دولة الفساد .. تنهار
الفساد ونهب ثروات المصريين وعلي رأسه فساد المحليات هبط بالشعب المصري إلي الحضيض في مستوي كل الخدمات بل والاحتياجات الاساسية،
سياسيون وبرلمانيون وقانونيون أكدو لـ »الوفد« أن ارتفاع حجم الفساد في المحليات يزيد علي 4.5 مليار جنيه خلال الفترة الماضية مما يشكل إهداراً للمال العام فأين ذهب هذا المال الذي استباحه موظفو الأحياء والمحليات مستغلين حاجة المواطن المصري للحصول علي حقه وبما ذا ترد حكومة الفشل والفقر والفساد علي ما كشفته تقارير منظمة الشفافية الدولية من أن ثلث المصريين يتعاملون بالرشوة وماذا فعل المسئولون لإصلاح الأوضاع في ظل ما كشفته الدراسة التي أجراها مركز المعلومات بمجلس الوزراء حول فشل المجالس المحلية بالمحافظات؟قبل فترة أعلنها صريحة الدكتور زكريا عزمي »الفساد في المحليات بلغ الركب« في اشارة منه إلي ضرورة مواجهة قضية فساد المحليات وأضاف البرلماني المخضرم : »نحن نطالب المحليات بأن تشد حيلها البلد.. مش ناقصة« ورغم هذه الضيحة البرلمانية إلا أن الحكومة لم تحرك ساكناً لمواجهة هذا الفساد والدليل علي ذلك أن الفساد في المحليات لم يصل حالياً إلي »الركب فقط« بل وصل إلي »العنق« وأكبر دليل علي ذلك ما سبق ان كشفته تقارير الرقابة الإدارية وكذلك النيابة الإدارية في عام 2008 عن ضبط 73 ألف قضية ضد مسئولين بالجهاز الإداري للدولة تتعلق باختلاس المال العام والاستيلاء عليه والرشوة والتزوير. كما اشارت بعض الإحصائيات إلي أن مقدار الرشوة المدفوعة في المحليات يصل إلي مليار جنيه سنوياً بمعدل 3 ملايين جنيه يومياً. ومما يلفت النظر هو ما أعده الباحث عبدالخالق فاروق من دراسة كشف فيها عن عرف سائد يسمي بـ »عمولات الكبار« والمقصود بهم كبار المسئولين والذين يحصلون علي أكثر من 500 مليون جنيه سنويا في عمليات التوقيع والصفقات والمناقصات كما كشف تقرير سابق للجهاز المركزي للمحاسبات أن الفساد في المحليات أهدر 574 مليون جنيه في عام 2006 داخل 16 محافظة فقط علي مستوي الجمهورية، وفي نفس الإطار رصدت بعض التقارير أن قضايا الرشوة التي تم ضبطها، داخل المحليات حتي عام 2008 لا تمثل أكثر من 5٪ فقط من اجمالي حالات الرشوة وان أكثر من 95٪ من الحالات لا يتم ضبطها أما تقارير التنمية البشرية للعام الماضي، فقد اشارت إلي فساد إدارات مصر المحلية بسبب اختراق الحزب الوطني لها، ووفق تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات فقد بلغ حجم الفساد بالمحليات إلي 390 مليون جنيه في عام واحد، بالاضافة إلي إحالة ما يزيد علي 54 ألف مهندس في الإدارات الهندسية بالمحافظات والمدن والأحياء لتحقيقات لنيابة الإدارية والعامة ويعرض تقرير آخر للجهاز للمبالغ المهدرة موزعة علي القطاعات »إهدار المال العام« فعلي سبيل المثال قطاع الوحدات المحلية بلغ إجمالي المبالغ المهدرة في القطاع 431 مليونا و419 ألفا و494 جنيهاً. وحول آخر تصنيف شرائح الموظفين العموميين بالدولة مرتكبي جرائم الفساد بالمحليات حيث بلغ عددهم الإجمالي 275 موظفا بواقع 186 من كبار الموظفين و89 من صغار الموظفين والخطير هو الاستجواب الأخير الذي تقدم به نائب التجمع عبدالحميد كمال عن ارتفاع حجم الفساد إلي مايزيد علي 4.5 مليار جنيه خلال الفترة الماضية مما يشكل إهدارا للمال العام وقال ان هذا الأمر أدي إلي انخفاض وتدني مستوي الخدمات في المحافظات وحمل نائب التجمع الحكومة مسئولية فساد المحليات وإهدار المال العام ولكن لماذا المحليات.. عن هذا السؤال يجيب اللواء مصطفي عبدالقادر ـ وزير التنمية المحلية السابق ـ قائلاً : ربما كان هناك تركيز علي الفساد بالاخص في المحليات بسبب تعاملها المباشر واليومي مع المواطنين سواء في استخراج التراخيص أو في مجال الصحة التعليم ـ إلخ ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد شرفاء في المحليات .. ويري أن مواجهة الفساد تبدأ عن طريق اختيار العناصر أو القيادات السليمة مع تعزيز قيم الشفافية والمساءلة في جميع القطاعات وشدد اللواء عبدالقادر علي اهمية أن يكون هناك منفذ واحد لحصول المواطن علي الخدمات الإدارية مع تعريفه مسبقاً بالمستندات المطلوبة منعا لأية تجاوزات كما يجب إعداد القيادات وحسن تدريبهم وتنمية مهاراتهم مع تطبيق اللامركزية خاصة مع تغيير قانون الإدارة المحلية فهذا الأمر من شأنه تحجيم أي نوع من الفساد.
تدني الأجور
المستشار الخضيري ـ نائب رئيس محكمة النقض السابق والمحامي بمحكمة النقض العالي ـ يرجع فساد المحليات إلي تدني مستوي
انعدام الأخلاق
ويقول رجب حميدة ـ نائب حزب الغد إنه سبق وتقدم باستجواب عن فساد المحليات عام 2007 وقام بتجديده عام 2008 ولكنه ظل حبيساً للأدراج وكشف فيه عن إهدار مليار و600 ألف جنيه بسبب الفساد المالي والإداري في وحدات المحليات علي مستوي الجمهورية. أما عن اسباب الفساد فيقول : لا شك ان الانعدام الأخلاقي والقيمي لدي الموظفين هو الدافع وراء قبولهم الرشوة، فضلا عن ضعف المرتبات والحوافز في كل القطاعات، خاصة أن وحدات الحكم المحلي تتشكل من أقسام متعددة منها القطاع الهندسي الذي يقوم بكافة الأعمال المتعلقة بتراخيص البناء وهو من أكبر القطاعات التي يحدث بها الرشوة والفساد، ثم قطاع إصدار التراخيص للمحلات، فقطاع الأملاك وهو قطاع مسئول عن تخصيص أراضي الدولة ومتابعة الاعمال التي تتم فيها.
ويستطرد رجب حميدة : هؤلاء العاملون بهذه القطاعات نجد رواتبهم ضعيفة ومتدنية ويتحملون أعباء أسرية كبيرة تفوق هذه الرواتب التي يحصلون عليها. أما فيما يتعلق بعمل وحدات الحكم المحلي ذاتها كأعمال الرصف، الإنارة وكافة الأعمال الاخري التي تقوم بها جهات المحافظة، نجد المقاولون الذين يتلقون من أموالا من الدولة للقيام بتلك الأعمال لا يقومون بها حسب المواصفات الهندسية.
غياب سلطة المراقبة
ومن هنا والحديث لـ » حميدة« ينشأ الفساد من الناحية الفنية فنجد المقاول يدفع الرشوة مقدماً، فيغمض المسئولون عيونهم ويقفون ضد ملاحقة هؤلاء المقاولين ولا مانع من أن يتم أيضا ترسية أعمال المقاولات بغير تكلفتها الحقيقية بل أكثر بكثير علي بعض المقاولين بعينهم وبذلك تضيع علي الدولة أموالا طائلة بعد كل ذلك .. أليس طبيعيا ان يحدث انهيار للعمارات والطرق ونري فساداً في كل شيء .. كل هذا الكلام تثبته تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وكافة الأجهزة الرقابية .. إن الأمر خطير ويستوجب تعديل قانون المحليات بحيث يصبح لأعضاء المجالس المحلية سلطة المراقبة ولكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هل إذا تم تعديل القانون، سيستخدمه الأعضاء في سحب الثقة من المحافظين ورؤساء الأحياء أم سيظل الحال كما هو عليه الآن؟!