رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كيف تصبح الشرطة في خدمة الشعب؟!

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وثيقة مرجعية حول «كيف تصبح الشرطة في خدمة الشعب» من خلال 5 مبادئ مهمة استقاها الباحث الدكتور سعيد

المصري من المواثيق الدولية والتجارب المختلفة الخاصة بدول الاتحاد الأوروبي والتي تعمل أجهزة الشرطة بموجبها في المجتمعات الديمقراطية، فالشرطة تعد بشكل عام واحدة من الهيئات التنفيذية في أية حكومة وتختص بتحقيق الأمن في المجتمع وهي بذلك لا تختلف عن أي هيئة تنفيذية أخري تلبي حاجات المواطنين الأساسية كالتعليم والصحة والمرافق العامة. ورجل الشرطة يشبه أي موظف عام يعمل لدي الحكومة ويكتسب قدراً من الهيبة الرسمية والمكانة. ويفترض في رجل الشرطة أنه موظف عام يؤدي خدمة للشعب ويحصل من الشعب في المقابل علي أجره.
والفارق الأساسي بين الموظف العام في مجالات التعليم والصحة وبين رجل الشرطة، أن الأخير يمتلك قدراً من سلطة الدولة، خاصة حين يتطلب عمله توقيف الأشخاص وملاحقتهم والتحقيق معهم واحتجازهم عند وقوع جرائم. وهذه الخاصية جعلت من العمل في الشرطة مجالاً للتجاوزات وإساءة استخدام القوة، لاسيما حين تكون الشرطة في وضع استثناء من المساءلة القانونية، ويؤدي ذلك في ظل النظم الاستبدادية إلي إغراء وتوظيف قوة الشرطة ضد الناس لصالح نظم الاستبداد السياسي بحيث تتحول مهمة الشرطة، وتعكس الشرطة في أدائها حسبما تذكر الوثيقة المرجعية التي أصدرها مركز المعلومات بمجلس الوزراء، السياق الاجتماعي والسياسي الذي تعمل فيه، ففي المجتمعات التي تحكم بالنظم الاستبدادية تميل الشرطة إلي النزعة التسلطية وإقرار النظام والأمن بالقوة واستخدام العنف دفاعاً عن نظام الحكم السائد. أما في المجتمعات الديمقراطية فتعمل الشرطة علي تحقيق الأمن من منظور خدمي بحيث تحقق الأمن والاستقرار في إطار حماية حقوق الإنسان وحماية الحريات وضمان ممارسة الناس لحقوقهم السياسية استناداً إلي سيادة القانون والعمل بمقتضي الدستور والمواثيق الدولية، كانت الشرطة في مصر تعمل في إطار استبدادي، فقد ساهمت ممارساتها العميقة والفاسدة علي مدي سنوات كثيرة في انهيار ثقة الناس في الحكومة، كما ساهمت تلك الممارسات أيضاً في تعبئة طاقة الغضب لدي حشود كثيرة من الجماهير. اندلعت بقوة في مواجهات دامية منذ 25 يناير عام 2011 وما بعدها حتي توج ذلك بتنحية رئيس الجمهورية عن السلطة ومحاكمته بالفساد وأعوانه من قيادات الشرطة ذاتها.
وفي فبراير 2011 صدر قرار وزير الداخلية بتغيير شعار الشرطة من «الشعب والشرطة في خدمة الوطن» ليحل محله «الشرطة في خدمة الشعب». ليبدأ جهاز الشرطة في مرحلة جديدة من تاريخه تقتضي عمليات تطوير وإصلاح من الداخل للعمل في إطار يقوم علي الديمقراطية والنزاهة وسيادة القانون وعدم التدخل في الشأن السياسي.. ومع ذلك فإن العمل بموجب شعار الشرطة في خدمة الشعب يقتضي بطبيعة الحال تصوراً واضحاً عن طبيعة جهاز الشرطة ومقومات عمله في المرحلة القادمة بما يهيئ أفراده للعمل في ظل مناخ ديمقراطي مرتقب.
حاول برنامج القضايا الاجتماعية بمركز المعلومات من خلال هذه الوثيقة تقديم قراءة لبعض التجارب الدولية ليستخلص منها مجموعة من المبادئ التي تعمل بموجبها أجهزة الشرطة في المجتمعات الديمقراطية واعتبار تلك المبادئ وثيقة مرجعية يمكن العمل بمقتضاها بدلاً من المبادئ التي كانت تحكم عمل الشرطة في خدمة الحاكم.
تفيد الوثيقة في فهم الفروق الجوهرية بين وضع الشرطة في مصر قبل 25 يناير 2011 والتصور المفترض تحقيقه للشرطة مع التحول الديمقراطي في مصر، تقوم الوثيقة علي رؤية محورية مؤداها: «أن عمل الشرطة في خدمة الشعب يقتضي تحول التوجه الأمني من الطابع التسلطي إلي الطابع الخدمي، الذي يعني أن الشرطة ليست سلطة بقدر ما هي خدمة عامة للجميع الحق فيها دون تفريق أو تمييز.
تقدم الوثيقة تصوراً لأهم المبادئ التي تعمل بمقتضاها أجهزة الشرطة في المجتمع الديمقراطي من واقع قراءة وثائق ومدونات وتشريعات دول الاتحاد الأوروبي، فيما تطرحه من مقومات عمل الشرطة. وتعرض الوثيقة 5 مبادئ أساسية وضرورية تحدد الإطار الديمقراطي لعمل الشرطة وهو التمسك بسيادة القانون والدور الاجتماعي للشرطة وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم ودور الشرطة في مواجهة الفساد وقواعد التنظيم الجيد والإدارة الفعالة لجهاز الشرطة.

التمسك بسيادة القانون
يحتاج المبدأ الأول إلي عدة قواعد إجرائية منها: ضرورة إقرار سياسات تحكم عمل الشرطة وسلوكها بوضوح ودقة بما يتفق مع الدستور والمعايير الدولية المنظمة لعمل الشرطة ولا تسمح بالالتباس.
كما يتطلب أن تعكس السياسات والتشريعات القيم الديمقراطية للشرطة والأهداف التي تقوم عليها الشرطة وإتاحة التشريعات والسياسات للجمهور بحيث يستطيع كل المواطنين الاطلاع عليها بجميع وسائل النشر المتاحة الورقية والإلكترونية وصنع إطار قانوني منظم لاستخدام القوة ضمن سياسات الشرطة محدداً طبيعة استخدام القوة في الجرائم الجنائية، خضوع أفراد الشرطة للتشريعات المدنية بصفتهم مواطنين عاديين يخضعون لنفس التشريعات التي يعامل بها المواطنون. الخضوع للمساءلة القانونية عن أي انتهاكات والتدخل الفوري مع أي موقف ينتهك فيها القانون. التحقق من الصفة القانونية لأية مهام أو أعمال مطلوبة قبل البدء في تنفيذها.
ويطالب المبدأ الأول بضرورة الالتزام بالقانون بغض النظر عن مكانة المشتبه به أو انتمائه العائلي والمؤسسي والتنظيمي والسياسي. وخضوع أفراد الشرطة لقيود القانون فقط والذي يضمن اعتراف الشرطة بحقوق الغير وحرياتهم واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والصالح العام والمعايير الأخلاقية السائدة في المجتمع.
وأشار الباحث في الوثيقة إلي مبادئ عمل القائمين علي تنفيذ القانون وفقاً لإعلان الأمم المتحدة الصادر في 17 ديسمبر 1979 الذي يرفض استخدام القوة إلا في حالة الضرورة القصوي وفي الحدود اللازمة لأداء واجبهم مع ضرورة احترام أفراد الشرطة للكرامة الإنسانية وحمايتها والمحافظة علي حقوق الإنسان.
وشددت مبادئ الأمم المتحدة علي عدم جواز ممارسة أي شرطي لأي من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة أو التحريض عليها أو التغاضي عنها. وعدم جواز التذرع بأوامر عليا أو بظروف استثنائية لتبرير التعذيب أو غيره من المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير إنسانية أو مهدرة للكرامة.

حماية حقوق المواطن
يتناول المبدأ الثاني القواعد الإجرائية المطلوبة لحماية حقوق المواطنين الإنسانية والحريات. وتتضمن منع الشرطة أية محاولات لاستخدام النفوذ والوساطة أو المحسوبية في الحصول علي الخدمات والحقوق العامة التي نصت عليها المواثيق الدولية.
الاعتراف بالحريات العامة واحترامها وحمايتها بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي والانتماء للأحزاب والحركات الاجتماعية والجمعيات الأهلية والانخراط في الأنشطة التطوعية. حظر كافة جوانب التمييز في المعاملة بحسب النوع والعرق والدين واللغة والمكانة الاجتماعية. وعلي أفراد الشرطة العمل علي منع صور التمييز وألا يكونوا هم أنفسهم وذووهم ممن يمارسونها صراحة أو ضمناً في الحياة اليومية لضمان عدم إشاعة الفرقة المجتمعية وتفتيت النسيج المجتمعي.
كما يتطلب المبدأ الثاني ضرورة الالتزام بالنزاهة في عملية التحقيقات التي تجري مع المواطنين سواء كانوا شهوداً أو ضحايا أو مشتبه بهم. وطالبت الوثيقة في هذا الإطار بضرورة التزام ضباط الشرطة بحقوق من يتم التحقيق معهم. ويوضحوا لهم طبيعة حقوقهم من خلال إجراءات التحقيق مع ضمان حصول الخاضعين للتحقيق علي تلك الحقوق مثل الحق في توكيل محام للدفاع عنهم وحقهم في طلب الفحص الطبي. ضرورة خلو لغة التحقيقات من أي استعلاء، وألا تمس الكرامة الإنسانية بأي سوء ولا تحمل أي اتهامات صريحة. تجنب التدخل في الأمور الشخصية كالحياة الخاصة أو الحياة الأسرية للذين تجري معهم التحقيقات مع ضرورة الحفاظ علي سرية المعلومات والوثائق التي يتم الحصول عليها خلال التحقيقات. تجنب إجبار المحتجزين أثناء التحقيق معهم علي الاعتراف بما اقترفوه من ذنب مع ضرورة التأكد أن الجاني في حالة وعي كامل وليس تحت تأثير المخدرات أو الكحوليات ضماناً لسلامة عملية التحقيق. وعلي الشرطة التعامل مع كل صور التعذيب باعتبارها جرائم يعاقب عليها قانونًا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. مراعاة مبدأ سرية البيانات التي تم جمعها في التحقيقات ولا يسمح بالاطلاع عليها إلا لأشخاص أو جهات موثوق فيها وبطريقة رسمية. الامتناع عن استخدام الأجهزة التكنولوجية الحديثة في انتهاك الحياة الشخصية للمواطنين دون إذن قضائي. احترام حقوق المحتجزين الإنسانية وكرامتهم. الالتزام بالشروط الواجبة قبل استخدام الشرطة للقوة وأهمها إدراك المعايير المهنية التي تحكم استخدام القوة وكيفية استخدام السلاح وأساليب حل النزاعات سلمياً وكيفية التفاوض والوعي بثقافة الحشود والأبعاد النفسية المرتبطة بتجمعات البشر.
وطالبت الشرطة بأن تولي اهتماماً خاصاً في تحقيقاتها لبعض الفئات التي تحتاج إلي الدعم المعنوي كالأطفال والأحداث وذوي الإعاقة والنساء خاصة عند حوادث التحرش وكبار السن. توفير دعم اجتماعي لضحايا الجرائم من الأطفال والنساء والمرضي المعاقين وكبار السن وأسر المسجونين أو أسر المجني عليهم.
واهتم المبدأ الثاني بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة لحماية الشهود مثل عدم إبلاغ أية جهة بمضمون الشهادة التي تم الحصول عليها من الشهود، مما كانت طبيعة هذه الجهة وثقلها الاجتماعي والسياسي. تغيير هوية الشهود والأفراد المقربين لهم والأماكن التي يسكنون فيها بغرض الحماية القانونية. حمايتهم بحراس شخصيين بالإضافة إلي وسائل الحماية الجسدية حفاظاً علي حياتهم. منع استخدام طرق التهديد أو مساومتهم علي الإدلاء بأقوال وشهادات محددة أو العقاب الفوري.
وأوضحت الوثيقة المعايير الملزمة للشرطة وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تمنع من استخدام القوة والعنف والتعذيب والمعاملات الوحشية. وتؤكد براءة المتهم حتي تثبت إدانته وضرورة حماية حياته الشخصية وأسرته ومراسلاته من التدخل التعسفي، كما أبرزت الوثيقة المرجعية مواد اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

الشعور العام بالأمن
تناول المبدأ الثالث أهمية تبني الشرطة لمبدأ الشراكة المجتمعية الفعالة لتحقيق الشعور العام بالأمن. وتطلب ذلك التخلي عن المعني الضيق لوظيفة الشرطة التي تقتصر علي مجرد التصدي للجريمة. والاهتمام بالأمن المجتمعي وليس السياسي بحيث تقدم الشرطة خدماتها الأمنية لتضمن للمواطنين نيل حقوقهم المدنية والسياسية دون التدخل في الشأن السياسي لصالح السلطة الحاكمة أو الحزب الحاكم. عدم التركز الجغرافي لأجهزة الشرطة ضماناً لتحقيق الانتشار الواسع لجميع خدمات الشرطة وطالبت الوثيقة بضرورة تقسيم المدن والقري إلي مناطق بري يتم فيها تواجد أمني مركزي للإشراف علي الأمن وتقسيم المناطق الكبري إلي وحدات جغرافية صغيرة لكل وحدة منها قوة شرطية تعمل علي تحقيق الأمن بها، بحيث يشعر الناس بتواجد أمني واضح يمكن الوصول إليه بسهولة.
وطالبت الوثيقة ضرورة التخلص من الطابع البيروقراطي والمبالغات الأمنية في كثرة وتعقيد إجراءات التعامل مع المواطنين والعمل علي تخفيف المعاناة عنهم عن الحصول علي الخدمات التي تقدمها الشرطة. سهولة اتصال ضباط الشرطة بالمواطنين وإذابة المسافة الاجتماعية التي قد تزيد الفجوة بينهما مع ضرورة الحفاظ علي هيبة الشرطة.
وأشارت الوثيقة إلي أن العمل الوقائي لمنع حدوث الجريمة هو معيار مهم في الحكم علي كفاءة الدور المجتمعي للشرطة في تحقيق الأمن وتبديد المخاوف السائدة بين المواطنين الاستجابة السريعة للبلاغات المقدمة من جميع المواطنين وتقديم المساعدة الفورية لهم وبصورة متساوية وغير منحازة. الاعتماد علي دوريات الشرطة المباشرة التي تتم في الشوارع سيرًا علي الأقدام بدلاً من استخدام السيارات لتحقيق عملية الاتصال المباشر والفعال مع المواطنين، خاصة في الأماكن العامة كمراكز التسوق التجارية والحدائق العامة والمناطق السكنية.
وطالبت الوثيقة بضرورة التكامل مع الجهود المجتمعية في تحقيق الأمن بحيث تشكل الشرطة جزءاً من الجهود العامة التي يبذلها المجتمع لتعزيز الحماية القانونية وترسيخ الشعور بالأمن، وإشراك المواطنين في مناقشة الأوضاع الأمنية التي تخص مجتمعاتهم المحلية وتبادل الرأي بشأنها للحصول علي المساندة المجتمعية لمهام الشرطة.
كما طالبت الوثيقة بعد لقاءات جماهيرية وورش عمل مع نواب المجالس البرلمانية وقادة المجتمع المدني للتعرف علي الاحتياجات الأمنية للمواطنين وأولوياتها يمكن للشرطة استخدام المسوح الميدانية واستطلاعات الرأي للتعرف علي احتياجات المواطنين وإتاحة نتائجها للجمهور بتوسيع مجالات الشراكة المجتمعية بين المواطنين والشرطة في مجال تحقيق الأمن بحيث لا تحتكر الشرطة الوظيفة الأمنية من خلال منح المواطنين الراغبين في التعاون مع الشرطة الحق في حماية أحيائهم - مثل اللجان الشعبية التي كانت أثناء الثورة - من خلال مساعدة الشرطة في الدوريات الأمنية، تسهيل عملية الاتصال بالشرطة للإبلاغ عن الحوادث والجرائم، قبول المتطوعين، الاستعانة بذوي الشأن في المجتمعات المحلية للقيام بدور مؤثر في حل المشكلات المرتبطة بالنزاعات عموماً ومنهم كبار السن وكبار العائلات ورجال الدين والقيادات الشعبية من أعضاء المجالس النيابية وقادة المجتمع المدني، دون تدخل هؤلاء الأشخاص في عمل الشرطة أو تعطيلها عن تنفيذ القانون تمكين سكان الأقليات كسكان البدو والنوبة وبعض الطوائف الدينية والفقراء المهمشين من تحديد احتياجاتهم وضمان تلبيتها بوصفهم مواطنين يتمتعون بذات الحقوق المدنية المنصوص عليها في الدستور والقانون ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري.

الشفافية ومواجهة الفساد
واعتبرت الوثيقة أن المبدأ الرابع الممثل في الالتزام بقيم وقواعد النزاهة والشفافية ومواجهة الفساد من أهم المبادئ الواجب تطبيقها، وتشترط الامتناع عن ممارسة أي عمل غير شرطي يمكن أن يتدخل مع الأداء النزيه لواجبات الشرطة أو يعطي انطباعاً بعدم النزاهة وعلي كبار ضباط الشرطة التصرف كقدوة أمام كل أفراد الشرطة الآخرين وفي تصرفاتهم أمام المواطنين في الحياة العامة، وإثبات أن مكانهم وهيبتهم واحترام الآخرين لهم لا تنبع من تسلطهم أو الخوف من ضررهم وإنما من كونهم الأحرص علي قواعد ومعايير السلوك المهني تجنب صراعات المصالح بحيث لا يسمح للعاملين بالشرطة بتداخل مصالحهم الخاصة من مناصبهم وألا يستغلوا مناصبهم في تحقيق منافع خاصة لهم ولأقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم وكل من تربطهم بهم علاقة من أي نوع، تجنب الفساد بكل صوره حيث يشكل الفساد جريمة جنائية خطيرة، يتضمن الفساد العرض أو الاستجداء أو القبول المباشر أو غير المباشر، لأي أموال أو خدمات أو هدايا أو مزايا أو وعود أو مكافآت لأحد أفراد الشرطة أو لغيره نظير التغاضي عن أي أفعال إجرامية أو التستر عليها والامتناع عن قبول الهدايا.
مكافحة الفساد علي كافة مستويات الشرطة من خلال السياسات والتدابير الوقائية في كل قطاعات الشرطة، خاصة القطاعات التي تتيح فرصاً أكبر لتلقي الرشوة وحل مشكلة تدني الأجور والتفاوت الشديد في الأجور من قطاع لآخر، وتقريب الفجوة بين الحد الأدني والأعلي للأجر.
واهتم المبدأ الرابع بضرورة الحرص الشديد في اختيار أفراد الشرطة والحذر البالغ في تحديد مهامهم وصلاحياتهم وأماكن عملهم ويتعين التدقيق في مراجعة إقرار الذمة المالية لأفراد الشرطة قبل التحاقهم بالعمل وخلال عملهم سنوياً، والتأكد عند اختيار الأشخاص الذين يعملون بالشرطة استعداداً طبيعياً للنزاهة ومقاومة إغراءات فساد الذمة المالية.
اتخاذ إجراءات إدارية فعالة تحول دون الفساد في القطاعات والإدارات التي تتيح فرص الفساد مثلاً حرمان أفراد الشرطة من اتخاذ بعض القرارات، عدم بقاء أفراد الشرطة عموماً في فترات عملهم اليومي «وردية» بصورة منتظمة وعدم بقائهم في مناطق محددة لفترات زمنية أكثر، عدم بقائهم في مناصبهم لفترات طويلة، وهذه الإجراءات تسمح بحراك مستمر يحول دون نمو علاقات وشبكات مصالح تهيئ الفرص للفساد.
وأكدت الوثيقة علي ضرورة بناء آليات فعالة لرصد الفساد وتطبيق المعايير اللازمة لمكافحة الفساد، وضمان التحقيقات العادلة مع المتورطين مع الأخذ في الاعتبار ألا يتم ذلك بسوء نية أو بهدف تحقيق مصالح ما أو اللجوء إلي التضحية بالبعض ككبش فداء للتغطية علي مفاسد أخري.
تطوير آليات الإبلاغ عن وقائع فساد عبر تدابير تسهيل رصد مظاهر الفساد للسلطات المختصة ووقائع فساد أفراد الشرطة وعدم التستر عليها، التعاون مع المجتمع المدني في مكافحة الفساد، يتيح ذلك تشجيع المواطنين علي الإبلاغ عن كافة المعلومات الخاصة بوقائع الفساد وتقييم السياسات والإجراءات التي توضح مدي كفاءة وتطبيق وفاعلية نظام مكافحة الفساد المطبق علي أفراد الشرطة.

الرقابة علي الشرطة
تخضع الشرطة للرقابة من خلال 6 أنواع من المؤسسات وهي: مؤسسات رقابة داخل الشرطة تتمثل في هيئات أو إدارات مستقلة تنبثق عنها، لجان مختصة بمراجعة الشكاوي الداخلية والمقدمة من المواطنين تكون مهمتها جمع المعلومات ومتابعة أوجه القصور في الأداء المهني بصفة عامة ومظاهر الخلل والفساد في الإدارة المالية ومدي الالتزام بالقانون ومعايير حقوق الإنسان، مؤسسات للرقابة علي السلطة التنفيذية كالرقابة الإدارية ولجان التحقيق التابعة لرئيس الوزراء تكون مهمتها التحقق من أي انتهاكات للقانون وحقوق الإنسان التي يرتكبها أفراد الشرطة.
اللجان التي يشكلها البرلمان بوصفه سلطة تشريعية وتكون مهمتها مراجعة سياسات الشرطة وتحديد موازنتها ومراجعة التشريعات الخاصة بها ومساءلة وزير الداخلية والتحقق من أي انتهاكات للقانون وحقوق الإنسان من جانب أفراد الشرطة.
مؤسسات القضاء ولجانه المعنية بالتحقيق في القضايا المنظورة أمام المحاكم ضد انتهاكات الشرطة للقانون وحقوق الإنسان، مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان والجمعيات الأهلية المهتمة بتعزيز العلاقة بين الشرطة والمجتمع وتكون مهمتها رصد أية عمليات انتهاك لحقوق الإنسان من جانب الشرطة، مؤسسات الإعلام كالصحافة والتليفزيون والراديو ومواقع الإنترنت المختلفة تكون مهمتها تزويد الجمهور بالمعلومات حول أنشطة الشرطة والمناقشة المفتوحة لكل أوجه القصور المهني والأمني وانتهاكات القانون لحقوق الإنسان التي يرتكبها أفراد الشرطة.
اهتمام مؤسسات المراقبة بشكاوي المواطنين ضد الشرطة ومع ذلك تختلف هذه المؤسسات في صلاحياتها عند التعامل مع هذه الشكاوي حيث يقوم بعضها بالاطلاع علي الشكاوي والتحقيق فيها بينما يقوم البعض الآخر بمراقبة ومراجعة التحقيقات التي تجريها الأجهزة المختصة بتنفيذ القانون، وقد تصل صلاحيات بعض تلك المؤسسات إلي حد فرض إجراءات تأديبية، وكل ذلك ينبغي أن يتم تنظيمه بالقانون لضمان وجود شرطة ذات طابع ديمقراطي، ضرورة تفعيل آليات الرقابة الداخلية والخارجية معاً مع الأخذ في الاعتبار أهمية دور الرقابة الخارجية في تحسين عمل الشرطة وتعزيز الثقة المجتمعية في الحكومة يجب إتاحة المعلومات بشفافية تامة للجمهور العام بشأن نتائج التحريات التي تجريها مؤسسات الرقابة حول انتهاكات جهاز الشرطة والتدابير التي تم اتخاذها في هذا الشأن بما يساهم في تعزيز ثقة المواطنين في أجهزة الشرطة وترسيخ شرعيتها في أوساط المجتمع، منح آليات الرقابة صلاحيات وحماية قانونية وضرورة استقلالها

عن السلطة التنفيذية بما يقتضي وجود دعم سياسي من الحكومة والبرلمان وقيادة الشرطة لكل آليات ومؤسسات الرقابة الداخلية والخارجية، تعريف المواطنين بالإجراءات التي تتبع تسجيل الشكاوي تحقق الشرطة في جميع الاتهامات المتعلقة بإساءة السلوك بهدف ضمان نزاهة العمليات التي تنفذها ونزاهة أفرادها وتشمل التحقيقات في الشكاوي التي يقدمها المواطنون والشكاوي الداخلية المرتبطة بالعلاقة بين كبار الضباط ومرؤوسيهم علي أن تضمن إجراءات التحقيقات لأفراد الشرطة المتهمين النزاهة والشفافية أثناء التحقيق.
التحقيق في الشكاوي المقدمة بأسماء مجهولة واستبعاد الزائف منها، التوازن بين حقوق المواطنين والشرطة عند التحقيق في الشكاوي، يحق لأفراد الشرطة متابعة الشكاوي في حالة إبلاغ أفراد الشرطة لرؤسائهم عن حالات إساءة السلوك في الجهاز الذي يعملون به ولم يجدوا أن الشكاوي استتبعها تحقيقات ويمكنهم الإبلاغ عن هذه الحالات لجهات خارج التسلسل القيادي الخاص بهم أو خارج جهاز الشرطة بأكمله، دراسة الشكاوي لتحسين أوضاع الشرطة ويقتضي ذلك جمع المعلومات وتحليلها بالاشتراك مع هيئات خارجية من الخبراء لتحديد الأسباب التي أدت إلي إساءة السلوك، بالإضافة إلي معالجة الأسباب بصورة مباشرة وتحديد الأفراد الذين كثرت ضدهم الشكاوي لتقديمهم الإرشادات والتدريب لهم أو تغيير المهام الموكلة إليهم.

الإدارة الفعالة للشرطة
تلتزم الشرطة بمجموعة من التدابير والإجراءات الإدارية التي تخلق بيئة مؤسسية جيدة تمكن أفراد الشرطة من القيام بمهامهم بأكبر قدر من الكفاءة والجودة وفقاً للقوانين المحلية والمعايير الدولية، تعتمد الشرطة أساساً علي مدي الاحترافية في أداء العمل والالتزام بالمعايير المهنية المعمول بها دولياً، والجودة في الأداء تستلزم الاهتمام بالصالح العام وخدمة المواطنين وليس تحقيق أغراض شخصية، الاستخدام الرشيد للموارد والأدوات ومعدات وموارد الشرطة المادية والمالية وأصولها الثابتة والمحافظة عليها باعتبارها مالاً عاماً لا يجوز إهداره أو إساءة استخدامه فلا يحق لهم استخدام سيارات الشرطة مثلاً في الأغراض الشخصية مثل انتقال الأبناء والزوجة من مكان لآخر، ومن المهم أن يربأ رجال الشرطة بأنفسهم وذويهم من أية استفادة بأية منافع تنتج عن استخدام الإمكانيات المتاحة لديهم، ووجود تسلسل واضح في القيادة يؤدي إلي توزيع محدد في الاختصاصات والمسئوليات والصلاحيات بما يساهم في تحديد المسئول النهائي عن أي أعمال يقوم بها أفراد الشرطة وأوجه التقصير في أدائها، منح كبار ضباط الشرطة مسئوليات تنفيذية كافية تمكنهم من اتخاذ القرارات بصورة مستقلة بشرط أن تتوافق القرارات مع القانون وأن تخضع للمراجعة من قبل السلطات التنفيذية التشريعية والقضائية، ومن حق السلطة السياسية التدقيق في صحة الإجراءات والعمليات التي تنفذها الشرطة، والاطلاع علي أسلوبها في تنفيذ سياساتها.
ويتطلب المبدأ الخامس ضرورة تحقيق اللامركزية في اتخاذ القرار وإدارة الموارد وتوزيعها ذلك أن الإفراط الشديد في المركزية مع تركز أغلب الصلاحيات في يد الوزير وفي يد وزارة الداخلية يؤدي إلي تغلغل البيروقراطية بما يعوق الشرطة عن أداء دورها بكفاءة.. كما أن اللامركزية يمكن أن تساهم في العمل بكفاءة لتلبية الاحتياجات الأمنية المجتمعية التي تختلف من محافظة لأخري، وتمثل اللامركزية صيغة جديدة للحكم الرشيد الذي يوفر الفرصة لنوع من الشرطة مهيأة للعمل في مناخ ديمقراطي حيث يخضع جهاز الشرطة في إدارته وأولوياته وموارده المالية للمساءلة من جانب الأجهزة التنفيذية والتشريعية المحلية.
وطالبت الوثيقة تمثيل الشرطة لكل فئات المجتمع للعمل في الشرطة وبالتالي تخلو سياسات التوظيف داخل الشرطة من كافة أشكال التمييز وعدم المساواة بما يخالف القانون والمواثيق الدولية.
وينبغي إتاحة فرص للعمل بالشرطة للإناث والأقليات مثل سكان البدو والنوبة والمسيحيين بالإضافة إلي تمثيل كل السكان في كافة المناطق الجغرافية.
تمثيل كافة فئات المجتمع في الهيكل الإداري، خلو الرتب والتوصيفات الوظيفية من التمييز مما يعني ألا تعكس المسميات الوظيفية أو توصيف بعض الوظائف ومعايير الترقية تمييزاً ضد بعض الفئات الاجتماعية التي تعاني من الاستبعاد والتهميش الاجتماعي.
وطالبت الوثيقة المرجعية بضرورة الحد من العائلية داخل جهاز الشرطة لأن وجود علاقات قرابة بين أفراد الشرطة داخل قطاعاتها المختلفة يمكن أن يؤثر بشدة علي نزاهة أفرادها. وينال من مصداقيتهم أمام المجتمع. وعلي جهاز الشرطة بوصفه أداة لتطبيق القانون والحفاظ علي قيم العدل وتكافؤ الفرص بين المواطنين أن يتبع سياسية تحترم المواطنة وأن يضع كل الترتيبات اللازمة للحيلولة دون تعيين أي شخص في الشرطة علي أسس قرابية. وأن تظل المعايير الموضوعية والمهنية هي أساس الاختيار وتطبق علي كل فئات المجتمع دون استثناء عدم تدخل السلطة في اختيار المناصب القيادية داخل الشرطة بما يحقق النزاهة في اختيار القيادات واعتبار إجراءات تعيين كبار ضباط الشرطة بالمناصب القيادية شأنا داخليا للشرطة لا تتدخل فيه سلطات الحكم ومع ذلك يحق للسلطات مساءلة الشرطة حول شفافية عمليات اختيار كبار القادة بها. كما يحق للمتضررين من تقديم شكاوي إلي السلطات أو الجهات الرقابية حتي لا يتم الاختيار بناء علي مصالح شخصية ومراعاة للعلاقات الأسرية إعداد آليات فعالة لمكافحة الاستبعاد الاجتماعي خاصة فيما يتعلق بأي من مظاهر الفساد يتم بموجبها الحصول علي رشاوي مالية نظير قبول أفراد في كليات ومعاهد الشرطة. فلا يمكن لشخص انضم للشرطة عن طريق الفساد يؤتمن علي تطبيق القانون علي كافة المواطنين أو يكافح الفساد. يحق لأفراد الشرطة المعرضين لأي نوع من الاستبعاد عن الترقي أو أي مزايا منصوص عليها في القانون أن يتقدموا بشكواهم داخل الشرطة أو خارجها. ويتم التحقق فيها بشكل محايد ونزيه واتخاذ كافة التدابير التي تصحح أوضاع الاندماج الاجتماعي داخل الشرطة.

حقوق الشرطة
وأفردت الوثيقة المرجعية في إطار المبدأ الخامس والأخير مساحة خاصة بحقوق أفراد الشرطة حتي لا تتهم الوثيقة بما علي الشرطة فعله وتجاهل حالهم من حقوق.
أشارت الوثيقة إلي ضرورة التمتع بالحقوق المدنية والسياسية لأفراد الشرطة كمواطنين بما لا يميزهم عن غيرهم من المواطنين.
استثناء أفراد الشرطة من المشاركة السياسية لضمان نزاهتهم وحيادهم بشأن أي صراعات سياسية وضمان قيامهم بدورهم الفعال في تمكين المواطنين من نيل حقوقهم بشكل عام وممارسة الحقوق السياسية بشكل خاص. يأتي ذلك من منطلق ارتباط إصلاح جهاز الشرطة بالابتعاد عن الشأن السياسي.
التمتع بحقوق مساوية لحقوق الموظفين فلأفراد الشرطة بوصفهم موظفين عموميين التمتع بحقوق متساوية مع غيرهم من العاملين في الخدمات العامة ولا يجوز استثناؤهم بأية مزايا تتناقض مع مبادئ العدل الاجتماعي وسيادة القانون.
يجب مراعاة طبيعة عمل أفراد الشرطة في نيل حقوقهم لأن أفراد الشرطة يعملون في ظروف صعبة تتسم بقدر من المخاطرة لذلك يحق لهم الحصول علي الضمان الاجتماعي والصحي والأمن الشخصي لهم ولعائلتهم ولفهم الحق في استخدام الأجهزة اللازمة لعملهم والحصول علي التدريب الكافي لضمان سلامتهم في العمل ولا ينبغي أن يتعرض أفراد الشرطة لأية عقوبات إدارية أو غير إدارية بسبب قيامهم بالإبلاغ عن ارتكاب انتهاكات للقانون تمت أو علي وشك الحدوث من جانب آخرين ويجب توفير الحماية الكاملة لهم ولأسرهم من أي أعمال انتقامية قد يتعرضون لها نتيجة للقيام بواجبهم.
ويحق لأفراد الشرطة الاحترام والدعم المجتمعي بما يقتضي أن تكون لهم المكانة الاجتماعية اللائقة والعيش الكريم بما لا يضطرهم للشعور بالمهانة أو النقص مقارنة بالآخرين كما يحق لهم الحصول علي مكافآت مجزية تشجعهم علي الالتزام بالمعايير المهنية المتقدمة المتوقعة منهم ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال الحصول علي امتيازات تتجاوز مبادئ العدل الاجتماعي، أو جعلهم فوق المساءلة القانونية بل ينبغي أن يحصلوا علي دخول جيدة وألا تزيد الفجوة في الدخل فيما بينهم بصورة تؤجج مشاعر الحق الاجتماعي والشعور بأن ولاءهم للمجتمع الذي يخدمونه وليس لمصالحهم. وأن هذا المجتمع يحترمهم ويقدم لهم الدعم المادي والمعنوي اللائق بمكانتهم ودورهم في الحفاظ علي الأمن وتطبيق القانون.
يجب مراجعة الإجراءات التأديبية ضد أفراد الشرطة فيما يتعلق بالإجراءات التي تتخذ ضد بعض أفراد الشرطة وخضوعها للمراجعة الدقيقة من جانب هيئة مستقلة أو هيئة قضائية بصفتهم مواطنين عاديين يحق لهم الدفاع عن أنفسهم والحصول علي المحاكمة العادلة والقانونية.
وطالبت الوثيقة المرجعية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بضرورة تقديم الدعم لأفراد الشرطة الذين سبق اتهامهم زوراً خاصة الدعم المعنوي بما يعزز قدراتهم علي مواصلة عملهم بنزاهة. يحق لأفراد الشرطة تشكيل منظمات تمثلهم يعبرون من خلالها عن همومهم وتطلعاتهم.
الدورات التدريبية
وشددت الوثيقة علي ضرورة حصول أفراد الشرطة علي دورات تدريبية باعتبارها التحدي الأكبر أمام عمليات الإصلاح والتطوير داخل جهاز الشرطة لان منظومة القيم الراسخة في أذهان أفراد الشرطة والتي تم اكتسابها علي مدي سنوات طويلة لا تتغير سوي بالبرامج التدريبية لتغير مفاهيم البرامج التدريبية السابقة غير الديمقراطية وظروف عمل تسلطية اعتادوا عليها في الزمن الماضي خلال ممارساتهم اليومية.
ينبغي أن تنطلق سياسات التدريب وبرامجه المختلفة من شروط أساسية ينبغي تحقيقها وحتي وجود قناعة أساسية لدي كبار قادة الشرطة مفادها أن المجتمع الديمقراطي يحتاج إلي شرطة تعمل بعقلية ديمقراطية. كما بنبغي أن يرتبط التدريب بعمليات إصلاح هيكلية يجري تنفيذها داخل كل قطاعات الشرطة وفق برنامج زمني واضح وفي إطار دعم سياسي قوي ومساندة مجتمعية كبيرة.
أن يقدم التدريب بصورة مستمرة وطويلة الأمد علي أن تعطي الأولوية في التدريب لأفراد صغار السن المتخرجين حديثا من كليات ومعاهد الشرطة.
الاستعانة بمدربين علي مستوي رفيع في مجالات العلوم الأمنية وعلم الاجتماع وعلم النفس والعلوم السياسية. تحديد الاحتياجات التدريبية وتطوير نظم التدريب لأفراد الشرطة بصفة دورية مستمرة مع ضمان وجود الإجراءات اللازمة لمراجعة كافة أنواع التدريب ومحتواها والعائد منها للأخذ باستمرار بأفضل ما توصلت إليه نظم التدريب الشرطي عالميا.
تشجيع أفراد الشرطة علي اكتساب الخبرات العملية خلال مدة خدمتهم وعبر تنقلاتهم من مجتمعات محلية لأخري.
إتاحة فرص استكمال التعليم والترقي لكل أفراد الشرطة خاصة ذوي الرتب الأدني ممن يرغبون في تحسين أوضاعهم الوظيفية بما يؤهلهم لرتب أعلي. كما طالبت الوثيقة بضرورة ربط التدريب علي الأخلاقيات بالواقع بحيث لا يكفي خلال التدريب الحديث عن المبادئ الأخلاقية باعتبارها أفكاراً مجردة ونظرية، بل يتم تطبيق هذه المبادئ علي المعضلات الواقعة والمادية التي يواجهها أفراد الشرطة أثناء عملهم.
بناء معتقدات الشرطة علي أسس ديمقراطية فمن خلال التدريب ينبغي أن يتفهم أفراد الشرطة العقوبات التي يمكن ان تطبق عليهم إذا ما انتهكوا القانون مع التركيز علي القيم الديمقراطية والمعايير الدولية الحاكمة لأداء الشرطة حتي تصبح جزءاً أسياسياً من معتقداتهم.
تقريب الفجوة بين الشرطة والشعب عبر التدريب حيث يمكن لبرامج التدريب أن تتيح الفرصة لكسر الحاجز النفسي بين الشرطة وأفراد المجتمع العاديين. ورفع وعي أفراد الشرطة بدورهم في المجتمع من خلال الاستعانة بمدربين مدنيين في التدريب بأكاديميات الشرطة، كما يمكن ان يتلقي أفراد الشرطة بعض المحاضرات التدريبية التكميلية في الجامعات الحكومية أو الخاصة يتعلم فيها الشرطيون جنبا إلي جنب مع الطلاب الآخرين.
تقدم الوثيقة المرجعية روشتة نظرية لعلاج جهاز الشرطة ولكن علي أرض الواقع لايزال الاحتقان بين الشعب والشرطة مستمراً. فرجال الشرطة اعتادوا علي التسلط والقسوة والعنف وبالرغم من الدورات التدريبية علي حقوق الإنسان التي حصلوا عليها في الماضي دون أي تأثير علي سلوكياتهم الفعلية هل تنجح الدورات التدريبية في تغيير فكرهم وأسلوب عملهم.
إن عمل الشرطة يرتبط مباشرة بالمواطن العادي وشدة الانفلات الأمني الحالي تزيد من الفجوة بين المواطن وجهاز الشرطة.. خاصة ان معظم المواطنين يعتقدون في أن البلطجة هي صنيعة خاصة بالشرطة وتستطيع الشرطة وقف نشاطها فوراً بالأمر المباشر.
إن جهاز الشرطة يحتاج الي دورة لتغيير الفكر تعتمد علي احترام المواطن كإنسان واحترام الإنسانية شيء عظيم ومهم لأي مواطن خاصة الفقراء منهم الذين يعتبرون ان الشرطة السابقة لا تخدم سوي الأثرياء وأصحاب النفوذ والسلطة حتي في أتفه الأمور، لكنها لا تخدم الفقراء حتي في أعظم الأمور.
يجب علي جهاز الشرطة إدراك ان للمواطن حقوقاً مثلما عليه واجبات وكذلك الشرطي وإن كان منهم يؤدي دوره في حدود موقعه حتي تعود الثقة بين الشرطة والشعب.