عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة‮ .. ‬كيف تطفئ ثورة الغضب؟‮!‬

ماذا تنظر الحكومة حاليا لثورات الشعوب،‮ ‬في‮ ‬تونس والجزائر والأردن،احتجاجا علي‮ ‬غلاء الاسعار‮.. ‬هل ستظل في‮ ‬حالة اصرار وعناد،‮ ‬حتي‮ ‬تلقي‮ ‬مصير ماجري‮ ‬للنظام في‮ ‬تونس أم أنها قد فهمت الرسالة،‮ ‬

واقتنعت بأن الاحتقان والظلم الاجتماعي،‮ ‬علي‮ ‬شفير ثورة‮ ‬غضب،‮ ‬قد تنطلق شرارتها‮ ‬،‮ ‬من بوابات ارتفاع اسعار كافة انواع السلع والخدمات،‮ ‬التي‮ ‬تراوحت ما بين‮ ‬20٪‮ ‬و500٪‮ ‬خلال السنوات القليلة الماضية‮.. ‬وارتفاع معدلات البطالة‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬تقول الحكومة إن عدد المتعطلين عن العمل‮ ‬2‭.‬3‮ ‬مليون شاب بينما دراسات متخصصة‮ ‬،‮ ‬تؤكد أن العدد‮ ‬15‭.‬5‮ ‬مليون عاطل‮ .. ‬وكذلك تجاوز معدلات الفقر لحدود الخطر،‮ ‬حينما‮ ‬ينضوي‮ ‬أكثر من‮ ‬50٪‮ ‬من سكان مصر،‮ ‬تحت خط الفقر‮.‬
والأخطر من هذا كله،‮ ‬ما‮ ‬يعانيه ملايين الغلابة،‮ ‬من تحديات‮ ‬يومية،‮ ‬في‮ ‬تكاليف المعيشة‮ ‬،‮ ‬وعلاج المرض،‮ ‬في‮ ‬وقت تجذرت فيه شعب الفساد في‮ ‬الدولة،‮ ‬واستشري‮ ‬بسرعة الريح بين مسئولين كبار وموظفين صغار،‮ ‬نهبوا مليارات الجنيهات من أموال الشعب المحروم من ثروات البلاد‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬الاراضي‮ ‬المنهوبة،‮ ‬وميزانية الدولة‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬تغرف منها الحكومة مع اتباعها من الكبار،‮ ‬وانفاق مليارات الجنيهات سنويا،‮ ‬علي‮ ‬سفريات ومجاملات الوزراء ورجال المال والاعمال‮. ‬

الشعب‮ ‬يموت من المرض والجوع والفقر‮ .. ‬ورجال الدولة‮ ‬يرفلون في‮ ‬النعيم‮ ‬،‮ ‬ومن ثم انفصلت الدولة عن الشعب الفقير وتركته فريسة للغيظ والاحتقان والغضب،‮ ‬الذي‮ ‬يهدد بثورة لن تبقي‮ ‬ولا تذر‮ ‬،‮ ‬إذا لم تسارع الحكومة في‮ ‬علاج أزمات الناس،‮ ‬التي‮ ‬تتعامل مع اعتصاماتهم واضراباتهم اليومية‮ ‬،‮ ‬بحلول مسكنة‮. ‬

الواقع خطير جداً‮.. ‬وعلي‮ ‬الحكومة سوف تقع مسئولية ما قد‮ ‬يحدث من نتاج‮ ‬غضب الشعب‮.. ‬فإما تكون صادقة فيما‮ ‬يتعلق بخفض الاسعار،‮ ‬وتشغيل العاطلين‮ ‬،‮ ‬أو ان تواجه ما‮ ‬يجري‮ ‬من سيناريوهات تونس والجزائر‮.‬

دول العالم‮ ‬يبدو انها تسير في‮ ‬اتجاه‮ ‬،‮ ‬ومصر تسير في‮ ‬اتجاه معاكس في‮ ‬موضوع الاسعار‮ .. ‬هذه الحقيقة تؤكدها الزيادات المتواصلة في‮ ‬أسعار السلع والخدمات فبالرغم من الازمة المالية العالمية التي‮ ‬عاشها العالم عام‮ ‬2008‮ ‬وألقت بظلالها علي‮ ‬أسعار السلع،‮ ‬الاساسية في‮ ‬معظم دول العالم وكانت نتيجتها انخفاض الاسعار في‮ ‬الاسواق العالمية،‮ ‬ومع ذلك لم‮ ‬يتراجع سعر أي‮ ‬سلعة في‮ ‬مصر،‮ ‬بل توحش التجار ورفعوا الاسعار،‮ ‬ودائما عندهم الحجج والمبررات لانهم‮ ‬يحتكرون السوق‮. ‬ووقت الازمة صدرت تصريحات عن وزير التجارة والصناعة‮ ‬،‮ ‬المهندس رشيد محمد رشيد أعلن فيها،‮ ‬عن رفع سعر طن‮ ‬السكر‮ ‬100‮ ‬جنيه ليصبح‮ ‬2750‮ ‬جنيها رغم انخفاض سعره العالمي،‮ ‬بمقدار‮ ‬120‮ ‬دولاراً‮ ‬وكذلك الحال بالنسبة لمعظم السلع الاساسية‮ ‬،‮ ‬وكان قد سبق تصريحا الوزير،‮ ‬أن أعلنت الحكومة عن زيادة أسعار المواد البترولية،‮ ‬نتيجة الزيادة العالمية في‮ ‬أسعار البترول ـ كما زعمت ـ نتيجة الزيادة العالمية في‮ ‬أسعاره ثم عادت الأسعار العالمية للانخفاض بنسب مختلفة حسب نوع السلعة‮ ‬،‮ ‬وتراوحت نسب التراجع ما بين‮ ‬20٪‮ ‬و30٪‮ ‬ووصلت في‮ ‬بعضها إلي‮ ‬50٪‮ ‬ومع ذلك ظلت الاسعار في‮ ‬مصر علي‮ ‬حالها في‮ ‬الارتفاع‮ . ‬وفي‮ ‬شهر‮ ‬يوليو من العام الماضي‮ ‬وبعد إقرار العلاوة الاجتماعية بدأت الاسعار ترتفع بمعدلات‮ ‬غير مسبوقة فيما وقفت الحكومة مكتوفة الايدي،‮ ‬وعجزت عن التدخل لضبط الاسواق أو الاسعار،‮ ‬التي‮ ‬يسيطر عليها لوبي‮ ‬المحتكرين والجشعين من التجار والمستوردين إلا البحث عن مبررات وهمية حاولت اقناع الشعب بها،‮ ‬عبر العديد من التصريحات الصادرة عن وزارئها للبحث عن شماعة تعلق عليها الحكومة جنون ارتفاع الاسعار‮.‬

وكان من بين تلك المبررات ما أعلنه ـ وقتها ـ وزير التنمية الاقتصادية الدكتور عثمان محمد عثمان من أن ارتفاع الاسعار في‮ ‬مصر راجع للازمة الاقتصادية العالمية،‮ ‬بالرغم مما أكده معظم الخبراء الاقتصاديين من أن الازمة الاقتصادية كانت سببا في‮ ‬انخفاض أسعار المواد الغذائية عالمياً‮.‬

وفي‮ ‬خطوة للسيطرة ـ وقتذاك ـ علي‮ ‬أسعار بعض السلع في‮ ‬الاسواق قرر البنك المركزي‮ ‬السماح للبنوك العاملة في‮ ‬مصر،‮ ‬بإلغاء الغطاء النقدي‮ ‬لعمليات استيراد اللحوم والدواجن بجميع أنواعها من الحد الأدني‮ ‬نسبة الغطاء النقدي‮ ‬البالغ‮ ‬حاليا‮ ‬50٪‮ ‬من القيمة الاستيرادية،‮ ‬وترك الحرية في‮ ‬الغطاء وبدون حد أدني‮ ‬ولمدة‮ ‬6‮ ‬أشهر اعتباراً‮ ‬من بداية شهر أكتوبر‮ ‬2010‮ ‬وأرجع‮ »‬المركزي‮« ‬وقتها قراره إلي‮ ‬ان الارتفاع في‮ ‬الاسعار المحلية للدواجن واللحوم منذ أوائل العام الحالي‮ ‬بلغت ما بين‮ ‬25٪‮ ‬و40٪‮ ‬علي‮ ‬التوالي‮ ‬وتخط الزيادات المماثلة في‮ ‬الاسعار العالمية لهاتين السلعتين‮ . ‬

كما قامت الحكومة بطرح أطنان من الخضراوات في‮ ‬الأسواق لمحاولة خفض الاسعار إلا أنها لم تكن كافية لاحداث توازن في‮ ‬الاسواق،‮ ‬أو لخفض الاسعار،‮ ‬وظلت الاسعار تتوالي‮ ‬وفوجئ الشعب بأسعار الطماطم تتخطي‮ ‬حاجز الـ‮ ‬10‮ ‬جنيهات للكيلو وتتدخل الحكومة دون جدوي‮ ‬وتظل الاسعار مرتفعة حتي‮ ‬حصاد المحصول الجديد وتعود الاسعار للانخفاض تدريجيا لتصل إلي‮ ‬2‮ ‬و‮ ‬3‮ ‬جنيهات للكيلو ولكن بعد أن ضاق الحال بالناس‮. ‬ومع ذلك فوجئ الناس بارتفاعات رهيبة في‮ ‬أسعار السكر والأرز والزيوت بنسب تجاوزت‮ ‬25٪‮ ‬و30٪‮ ‬وبشأن السكر وبالذات،‮ ‬واصلت الأسعار ارتفاعها بشكل جنوني‮ ‬حتي‮ ‬وصل سعر الكيلو إلي‮ ‬8‮ ‬جنيهات ووقفت الحكومة عاجزة أمام لوبي‮ ‬المحتكرين والتجار الجشعين‮. ‬وتأتي‮ ‬عام‮ ‬2011‮ ‬والشعب‮ ‬يتوقع من الحكومة فشلها الذريع في‮ ‬مواجهة الأسعار وإذا بالثورة الشعبية في‮ ‬تونس،‮ ‬تقلب الأوضاع وتكون بمثابة رسالة للحكومة والدولة بخطر انفجار الشعب،‮ ‬نتيجة ما تختزنه الصدور من احتقان‮ ‬،‮ ‬نتيجة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والغلاء،‮ ‬ومع تخوف الحكومة من ثورة الشعب المظلوم،‮ ‬راحت تفكر في‮ ‬الاعلان عن بعض القرارات والإجراءات بهدف امتصاص‮ ‬غضب الشارع المصري‮ ‬،‮ ‬وتتعلق بخفض أسعار السلع الأساسية‮ ‬،‮ ‬وخاصة بعد الاعلان عبر‮ »‬الفيس بوك‮« ‬عن تظاهرات بجميع ميادين مصر،‮ ‬يوم‮ ‬25‮ ‬من‮ ‬يناير الجاري‮.. ‬فقد قررت تجميد مشروع وزارة التضامن الاجتماعي‮ ‬بتوزيع أنابيب البوتاجاز باستخدام نظام الكوبونات،‮ ‬مع استمرار العمل بالنظام الحالي‮ ‬إلي‮ ‬أجل‮ ‬غير مسمي‮ ‬وعدم المساس بشكل مطلق بدعم رغيف الخبز فضلاً‮ ‬عن التفكير بجدية في‮ ‬ضم عدد من المواليد الجدد لبطاقات التموين،‮ ‬ومضاعفة منافذ توزيع الخبز‮. ‬كما تحدثت الحكومة عن تخفيض أسعار بعض السلع الضرورية مع اتخاذ إجراءات حازمة،‮ ‬في‮ ‬مواجهة التجار الذين‮ ‬يقومون برفع الأسعار‮ ‬،‮ ‬ومكافحة الاحتكار وتشديد المراقبة علي‮ ‬الأسواق،‮ ‬واقامة شوادر ضخمة تابعة لوزارة التجارة والصناعة للتباع المواد الغذائية بأسعار مخفضة للجمهور‮ . ‬ويارب نصدق الحكومة‮!‬