حكومة .. العين الحمرا!
علي طريقة »اضرب المربوط يخاف السايب« جاءت الثورة التونسية في تونس لتكون نموذجا لما يمكن أن تسير عليه الأمور اذا لم تحل الحكومات مشاكل الشعوب ومن هنا بدأت بعض الأنظمة العربية بالفعل في اتخاذ إجراءات لتفادي وقوع المحظور.
ورغم أن الحكومة المصرية لم تحذو حذو الكثير من هذه الأنظمة التي اتخذت إجراءات وتدابير وقائية بالفعل إنما اكتفت بالحديث عن إجراءات لمنع ارتفاع الأسعار وخفضها العديد من السلع والإعلان عن تعيينات ومناقشة قوانين وأخبار سارة للمواطنين.
لكن تجربتنا مع حكومة الحزب الوطني وما تعلن عنه من إجراءات وتصريحات لمسئوليها خلال الفترة السابقة أثبتت أنها حكومة »تخاف ماتختشيش« كمايقول المثل.
ولو فطن المصريون لهذه الحقيقة منذ سنوات لاتبعوا أسلوبا مختلفا معها ولأمكنهم تفادي الكثير من المشكلات التي عانوا منها مع حكومات الحزب الحاكم المتعاقبة.
منذ اندلاع الثورة الشعبية في تونس وهروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وغالبية الأنظمة العربية تتخذ العديد من الإجراءات لترضية شعوبها فقد تأكد لهذه الأنظمة أن الشعوب أقوي من الجيوش ويمكنها تحقيق المستحيل وقلب أنظمة الحكم الأبدية التي كتمت علي أنفاسهم لسنوات مديدة.
ولذلك اتخذت بعض الدول العربية إجراءات لترضية شعوبها مثل زيادة المرتبات وصرف منح إضافية للموظفين والعمال.. وحصر الوظائف الشاغرة والوظائف التي يمكن توفيرها لتشغيل العاطلين.
أما الحكومة المصرية التي لم تستطع عمل هذا ولا ذاك فقد ادعت أنها ستتخذ إجراءات لتخفيض الأسعاروهو ما وردعلي لسان الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة ورغم أنه لم يفصح عن ماهية هذه الإجراءات ورغم أن الأسعار مازالت علي ارتفاعها إلا أن الصحف الحكومية وأبواقها خرجت هاتفة بتلك الإجراءات التي من شأنها أن تضبط إيقاع الأسعار في السوق المصري.
ترضية الوزراء
الشيء اللافت أن عددا من الوزراء بدأوا يتخذن إجراءات فعلية لامتصاص الغضب الشعبي وليثبتوا للجميع أن حكومتنا »مرعوبة« من ثورة الشعب المصري.
فبعد أن كانت الحكومة تنوي فرض رسوم علي مياه الري تقوم بتحصيلها من المزارعين خرج علينا الدكتور محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية ليؤكد أن الحكومة لن تقوم بتحصيل أي مبالغ من المزارعين في قانون تنظيم مياه الري الجديد بينما يتحمل المستثمرون وحدهم الرسوم وكأن الحكومة تذكرت فجأة أن هناك مستثمرين يحصلون من الحكومة علي امتيازات بالجملة ولا يدفعون مقابل ذلك أي شيء!!
كذلك أثبت موقف الوزير أن الحكومة التي كانت دائما علي استعداد لتحميل المواطنين تكاليف كل شيء يمكنها الآن تحميل مستثمريها بعض الأعباء والابتعاد عن الشعب المصري المطحون.
كذلك قرر وزيرا البترول والكهرباء تعيين وتثبيت وترقية 12 ألف عامل، حيث وافق المهندس سامح فهمي وزير البترول علي تثبيت 2000 عامل مؤقت بشركة »بتروجيت« وترقية 4 آلاف آخرين بنفس الشركة وشمل قرار التثبيت كل من أمضي 8 سنوات علي الأقل في الشركة هذا بالإضافة الي تعيين 750 مهندسا من خريجي كليات الهندسة ـ قسم بترول ـ الذين لم يستطيعوا الحصول علي فرص عمل منذ سنوات وذلك بعد تظاهرهم أمام مقر الوزارة بالقاهرة.
كما وافق الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة علي تعيين 4 آلاف و214 عاملا مؤقتا وترقية 1954 عاملا آخرين بالشركة القابضة للكهرباء و16شركة تابعة لها.
وزير المصادمات يتراجع
ورغم كل المصادمات التي اشتهر بها وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكي بدر منذ توليه الوزارة إلا أنه بدأ يتصرف وكأن تعليمات عليا صدرت له بالابتعاد عن كل تلك المصادمات فبعد أن تظاهر عدد من موظفي الوزارة أمام مكتب الوزير اعتراضا علي قرارات نقلهم تراجع الوزير المتعنت في قراره وألغي قرار الندب ثم قام بعد ذلك بإصدار تعليماته لمسئولي التربية والتعليم في المحافظات بتكثيف جولاتهم علي المدارس وإعداد تقارير رأي عام ورصد حالات الاحتقان في محاولة لحل المشكلات أولا بأول قبل تفاقمها وبالفعل قام المسئولون بزيارة مدارس 8 محافظات ورصد المشكلات الموجودة فيها وعرضها علي الوزير الذي طلب من المسئولين بسرعة حلها.
ورغم أن الوزير لم يحل بعد أزمة العاملين في قطاع الكتب، والذين تراجع الوزير بشأن قرار نقلهم من قبل بعد تظاهرهم أمام ديوان عام الوزارة وهي المشكلة الخاصة بحرمانهم من صرف المكافأة المقرر صرفها للعاملين بالوزارة التي تتراوح بين 100 الي 170 يوما إلا أنه من المتوقع أن يتدخل الوزير لحل هذه المشكلة قبل أن تتفاقم خاصة أن موظفي هيئة
إصلاح اجتماعي
علي صعيد آخر ففي الوقت الذي كان يفكر فيه الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي في حرمان كل أسرة يبلغ دخلها الشهري 1000 جنيه من بطاقة التموين أعلن الوزير منذ أيام عن بدء إجراءات فصل البطاقات التموينية وتوسيع مظلة الأمان الاجتماعي لتشمل كل من هو في حالة عوز وفي مقدمتهم من يعانون البطالة.
كما أعلن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء يوم السبت الماضي عن أن حكومته ستبدأ في مرحلة جديدة من الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي تهدف الي إعطاء الأولوية لكل الفئات غير القادرة وأصحاب المعاشات والتوسع في طرح السلع بأسعار مخفضة.
وفجأة بعدأن كانت الحكومة تفكر في إلغاء الدعم قررت أن يشمل الدعم الكلي السلع التي تصرف بالبطاقات التموينية والتي يستفيد منها ما يقرب من 8 ملايين مواطن وتوحيد المقررات التموينية لتتساوي المدن بالقري بالإضافة لمضاعفة كميات الزيت التمويني.
كما تقرر بيع الزيت التمويني بسعر موحد بدلا من وجود سعرين له، وقال وزير التضامن في هذا الصدد إنه تم تم تحويل 2.5 مليون بطاقة دعم جزئي الي دعم كلي وفجأة تخلت الحكومة عن آليات السوق والعرض والطلب وقررت التوسع في طرح جميع السلع الأساسية بأسعار مخفضة بالمجمعات الاستهلاكية وبمشاركة تجار الجملة عن طريق الغرف التجارية من أجل السيطرة علي ارتفاع الأسعار.
كذلك فبعد أن كانت الحكومة قد تخلت عن أصحاب المعاشات وضاربت في البورصة بأموالهم وتركتهم فريسة للأمراض والعوز فجأة تذكرتهم وقررت وزارة المالية إنشاء صندوق لتقديم الرعاية المالية والاجتماعية لأصحاب المعاشات وتبحث الحكومة عن آلية لتمويله من الخزانة العامة وبعض المساهمات الأخري ويقوم الصندوق بتقديم مزايا اجتماعية لـ8 ملايين مواطن علي المعاش والمستحقين عنهم.
خطة عز
أيضا كانت لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب والتي يرأسها المهندس أحمد عز قد بدأت في إعداد خطة لرفع أسعار المواد البترولية لأرقام فلكية زعم البعض أنها ستصل الي جنيهين زيادة في سعر لتر البنزين الواحد وهو ما كان سيشعل الأسعار وقد يشعل البلد نفسه إلا أن أحداث تونس أدت الي تراجع رئيس اللجنة عن فكرته خاصة بعد صدور تعليمات عليا بالسيطرة علي الأسعار بل إن وزارة البترول أعلنت زيادة دعم المنتجات البترولية ليصل الي 86.6 مليار جنيه.
حتي .. مجلس الشعب
من ناحية أخري أصدر الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب تعليماته للجنة الاقتراحات والشكاوي في المجلس بألا تكتفي بتلقي شكاوي المواطنين فقط وإنما تتولي استدعاءهم والاستماع لشكاواهم والعمل علي حلها.
الصحة .. تتراجع
كذلك فبعد كل الدفاع المستميت الذي تولاه الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة عن لائحة المستشفيات الجديدة لضمان توفير موارد مالية للمستشفيات والتي رفضها المرضي حيث كانت اللائحة تقضي بدفع المواطنين مقابلا ماديا بعد الساعة الواحدة ظهرا ونظرا لخوف الحكومة من كل ما يغضب الشعب تم تجميد هذه اللائحة لأجل غير مسمي.