رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الكبار.. ودولة الفساد

وهل تعرفون من أنا؟،‮ ‬مواطن‮ ‬يسكن في‮ ‬دولة قمعستان‮.. ‬مواطن‮ ‬يحلم في‮ ‬يوم من الأيام أن‮ ‬يصبح في‮ ‬مرتبة الحيوان مواطن‮ ‬يخاف أن‮ ‬يجلس في‮ ‬المقهي‮ ‬لكي‮ ‬لا تطلع الدولة من‮ ‬غياهب الفنجان‮!! ‬مواطن‮ ‬يخاف أن‮ ‬يقرب من زوجته قبيل أن تراقب المباحث المكان‮!! ‬أشعر أني‮ ‬مواطن من شعب قمعستان‮!!.‬

هذا ما قاله نزار قباني‮ ‬منذ سنوات‮.. ‬إذا كان المشهد السياسي‮ ‬لعام‮ ‬1976‮ ‬وما أرتكبته الدولة من خطايا وأخطاء في‮ ‬حق المواطن انتهت في‮ ‬17‮ ‬يناير‮ ‬1977‮ ‬برفع سعر خمسة مليمات في‮ ‬سعر رغيف الخبز،‮ ‬وأسعار‮ ‬25‮ ‬سلعة أساسية أخري‮ ‬أحدثت انتفاضة حولت شوارع القاهرة،‮ ‬ومدن وعواصم المحافظات إلي‮ ‬ساحات معارك‮.‬

فالمشهد اليوم‮ ‬يختلف عن المشهد في‮ ‬1977،‮ ‬وبه تفاصيل مرعبة ومؤشرات حقيقية نحو المجهول القادم‮!!. ‬نحن الآن أمام وطن اصابه الوهن‮.. ‬والعجز والشيخوخة،‮ ‬حكومات متعددة مرت عليه استمدت مشروعيتها من ثورة‮ ‬يوليو التي‮ ‬أطلقت علي‮ ‬نفسها ضباط ثورة‮ ‬يوليو،‮ ‬ومؤسسات‮ ‬غيرت اسمها إلي‮ ‬الاتحاد القومي‮ ‬ثم الاتحاد الاشتراكي‮ ‬ثم حزب مصر العربي‮ ‬الاشتراكي،‮ ‬وأخيراً‮ ‬وليس بآخر اختارت اسم الحزب الوطني‮.‬

شعب تحت خط الفقر

وبناءً‮ ‬علي‮ ‬ما سبق فالمشهد المصري‮ ‬اليوم ومع بداية عام‮ ‬2011‮ ‬وبعد‮ ‬3‮ ‬أيام ستحل ذكري‮ ‬أحداث انتفاضة الخبز‮ ‬18‮ ‬يناير‮ ‬1977‮ ‬وتفاصيل المشهد المصري‮ ‬تقول في‮ ‬أحدث تقرير صادر عن مجلس أمناء هيئة الاستثمار في‮ ‬مصر‮: ‬إن متوسط دخل الفرد في‮ ‬البلاد‮ ‬يبلغ‮ ‬98‮ ‬جنيهاً‮ ‬للفرد شهرياً،‮ ‬فيما‮ ‬يبلغ‮ ‬خط الفقر‮ ‬164‮ ‬جنيهاً‮ ‬للفرد و656‮ ‬جنيهاً‮ ‬كدخل للأسرة شهرياً‮ ‬علي‮ ‬اعتبار أن متوسط عدد الأسرة‮ ‬4‮ ‬أفراد،‮ ‬فكم‮ ‬يكون عدد الواقعين تحت خط الفقر؟؟‮. ‬وهو ما أكده تقرير التنمية البشرية لمصر الصادر عام‮ ‬2010‮ ‬عندما صنف حوالي‮ ‬20٪‮ ‬من السكان ضمن الفئات الفقيرة التي‮ ‬تعاني‮ ‬من صعوبة في‮ ‬الالتحاق بالمدارس،‮ ‬واعتبر التقرير بطالة الشباب هي‮ ‬السمة الغالبة علي‮ ‬شكل البطالة في‮ ‬مصر وتشكل أكثر أنواع إقصاء الشباب خطورة فحوالي‮ ‬90٪‮ ‬من المتعطلين‮ ‬يقل عمرهم عن‮ ‬30‮ ‬عاماً،‮ ‬وقد زاد في‮ ‬السنوات الأخيرة معدل الانهيار الإقتصادي‮ ‬وغلق عشرات المنشأت الصناعية وزاد التضخم وأنخفضت القوي‮ ‬الشرائية للجنيه المصري،‮ ‬وانسحبت الدولة من أداء دورها الأساسي‮ ‬في‮ ‬توفير الغذاء والدواء وتحقيق الأمن للمواطنين وارتفعت أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني‮ ‬دون دعم رغم أن دخل المواطن لم‮ ‬يرتفع بنسبة‮ ‬10٪‮ ‬من زيادات الأسعار‮.‬

أما عن الفساد في‮ ‬العهد الحالي‮ ‬فحدث ولا حرج‮.. ‬فالكشف عن رموز من أفراد النخبة الحاكمة والمقربين الواحد تلو الآخر لم بعد مثيراً‮ ‬لاهتمام الناس إلي‮ ‬درجة أنه أصبح السلوك المتبع لدي‮ ‬المصريين،‮ ‬فالإحصائيات تقول‮: ‬إن هذا الخراب والذي‮ ‬تسببت فيه النخبة الحاكمة واتباعها والمقربون منها من بلوغ‮ ‬دين مصر الداخلي‮ ‬إلي‮ ‬495‮ ‬مليار جنيه وخارجي‮ ‬34‮ ‬مليار دولار،‮ ‬وأن نسبة الفقر وصلت إلي‮ ‬36٪‮ ‬من الشعب المصري‮ ‬تحت خط الفقر ودخلهم اليومي‮ ‬أقل من واحد دولار في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬قام عدد من رجال الأعمال الفاسدين بتهريب‮ ‬300‮ ‬مليار دولار خارج حدود البلاد طبقاً‮ ‬لإحصاءات مؤسسة الأهرام،‮ ‬وصعود سعر الدولار من‮ ‬70‮ ‬قرشاً‮ ‬عام‮ ‬1977‮ ‬إلي‮ ‬خمسة جنيهات وثمانين قرشاً‮ ‬عام‮ ‬2010،‮ ‬وإصابة‮ ‬7‮ ‬ملايين مصري‮ ‬أي‮ ‬نسبة‮ ‬11٪‮ ‬من المصريين بالسكر و20٪‮ ‬بالذبحة الصدرية خاصة في‮ ‬الشباب تحت الأربعين وتضاعفت الإصابة بمرض السرطان‮ ‬8‮ ‬أضعاف في‮ ‬الثلاث سنوات الأخيرة والتي‮ ‬تعتبر أعلي‮ ‬نسبة في‮ ‬العالم،‮ ‬و20٪‮ ‬آخرين مصابون بالالتهاب الكبدي‮ ‬وهي‮ ‬أيضاً‮ ‬أعلي‮ ‬نسبة في‮ ‬العلم أو نفس النسبة في‮ ‬الفشل الكلوي،‮ ‬ورغم اختفاء شلل الأطفال في‮ ‬العالم ما عدا سته دول للأسف مصر منها و إصابة‮ ‬20‮ ‬مليون مواطن بالاكتئاب النفسي‮ ‬و6‮ ‬ملايين بأمراض نفسية أخري،‮ ‬وهروب‮ ‬80٪‮ ‬من المصريين من همومهم الي‮ ‬التدخين وإثبات كل التقارير المصرية والعالمية أن مصر بها أعلي‮ ‬نسبة تلوث،‮ ‬وهذه الأمور دفعت مصريين إلي‮ ‬المحاكم لارتكابهم مشاكل وصلت إلي‮ ‬20‮ ‬مليون قضية بالمحاكم‮ ‬يعود بعضها إلي‮ ‬38‮ ‬عاماً‮ ‬لم‮ ‬يتم الفصل فيها حتي‮ ‬الآن‮ ‬،‮ ‬أو ارتفاع نسبة البطالة للقادرين علي‮ ‬العمل إلي‮ ‬29٪‮ ‬وانتحار‮ ‬3‮ ‬آلاف شاب سنوياً‮ ‬وطلاق‮ ‬40٪‮ ‬من حالات الزواج الرسمي‮ ‬سنويا،‮ ‬وإصابة‮ ‬9‮ ‬ملايين فتاة بالعنوسة منهن‮ ‬4‮ ‬ملايين فتاة فوق‮ ‬35‮ ‬عاماً،‮ ‬وهجرة‮ ‬4‮ ‬ملايين شاب للخارج منهم‮ ‬820‮ ‬ألفاً‮ ‬من الكفاءات في‮ ‬آخر احصاء عام‮ ‬2005‮ ‬وهم علماء في‮ ‬أخطر وأهم التخصصات،‮ ‬وأمية‮ ‬45٪‮ ‬من الشعب المصري‮ ‬رغم شهادات محو الأمية المضروبة،‮ ‬وانفاق‮ ‬6‮ ‬مليارات دولار سنوياً‮ ‬علي‮ ‬المخدرات بأنواعها،‮ ‬وتجريف مليون و‮ ‬200‮ ‬ألف فدان من الأراضي‮ ‬الزراعية الخضراء التي‮ ‬كانت قد وصلت مساحتها إلي‮ ‬6‮ ‬ملايين فدان‮.‬

وتضخم الفساد لأكبر حد ممكن وتنوع ما بين فساد سياسي‮ ‬عبر تزوير الانتخابات وانتهاكات

حقوق الإنسان المصري‮ ‬علي‮ ‬مختلف الأصعدة،‮ ‬وفساد اقتصادي‮ ‬في‮ ‬مجالات المحاباة والمجاملة لبعض المقربين من النظام سواء عن طريق تسهيلات خاصة تمنح لهم أو احتكارهم لعدد من المشاريع الأساسية أو تسهيلات للقروض بلا ضمانات،‮ ‬وفساد في‮ ‬البنوك ونظم الائتمان وتهريب الأموال للخارج عبر القنوات المصرفية الرسمية،‮ ‬وفساد في‮ ‬قطاع الزراعة والذي‮ ‬تميز في‮ ‬مجال المبيدات المنتهية الصلاحية والقضاء علي‮ ‬محاصيل زراعية هامة ورئيسية بمصر مثل القطن وإهمال محصول القمح والذرة وتدمير عدد من السلع المهمة للاقتصاد المصري،‮ ‬وفساد بوزارة الداخلية بدءاً‮ ‬من طرق الالتحاق بكليات الشرطة بالواسطة أو المبالغ‮ ‬المالية الطائلة أو موافقة الجهات الأمنية علي‮ ‬أي‮ ‬شاغر اي‮ ‬وظيفة والتعذيب وأحياناً‮ ‬لقتل داخل أقسام الشرطة و تورط عدد من القيادات الأمنية في‮ ‬التعاون والتسهيل للكثير من الأعمال الممنوعة،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬أنه لا تمضي‮ ‬أيام كثيرة إلا ويكشف الاعلام عن قضايا الفساد والرشوة‮ ‬يكون المتهم فيها اما وزيراً‮ ‬أو مساعدي‮ ‬الوزير أو أفراد مكتبه،‮ ‬وفقا لما ذكره الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الادارية أن الموظف في‮ ‬مجال الخدمات الذي‮ ‬يتقاضي‮ ‬5‮ ‬جنيهات رشوة ويتعامل مع أكثر من‮ ‬65‮ ‬ألف مواطن سنوياً‮ ‬هذا‮ ‬يعني‮ ‬أنه‮ ‬يتحصل علي‮ ‬300‮ ‬ألف جنيه في‮ ‬العام الواحد‮.‬

أما المشهد السياسي‮ ‬فهو المشهد الأكثر سخونة،‮ ‬فالنظام‮ ‬يعيش حالة من شخصنة النظام واختصاره في‮ ‬شخص واحد،‮ ‬فهو الوحيد الذي‮ ‬يملك الحل والربط،‮ ‬وحوله نخبة حاكمة أساءت إلي‮ ‬سمعة مصر ولعبت سياسة من النوع القذر الذي‮ ‬دفع مصر إلي‮ ‬الهوية وشوه سمعتها داخلياً‮ ‬وخارجياً،‮ ‬فقد تمكن الحزب الوطني‮ ‬بمساعدة النظام الحاكم من تزوير ثلاثة انتخابات متتالية بدأتها بالمحليات ثم مجلس الشوري‮ ‬ثم مؤخراً‮ ‬مجلس الشعب،‮ ‬حيث كان التزوير فاضحاً‮ ‬سافراً‮ ‬بلا حدود وتمكن أحمد عز وجمال مبارك ومجموعته أن‮ ‬يقصوا المعارضة ويستبعدوها عن المشهد السياسي‮ ‬تمهيداً‮ ‬لانتخابات الرئاسة هذا العام في‮ ‬جو ساخن جداً‮ ‬وتلمحيات بأن القصر‮ ‬يستعد للوريث وهذا هو السيناريو المحتمل لوجود عدة شواهد وهي‮ ‬سفر‮ »‬جمال‮« ‬لأمريكا ولقاؤه عدداً‮ ‬من المسئولين الأمريكيين هناك،‮ ‬وسفره لفرنسا ولقاؤه بالرئيس الفرنسي‮ »‬ساركوزي‮« ‬ولقاؤه إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل السابق علي‮ ‬هامش منتدي‮ ‬دافوس في‮ ‬مؤشر للبحث عن دور في‮ ‬الملف الخارجي‮ ‬والداخلي،‮ ‬لذلك لعب النظام بكل أجهزته ووضع الحزب الوطني‮ ‬في‮ ‬الصورة وشخص أحمد عز ليرتكب أكبر مذبحة للمعارضة المصرية في‮ ‬الانتخابات البرلمانية الماضية وقبلها الشوري‮.‬

أيضاً‮ ‬تصاعدت في‮ ‬الآونة الأخيرة الحركات الاحتجاجية والمظاهرات والاعتصامات والاضرابات إلا أنها لا تزال لم تصل لمرحلة النضج بعد للحد الذي‮ ‬يشير إلي‮ ‬تكرار مظاهرات‮ ‬18‮ ‬يناير‮ ‬1977،‮ ‬إلا أن المؤشرات تقول‮: ‬إن مصر تستعد لحدث أكبر من‮ ‬18‮ ‬يناير،‮ ‬حيث تشهد أكبر عدد من المظاهرات والاحتجاجات وكذلك خلق كيانات موازية كثيرة مثل نقابة الصحفيين في‮ ‬عام‮ ‬2000‮ ‬والبرلمان البديل والاتحادات الطلابية البديلة والنقابات المالية الموازية،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬الاحتقان الداخلي‮ ‬من الضغط الحكومي‮ ‬علي‮ ‬المواطن سواء في‮ ‬لقمة عيشه أو عمله أو ممارسة حقوقه المشروعة‮.‬

فالحقيقة أن مصر تزحف نحو ثورة كبيرة تتشابك فيها كل هذه الكيانات الموازية والحركات الاحتجاجية والطبقة المطحونة في‮ ‬مصر‮ »‬الوسطي‮ ‬سابقاً‮«.‬