رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"الوفد" تقتحم "جبل الحلال" وتحاور المطاريد

الوصول إلي جبل الحلال في قلب سيناء مغامرة محفوفة بالمخاطر.. كثيرون حذرونا من الوصول إليه.. أو حتي الاقتراب منه.. وكثيرون قبلي حاولوا الوصول إليه لكنهم دفعوا الثمن غالياً.. قتلوا ودفنوا في صحراء سيناء دون أن يعرف أحد مكانهم.

هنا في جبل الحلال يلجأ الهاربون من وزارة الداخلية والمطاردون من أجهزة الأمن.. كل من يختبئون هنا يحملون الأسلحة الخفيفة والثقيلة للدفاع عن أنفسهم.
لذا قررنا أن نذهب إليهم.. أن نقترب منهم.. أن نتعرف عليهم.. مهما كان الثمن.
استطاع نظام مبارك أن يحول البدو من أهالي سيناء إلي مجرمين وأرباب سوابق حتي من لم يرتكب منهم جريمة، ومارست وزارة الداخلية إرهابًا من نوع خاص علي الأهالي بسبب تفجيرات طابا التي وقعت عام 2005 وراح ضحيتها 88 قتيلاً و200 جريح.
وحاصرت الشرطة منطقة جبل الحلال التي تبعد عن مدينة العريش بنحو 70 كيلو متراً لمدة 3 أشهر لإجبار من فيه علي الاستسلام.
ويقع الجبل بوسط سيناء ويبلغ طوله 1900 متر تقريباً ويعد نقطة حصينة لجأوا إليها مطاريد الداخلية، بسبب الأحكام القضائية التي وصفوها بـ «الظالمة» و«الملفقة» خاصة بعدما كشفت الأحداث الأخيرة عن تورط قيادات بوزارة الداخلية في تفجيرات طابا.
«الوفد الأسبوعي» التقت مطاريد جبل الحلال فسردوا وقائع مؤلمة تعرضوا لها في حضن الجبل طلباً للحماية من الداخلية.
«الجبل يشكل حصانة دبلوماسية لي» هكذا بدأ سويلم عطية سلام من قبيلة الترابين والمحكوم عليه بـ 25 سنة سجناً، مضيفاً أن الظلم الواقع عليه كان بسبب ابن عمه وأخيه، حيث تم اتهامهما بمقاومة السلطات، وعندما عجزت الحكومة عن القبض عليهما قاموا بإلقاء القبض عليه وتم تلفيق قضية مخدرات ضدي من أحد الضباط وبسبب الحكم الظالم والملفق لم أستطع تحمله خاصة أنني بريء من تلك التهمة - علي حد وصفه.
ويضيف: و«الحلال» مكان حصين أحتمي به، ولا تجرؤ الداخلية علي مهاجمته أو مطاردتنا، لعلمهم ببراءتنا، وأننا سنقاومهم حتي آخر نفس، ويشير إلي سنوات الهروب قائلاً: 25 سنة تائهاً بين الجبال والوديان وعند حصار الداخلية لنا في أماكن عدة جلست 7 سنوات لا أري «الأسفلت» علي الإطلاق، حتي أولادي الخمسة معي في الجبل ومستعد لأي هجوم من ضباط الداخلية، فأحياناً أضع رأسي فوق «البارود» وأنام وسلاحي علي صدري.
ويحكي سويلم عن لحظات صعبة في فترات شروده قائلاً: في حالات الوفاة أنزل من الجبل لأحضر الجنازة، وعارف أنني ممكن مرجعش ولكنني مسلح ومستعد لأي مقاومة دون هرب، ولو أمامي 20 سيارة شرطة سأظل أقاومهم لآخر طلقة في سلاحي، وهاموت لأنها موتة واحدة وخلاص.
ويستطرد سويلم قائلاً: أمن الدولة تعاملت معنا بطريقة غير آدمية للدرجة التي وصلت إلي تعذيب شيخ إحدي القبائل عمره 70 عاماً بالكهرباء في أماكن حساسة من جسده، حتي يعترف بجريمة لم يرتكبها.


عودة خضر أحد المطاريد المحكوم عليهم بـ 25 سنة روي قصته قائلاً: بدأت المأساة عندما قام اثنان بزراعة قطعة أرض بنبات البانجو ولم تستطع الشرطة التوصل إليهما وبدلاً من تكثيف البحث عنهم قامت المديرية بالتوجه إلي المنازل بسيارتي شرطة، وسيارة ثالثة إلي المكان المزروع فيه البانجو، وحدثت اشتباكات وتبادل لإطلاق النار، فأصيب أحد أفراد الشرطة في تلك المواجهة وتم الاستيلاء علي سلاح الضباط وإحدي السيارات، وعندما علمت بذلك تدخلت لفض الاشتباك وإعادة السلاح إلي الشرطة بحكم أنني عضو في مجلس محلي المحافظة، وبعد فترة فوجئت بأن محضر الشرطة احتوي علي 6 متهمين منهم أنا، فعرفت أن الداخلية لفقت الاتهام لـ 3 أبرياء وذهبت إلي اللواء عدلي فايد مدير مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية سابقاً، بعدما طلبني وأخبرني بمعرفته بتلفيق الاتهام ضدي، لكنه لم يستطع فعل شيء حيث صدر الحكم بالحبس 25 سنة في قضية مخدرات ومقاومة السلطات.
وعن سر لجوئه إلي جبل الحلال قال: هو بمثابة أرضنا وبيتنا ولا يستطيع أحد دخوله إلا بمعرفتنا وإذا سمحنا له بذلك، وقد لجأنا إليه من شدة الظلم الذي تمارسه الداخلية ضدنا، فكيف يذهب أحد البدو بزوجته وطفله المريض إلي المستشفي وتستوقفه الشرطة وتأخذه لتقفيل قضية، وتترك زوجته وابنه المريض داخل السيارة قبل نزوله إلي المستشفي، ليموت الطفل من المرض داخل السيارة قبل إسعافه، هذا السلوك هو الذي يجعل البدو يلجأون إلي الجبل قبل البطش بهم.
وكشف عودة خضر عن مفاجأة بقوله: أحد الضباط الذي كان يلفق لنا القضايا كان يتعاون مع الموساد الإسرائيلي، وكان يقوم بتصوير المواقع ويرسلها للموساد وكان يشغل منصب مدير مكافحة المخدرات، وعندما كشف أمره ألقت المخابرات القبض عليه وتم عزله من منصبه.
واختتم قائلاً: لا نريد التعامل مع الشرطة علي الإطلاق، ونفضل التعامل مع القوات المسلحة فأصغر ضابط فيها أفضل من وزير الداخلية.
لا يختلف عودة عيد سالم عن سابقه، فقد تم تلفيق قضية ضده وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. ويقول: «هذه اللحظة لا أعرف القضية التي تم تلفيقها لي، كل اللي عرفته أن أحد أفراد القبيلة أخبرني بوجود شرطة تريد القبض عليّ لتنفيذ حكم 3 سنوات،

فلجأت إلي جبل الحلال ومنذ عام 1993 وأنا في هذا الجبل، وحرم أولادي من التعليم بسبب هذا الظلم.
قصة من نوع آخر يرويها كامل شنوب، وهو ابن عم سالم شنوب الذي تم تصفيته من قبل الداخلية في أحداث تفجيرات طابا، إذ يقول: ابن عمي لم يتورط في تلك الأحداث فقد ثبت تورط جمال مبارك والعادلي ومعهما عدلي فايد في التفجيرات، انتقاماً من حسين سالم الهارب في أسبانيا، بسبب صفقة الغاز لإسرائيل، فقد دفعهم الجشع والطمع إلي قتل الأبرياء وأهل سيناء من ذلك براء، فلم يتورط أحد منهم في هذه التفجيرات، ولم نسمع عن تفجيرات بحجم تفجيرات طابا رغم حالة الانفلات الأمني التي تمر بها البلاد وأهالي سيناء مواطنون مسالمون.
ويضيف: لقد طاردت الداخلية جميع أقارب «شنوب» وأخذوا «الحريم» والعجائز حتي الأطفال لم يسلموا من شرورهم، للدرجة التي وصلت إلي اغتصاب الحريم في جهاز مباحث أمن الدولة، واستخدموا طرقاً مختلفة في التعذيب، حتي يتم الاعتراف علي مكان سالم، وبعد حصاره في جبل الحلال لم تستطع الداخلية القبض عليه، لكن تمت تصفيته في منطقة بئر العبد.
وعن أسباب لجوئه إلي الجبل قال: هناك رجال أعمال أخذوا أرضنا بالقوة بمساعدة حبيب العادلي ورجاله، إذ أخذ هذا الرجل مليون متر مربع من الأرض، وهو الذي ساهم في تصفية ابن عمي. ومنذ 30 عاماً لا أستطيع رؤية الأسفلت بسبب جبروت الداخلية وسطوة هذا الرجل، وبسبب مطالباتي باسترداد أرضي تم وضعي في القائمة السوداء وجعلي من المطاريد رغم عدم صدور أي حكم قضائي ضدي، وقد رفض الجلوس في مجالس القضاء العرفي حتي أستطيع أخذ حقي منه أو تعويضي عن الأرض، فقد قمت بالاستحواذ علي ثلاث سيارات تقدر بـ 3 ملايين جنيه.


ولم أكن أستطيع ذلك إلا بعد الثورة بسبب نفوذه من خلال لواءات الداخلية الذين تلطخت أياديهم بدماء البدو الأبرياء، وعندما سألناه عن سر تعامل النظام البائد بهذه الطريقة قال: النظام مدعوم من الجانب الإسرائيلي الذي يريد إشعال نار الفتنة بين الأمن وبدو سيناء، حتي يسهل لهم السيطرة علي سيناء.
ويضيف: إذا مر أحد البدو علي كمين الشرطة تجد العسكري يقول للضابط «مبروك يا باشا القضية جاءت» وبسرعة يقوم الضابط بأخذ «إذن» النيابة بالتليفون، والمحضر جاهز ويتم تلفيق قضية مخدرات بعد كتابة محضر يحتوي علي مقاومة البدوي للسلطات قبل القبض عليه.
وعندما سألناه عن المساحات المزروعة من الأرض بالحشيش قال: الداخلية تضخم الأمور لتصور للعالم أن البدو خارجون علي القانون فعندما تسمع في الجرائد الحكومية أن الداخلية قضت علي ألف فدان مزروعة بالمخدرات تدرك أن المساحة هي فدان واحد، الأمر الآخر أن البدو لا يزرعون الحشيش بل البانجو فقط والحشيش يتم استيراده من المغرب العربي ولبنان عن طريق مسئولين عن أمن الموانئ والمطارات، وزراعة البانجو أفضل لي من أن أكون بلطجيًا أو قاطع طريق في ظل حصار الداخلية لنا فنحن نعرف أن لحم الخنزير حرام، لكن أبيح لنا عند الضرورة.
ويصف شنوب المخاطر التي يتعرضون لها في جبل الحلال قائلاً: «لا نخشي من الداخلية لكن هناك حيوانات مفترسة مثل الضباع والثعابين وحيوانات أخري، لكن كل ذلك يهون ولا نقبل الظلم، فضباط الداخلية قالوا لأحد أفراد البدو بالنص «لما تموت وتشوف فرعون، اخبره أنه ترك رجاله في سيناء».