقرار على المدى القريب، وتعيق عمداً السير فى اتجاه الديمقراطية، بافتعال الأزمات للانقلاب عليها.  فقبل أن نبدأ خطوة واحدة فى طريق التحول الديمقراطى، لانهاء فترة الحكم الانتقالى، سرعان ما نعود الى الوراء ألف خطوة، وكأنها لم تحدث ثورة!
فهذه الأزمات تكمن فى باطن الحروب المفتوحة، التى تداهمنا فى الميادين والشوارع، بصورة تدفع لتنامى القلق على مستقبل الدولة والديمقراطية على حد سواء، فمن أحداث ماسبيرو مروراً بشارع محمد محمود ثم مجلس الوزراء فى قصر العينى، العناوين واحدة لا تتغير، دماء وقتلى وعنف متبادل واتهامات لا حصر لها. وكل ذلك يقود البلاد الى الهاوية، ويدفع بها الى الانزلا فى حالة من الفوضى العارمة، التى يصبح فيها الحديث عن الديمقراطية ترفاً والتفكير فى انتقال السلطة نوعاً من العبث، وخطورة ما يجرى أن تلك الأحداث تتزامن مع الانتخابات البرلمانية، التى تتطلع القوى السياسية الى الانتهاء منها فى أجواء طبيعية، تمكن من الاستقرار النسبى، الا أن قراءة المشهد بصورة متأنية تشير الى ان ما يحدث فى العلن شىء وما يدور خلف الكواليس شيئاً آخر لا هدف منه سوى اجهاض الثورة وأن ذلك يأتى فى إطار عمليات مدبرة، وأساليب متقنة، لتعطيل التحول الديمقراطى، وما يتم تداوله يحمل اتهامات متناثرة، طالت بطبيعة الحال المجلس العسكرى، ومفادها وجود النية لديه فى البقاء أطول فترة ممكنة فى السلطة، ويهيئ الأجواء لهذا الغرض، أو تلك الرغبة المثير فى ذلك كله، ان ذلك لم يأت من فراغ، لأنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً، بالأحداث التى تدور فى بر مصر، وجاء على خلفية تورط المجلس العسكرى فى الصدام المباشر مع المتظاهرين فى حرب الشوارع، منذ ماسبيرو وحتى الآن، وهو الأمر الذى ألقى بظلال كثيفة من الشكوك تجاه نواياه، فهو منذ اندلاع الثورة يحتفظ لنفسه بالكلمة النهائية كافة الأمور المتعلقة بالتحول الديمقراطى، وما يصاحبها من قرارات سياسية أو إصدار مراسيم بقوانين، ففي الوقت الذي يعلن فيه قادة المجلس أنهم جادون في تسليم السلطة وفق المواعيد المحددة للانتخابات وإنهاء مشروع الدستور والاستفتاء عليه، إلا أن هذه التصريحات لا تعكس كامل الحقيقة والمؤشرات حول ذلك معلومة للكافة، فما إن ظهرت بوادر النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية سارع الإخوان المسلمون بطرح قضية تشكيل الحكومة من قبل الأغلبية البرلمانية، وعلي الفور صدرت التصريحات من المجلس العسكري. بأن ذلك الحق للمجلس العسكري، وفق الدستور باعتبار أن النظام جمهوري، وليس برلمانيا، وخرجت علي السطح، إشكالية أثارت الجدل في كافة الأوساط المهمومة بالشأن العام.. والطرفان سواء المجلس أو الإخوان، يعلمان تماماً أن الأمر برمته ليس سوي أطروحات قابلة للنقاش فقط.
لكن تحول المسار إلي معركة إعلامية، دخل فيها المجلس العسكري طرفاً، دون دراية بالمناورات التي احترفها السياسيون، ولا يجيد أعضاء المجلس فنونها، ومؤامراتها، فلا ينكر أحد أن المجلس العسكري فرض عليه التعامل مع الشأن السياسي بعد أن وجد نفسه في صدارة المشهد، إثر انحيازه للثورة والشعب، كما أن أحداً لا يستطيع أن ينفي الحقيقة المعلومة، للكافة، بأن الجيش هو صمام الأمان في الدولة ضد انحراف السلطة، علي مواجهة المدرعات ولم يكن الدور الذي لعبه الجيش في ثورة يناير خافياً علي أحد فقد تلاقت رغبته مع الرغبات الشعبية، في مناهضة سيناريو التوريث الذي كان يعده  مبارك وزبانية حكمه، والذي كان يسير بشكل منهجي منذ عام 2005. في الوقت الذي قارب فيه جمال مبارك من تحقق حلمه، كانت القوي السياسية والأحزاب مشغولة بمناهضة المشروع لاجهاضه، وتغافلوا جميعاً، التحول الديمقراطي وكان علي الجانب الآخر رفض تام من قبل المؤسسة العسكرية لفكرة توريث حكم البلاد لنجل الرئيس السابق وعندما قامت الثورة في يناير، كان من الطبيعي أن تتلافي وجهات النظر وتتفق الأهداف لاجهاض فكرة التوريث، لكن بوادر ما يحدث الآن تشير الي رغبة أخري هي

احتفاظ الجيش بالسلطة التي استمر فيها منذ ثورة يوليو 1952. وهي ما يعني ان فصول الأحداث تقود الي اعادة انتاج نظام مبارك بصورة وأسماء مختلفة.. فالتوتر يتزامن مع الانتخابات والمؤشرات تقول ان التيارات الاسلامية لأسباب لم تعد خافية علي أحد في الصدارة.. ومشغولة بتحقيق المكاسب، ولم يلتفت أي من تلك التيارات، الي ما يجري في أنحاء البلاد من حرائق، لكن يبدو أن المكاسب السياسية والتنظيمية، أهم بكثير من المصلحة العليا للبلاد،  فضلاً عن الدخول فى معارك إعلامية مع المجلس العسكرى، الذي تذهب المؤشرات الي طموحه في البقاء.
والاستمرار في الحكم وهو ما يشير الي اقتراب موعد نهاية شهر العسل بين الطرفين، خاصة إذا علمنا أن البرلمان القادم، كتبت شهادة وفاته، جراء الأساليب والمخالفات التي علقت بالعملية الانتخابية منذ بدايتها، الأمر الذي يدفع الي المخاوف من تكرار سيناريو الجزائر.. الذي حصلت فيه التيارات الاسلامية علي الأغلابية البرلمانية، وراحت تدعو لتغيير الدولة وفرض املاءات لم يقبلها المجتمع، وأدي ذلك الي تدخل الجيش والدخول في حروب وصراعات كثيرة.
لكن أكثر الأمور التي تذهب الي أن الجيش أو المجلس العسكري متهم بالرغبة في البقاء هو الدخول كطرف فاعل في الأحداث الملتهبة، التي دفعت الفضائيات الي توجيه انتقادات حادة ضده وهذه الانتقادات تفوق في بشاعتها، تلك الحماقات التي تجري في الشوارع والميادين، وتساهم في اشعال الحرائق للنيل من الجيش، هوه ما يرفضه بعض القوي السياسية، التي تسعي لتحقيق المكاسب، والفوز بالمقاعد البرلمانية متجاهلين أن استمرار هذه الأمور قد يطيح بالعملية الانتخابية ويؤجل الحديث عن أية انتخابات قادمة.
كل هذا لا ينفي ان المجلس العسكري ساهم بقدر أو بآخر في ازدياد حدة الانتقادات الموجهة ضده، بدخوله في جدل اعلامي حول الأحداث، واعطاء الفرصة للمساس بمكانة الجيش، ودخل في مساحة من الجدل ما كان له أن يدخل فيها، مهما بلغت الاحداث حدتها.
وإذا كانت هناك ضرورة لبقاء الشرطة العسكرية في الشوارع، فعليها عدم الاحتكاك التي تنال من مكانته، فضلاً عن متاهات الرد والنفي. وذلك تأكيد قوي علي وجود محاولات جادة من جانبه علي الاستمرار في المواجهة مع المتظاهرين.. الذين يرفضون ممارسات المجلس العسكري في تعيين حكومة الجنزوري، واقدامه علي الانتخابات البرلمانية قبل إعداد الدستور.. ان التصريحات التي تصدر عن قيادات المجلس العسكري ودخوله في التفاصيل المتعلقة بالشأن السياسي، والأحاديث عن التحقيقات الجارية بوجود أطراف تحرض علي الفوضي، جعله في مرمي سهام الانتقادات الحادة لأن نتائج أي من هذه التحقيقات لم تخرج للرأي العام، وكل هذه التصرفات دافعة لأن يسعي للانقلاب علي الديمقراطية بخطة متقنة، فهو مطالب الآن بالكشف عن الحقائق كاملة، خاصة ان اتهامات كثيرة تشير الي تورطه في صناعة الأحداث والأزمات.