"الوفد" تقتحم المخبأ السري للمتهمين في قضية المخدرات الكبري
في يوم 17 سبتمبر 2010، قضت محكمة الجنايات برئاسة المستشار عدلي فاضل بالسجن المؤبد وغرامة 200 ألف جنيه علي أربعة أشقاء ووالدهم من أبناء قبيلة »الترابين« السيناوية بتهمة الاتجار في المخدرات بعد أن عثرت قوات حرس الحدود علي »فلوكة« محملة بـ900 كيلو بانجو في طريقها إلي »السويس«.
الغريب في الأمر أن المتهمين الخمسة فوجئوا بنشر الحكم وأسمائهم بالصحف دون أن يعلموا شيئاً عن القضية، فأسرعوا بتوكيل أحد المحامين الذي أطلع علي منطوق الحكم، وأكد لهم أن أسماءهم وردت في محضر بتحريات مفتش الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالمحافظة، وصدر الحكم عليهم غيابياً وبشكل نهائي، بالإضافة إلي ربط أسمائهم في المحضر بقاتل اللواء إبراهيم عبدالمعبود، مدير مباحث السويس السابق، علي الرغم من انعدام صلتهم به.
ولم يعد أمام المتهمين الخمسة الأب وأبنائه الأربعة سوي تنفيذ الحكم في قضية لا يعرفون عنها شيئاً، مع ما سيؤدي إلي ذلك من تشريد لأسرهم وضياع لمستقبلهم، بعد أن تم الزج بأسمائهم في القضية من طريق أحد المصادر السرية التي يعتمد عليها الضباط ليصبحوا كبش فداء لـ»تقفيل« القضية بشكل يرضي وزارة الداخلية.
»الوفد« التقت المتهمين الخمسة أو »المظاليم الخمسة« في مخبأهم السري وأجرت معهم هذا الحوار..
> هل لكم صلة بقاتل اللواء »إبراهيم عبدالمعبود« مدير مباحث السويس السابق؟
- ليس لنا أي صلة به ولا نرتبط بقاتله بأي صلة قرابة، فنحن أبناء قبيلة »الترابين« فرع عائلة »أبوعشية« وقاتل اللواء عبدالمعبود ينتمي إلي عائلة »لامي«، ونتيجة لاستخدام لفظ »مرشد« بمعني »دليل« قبل قيادات الأمن هنا في جنوب سيناء ظنه البعض »مرشد« اسم الجد الأول لنا، ومن هنا جاء الربط بيننا وبينه.
> وما علاقتكم بقضية المخدرات التي حوكمتم علي خلفيتها؟
- لم نعلم شيئاً عن هذه القضية بأكملها إلا من خلال جريدة »الوفد« التي نشرت خبراً بعنوان »الحكم علي 4 أشقاء ووالدهم بالمؤبد وغرامة 200 ألف جنيه لكل منهم بجنوب سيناء، وذكر الخبر أسماءنا ورقم الحكم الصادر ضدنا، فأسرعنا بتكليف المحامي للاستفسار عن سبب الحكم، الذي أبلغنا فيما بعد أنه حكم نهائي لا يقبل الاستئناف ولا النقض.
> ما الرابط بينكم وبين القضية إذن؟
- القضية بدأت في يوم 17 أغسطس العام الماضي عندما عثر حرس الحدود بجنوب سيناء علي مركب صغير »فلوكة« محملة بـ900 كيلو بانجو في المنطقة ما بين جنوب سيناء والسويس، وبعدها أحالوها إلي النيابة العامة، حيث طلبت التحريات من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات كجهة اختصاص بالاستعلام عن مالك هذا المركب، وبناء عليه قام العقيد حسن عبدالرسول، مفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، بوضع أسمائنا في المحضر علي أننا مهربون لهذه المخدرات، وأدرج أسماءنا كالآتي: »يوسف مرشد سلمي وسامي مرشد سلمي ويوسف مرشد سلمي وإشتوي مرشد سلمي وسالم مرشد سلمي«، وبناء علي هذا المحضر أحيلت القضية إلي محكمة الجنايات وتم تحديد جلسة بتاريخ 11 يناير 2010، وصدر منطوق الحكم غيابياً دون أن نعلم عنه شيئاً.
> من المؤكد أن ضابط المباحث لديه ما يؤكد صحة تحرياته؟
- الضابط أخذ معلوماته من مصادر سرية كما ذكر بالمحضر، ونحن هنا نعيش وسط قبائل وعائلات توجد بيننا وبينهم بعض الخلافات أحياناً، ومن الممكن أن يكون هذا علي خلاف معنا، أو يكرهنا لأي سبب، ووجد الفرصة ليكيل لنا هذه الاتهامات، إن كان لهذا المصدر وجود من الأساس.
> هل تقصد أن هذا المصير من الممكن أن يكون وهمياً؟
- هذا الضابط سبق وأن أدرج اسم أحد الأهالي هنا في الجنوب في إحدي القضايا التي ادعي أنه اعتمد فيها علي مصادر سرية، وبالفعل تم الحكم عليه بتاريخ 19 يونيو لعام 2004، بالسجن المؤبد، وتبين بعدها أن هذا الشخص يقضي عقوبة الحبس منذ 6 سنوات، كما قام بإدراج اسم شقيقنا »سامي« ضمن المتهمين بتهريب المخدرات علي الرغم من أنه مصاب بمرض »الدرن« ويتلقي العلاج في مستشفي الجنوب في الفترة من 11 أبريل وحتي 11 أكتوبر، والمخدرات المتهمون بتهريبها تم العثور عليها في 17 سبتمبر، وبين أيدينا شهادات موثقة من المستشفي تؤكد صحة ما نقول، بالإضافة إلي أنه أثبت في المحضر أن »الفلوكة« المحملة بالمخدرات مملوكة لـ»يوسف مرشد« علي الرغم من نفي هيئة الثروة السمكية بالمحافظة امتلاكه لها.
> ولماذا يصرون علي الزج بكم في هذه القضية؟
- لأن إدارة مكافحة المخدرات بجنوب سيناء ترغب في القضاء علينا، لأننا نرفض التعاون معهم كمرشدين ومن يرفض التعامل معهم يتم اعتباره عدواً شخصياً لهم، ولابد من القضاء عليه، في الوقت
> هل تم الحكم علي أي منكم في قضايا مشابهة من قبل؟
- نحن من أبناء قبيلة »الترابين« وهي من القبائل العريقة التي تحمل الأصول والتقاليد، ولنا عداوات كثيرة مع بعض العائلات والقبائل التي تريد أن تنتقص من قدرنا وهيبتنا، والتي تعمل مصادر سرية لأجهزة الأمن، بالإضافة إلي أن »أبونا مرشد سليمان« أحد مجاهدي سيناء، وعمل مع الأجهزة الأمنية المصرية أثناء الاحتلال الإسرائيلي، منذ نكسة 1967، وتسبب ذلك في اعتقاله من قبل القوات الإسرائيلية لمدة عام كامل أثناء حرب الاستنزاف، وبعد الإفراج عنه منعته إسرائيل من البقاء في سيناء، وبالفعل قضي ثلاث سنوات بالقاهرة، وبعد نصر 1973، عدنا جميعاً للعيش هنا في أرضنا، ولم يسبق اتهام أي فرد من أبناء العائلة في أي قضية سواء مدنية أو جنائية، وجميع أبناء العائلة حاصلون علي شهادات تعليمية، بالإضافة إلي أننا متزوجون وعندنا أولادنا ونتمني أن نضعهم علي الطريق الصحيح، ولكننا نعمل بتجارة »أبونا« في مجال التوريدات وتجارة زيت الزيتون، والتي اشتهرت بها عائلتنا.
> وكيف تمارسون حياتكم بعد صدور الحكم؟
- نمارسها بشكل طبيعي، لأن أحداً لن يستطيع القبض علينا، لكننا نعمل علي إظهار الحقيقة، والحصول علي البراءة، وأرسلنا فاكس بمضمون القضية إلي وزير الداخلية، وننتظر الرد.
> من أين لكم الثقة بالتأكيد علي قرب الحل؟
- إن شاء الله »هاتتحل«.
> كيف؟ ولماذا تتحدثون بكل هذه الثقة؟
- إدارة مكافحة المخدرات ظالمة، وكل تحرياتها مبنية علي معلومات غير صحيحة، والمرشدون التابعون لها تجار مخدرات، خادمهم حبيبهم أما المعارض لهم مثلنا يكيلوا له التهم، ولك أن تتخيل أن الأهالي هنا في الجنوب يرفضون السفر إلي القاهرة أو السويس لعلاج أبنائهم خوفاً من إلقاء القبض عليهم من ضباط مكافحة المخدرات المتواجدين علي نفق الشهيد »أحمد حمدي«.
> ولماذا يتم القبض عليهم؟
- »العرباوي« الذي يمر من النفق يصدر له قرار اعتقال في اليوم التالي مباشرة ويجد نفسه مرحلاً إلي معتقل »الغربانيات« في الإسكندرية، ولا أحد يسمع صوتنا من المسئولين وكأننا أبناء وطن آخر وليس أبناء هذا الوطن.
> هل لديكم رسالة تريدون توجيهها لأحد من المسئولين؟
- نعم ولكنها ليست رسالة ولكنه تحذير نريد أن نتوجه به إلي القيادات العليا بوزارة الداخلية بأن يتلاشوا الوقوع في مثل هذه الأخطاء الفادحة، وألا يلجأوا للقضاء علي أربعة أشقاء ووالدهم من أجل تقفيل محضر، وألا يستمروا في الاعتماد علي المصادر السرية غير ذات الصداقة، ونرجوهم أن ينظروا إلينا وأبنائنا بعين الشفقة والرحمة وأن يحكموا السيطرة علي مجموعة الضباط الصغار في المحافظة لمن يسيئون استخدام القانون وإلا فسوف تتحول الحياة هنا في جنوب سيناء إلي حرب بين الأهالي وقوات الأمن، وخاصة أن أبناء الجنوب قادرون علي حماية أنفسهم، ونناشد وزير الداخلية بالتحقيق في قضيتنا للوقوف علي الحقيقة فيها، حتي لا يحول ضباط مكافحة المخدرات أبناء جنوب سيناء إلي مجرمين بدون وجه حق.