رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د‮. ‬علاء الأسواني‮: ‬النظام السياسي‮ ‬المستبد أهدر مواهب وطاقات مصر

صرخ الرجل من شدة الألم،‮ ‬تجمهر الناس حوله وسألوه ماذا حدث؟

رد‮: ‬هذا الكلب عض وجرح إصبعي‮. ‬أثناء ذلك الحوار ما بين الرجل والمارة،‮ ‬حضر رجل الشرطة،‮ ‬الذي‮ ‬حقق في‮ ‬الواقعة،‮ ‬وقرر أن‮ ‬يقبض علي‮ ‬صاحب الكلب وسأل‮:‬

من صاحب هذا الكلب؟

رد أحد الواقفين‮:‬

إنه كلب الجنرال حاكم المدينة‮.‬

ارتبك الشرطي،‮ ‬وتغير موقفه من النقيض إلي‮ ‬النقيض،‮ ‬وبدلاً‮ ‬من القبض علي‮ ‬صاحب الكلب،‮ ‬توجه إلي‮ ‬المجني‮ ‬عليه،‮ ‬ووبخه،‮ ‬وقال له‮ - ‬فيما معني‮ ‬كلامه‮ -»‬كلب‮« ‬حاكم المدينة،‮ ‬ابن ناس،‮ ‬وذو تربية خاصة،‮ ‬وفي‮ ‬غاية الرقة والذوق‮.‬

‮- ‬رد الرجل‮.‬

‮- ‬لكنه عض إصبعي‮.‬

‮- ‬أنت اللي‮ ‬استفزيته‮.‬

‮- ‬لكنه هاجمني‮ ‬وكاد‮ ‬يقتلني‮!‬

‮- ‬لا‮.. ‬الكلب كان‮ ‬يدافع عن نفسه‮.‬

‮- ‬أنت قلت من دقائق‮.. ‬إنك ستقبض علي‮ ‬صاحب الكلب‮..‬

‮- ‬لا‮.. ‬أنا سوف أقبض عليك أنت‮.‬

‮- ‬وما التهمة؟

‮- ‬استفزاز الكلب‮.‬

هذا ملخص قصة‮ »‬الحرباء‮« ‬للكاتب الروسي‮ ‬العظيم‮ »‬أنطون تشيكوف‮« ‬تدل‮ - ‬كما دلل بها د‮. ‬علاء الأسواني‮ ‬في‮ ‬مقال له بعنوان‮ »‬الحرباء‮« ‬تهاجم البرادعي‮ - ‬علي‮ ‬حال بعض الناس اليوم في‮ ‬مصر‮.‬

من هؤلاء الناس هم‮ »‬حفنة‮« ‬ليست بالقليلة،‮ ‬تغير مواقفها،‮ ‬مثلما تغير محطة الشاشة التليفزيونية التي‮ ‬يشاهدونها،‮ ‬يتلونون كالحرباء‮ - ‬كما‮ ‬يقول د‮. ‬علاء الأسواني‮ - ‬فيغيرون مواقفهم بلا خجل من النقيض إلي‮ ‬النقيض‮. ‬يبيعون مواقفهم‮ - ‬هذا إذا كان لهم موقف أصلاً‮ - ‬كما‮ ‬يبيع الصبية المناديل الورقية في‮ ‬إشارات المرور‮. ‬بشر بلا موقف،‮ ‬وإن كان لهم موقف،‮ ‬فالمؤكد أن اتخاذه‮ ‬يأتي‮ ‬من أجل مصالح صغيرة،‮ ‬ويغيرون هذا الموقف من أجل مصالح صغيرة،‮ ‬ومصر النهاردة،‮ ‬إذا ما نظرت إلي‮ ‬ما بها،‮ ‬وما حدث لها،‮ ‬ستجد أن مثل هذه النوعيات،‮ ‬التي‮ ‬بلا موقف،‮ ‬أو بـ‮ »‬موقف‮« ‬من أجل مصلحة خاصة،‮ ‬كانوا سبباً‮ ‬فيما حل بها من فقر وغياب للعدالة،‮ ‬واستبداد وظلم‮.. ‬وتراجع تام للديمقراطية‮.‬

الديمقراطية هي‮ ‬الحل

بهذه الكلمات الثلاث‮ ‬يذيل د‮. ‬علاء الأسواني‮ ‬دائماً‮ ‬مقالته‮. ‬وفي‮ ‬كتابه الجديد الذي‮ ‬يحمل عنوان‮ »‬مصر علي‮ ‬دكة الاحتياطي‮« ‬هناك ما‮ ‬يقرب من ‮٣٧٣ ‬مقالة كرر في‮ ‬نهايتها تلك الجملة‮ »‬الديمقراطية هي‮ ‬الحل‮«. ‬لكن الشيء المستغرب من د‮. »‬علاء الأسواني‮«‬،‮ ‬أنه لا‮ ‬يمل ذكرها،‮ ‬وقولها،‮ ‬والإيمان بها،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يبدو فيه وكأنه‮ »‬يؤذن في‮ ‬مالطة‮« ‬فلا النظام‮ ‬يطيق ذلك الحل،‮ ‬ولا الشعب فاعل وقادر،‮ ‬وراغب في‮ ‬فرض الديمقراطية علي‮ ‬ذلك النظام‮. ‬لكن فيما‮ ‬يبدو فإنه‮ - ‬أي‮ ‬الأسواني‮ - ‬يثق في‮ ‬الشعب المصري،‮ ‬مثلما‮ ‬يثق في‮ ‬الديمقراطية،‮ ‬لأنها علي‮ ‬حد قوله‮ »‬سوف تنتصر في‮ ‬مصر كما انتصرت في‮ ‬كل أنحاء العالم‮«. ‬لماذا؟‮ ‬يرد‮: ‬لأن الديمقراطية هي‮ ‬الحق‮.. ‬والحق لابد أن‮ ‬ينتصر‮.‬

علي‮ ‬دكة الاحتياطي

يقول د‮. ‬علاء الأسواني‮ »‬سوف تظل مواهب مصر مهدرة،‮ ‬وإمكاناتها مضيعة مادام النظام السياسي‮ ‬استبدادياً‮ ‬وظالماً‮.. ‬المناصب في‮ ‬مصر تُمنح دائماً‮ ‬لأتباع النظام بغض النظر عن كفاءتهم أو علمهم‮.‬

أصحاب المناصب في‮ ‬مصر لا‮ ‬يهتمون بالأداء بقدر اهتمامهم بصورتهم عند الحاكم،‮ ‬لأنه الوحيد الذي‮ ‬يستطيع إقالتهم‮.. ‬ولأنهم‮ - ‬غالباً‮ - ‬عاطلون عن المواهب،‮ ‬فهم‮ ‬يعادون أصحاب الكفاءة لأنهم خطر عليهم وعلي‮ ‬مناصبهم‮. ‬ماكينة النظام المصري‮ ‬تستبعد بانتظام الأكفاء وأصحاب المواهب وتفتح الباب للطبالين والزمارين‮«. ‬يقول الأسواني‮: »‬ولعلنا البلد الوحيد في‮ ‬العالم الذي‮ ‬يخرج فيه وزير فاشل من مجال الإسكان،‮ ‬فيتولي‮ ‬المسئولية في‮ ‬قطاع البترول،‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يعرف عنه شيئاً‮ (‬لمجرد أن الرئيس‮ ‬يحبه‮)‬،‮ ‬والبلد الوحيد الذي‮ ‬يعين فيه شخص رئيساً‮

‬للوزراء،‮ ‬وهو لم‮ ‬يحضر اجتماعاً‮ ‬سياسياً‮ ‬في‮ ‬حياته‮..‬

‮- ‬لكن ماذا عن الشعب؟

‮- ‬لم‮ ‬يختبر ـ كما‮ ‬يقول الأسواني‮ ‬ـ أو هو اختبر في‮ ‬أوقات قليلة جداً،‮ ‬مثل حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر وبناء السد العالي‮.. ‬في‮ ‬كل مرة اختبر فيها المصريون اجتازوا الاختبار بتفوق،‮ ‬لكنهم عادوا بعد ذلك إلي‮ ‬دكة الاحتياطي‮.‬

‮- ‬يعني‮ ‬إحنا‮ »‬قاعدين‮« ‬علي‮ ‬الدكة‮ ‬يا دكتور؟

‮- ‬يرد علينا بين صفحات الكتاب‮ »‬آه‮.. ‬طبعاً‮.. ‬نحن المصريين‮ - ‬أشبه بمجموعة من لاعبي‮ ‬الكرة الموهوبين،‮ ‬لكن المدرب لا‮ ‬يحبنا ولا‮ ‬يحترمنا،‮ ‬ولا‮ ‬يريد إعطاءنا الفرصة أبداً،‮ ‬وهو‮ ‬يستعمل في‮ ‬الفريق لاعبين فاشلين وفاسدين‮ ‬يؤدون دائماً‮ ‬إلي‮ ‬هزيمة الفريق‮. ‬في‮ ‬قوانين الكرة من حق اللاعب إذا جلس علي‮ ‬دكة الاحتياطي‮ ‬موسماً‮ ‬كاملاً‮ ‬أن‮ ‬يفسخ العقد‮.‬

مصر جالسة علي‮ ‬دكة الاحتياطي‮ ‬منذ ثلاثين عاماً،‮ ‬تتفرج علي‮ ‬هزائمها ومصائبها،‮ ‬ولا تستطيع حتي‮ ‬أن تعترض‮. ‬أليس من حق مصر،‮ ‬بل من واجبها أن تفسخ العقد؟‮!‬

في‮ ‬هذا الكتاب ستجد العدالة في‮ ‬صدارة المشهد،‮ ‬تلك التي‮ ‬يبحث عنها الكاتب،‮ ‬ويطلبها للناس،‮ ‬خاصة في‮ ‬مصر‮. ‬يقول‮: ‬إن إحساس الإنسان بالعدالة‮ ‬يخرج أفضل ما فيه من صفات إنسانية‮. ‬وبالمقابل فإن إحساسه بالظلم واليأس‮ ‬غالباً‮ ‬ما‮ ‬يدفعانه إلي‮ ‬الانحراف والعدوان علي‮ ‬الآخرين‮.‬

في‮ ‬الكتاب ستجد حكايات عن الاستبداد السياسي،‮ ‬والانهيار الاجتماعي،‮ ‬والظلم من السلطة للشعب،‮ ‬وستعرف من الذي‮ ‬يقتل الفقراء في‮ ‬مصر،‮ ‬ومن هو الشاب الذي‮ ‬عاش للأبد،‮ ‬وكيف أصبح أستاذ الجامعة منافقاً؟ وستعرف لماذا نتخلف عن العالم؟ وكيف استطاع د‮. ‬جلال أمين أن‮ ‬يهزم الخواجة باتيستا؟ وهل تزوير الانتخابات من الكبائر؟ وماذا أضاف‮ »‬الوهابيين‮« ‬إلي‮ ‬مصر؟ وستعرف من‮ ‬يحمي‮ ‬الأقباط؟ وكيف نتغلب عن فتنة النساء؟

باختصار ستعرف مصر التي‮ ‬تريد أن تعرفها أو بمعني‮ ‬أدق التي‮ ‬يريد‮ »‬الأسواني‮« ‬أن تعرفها‮. ‬مصر التسامح والحرية والعدالة والأمل‮. ‬الكتاب صادر عن دار الشروق في‮ ٦٧٣ ‬صفحة،‮ ‬تنتظرك فيه رسالة واضحة تقول لك‮ »‬الديمقراطية هي‮ ‬الحل‮« ‬وليس مطلوباً‮ ‬منك كقارئ‮ - ‬ومواطن‮ - ‬إلا أن تترك دكة الاحتياطي‮.. ‬وتنزل الملعب وتفسخ العقد‮.‬

هوامش علي‮ ‬دفتر الكاتب

في‮ ‬العام الماضي‮ ٠١٠٢ ‬صدر لعلاء الأسواني‮ ‬كتاب عنوانه‮ »‬لماذا لا‮ ‬يثور المصريون‮« ‬حقق أعلي‮ ‬المبيعات في‮ ‬مصر،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬ثار فيه التونسيون‮.. ‬مجرد ملاحظة‮!‬