عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسرائيل صُنعت في ألمانيا

صوتت المانيا مؤخراً ضد قبول عضوية فلسطين كعضو كامل في منظمة العلوم والثقافة والفنون اليونسكو – التابعة للامم المتحدة – وذلك في محاولة لمنع

حصول فلسطين علي استقلالها، وتأييداً  لما طلبته إسرائيل، وقد حدث ذلك بالطبع بالمشاركة مع الولايات المتحدة الامريكية، ويتصور البعض ان هذا هو السبب الوحيد للموقف الالماني،  لكن ما لا يعرفه كثيرون ان الموقف الالماني كان سيُتخذ بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة نفسها، فحتي لو تخلت الولايات المتحدة الامريكية في يوم ما عن إسرائيل لن تتخلي عنها ألمانيا، ليس لأنها لا تريد بل لأنها لا تستطيع. وإذا كان لإسرائيل لوبي قوي في الولايات المتحدة يؤثر بشدة في سياساتها الخارجية بغض النظر عن الحزب الحاكم هناك، فان  لإسرائيل  في ألمانيا ليس لوبي واحدا بالمعني المعروف بل تملك بالفعل تقرير مصائر الامور في كل الاحزاب الالمانية، ومراكزها البحثية ومؤسساتها السياسية والثقافية والاعلامية والمالية - وهناك الكثير من الشواهد والخبرات التي تدلل علي ذلك بوضوح، الي حد ان السياسي الذي يتخذ موقفا معارضا لإسرائيل او مناهضا لمصالحها، او حتي منتقداً لها يكون بالفعل قد اصدر علي نفسه حكما بالإعدام السياسي – وغير السياسي أحيانا - وهذا ما سجله أكثر من إسرائيلي في مذكراته – بل وسجله ضباط مخابرات سابقون بالموساد مثل فيكتور استروفسكي  في كتابه الشهير «طريق الخداع» – الذي ترجم للعربية في ثلاثة اجزاء بعنوان «كنت عميلا لإسرائيل»، وفضح فيه اقدام إسرائيل علي اغتيال سياسيين  المان مثل رئيس وزراء ولاية شليسفيج هولشتاين  بارشل - وقفوا مرة واحدة فقط ضد مصالحها واعترضوا علي استباحة إسرائيل لالمانيا ارضاً وجوا الي حد مخز،  ولكل ذلك حكاية.
في بداية الستينيات وحين قرر رئيس الموساد آنذاك عايزر هاريل وزميله رئيس المخابرات الالمانية راينهارد جيهلن التعاون المشترك بين جهازي المخابرات فقد كان ذلك بالدرجة الأولي لأن إسرائيل وقتها قد منت النفس - في مواجهة العرب - بالكثير من المزايا العسكرية التي ستجنيها من وراء ذلك التعاون، وقد كانت المساعدات الالمانية منذ البداية حافزا مهما في توطيد ذلك التعاون وبغض النظر عن الموقف السياسي آنذاك لدولة إسرائيل من الدولة الالمانية وتاريخها.
كذلك فلم تقتصر المساعدات الالمانية آنذاك علي المساعدات المادية والمالية فقط بل ايضا بالخبراء المتخصصين والتقنية والحسابات السرية لدفع الصفقات الخاصة بتوريد السلاح الي إسرائيل - وبغض النظر عن المصدر - وقد ساهم في ذلك ان سياسيي المانيا الكبار كوزير الدفاع وقتها فرانز يوسف شتراوس - كما يذكر شلومو شبيرو وهو احد اكبر المتخصصين في الإعلام والمخابرات والسياسة الأمنية الإسرائيلية - وغيره كانوا من المرتبطين بالمخابرات الإسرائيلية بشكل أو بآخر.
سهل الأمر آنذاك أن الإسرائيليين اكتشفوا - في بداية الستينيات - أن بعض العلماء الألمان كانوا يعملون لصالح مصر في برنامج تطوير الصواريخ، وقد استغل الموساد المعلومات المتوفرة حول ذلك في الضغط للحصول علي الكثير من صفقات الأسلحة  الألمانية وبرامج التدريب الخاصة بها، بل قطعت المخابرات الالمانية شوطا اكبر في التعاون الي حد مد المخابرات الإسرائيلية بالمعلومات الكاملة عن العلماء الألمان المتعاونين مع مصر بحيث استطاعت إسرائيل حينها مراقبة هؤلاء العلماء وتصفيتهم فيما بعد في مصر وأيضا علي الاراضي الالمانية دون أن تتدخل المخابرات الألمانية لحماية العلماء الألمان في ألمانيا بدعوي عدم تعريض العلاقة مع الموساد للخطر.
السؤال الذي طرح نفسه بقوة حينها كان يتعلق بكيف تأتي للجهازين تطوير التعاون بينهما علي الرغم من أن جهاز المخابرات الألماني أشرف علي بنائه وتأسيسه وتشكيله من جديد نفس كوادر جهاز المخابرات الألماني النازي مستعيناً بنفس العناصر المتهمة من إسرائيل بحرق وقتل اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، ولماذا أصر الموساد برغم كل الاشكالات القائمة آنذاك علي «اختراق» الجهاز السياسي والأمني الألماني بحكومته ومخابراته بالرغم من أنه لم تكن لألمانيا وإسرائيل – في ذلك الوقت -  علاقات دبلوماسية؟

اللقاء الأول في بولاخ
في إحدي الڤيلات عام 1960 وبدايات مثيله في عام 1961 شهدت الأيام الأخيرة من الشتاء في  شارع هايل مان بمدينة بولاخ الالمانية الجنوبية القريبة من ميونيخ - حتي الآن - في  نفس الفيلا التي عاش فيها رئيس مركز المخابرات الألمانية منذ عام 1955 الديوان الهتلري الوزير مارتين بومان - اللقاء الاول لرئيس المخابرات الألمانية الاتحادية  حينها راينهارد جيهلن - هو نفسه رئيس المخابرات العسكرية الالمانية النازية لشئون الجيوش الاجنبية - مع رئيس المخابرات الإسرائيلية الموساد - حينها - عيزرا هاريل، المقابلة تمت في منطقة رودلف هيس السابقة.  الوقت نفسه كان البدايات الأولي للحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي - آنذاك - وبالرغم من ان تلك المقابلة ظلت لفترة طويلة  سراً لا يعلمه الكثيرون - حتي أعلن عنه مؤخرا - إلا أنها كانت العلامة الفاصلة في العلاقات  بين ألمانيا وإسرائيل  لاحقاً - وليس فقط  بين الجهازين السريين للبلدين  منذ ما قبل خمسين  عاماً حتي الآن.
اللقاء الذي تم كان رغم البروتوكول الموقع بين البلدين عام 1952 حول التعويضات والذي بموجبه تحصل إسرائيل منذ ذلك التاريخ حتي الآن علي ملياري مارك – اي مليار يورو حالياً - سنويا وكان اللقاء في الواقع لقاء بين جهازي مخابرات لبلدين لا يتبادلان العلاقات الدبلوماسية حتي ذلك التاريخ، بل إن الرأي العام الإسرائيلي آنذاك كان ضد أي اتصال رسمي إسرائيلي مع المانيا، بشكل مطلق وإلي الحد الذي دفع السلطات الإسرائيلية الي إصدار جوازات السفر التي تحمل ختما يسمح بالسفر إلي كل العالم عدا ألمانيا، لكن البعض داخل جهاز الموساد الإسرائيلي كان يعي اهمية علاقة الدولة الإسرائيلية الوليدة مع المانيا وامكانية استغلال تلك العلاقة - بغض النظر عن العلاقات الدبلوماسية - لأقصي حد لصالح «مستقبل إسرائيل»  بل إن الكثير منهم كان ينشد جهازا للمخابرات علي غرار الجهاز الألماني النازي، الذي رأوا فيه ضمانة لا غني عنها لأمن إسرائيل. أما  من ناحية الألمان فقد كانت العقلية الألمانية مهيأة بفعل الكثير من الأسباب والمسببات – بما فيها غير الموضوعية -  لتلبية رغبات إسرائيل واعتبارها أوامر لا يجب مناقشتها ليس فقط داخل الجهاز السياسي الألماني بل أيضا داخل الكثير من الدوائر الامنية الالمانية، التي بررت تلك العلاقة متسترة حينها بالمقولة الشهيرة الشائعة «بأن لإسرائيل شبكة قوية داخل كل دول المعسكر الشرقي بفعل انتشار اليهود في كل المستويات الوظيفية الوسطي لتلك الدول وان من مصلحة المانيا التعاون مع الموساد بغية الاستفادة من تلك الشبكة» لكن ذلك كان تبريرا واهيا لقرار كان قد اتخذ في أعلي المستويات السياسية الالمانية بالتعاون مع الموساد - وكانت قيادة الموساد تعي ذلك جيدا وتحرص علي استغلاله قدر الامكان، ولذا فقط فتحت الباب أمام الرسول الألماني واسمه الحركي دكتور شميدت لنقل رسالة رئيس المخابرات الالمانية جيهلن الي الموساد الإسرائيلي، التي تشير الي رغبة الالمان في التعاون المشترك، ولم ينتظر رئيس الموساد طويلا ليقوم بزيارته المنوه اليها سابقا للقاء رئيس المخابرات الالمانية وفي ذهنه سؤال واحد حول حقيقة التعاون المشترك بين المخابرات الالمانية والعلماء الألمان مع العرب، خاصة قضية تطوير برنامج الصواريخ  «في 2» والتي كان الألمان قد طوروها إبان عهد هتلر في بيناموندا ولم يمض طويلا من الوقت علي هذا اللقاء الا وكان الطرفان قد اتفقا علي ان يمد الألمان الإسرائيليين بمعلوماتهم الكاملة عن العرب وأجهزة مخابراتهم  - وتحديدا مصر مقابل المعلومات الإسرائيلية عن دول شرق اوروبا، وبعد فترة قصيرة للغاية تعرض العلماء الألمان المتعاونون مع  مصر – في ألمانيا والقاهرة علي السواء - الي حوادث قتل وتشويه انتهي بهم اما الي المقابر او العودة والبقاء في بيوتهم مقهورين مهددين  حتي آخر العمر.
لم تكن الثقة بين المخابرات الألمانية ونظيرتها الإسرائيلية قد نضجت بشكل كامل رغم التعاون المقرر بينهما ولذا اتفق الطرفان علي فترة اختبار للتأكد من صدق هذا التعاون، وقامت المخابرات الألمانية بالفعل بمد إسرائيل في تلك الفترة بكل ما لديها من معلومات حول انشاء جهاز المخابرات المصري الوليد وكذلك بما تعرفه من معلومات حول تسليح الجيش المصري بل واسماء بعض عملاء إسرائيل نفسها في المنطقة العربية وذلك للتدليل علي صدق نوايا الألمان في التعاون المشترك، وقد  كانت المعلومات الألمانية قيمة لإسرائيل الي الحد الذي دفع رئيس الموساد لاتخاذ قراربالتعاون الكامل مع المخابرات الألمانية في كل المجالات – الامنية وغيرها - بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الطرفين، وفي ذلك اللقاء تحدث الطرفان عن كل شيء بما في ذلك عملاء المخابرات الألمانية الذين أرسلوا الي مصر وبعض الدول العربية الأخري للمساهمة في تنظيم وانشاء أجهزة مخابرات بعض تلك الدول فيما اشار رئيس المخابرات الإسرائيلية وقتها الي انه يقبل التعاون مع الشيطان نفسه من أجل أمن إسرائيل ولهذا فهو لا يمانع حتي من التعاون مع جهاز المخابرات الألماني رغم معرفته بأن اغلبه – بما فيها قياداته – مشكل من عناصر نازية سابقة - وأن كثير منهم - برأيه - مازالت يداه ملوثة بدماء اليهود، وقد وجد الموساد طريقة ما لاستخدام الضباط النازيين السابقين في تحقيق اغراضه فمثلا استطاع الموساد استخدام الضابط النازي السابق المحبب لهتلر «اوتو سكورسيني» الذي اعتمد عليه هتلر في تحرير واختطاف موسوليني من سجنه في جران ساسو بل واستخدامه لفترة طويلة متخفيا في شخصية تاجر أسلحة  للمخابرات الالمانية والموساد في نفس الوقت في مدريد بأسبانيا، بل واستخدمه الألمان والإسرائيليون معا في اختطاف مساعد هتلر ادولف ايشمان من الارجنتين ونقله الي إسرائيل مع الاتصال بالضباط النازيين السابقين في بلاد المهجر وخاصة دول اميركا اللاتينية  ليتعاونوا مع الموساد كل علي طريقته بل ودفع الكثير منهم لعرض مساعداته علي العرب مع العمل لإسرائيل في نفس الوقت – مع اقناع العرب ان التعاون القائم لصالح المخابرات الالمانية وحدها اومخابرات غربية اخري – وبالفعل  سقط اغلبية هؤلاء في فخ التعاون مع إسرائيل دون علم ، ورغم كل ذلك ابقت إسرائيل الرواية الرسمية القائلة بعدم التعاون مع الألمان بل وتحاشي رئيس الموساد دعوة زميله الألماني لزيارة إسرائيل خوفا من افتضاح أمر التعاون الإسرائيلي مع النازييين القدامي فيما كان معروفا ان ضابط الاتصال الالماني مع إسرائيل هو الجنرال ولفجانج لانجكاو تحت اسم حركي هو لانجندورف وقد كان منذ البداية عميلا للموساد الإسرائيلي داخل المخابرات الألمانية التي رغم اكتشافها ذلك أبقت عليه للتدليل علي حرصها علي العلاقات مع الموساد، وكان رئيس مكتب الموساد في باريس شلومو كوهين هو المسئول عن العلاقة مع الألمان وذلك بحكم مولده في هامبورج بألمانيا وإقامته لفترة طويله كرسام  في مصر بجواز سفر فرنسي  تحت اسم جاك  دوكلو  التي ما زالت بعض لوحاته  تعلق حتي الآن  – علي  الأغلب - داخل بعض المقرات الرسمية والمتاحف المصريه والعربية ايضاً.   
كوهين كان استاذا في العمليات المخابراتية المعروفة بعمليات التمويه والخداع باستخدام راية كاذبة FALSE-FLAG OPERATION وقد استطاع تجنيد الكثيرين بوهم كونهم يعملون

لصالح دولة أخري وليس لصالح إسرائيل - واستخدم في ذلك المانيا وفرنسا وغيرها، وتشير معلومات الألمان الي ان كثيرا من الدبلوماسيين العرب الذين خدموا في بون قد وقعوا في حبائل المدعو كوهين وعملوا لحساب إسرائيل وهم يتصورون انهم يعملون لصالح الناتو ضد المعسكر الشرقي او لصالح  الامريكان او الألمان او الفرنسيين وغيرهم، ولم يقتصر الامر علي فتح المانيا امام الموساد للعمل بحرية تامة – حتي الآن - بل ايضا ساعدت المخابرات الالمانية عملاء الموساد الإسرائيلي للعمل في الكثير من الدول العربيه بجوازات سفر المانية – وهو ما فضحته اخيراً عملية اغتيال المبحوح في الامارات ايضاً - بعد تدريبهم في فيلا بجوار ميونيخ علي التجسس باستخدام زرع أجهزة التنصت الحساسة داخل المقرات الرسمية للحكومات العربية وتزييف المستندات العربية وغير ذلك كما تم فتح وتسهيل المقرات الدبلوماسية الالمانية ومراكز الثقافة الالمانية في البلدان المختلفة امام عملاء الموساد لاستخدامها، من ناحية اخري استخدمت إسرائيل علاقتها القوية بزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي في بافاريا - وكان حينها في منصب وزير الدفاع الالماني فرانز يوسف شتراوس في الاتفاق علي توريد مجموعة كبيرة من صفقات الأسلحة الالمانية لإسرائيل علي ان يقع عبء تغطيتها وتمويلها بالكامل علي المخابرات الالمانية، وقام شتراوس باستقبال زملائه الإسرائيليين بشكل سري وخاص جدا اكثر من مرة بدءا من عام 1958 في بون ومنهم شيمون بيريز في فيللته الخاصه وبعدها استلمت إسرائيل اول صفقه للدبابات والسيارات المدرعه عبر بلد ثالث، فيما موّهت تلك الصفقه باعتبارها مكائن وجرارات وشحنت من هامبورج الي روتردام في هولندا ومنها الي السفن الإسرائيلية والأغرب أن المانيا وبالاتفاق وقتها مع إيطاليا شحنت الي إسرائيل عبر الموانئ الايطالية دبابات امريكية من طراز م 48 وفي ايطاليا استبدلت الدبابات بمدافع بعيدة الامد وحيث كان الإسرائيليون قد حصلوا علي حاجتهم من تلك الدبابات من الامريكان مباشرة كذلك وبالاتفاق مع الفرنسيين دفعا ألمانيا لفرنسا ثمن صفقات السلاح الفرنسي لإسرائيل ومنها شحنات خاصة بالطائرات وطائرات الهليوكبتر المشحونه باعتبارها مساعدات ومكائن زراعية.
السرية مطلب إسرائيلي
فعلت المخابرات الالمانية كل مافي وسعها للإبقاء علي سرية الشحنات التي تتوسط فيها لإسرائيل حتي علي الدول التي اعتبرتها ألمانيا من الدول الصديقة ولم تسمح بصادارت أي وثيقة خطية من أي مؤسسة ألمانية بذلك الخصوص كذلك تم تزوير العلامات الداله علي بلد المنشأ بحيث لا يستطيع أحد معرفة مصدر تلك الأسلحة حال حدوث سبب طارئ، وعلي سبيل المثال فمنذ بداية شحن الطرادات الألمانية السريعة من مصنع بورمستر للسفن في بريمن بالمانيا للبحرية الإسرائيلية في نهاية الخمسينات حتي عام 1980 اشيع ان  الشحنات هي مواد مساعدة لبناء السفن هذا في الوقت الذي لم يكن لإسرائيل اية دراية بصناعة وبناء السفن ولم يشك احد في الامر برمته؟
لعب فرانز يوسف شتراوس طيلة الامر دورا جوهريا في نقل اسرار صناعة السلاح الالماني لإسرائيل واعتبر ذلك استثمارا المانيا بشكل ما ! بل واقنع الكثيرين ومنهم الزعيم  الاشتراكي الديمقراطي فيلي برانت  بأن ما تقدمه المانيا لإسرائيل وقتها هو جزء صغير من الدين التي يجب عليها ان تدفعه ووافقه فيلي برانت علي هذا التبرير ولم يكن ذلك غريبا علي شتراوس الذي كشف الإسرائيليون الان وبعد كل  تلك السنين  عن تعاونه معهم تحت اسم مستر «واي» الي حد انه  نقل بنفسه الي مكتب الموساد في مدينة كولونيا احدي قذائف الدبابات التي لم يكن مر يوم واحد فقط  علي انتاجها  بعد ان طورها الالمان
وفي السادس من نوفمبر عام 1961 اعتقل الألمان الضابط هاينز فيلفه وكان حينها  احد اقرب مساعدي رئيس المخابرات الالمانية جيهلن ومسئولا عن تحليل النشاط   اجهزة مخابرات دول المعسكر الشرقي وذلك بتهمة التعاون مع المخابرات السوفييتية «كي جي بي»، فيلفه كان في السابق احد ضباط جهاز الـ«إس إس» النازي، وبعد الحرب العالمية الثانية ظل أحد أهم العاملين في المخابرت الالمانية لكنه تعاون - وبدافع كرهه لإسرائيل ورؤيته حرص الجهاز الالماني الجديد علي  التعاون معها - مع المخابرات الروسية عشر سنوات كاملة، وكشف للروس كل عناصر الشبكة الالمانية في شرق أوروبا وبحكم أن الإسرائيليين اخترقوا المخابرات الروسية لفترة طويلة عبر عميلهم رئيس قسم الجاسوسية في ألمانيا الشرقية ماركوس وولف استطاعوا كشف العميل الالماني - الروسي - وألقي ضابط الاتصال الإسرائيلي مع الألمان الجنرال لانجكاو القبض عليه وسلمه للالمان الذين اكتشفوا فجأة ان شبكتهم في اوروبا الشرقية قد كشفت بالكامل وانهم في احتياج حقيقي للاعتماد علي معلومات «طرف آخر» في المعسكر الشرقي ورفض جيهلن وبدفع من شتراوس التعاون مع الانجليز او الفرنسيين  في تلك الفترة باعتبارهم منافسين وقرر الاعتماد بالكامل في أوروبا الشرقية علي الموساد الإسرائيلي حتي يعاد بناء الشبكة الالمانية هناك، وعليه فقد استغلت إسرائيل احتياج الألمان لهم وقاموا منذ ذلك الوقت باصطيادهم وكان الثمن الذي طلبوه صور كاملة عن تقرير عرض الاحوال اليومي للمخابرات الالمانية في الدول المختلفة والذي يعرض علي المستشار الألماني بصفته أهم وثيقة يومية سرية مع حرية الحركة الكاملة داخل كل المؤسسات الصناعية والعسكرية الالمانية في مقابل تقرير الموساد الإسرائيلي اليومي عن المانيا الشرقية والمعسكر الشرقي والذي استخدم الإسرائيليون لانجازه اهم رجل داخل المخابرات الالمانية الشرقية ماركوس وولف.
الخبير الإسرائيلي شلومو شبيرو اشار لاحقاً وبعد سنوات طويلة من ذلك التاريخ  الي ان المخابرات الإسرائيلية منذ ذلك الوقت تضع يدها بشكل كامل علي كل مصادر المخابرات الألمانية وخاصة تلك التي تعاونت وتتعاون معها في البلدان العربية وتركيا  وداخل الناتو، بل وعُرف في وقت متأخر ان وزير الدفاع الألماني آنذاك فرانز يوسف شتراوس سرب لإسرائيل حقيقة ان شركة انترا في شتوتجارت تتعاون مع مصر في مشروع تطوير الصواريخ وعليه سرب الموساد أحد عملائه  بمعرفة المخابرات الألمانية لداخل الشركة مع نصيحة لدايفيد بن جوريون من شتراوس عبر رئيس الموساد هاريل بالاحتجاج السياسي الشديد علي التعاون المصري الالماني  للمستشار كونراد اديناور وقد رفض ديفيد بن جوريون وقتها الاحتجاج خوفا من اكتشاف التعاون الامني الإسرائيلي الالماني وبالتالي توقف شحنات الاسلحة الالمانية لإسرائيل وفضل تخريب البرنامج المصري ومطاردة العاملين في الشركة الالمانية وارهابهم بطرق اخري -  وكان ذلك هو السبب في استقالة رئيس الموساد هاريل واستلام خلفه مائير عاميت والذي عمل حتي ذلك الوقت كرئيس للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، وفور استلامه  مهام منصبه نفذ خطة تصفية العلماء الألمان في مصر او المتعاونين معها من خارجها – عبر الرسائل المفخخة والهدايا التي تنفجر بمجرد فتحها علاوة علي الإرهاب باختطاف وقتل ابناء واقارب العلماء الألمان في كل من مصر والمانيا - والتي  أدت في النهاية الي انتهاء عمل الألمان في مصر بحلول عام 1964 - نفس الخطة التي كان قد وضعها شامير بنفسه بعد الاتفاق مع سابقه هاريل - وأنكر عاميت بعد ذلك انه الذي قاد تلك العملية فقط حتي لايجرم امام المحاكم المدنية الالمانية باعتباره خطط ونفذ عمليات قتل مواطنين المان.
واقع الأمر يؤكد أن الضباط النازيين السابقين الذين اٌتهموا من إسرائيل بحرق اليهود في معسكرات النازي كانوا من أهم المتعاونين مع الموساد الإسرائيلي لحماية الدولة العبرية وبمعني أن هتلر ورجاله لم يكتفوا عبر سياساتهم بالتسبب في إنشاء دولة إسرائيل بل ايضا حمايتها وبناء أجهزة مخابراتها.