عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

متسولون بأمر الحكومة‮!!‬

في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة في شعارات وتصريحات تبدو وردية عن إيجابيات النمو الاقتصادي والاستثماري وارتفاع مستوي المعيشة والحد من البطالة وتوفير فرص العمل وزيادة الرواتب،‮ ‬نجد الواقع يخالف ذلك تماماً،‮ ‬فقد أصبح الوضع الاقتصادي في مصر من سييء لأسوأ،‮ ‬مما يهدد بثورة الجياع أو يهدد بتكرار ما حدث من قبل في تونس ويحدث اليوم في الجزائر،‮ ‬فقد انتشرت ظاهرة التسول في جميع أنحاء مصر،‮ ‬إلي أن أصبحت من أكثر الظواهر خطراً‮ ‬علي المجتمعات‮.‬

الجديد اليوم هو اقتحام فئات جديدة الظاهرة مثل‮: ‬العاملين بالشركات الحكومية والخاصة،‮ ‬وعمال شركات النظافة والباعة الجائلين وسايس السيارات وعساكر الشرطة،‮ ‬بعد أن فشلت كل محاولات الاعتصام والاحتجاج في زيادة الأجور،‮ ‬وفي المقابل نجد قيادات الحزب الوطني والنظام الحاكم يقطنون الفيللات والقصور في المدن الجديدة وأمام منازلهم أفخم السيارات،‮ ‬وتفوح من ثيابهم روائح أفخر العطور،‮ ‬علي عكس معدومي ومحدودي الدخل الذين يتخذون التسول حرفة يومية ووسيلة لكسب رزقهم،‮ ‬فقد أصبح التسول ظاهرة عامة في كل مكان امتد من الأطفال دون سن البلوغ‮ ‬حتي الشباب وكبار السن،‮ ‬وقد تم استغلال الأطفال بسبب ظروف الفقر والعوز في التسول لحل مشاكلهم المادية،‮ ‬حيث حرموا من كل حقوقهم الإنسانية،‮ ‬فاكتسبوا عادات شاذة لا تنسجم مع طفولتهم البريئة‮.‬

وللمتسولين أساليبهم المختلفة في استجداء وابتزاز الإحسان الذي عادة يقدمه البعض من أصحاب القلوب الرحيمة أملاً‮ ‬في الحصول علي البركة والثواب،‮ ‬إننا أمام خطر اسمه التسول وهو خطر لا يمكننا إنكاره،‮ ‬أو تجاهله،‮ ‬بل يظل وصمة عار في وجه مصر،‮ ‬التي أصبحت تتضاءل أحلام أبنائها إلي مجرد تأمين لقمة العيش وتوفير جرعة ماء نقية،‮ ‬بعد أن كشفت تقارير ميدانية صعوبة الحصول علي رغيف الخبز المدعم،‮ ‬إن‮ ‬46٪‮ ‬من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافي لأفرادها،‮ ‬فلم يجد هؤلاء أمامهم سوي التسول لسد رمق الأفواه الجائعة‮.‬

‮»‬الوفد‮« ‬قامت بعدة جولات في الدقي والجيزة وأم المصريين وبولاق الدكرور ووكالة البلح والمهندسين لرصد مأساة متسولي مصر من محدودي ومعدومي الدخل لتهديها للحزب الوطني‮.‬

وخلال جولتنا في هذه المناطق لاحظنا الحياة البائسة التي يعيشها ملايين المصريين،‮ ‬حيث يعانون البؤس والحرمان ويفترشون الأرض آخذين السماء‮ ‬غطاء لهم في مشهد حزين يعبر عن آلامهم وفقرهم وحرمانهم،‮ ‬فهم يسيرون حفاة القدمين وعراة أو يرتدون بقايا ملابس رثة،‮ ‬وهم محرومون من كل شيء،‮ ‬اتخذوا التسول حرفة لهم لتدبير قوت يومهم،‮ ‬غابت الابتسامة عن وجوه الأطفال ليحل محلها القلق والخوف من المستقبل في انتظار مصيرهم المجهول،‮ ‬فقد تحولت ظاهرة التسول إلي كارثة تفتح أبوابها لموظفي الحكومة من محدودي الدخل‮.‬

وانتقلت الظاهرة إلي العاملين بشركات النظافة والباعة

الجائلين وسايس السيارات وعساكر الشرطة وغيرهم،‮ ‬فعندما نسير في الشارع المصري نجد تلميحات من الأفراد متمثلة بعبارة‮ »‬كل سنة وأنت طيب‮«‬،‮ ‬بل إن بعضهم يلجأ إلي اصطناع العاهات ليحترفوا المهنة،‮ ‬نظراً‮ ‬لأموالها الكثيرة والوفيرة بدون تعب أو مشقة‮.‬

وعبرت روحية‮ »‬متسولة‮« ‬قابلناها بجوار سور حديقة الحيوان،‮ ‬قائلة‮: ‬ما باليد حيلة‮. ‬أولادي تركوني لوحدي،‮ ‬ولا يوجد لدي مورد رزق لكي أحصل منه علي راتب ثابت يساعدني علي العيش وشراء احتياجاتي وأعيش حالياً‮ ‬علي صدقات أهل الخير،‮ ‬وأتمني أن ينظر الآخرون إلينا نظرة عطف ورحمة بنا،‮ ‬وهذا ما أكده متسولون آخرون بشارع ربيع الجندي بجانب مجمع محاكم الجيزة وبمحطة التأمينات بجانب المركز القومي للبحوث وبأسفل كوبري الدقي،‮ ‬وأيضاً‮ ‬بآخر كوبري مايو من ناحية وكالة البلح وبميدان لبنان بالمهندسين ينتظر المتسولون من الرجال والسيدات الذين يفترشون الأرض لبيع المناديل في انتظار مد يد المساعدة لهم‮.‬

وعندما اقتربنا من إحداهن وتدعي‮ »‬رضا‮« ‬وتجلس أسفل كوبري الدقي،‮ ‬ورغم أن كلامها كان قصيراً،‮ ‬إلا أن ملامحها كانت توحي بكلام كثير عن مستقبل مظلم وحياة بلا معني أو أمل في حياة كريمة‮.. ‬فهي تعيش علي مساعدات أهل الخير وكل ما تتمناه،‮ ‬ألا تتعرض لمزيد من المذلة في أيامها الأخيرة،‮ ‬وقالت‮: ‬إذا كانت الحكومة قد تخلت عنا،‮ ‬فمن خلقنا لن ينسانا‮.‬

وبامتداد كوبري مايو ابتداء من أمام نادي الزمالك إلي آخر الكوبري ينتشر عمال شركات النظافة يهمسون بتلميحات متمثلة في عبارة‮ »‬كل سنة وأنت طيب‮« ‬و»الحدق يفهم طبعاً‮« ‬هؤلاء المتسولون وما أكثرهم يمكن بمبالغ‮ ‬قليلة تجنيدهم أو شراء عقولهم لخدمة أية أهداف خارجية لزعزعة أمن هذا الوطن واستقراره،‮ ‬فكيف لمواطن فشلت حكومته في توفير قوت يومه له أن يدين بالولاء لهذا الوطن‮.‬

نحن ندق ناقوس الخطر‮!‬