رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد‮ ‬غانم‮ لـ"الوفد‮":‬ خسرنا أفريقيا بالتجاهل والاستعلاء وتركنا إسرائيل تدق الأسافين بيننا وبينها

يكشف محمد‮ ‬غانم‮.. ‬رجل المخابرات القوي‮ ‬في‮ ‬أفريقيا وأول رئيس لشركة النصر للاستيراد والتصدير في‮ ‬حواره مع الوفد الأسبوعي‮ ‬أسرار وكواليس إنشاء شركة النصر وكيف كان نشاطها التجاري‮

‬غطاء للنشاط المصري‮ ‬الاستخباراتي‮ ‬في‮ ‬دول أفريقيا وكيف كان هذا النشاط هو البذرة التي‮ ‬بذرها عبدالناصر لدعم الحركات التحررية ومساعدة زعماء الاستقلال في‮ ‬الوصول الي‮ ‬السلطة‮.‬

في‮ ‬هذا الحوار‮ ‬يتناول‮ ‬غانم فلسفة رؤساء مصر‮ »‬ناصر والسادات ومبارك‮« ‬تجاه أفريقيا ويؤكد أن مصر خسرت أفريقيا بسبب التجاهل والاستعلاء وتركت إسرائيل تتغلغل هناك وتدق الأسافين بيننا وبينهم‮.‬

وفي‮ ‬ثنايا الحوار عبر‮ ‬غانم عن فخره الممزوج بالحزن بدوره الذي‮ ‬لعبه في‮ ‬افريقيا وتعرضه للاستشهاد أكثر من عشرين مرة إلا أن المصريين‮ ‬ينسون دوره الاقتصادي‮.. ‬تعال معنا عزيزي‮ ‬القارئ في‮ ‬رحلة إلي‮ ‬الماضي‮ ‬المجيد عبر هذا الحوار‮:‬

‮> ‬بعد استفتاء السودان وتهديد الأمن المائي‮ ‬لمصر‮.. ‬كيف تري‮ ‬المشهد الأفريقي‮ ‬الحالي؟

‮- ‬لا شك‮ ‬يوجد احتقان في‮ ‬العلاقات المصرية الأفريقية وابتعاد عن المصالح المشتركة بيننا وبين افريقيا وعلينا أن نعرف جيدا أن الذي‮ ‬يحكم العلاقات بين الدول هو المصالح المشتركة التي‮ ‬تكون بعيدة عن العواطف والفهلوة وأن نضع في‮ ‬اعتبارنا أننا لسنا أولاد عم ولا أقارب أو جيران وأن نتعاون علي‮ ‬المصالح المشتركة بدون استعلاء أو تجاهل‮.‬

‮> ‬الي‮ ‬أي‮ ‬مدي‮ ‬كانت التجربة المصرية في‮ ‬أفريقيا ناجحة خلال فترة الرئيس عبدالناصر؟

‮- ‬مصر منذ عهد‮ »‬مينا‮« ‬موحد القطرين وهي‮ ‬دولة الحاكم الفرد مهما اختلف الحاكم فيها فإذا قال‮: ‬يمين الشعب،‮ ‬كله‮ ‬يتجه لليمين وإذا قال‮: ‬شمال،‮ ‬سيتجه أيضا للشمال وسنظل هكذا عبدالناصر كان مهتما بالدائرة الافريقية وعرف المسئولون ذلك فاهتموا بأفريقيا تقربا الي‮ »‬عبدالناصر‮« ‬ثم إن‮ »‬عبدالناصر‮« ‬رجل ثوري‮ ‬وبني‮ ‬تاريخه السياسي‮ ‬علي‮ ‬محاربة الاستعمار في‮ ‬مصر والعالم الثالث حيث تشبع في‮ ‬نشأته بعدائه للانجليز والرغبة في‮ ‬الاستقلال ومحاربة الاستعمار ومن هذا المنطلق اتجه لافريقيا والتقت الأهداف والمصالح‮.‬

‮> ‬وماذا حدث لتلك العلاقات خلال فترة حكم الرئيس‮ »‬السادات«؟

‮- ‬السادات زعيم وطني‮ ‬ولكن كل حاكم له طريقة وأسلوبه في‮ ‬الحكم فكان رأي‮ ‬السادات أن المعادلات الدولية لها اهتمامات أكبر خاصة بعد بدء انهيار النظام الشيوعي‮ ‬وأصبح العالم‮ ‬يحكم بإرادة أمريكا فاستشعر عن قناعة أن أمريكا في‮ ‬يدها الحل،‮ ‬ولم‮ ‬ينكر ذلك بل أعلنه وقال‮ ‬99٪‮ ‬من أوراق اللعبة في‮ ‬يد أمريكا ومن ثم اعتمد في‮ ‬سياسته علي‮ ‬أمريكا ونجح في‮ ‬ذلك وبالتالي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع تجاهل مطالب أساسية لأمريكا التي‮ ‬كانت ضد الثورة عبر الاستعمار وضد الثورة علي‮ ‬التسلط الغربي‮ ‬علي‮ ‬العالم وابتدأ‮ ‬يغمض عينيه بعض الشيء ليس عن افريقيا فقط بل علي‮ ‬العالم العربي‮ ‬عندما وضع علاقاته مع العالم العربي‮ ‬في‮ ‬كفة وعلاقته مع أمريكا في‮ ‬الكفة الأخري‮ ‬ورجحت وهذه سياسته ولكنه لم‮ ‬يكن‮ ‬يكره افريقيا،‮ ‬ولهذا بعدنا عن افريقيا في‮ ‬المرحلة الساداتية‮.‬

‮> ‬كيف لم‮ ‬يهتم الرئيس السادات بأفريقيا وقد أنشأ وزارة خاصة بأفريقيا وتولي‮ ‬مسئوليتها د‮. ‬بطرس‮ ‬غالي؟

‮- ‬بعد مرور الزمن والاندماج العالمي‮ ‬بين عبدالناصر وباندونج والحياد الايجابي‮ ‬ومجيء السادات للسلطة فمعلوم عن السادات أنه ليس من أنصار أن‮ ‬يفعل كل شيء بنفسه ولكن بتوجيهاته وفي‮ ‬رأيي‮ ‬أن الخارجية في‮ ‬ذلك الوقت كان‮ ‬يقع عليها هجوم وضغوط من العالم العربي‮ ‬والإسلامي‮ ‬وأيضا من مؤتمر باندونج حيث كانوا‮ ‬يتعشمون في‮ ‬مصر،‮ ‬ففقدوا هذا العشم فكثرت الصراعات علي‮ ‬الخارجية المصرية فالسادات وجد أن العبء عليها كثير فأوجد وزير خارجية آخر ولم‮ ‬يكن المقصود منه استعادة الوجود الاستراتيجي‮ ‬لمصر في‮ ‬افريقيا ولكن لحسن الحظ أن د‮. ‬بطرس‮ ‬غالي‮ ‬كان له علاقات جيدة مع افريقيا واهتمامات افريقية فكثرت زياراته ودعواته الي‮ ‬القادة والرؤساء الأفارقة ولا أعتقد أن السادات خلق هذه الوزارة من أجل افريقيا حتي‮ ‬إنه أسماها وزارة العلاقات الخارجية لأنه قسم وزارة الخارجية الي‮ ‬نصفين،‮ ‬نصف لوزارة الخارجية والنصف الآخر للعلاقات الخارجية‮.‬

‮> ‬هل انتابك الغضب تجاه الرئيس السادات لأنه قبل استقالتك من شركة النصر للاستيراد والتصدير؟

‮- ‬إن كان لي‮ ‬وجهة نظر معينة بالنسبة للخطأ الكبير لأنور السادات لمحاولته تهميش وتجريح عبدالناصر وللأسف نجح في‮ ‬هذا‮!! ‬لأنه أبرم اتفاقية‮ »‬كامب ديفيد‮« ‬وأنا كرجل عسكري‮ ‬حاربت في‮ ‬إسرائيل وزملائي‮ ‬وأبنائي‮ ‬كانوا بيموتوا بين‮ ‬يدي‮ ‬وكنت سأستشهد‮ ‬20‮ ‬مرة فأنا مؤمن تماما بأن الذي‮ ‬أخذ بالقوة لا‮ ‬يسترد إلا بالقوة‮.. ‬ولكني‮ ‬أعتبر أن‮ »‬كامب ديفيد‮« ‬رغم رأيي‮ ‬الخاص في‮ ‬السادات وتصرفه‮ ‬غير العادل مع عبدالناصر‮!! ‬إنها قمة القمم وتم ادارتها بدهاء‮ ‬غير عادي،‮ ‬أعتقد أنه لا‮ ‬يستطيع أحد أن‮ ‬يعقد‮ »‬كامب ديفيد‮« ‬إلا السادات‮. ‬قطعا كان ممكن أن‮ ‬يحدث أفضل من ذلك لكن التفاوض أخذ وعطاء ومهما كان المركز القوي‮ ‬للمفاوض لابد من أخذ شيء وترك آخر‮.. ‬ولكننا كنا نتفاوض مع إسرائيل التي‮ ‬كانت مسيطرة علي‮ ‬الكل‮.. ‬المهم أن الوضع تغير بعد عبدالناصر في‮ ‬أفريقيا والسادات بالطبع لم‮ ‬يأمر بذلك ولكنه حدث كما قلت لأننا في‮ ‬مصر نعيش في‮ ‬النظام الفرعوني‮ ‬وهو فقط لم‮ ‬يهتم بأفريقيا والناس علي‮ ‬دين ملوكهم‮.‬

‮> ‬ماذا عن دور مصر خلال فترة حكم الرئيس‮ »‬مبارك«؟

‮- ‬الرئيس مبارك أيضا له وجهة نظر فهو‮ ‬غير انفعالي‮ ‬وهذه ميزة ولا‮ ‬يؤمن بالصدمات،‮ ‬وجنبنا الكثير من المشاكل والمهاترات وهذه الفترة السابقة من عهد مبارك مرت في‮ ‬افريقيا ولم‮ ‬يكن لمصر وجود فيها لأنه‮ ‬يتعامل بهدوء والعملية ماشية‮.. ‬فلم‮ ‬يوجد الحافز الذي‮ ‬يستمد منه المسئول المصري‮ ‬أيا كان مركزه في‮ ‬علاقته مع أفريقيا‮.. ‬ولكن الآن وبعد حدوث المشاكل وظهورها‮.. ‬وقال مبارك نريد أن نستعيد الوضع المصري‮ ‬في‮ ‬افريقيا‮.. ‬وجدنا كل الشركات تهتم بأفريقيا‮.. ‬وزارة الموارد المائية ترسل بعثات،‮ ‬فرق التمثيل والغناء كذلك ودورات كرة القدم،‮ ‬هذا لأن الرأي‮ ‬العام نظر لتوجه الرئيس مبارك لأننا دولة مركزية‮.‬

‮> ‬كيف كانت استقالتك من رئاسة شركة النصر للاستيراد والتصدير؟

‮- ‬سواء استقلت أو فرضت عليّ‮ ‬الاستقالة هذه صراعات قيادة وكل القريبين من الحكام بيكونوا علي‮ ‬كف عفريت وكان فيه صراعات بين د‮. ‬عزيز صدقي‮ ‬من جانب رجل صناعة وبين د‮. ‬عبدالمنعم القيسوني‮ ‬ود‮. ‬حسن عباس زكي‮ ‬من جانب آخر وكانا من رجال الاقتصاد والاثنان كانا‮ ‬يساندهما عبدالناصر إنما كان من وراء ظهر عبدالناصر من‮ ‬يدسون لبعضهم ثم توفي‮ ‬د‮. ‬القيسوني‮ ‬ود‮. ‬عباس لم‮ ‬يكن في‮ ‬قوة د‮. ‬عزيز صدقي‮ ‬حتي‮ ‬يقف ضده ثم جاء الوقت الذي‮ ‬أصبح فيه د‮. ‬عزيز صدقي‮ ‬رئيسا للوزراء أي‮ ‬يرسم سياسات‮!! ‬فكيف سيسمح لغير أفكاره أن تنمو وأفكاره كانت الصناعة وكان‮ ‬يري‮ ‬التجارة‮ ‬غير مهمة‮! ‬وشيئا من العبث وأنا كنت الرأس الكبيرة في‮ ‬الاقتصاد‮.. ‬فكان صراعا شخصيا وأفهموا السادات أني‮ ‬قدمت استقالتي‮ ‬لأنه جاء لي‮ ‬عرض مالي‮ ‬كبير من دولة الكويت ولن‮ ‬يحرموني‮ ‬منه خاصة أنني‮ ‬قدمت جهدا وخبرة كبيرة لمصر وليس مجرد أنني‮ ‬لا تحيطني‮ ‬الشبهات أن أحرم من مكافآتي‮ ‬وأذهب للكويت فوافق السادات وتم تقسيم الشركة الي‮ ‬أربع شركات وأغلقوا جزءا كبيرا من الفروع وضاعت قوة وهيبة الفروع بل تم بيع بعض الفروع الأخري‮.‬

‮> ‬ماذا تفعل إسرائيل في‮ ‬أفريقيا؟

‮- ‬أولا إسرائيل هي‮ ‬عدو لا شك في‮ ‬ذلك سواء للعالم العربي‮ ‬أوالإسلامي‮ ‬خاصة لمصر ولن تنسانا أبدا سواء كان في‮ ‬كامب ديفيد أم لا فهي‮ ‬تحاول أن تؤذي‮ ‬مصالح مصر بأي‮ ‬طريقة وفي‮ ‬ذات الوقت هم أذكياء ويعرفون كيف‮ ‬يسوقون أنفسهم جيدا وكل شيء‮ ‬يعملوه‮ ‬يحسبوا ماذا سيستفيدوا منه وهم الآن‮ ‬يلعبون في‮ ‬الحبشة وفي‮ ‬منابع نهر النيل وتصوري‮ ‬الخاص هذا إثارة لمصر ولإيجاد مشاكل لها وليس مهما أن‮ ‬يكون هدفهم احتلالا ثانيا ولكنه عداء شخصي‮ ‬لعبته إسرائيل ومازالت تلعبه وأيضا الاستفادة من حصولهم علي‮ ‬مقاولات وصفقات تجارية‮.‬

‮> ‬وكيف بدأ الوجود الإسرائيلي‮ ‬وأيضا الصراع مع مصر في‮ ‬أفريقيا؟

‮- ‬صراعات إسرائيل ومصر في‮ ‬افريقيا بدأت أيام وجودي‮ ‬في‮ ‬أفريقيا وكان لنا وجود مهم هناك نتيجة مساعدتنا لحركات التحرر الأفريقية وهي‮ ‬كانت أهم مرحلة لمصر في‮ ‬الستينيات فقررت اسرائيل مواجهة شركة النصر بإنشاء شركة‮ »‬ديزنجوف‮« ‬وكان تاجرا صهيونيا وقالوا له شغلك الشاغل شركة النصر والوقوف ضدها وكلما فتحنا فرعا وجدناه وراءنا وإذا ذهبنا الي‮ ‬عميل قابلوه أيضا وكانوا‮ ‬يقدمون أسعارا للسلع مخفضة ومزاياكبيرة ولكننا كنا قادرين عليهم بمساندة حركات التحرر لدرجة أن الصراع وصل بيننا للحصول علي‮ ‬لوحة إعلانية في‮ ‬ميدان عام لأتوبيسات وميكروباصات أقاليم العاصمة في‮ ‬غانا وكتمنا علي‮ ‬نفسهم طوال وجودي‮ ‬في‮ ‬الشركة حتي‮ ‬عام‮ ‬1970‭.‬

‮> ‬كيف تم إنشاء شركة النصر للاستيراد والتصدير وما الهدف من إنشائها؟

‮- ‬المخابرات المصرية هي‮ ‬التي‮ ‬أنشأت الشركة بغرض تحقيق بعض الانجازات عن طريق تجنيد افراد ليسوا عربا ولا مسلمين من الأجانب ولديهم امكانات لدخول اسرائيل ولديهم معرفة أو‮ ‬يتعرفون بقيادات اسرائيل وكان الحياد الايجابي‮ ‬وحرب الاستعمار بدأ‮ ‬يتسلطن به عبدالناصر فظهر حلف بغداد في‮ ‬الشرق الأوسط وأمريكا كانت تطالب عبدالناصر بالوقوف ضد المد الشيوعي‮ ‬فأوعز للمخابرات المصرية بعمل جهاز معين لمحاربة حلف بغداد ولمحاولة منع باقي‮ ‬الدول العربية الانضمام لهذا الحلف خاصة لبنان وسوريا والأردن وكلفني‮ ‬زكريا محيي‮ ‬الدين لهذه المهمة وكنت أقرب الي‮ ‬أن أكون مثل لورانس العرب ذلك الانجليزي‮ ‬الذي‮ ‬كلف قبل الحرب العالمية أن‮ ‬يقنع الملوك العرب التابعين للخلافة العثمانية أن‮ ‬يعاودوها ويقنعهم بأن‮ ‬يكونوا حلفاء للانجليز حتي‮ ‬يستعيدوا سوريا وفلسطين ولبنان والأردن‮.. ‬المهم نفذت المهمة بعد أن أخذت لي‮ ‬ساترا بأني‮ ‬كنت مديرشركة‮ »‬النيل‮« ‬للإعلان وكنت في‮ ‬لبنان مع وجيه أباظة وفجأة استدعاني‮ ‬زكريا وكنت وكيل إدارة الخدمة السرية في‮ ‬المخابرات وسألني‮: ‬بتدخل إسرائيل‮ ‬يا محمد فأجبت بزهو‮: ‬نعم فقال بتعمل إيه؟ فقلت بحصل علي‮ ‬معلومات وبأدخل أنا وشخص عربي‮ ‬بيساعدني،‮ ‬وفوجئت بعنف‮ ‬غيرعادي‮ ‬وقال‮: ‬من الذي‮ ‬علمك؟ المخابرات الحديثة ليست كذلك العربي‮ ‬الذي‮ ‬يدخلك إسرائيل لا‮ ‬يعرف بن جوريون ولا جولدا مائير أو رئيس الأركان الإسرائيلي‮.. ‬فالمعلومات التي‮ ‬نحصل عليها ضعيفة‮.. ‬المخابرات الحديثة هي‮ ‬عمل شركات‮.. ‬أنشأوا شركة علي‮ ‬مستوي‮ ‬كبير وعينوا فيها ألمان وأتراك وجنسيات مختلفة ليصبحوا رجالكم في‮ ‬دخولكم لإسرائيل‮.. ‬وبالفعل كنت أدخل مع موظفينا الأجانب إلي إسرائيل بعدما‮ ‬يحصل علي‮ »‬فيزا‮« ‬دخول إسرائيل وأنا في‮ ‬حماه ونتقابل مع قيادات إسرائيل‮.. ‬فالهدف من إنشاء شركة النصر في‮ ‬البداية لم‮ ‬يكن له علاقة بأفريقيا‮.‬

‮> ‬وكيف أصبحت الاهتمامات الخاصة للشركة بأفريقيا؟

‮- ‬جاءت علي‮ ‬مرحلتين،‮ ‬الأولي‮ ‬كانت هوائية أو نشوي‮ ‬وحدثت في‮ ‬اجتماع لمؤسسة التجارة وكان النظام في‮ ‬مصر أصبح اشتراكياً‮ ‬فقلت في‮ ‬الاجتماع بدلاً‮ ‬من الصراعات فيما بيننا‮ (‬الشركات‮) ‬علينا العمل لصالح البلد فقالوا كيف؟ كل قطاعات تكون مسئولة عن منتج،‮ ‬مثلاً‮ ‬الحديد،‮ ‬الورق،‮ ‬الأخشاب‮... ‬وهكذا‮.. ‬وأنا قسمت العالم‮ ‬3‮ ‬مناطق،‮ ‬الأولي المنطقة الاشتراكية الخاضعة لروسيا والمنطقة‮.. ‬الثانية أمريكا اللاتينية‮.. ‬والثالثة أفريقيا‮.. ‬وأنا كنت أصغر رئيس شركة في‮ ‬المجموعة‮. ‬والثاني‮ »‬محمد شديد‮« ‬أدرك أن العالم العربي‮ ‬أصبح به قومية عربية وعلم أن أمريكا الجنوبية بها سوريون ولبنانيون فقال سأتولي‮ ‬أمريكا

الجنوبية ولي‮ ‬علاقة بها لأنه كان أحضر صفقة‮ »‬سكر‮« ‬من كوبا‮.. ‬والآخر كان رئيس شركة التجارة الخارجية التي‮ ‬أنشأها طلعت حرب،‮ ‬ويوجد في‮ ‬الصين سوق عالمي‮ ‬دولي‮ ‬للقطن سوق‮ »‬كانتون‮« ‬فقال أنا سأتولي‮ ‬جنوب شرق آسيا‮.. ‬فتبقت أفريقيا ولم أخترها فتوليت مسئوليتها وكانت جديدة بالنسبة لنا،‮ ‬ولم تكن بها دولة مستقلة وحيدة‮ ‬غير الحبشة والكل كان تحت الاستعمار وظللت سنوات لم أفعل شيئاً‮!!‬

‮> ‬وماذا بعد أن جاءت المرحلة الثانية مرحلة الثورات والاستقلال وحركات التحرر في‮ ‬أفريقيا؟

‮- ‬بالفعل بدأت تظهر الحركات التحررية وتحتضنها مصر تحت رئاسة‮ »‬محمد فايق‮«‬،‮ ‬وكنت أحمل علي‮ ‬مراكب شركة النصر أسلحة وذخائر،‮ ‬ومجنزرات وأفرغها علي‮ ‬أي‮ ‬شاطئ مجهول في‮ ‬شرق أو‮ ‬غرب أفريقيا وأرسلها لثوار حركات التحرر‮.. ‬إلي‮ ‬أن قام‮ »‬الباي‮ ‬محمد الخامس‮« ‬جد ملك المغرب بدعوة لاجتماع خماسي‮ ‬لتوحيد الاتجاهات الاشتراكية،‮ ‬وكان له نزعة وطنية والدعوة وجهت إلي‮ »‬عبدالناصر‮« ‬ونكروما من‮ ‬غانا سيكونوري‮ ‬من‮ ‬غينيا،‮ ‬و»مودكيتا‮« ‬من مالي،‮ ‬وكان الاجتماع في‮ ‬المغرب‮.. ‬وأنا بحسي‮ ‬المخابراتي‮ ‬علمت أن الإنجليز والفرنسيين لن‮ ‬يتركوا هذه الدول بعد أن تحصل علي‮ ‬استقلالها،‮ ‬وكان لنا تجربة في‮ ‬تأميم القناة عندما سحبوا المرشدين واعتقدوا أن القناة ستتوقف،‮ ‬والدول الأفريقية كانوا بدون خبراء،‮ ‬فمعظم الزعماء ورؤساء الجمهوريات في‮ ‬تلك المرحلة زعيم ساعي‮ ‬بريد،‮ ‬وغيره فراش في‮ ‬مدرسة،‮ ‬وآخر أومباشي‮ ‬في‮ ‬الجيش‮... ‬وهكذا،‮ ‬ومصر كانت تقويهم وتنفق عليهم وترسل لهم أسلحة ونقوداً‮ ‬وعندما تم التحرر اختارتهم شعوبهم ليكونوا رؤساء جمهوريات‮.. ‬وعلي‮ ‬هذا الأساس تم توطيد علاقتنا معهم وساعدت مصر علي‮ ‬رفع رايات التحرر في‮ ‬أفريقيا‮.‬

‮> ‬وكيف تعاملت مع الزعماء الأفارقة الذين جاءوا للسلطة بانقلابات الدول الاستعمارية؟

‮- ‬لم تهدأ أفريقيا ولم نقترب من أواخر الستينيات إلا وكان هؤلاء الزعماء قد قتلوا جميعاً‮ ‬وتغيروا وكان كل ساعة‮ ‬يحدث انقلاب في‮ ‬دولة ما،‮ ‬وبالطبع المخابرات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية كانوا وراء الانقلابات خاصة ضد الزعماء الذين تساندهم مصر،‮ ‬وأنا اصطدت هؤلاء الزعماء لأنهم كانوا تابعين لنا ونحن أنفقنا عليهم أموالاً‮ ‬كثيرة‮.. ‬لمصلحة مصر‮.. ‬ثم جاء الزعماء الذين فوجئوا بالانقلابات التابعة لمخابرات الدول الاستعمارية،‮ ‬وبذلت معهم مجهودات خرافية،‮ ‬لأنهم كانوا ضدي،‮ ‬وكانوا‮ ‬يحاربونني‮ ‬بطرق‮ ‬غير عادية،‮ ‬علي‮ ‬أساس أني‮ ‬كنت البذرة الخاصة بالثورة المصرية التحررية المضادة للغرب والتي‮ ‬يحاول عبدالناصر نشرها في‮ ‬العالم الثالث كله‮.‬

‮> ‬متي‮ ‬تراجع دور شركة النصر في‮ ‬أفريقيا؟

‮- ‬فقط بعد موت‮ »‬عبدالناصر‮« ‬لا‮ ‬غير لأننا دولة الرئيس الفرد وعبدالناصر كان مهماً‮ ‬بأفريقيا ولكن بعد ذلك تم خروج‮ ‬120‮ ‬شخصاً‮ ‬من قيادات الشركة أو قتلهم معنوياً‮ ‬لأنهم كانوا جهابذة في‮ ‬البيع والتصدير،‮ ‬وشراء الأراضي‮ ‬في‮ ‬أفريقيا لصالح الشركة فتم قبول استقالاتهم‮!! ‬وخرجوا للعمل لحسابهم الخاص‮.‬

‮> ‬وكيف أوقفت بيع مبني الشركة الذي‮ ‬يقع علي‮ ‬بحيرة‮ »‬اللاجون‮« ‬في‮ ‬ساحل العاج؟

‮- ‬لأن هذا المبني‮ ‬اشتريناه في‮ ‬الستينيات كأرص مساحتها‮ ‬4600‮ ‬متر مسطح علي‮ ‬البحيرة بـ‮ ‬200‮ ‬ألف جنيه من أحد أفراد الاستعمار هناك وتم بناؤه علي‮ ‬أحدث طراز مقراً‮ ‬للشركة في‮ ‬شكل ستة أدوار ثم فوقها برج مكون من‮ ‬17‮ ‬طابقاً‮ ‬كومبلكس عبارة عن شقة بكل دور بواجهتين ولها سلم داخلي‮ ‬وكانت أفضل من عمارات‮ »‬والت ديزني‮«.. ‬وعندما تركت شركة النصر رؤساء الشركة دمروها وورطوها في‮ ‬الديون وأصبحت حالتها‮ »‬كرب‮«.. ‬وبلغني‮ ‬بعد خروجي‮ ‬من الشركة بـ‮ ‬17‮ ‬سنة ولكنها مازالت في‮ ‬دمي‮ ‬أن رئيس الشركة أقام معرضاً‮ ‬في‮ ‬غانا واشتري‮ ‬بضائع بدون دراسة فتم دين الشركة بـ‮ ‬60‮ ‬مليون جنيه وأول شيء فكر فيه هو بيع المبني‮ ‬فذهبت إلي‮ ‬د‮. ‬عاطف عبيد وكان وزير قطاع الأعمال ولم‮ ‬يصبح رئيساً‮ ‬للوزراء وشرحت له الموضوع فذهبنا إلي‮ ‬مجلس الشعب وأحيلنا من لجنة إلي‮ ‬لجنة إلي‮ ‬أن صدر قرار من مجلس الشعب بأن شركة النصر ليست مخولة ولا مهيأة لبيع أي‮ ‬مبني‮ ‬من المباني‮ ‬الأفريقية‮.‬

‮> ‬وماذا عن دور الأزهر تجاه أفريقيا؟

‮- ‬كان حلم الطالب المسلم في‮ ‬أفريقيا أن‮ ‬يتعلم في‮ ‬الأزهر ومكتب الشئون الأفريقية كان فاتح الجامعة والمدارس فتعلم ملايين الأفارقة في‮ ‬مصر،‮ ‬وتوجد وفود من الأزهر تذهب في‮ ‬المناسبات إلي‮ ‬أفريقيا وتربط مصر بأفريقيا‮.. ‬ولكن للأسف الشديد في‮ ‬ستينيات القرن الماضي‮ ‬انتشرت الماركسية والشيوعية داخل البعثات الأفريقية بالأزهر وحدث أن تبني‮ ‬بعض الطلبة الفكر الماركسي‮ ‬الشيوعي‮ ‬بطبيعته متمرد وعندما ذهبوا إلي‮ ‬أفريقيا بدلاً‮ ‬من أن‮ ‬يكونوا داعية إسلامية،‮ ‬أصبحوا‮ ‬يدعون للفكر الشيوعي‮.‬

‮> ‬وماذا عن دور الكنيسة؟

‮- ‬الكنيسة المصرية بلا شك كان لها دور حيوي‮ ‬ومهم ولكنه كان محصوراً‮ ‬في‮ ‬الحبشة عندما كانت كنيسة الحبشة تابعة للكنيسة المصرية،‮ ‬وبعد ذلك حدثت تدخلات أمريكية وإسرائيلية حتي‮ ‬قررت كنيسة الحبشة الانفصال عن الكنيسة المصرية‮.‬

‮> ‬أفريقيا ماذا تمثل لمصر‮ ‬غير الأمن المائي؟

‮- ‬أفريقيا لمصر بخلاف الأمن المائي والأمن القومي‮ ‬من الجنوب فهي‮ ‬سوق حيوي‮ ‬ومهم جداً‮ ‬فمثلاً‮ ‬تجربتي‮ ‬تقول إن مصر دولة زراعية وبعدما أنشأت الخطة الخمسية الأولي‮ ‬والثانية والثالثة أصبح لدينا‮ ‬170‮ ‬شركة صناعية ولها إنتاج كبير فائض فماذا فعلنا؟‮.. ‬صدرنا هذا الفائض من الإنتاج إلي‮ ‬أفريقيا ويكفي‮ ‬أن أقول لك إن شركة النصر لصناعة الإطارات كانت ليس لديها فردة كاوتش واحدة‮ ‬غير مباعة بسبب الأسواق الأفريقية‮.. ‬وكل‮ ‬يوم كان‮ ‬يصل إلي‮ ‬مصر ثلاث مراكب من أفريقيا وتخرج كاملة الحمولة وتذهب إلي‮ ‬أسواق أفريقيا‮.‬

‮> ‬ما تأثير الاستفتاء علي‮ ‬تقسيم السودان بين شماله وجنوبه علي‮ ‬الأمن القومي‮ ‬المصري؟

‮- ‬أولاً‮ ‬المياه في‮ ‬جنوب السودان‮ ‬غزيرة جداً‮ ‬وإذا لم تخرج ستسبب لهم مشكلة المشاكل ولكن المشاكل التي‮ ‬تقصدها‮.. ‬لا تتوقف علي‮ ‬جنوب السودان فقط،‮ ‬بل تتوقف علي‮ ‬من‮ ‬يتحرك في‮ ‬جنوب السودان،‮ ‬وهذا شيء طبيعي‮ ‬حتي‮ ‬نكون حذرين‮.. ‬فمثلاً‮ ‬الدول العربية ذاتها فيها أحقاد ضد مصر،‮ ‬ولكن هل تصدق أنه ستخرج دولة وتقول هذا الكلام علي‮ ‬مصر،‮ ‬طبعاً‮ ‬لن‮ ‬يحدث،‮ ‬ولكن لدينا مثال بـ‮ »‬حماس‮« ‬هي‮ ‬لا تحب مصر جيداً‮ ‬وتتصور أننا نفضل فتح أكثر منها‮. ‬وهذا التصور ليس من عندهم بل هو من دول أخري‮. ‬وفي‮ ‬الغالب إيران‮.. ‬فالخوف ليس من الأفارقة بل ممن‮ ‬يسمح للأفارقة بأن‮ ‬يتجهوا هذه الاتجاهات‮.. ‬هي‮ ‬باقية في‮ ‬جنوب السودان وكل ما تأتي‮ ‬لها فرصة للتأثير علينا فلن تضيعها‮.‬

‮> ‬ما هي‮ ‬أوجه تقصير مصر تجاه أفريقيا؟

‮- ‬بالاستعلاء والتجاهل،‮ ‬وعدم وجود محاولة منا لتقربهم إلينا وتركنا الفرصة لعدونا أن‮ ‬يتغلغل وسطهم وبدق الأسافين بيننا وبينهم،‮ ‬فمثلاً‮ ‬أرادت الحبشة أن تبني‮ ‬سداً‮ ‬علي‮ ‬أحد روافد النيل هناك والنيل له‮ ‬34‮ ‬رافداً‮ ‬في‮ ‬الحبشة منها سبعة روافد تغذي النيل الأبيض فماذا‮ ‬يحدث؟ لن‮ ‬يؤثر علينا لأن الحبشة لا تريد مياها بل تريد كهرباء،‮ ‬فالمفترض أن مصر تعاونها وتشاركها في‮ ‬بناء هذا السد ولكن أن نتعامل معهم ببجاحة واستعلاء معتقدين أننا أسياد،‮ ‬ونقول لهم لا تفعلوا شيئاً‮ ‬حتي‮ ‬نقول لكم،‮ ‬فهذا‮ ‬يعطل التواصل ويعطي‮ ‬الفرصة لإسرائيل أن تتسلل هناك وهذا ما حدث‮.‬

‮> ‬وكيف نتلافي‮ ‬هذه السلبيات ونستعيد أفريقيا؟

‮- ‬الاهتمام هو فكر رئاسي‮ ‬سواء في‮ ‬فكر الرئيس‮ »‬مبارك‮« ‬الحالي‮ ‬أو في‮ ‬فكر أي‮ ‬رئيس قادم لأن مصر دولة مركزية بل شديدة المركزية وكما رأينا الآن الرئيس‮ »‬مبارك‮« ‬قال إفريقيا الكل اتجه هناك وفي‮ ‬السابق‮ »‬عبدالناصر‮« ‬كان‮ ‬يهتم بأفريقيا فكل المسئولين كانوا‮ ‬يحاولون إرضاءه عن طريق أفريقيا‮.‬