عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عملية السلام في حالة موت سريري

جاءت مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمؤسسات الدولية المختلفة وفي مقدمتها مجلس الأمن بصياغة خطة سلام تتفق مع الشرعية الدولية بدلا عن الاستمرار في عملية وصفها بأنها "أصبحت إدارة للنزاع لا حله" لتكشف,

وبوضوح, حجم هوة الخلافات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ومدى الجمود الذي وصلت إليه العملية التفاوضية التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية.

ويسيطر الجمود على جهود استئناف محادثات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ توقفها في الثاني من أكتوبر الماضي بعد أربعة أسابيع من إطلاقها برعاية أمريكية أملا في التوصل لاتفاق سلام خلال عام.

وفي كلمة بمناسبة الذكرى الـ 46 لانطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطينى (فتح), طالب الرئيس عباس أول أمس الجمعة, الحكومة الاسرائيلية بتقديم مشروعها بشأن قضيتي الحدود والأمن عبر طرف ثالث ,مشددا على أن المطلوب حاليا هو الاتفاق على هاتين القضيتين الأمر الذي من شأنه تسهيل حل كافة القضايا.

وتزامنت مطالبة عباس مع طرح الحكومة الإسرائيلية مجددا إمكانية التوصل إلى اتفاق "مرحلي" في وقت لوح فيه الفلسطينيون باللجوء الى خيارات "بديلة" في ظل تعثر عملية السلام.

ولم تفض جهود ومبادرات أمريكية ودولية إلى إعادة تحريك عملية السلام سعيا لإنهاء الصراع الممتد منذ عقود في ظل تمسك كل طرف بمواقفه.

وسارع الفلسطينيون إلى رفض طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التوصل إلى اتفاق مرحلي بما يشكل حلا للنزاع في غياب إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل.

اتفاق مرحلي

وقال نتنياهو في مقابلة تليفزيونية: إن وصول المحادثات مع الفلسطينيين إلى حائط مسدود بشأن قضايا القدس وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين يفرض نتيجة عقد اتفاق مرحلي.

وأضاف أنه إذا وافق الفلسطينيون على الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية " فسأكون مستعدا لتعريض اتفاقات تشكيل الائتلاف الحاكم للخطر سعيا للوصول إلى اتفاق للسلام وعرضه على الشعب وعندها ستؤيدني الأغلبية الشعبية".

وهذه أول مرة يشير فيها نتنياهو الى انه قد يكون هناك مسار بديل في محادثات السلام المتوقفة لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل بشأن مثل هذه الخطوة.

وفي السياق ذاته, قالت الإذاعة الإسرائيلية ان وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان يعكف على بلورة اتفاق مرحلي بعيد المدى مع الفلسطينيين عوضا عن توقيع اتفاق شامل "يبدو مستحيلا".

ووفق الإذاعة, فإن خطة ليبرمان تقضي بحل انتقالي طويل المدى يركز على الأمن والاقتصاد ويترك مسألة حدود القدس واللاجئين إلى مرحلة لاحقة.

وبحسب المصادر الإسرائيلية "تستند الخطة إلى الاستعداد الكبير للتعاون مع السلطة الفلسطينية في مجالي الأمن والاقتصاد, وهدفها هو تحقيق مزيد من الاستقرار للوضع في الضفة الغربية وزيادة التعاون الأمني مع السلطة, وذلك من أجل السماح للفلسطينيين بالحصول على مزيد من المسؤولية الأمنية عما يجري في المنطقة". وقالت المصادر: "بالتوازي, ستعمل الخطة على تعزيز ذي مغزى للاقتصاد الفلسطيني من خلال توسيع حرية الحركة في الضفة بين المدن الفلسطينية وتقديم حوافز اقتصادية مختلفة, إذ يعتقد ليبرمان أنه عندما يصبح الوضع الاقتصادي في السلطة مشابها لذاك الذي في إسرائيل, فسيكون استئناف المفاوضات السياسية أسهل للوصول لتسوية دائمة".

غير أن المصادر قالت انه "ليس واضحا إذا كانت الخطة التي تبلورها وزارة الخارجية ستتضمن توصية بنقل مزيد من المناطق في الضفة الغربية لسيطرة السلطة الفلسطينية أو إخلاء بؤر غير قانونية أو مستوطنات".

وكان ليبرمان تحدث عن الخطوط العامة لخطته في مؤتمر لدبلوماسيين إسرائيليين, حيث وجه انتقادات حادة إلى السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطنى "فتح", وما لبث أن اصدر نتنياهو بيانا توضيحيا, قال فيه إن ليبرمان يعبر عن مواقفه الشخصية.

ولكن المصادر الإسرائيلية كشفت عن ان ليبرمان عرض خطته بخطوطها العامة على نتنياهو وانه معني بإقرارها في محفل وزراء السباعية وفي المجلس الوزاري كي تعرض على الإدارة الأمريكية في الأشهر القريبة القادمة كموقف إسرائيلي.

وأشارت إلى أن ليبرمان شرع ببلورة الخطة في إطار وزارة الخارجية في ضوء الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية, حيث قال في مؤتمر الدبلوماسيين, إن خطته التي سماها "الخطة ب" تجتاز هذه الأيام آخر التعديلات.

وطبقا لذلك فإن ليبرمان يعتقد أنه بعد انتهاء فترة عيد الميلاد واحتفالات العام الجديد, فإن من المتوقع أن تستأنف الإدارة الأمريكية ضغوطها على إسرائيل في الموضوع الفلسطيني, وتطلب الاستماع إلى الخطة السياسية لإسرائيل, ويرى أن خطته ستكون "ملائمة" للعرض على الإدارة الأمريكية.

وكان ليبرمان أشار إلى انه "لا يوجد احتمال للوصول في السنوات القريبة القادمة إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين ولا سيما في كل ما يتعلق بالقدس ومطلب حق العودة للاجئين", وقال "حتى لو عرضنا على الفلسطينيين تل أبيب والانسحاب إلى حدود 1947 فإنهم سيجدون سببا لعدم التوقيع على اتفاق سلام".

وأضاف "يوجد في السلطة حكم غير شرعي لا يجري انتخابات, محظور الوصول معهم إلى اتفاق".

كذلك يرى ليبرمان أن الخلافات المحتدمة في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم والفوارق الكبيرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحول دون التوصل إلى اتفاق شامل, وعليه فإن الحل الأفضل هو التوصل إلى تسوية انتقالية طويلة المدى.

وبحسب المصادر الإسرائيلية, فان ليبرمان سيقول لنتنياهو انه إذا ما كان يرفض اقتراحه فإن عليه أن يقدم خطته للتسوية الدائمة وان يعرضها على استفتاء شعبي , وقال " إذا ما حصلت خطة رئيس الوزراء للتسوية الدائمة على أغلبية جارفة في الجمهور فأنا سأقبل ذلك".

استحقاقات سبتمر

في المقابل, جددت القيادة الفلسطينية رفضها لطرح التوصل لاتفاق مرحلي أو انتقالي, واعتبرت أن هذا الطرح "يؤكد عدم رغبة الحكومة الإسرائيلية بالوصول إلى سلام".

وشدد رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات في تصريحات لوكالة أنباء "شينخوا", على أن الوقت الراهن يجب أن يخصص لاتخاذ قرارات بالتفاهم على كافة قضايا الوضع النهائي وإقامة الدولة الفلسطينية وليس الحديث عن حلول انتقالية أو دولة فلسطينية بحدود مؤقتة.

ويعتبر الفلسطينيون, أن شهر سبتمبر المقبل سيكون " محطة مهمة" في مساعيهم لإقامة دولتهم المستقلة.

وقال الرئيس محمود عباس في حديث لتليفزيون فلسطين الرسمي ليلة رأس السنة الجديدة،, إن هناك ثلاثة استحقاقات تجعل من شهر سبتمبر من العام الجاري "محطة مهمة" لدى الفلسطينيين.

وأوضح أن الاستحقاق الأول هو أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما أعلن أنه في سبتمبر ستكون فلسطين عضوا كامل العضوية في مجلس الأمن الدولي خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.

وتابع ان الاستحقاق الثاني هو أن الولايات المتحدة الأمريكية واللجنة الرباعية الدولية أعلنوا أن المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل ستبدأ في سبتمبر الماضي وتنتهي في سبتمبر المقبل بموجب مهلة العام التي حددت لها.

وأضاف أن الاستحقاق الثالث هو "أننا ألزمنا أنفسنا بأننا سنؤسس مؤسسات الدولة الفلسطينية خلال عامين وهذا سينتهي في شهر سبتمبر".

ورغم ذلك أكد عباس إمكانية التوصل الى اتفاق سلام مع إسرائيل, قائلا: "بإمكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يعقد معنا اتفاق سلام خلال شهرين لأنه لم يعد هناك حاجة للمفاوضات وإنما هناك حاجة للقرارات".

على أن التوقعات السائدة تبقي ترجح استمرار الجمود الحاصل بحدته على مسيرة عملية السلام بانتظار

ربما تغير دراماتيكي يؤدي إلى تغيير نوعي في ظل اتساع حجم هوة الخلافات الفلسطينية – الإسرائيلية التي يرى مراقبون أنها تبدو بعيدة حتى عن أسس ومتطلبات إطلاق محادثات السلام.

ويقول مدير مركز بدائل للأبحاث في رام الله هاني المصري لوكالة أنباء (شينخوا), إن عملية السلام بوضعها الراهن تفتقد لأي مقومات للانطلاق وليس فقط النجاح والتوصل الى اتفاق خاصة في ظل غياب مرجعية تضع أسس هذه المحادثات.

واعتبر المصري, أن التفاوض لا يكون تفاوضا إذا لم يستند إلى مرجعية واضحة وملزمة للطرفين, بحيث تضمن أن التفاوض سيكون على أساس تطبيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وليس التفاوض حولها.

ويرى, أنه إذا حدث استئناف للتفاوض من دون تحديد مرجعية فإنه سيكون إما : نوعا من فرض الشروط من طرف على الطرف الآخر, أو استخداما للمفاوضات للتغطية على ما تقوم به إسرائيل من فرض حقائق على الأرض.

وكان رفض إسرائيل للاتفاق على مرجعية للمفاوضات ووقف البناء الاستيطاني دفع الفلسطينيون إلى البحث عن "خيارات بديلة" من خلال التوجه للمؤسسات الدولية واستقطاب اعتراف دول العالم بالدولة الفلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967.

وحصل الفلسطينيون على دفعة ثقة لهذا التوجه بإعلان البرازيل والأرجنتين وبوليفيا والإكوادور اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967, وأثارت هذه الخطوة غضب إسرائيل التي اعتبرتها خطوات مضادة لعملية السلام.

رهان فلسطيني وتحرك إسرائيلي

وفي مواجهتها, أطلقت إسرائيل حملة دبلوماسية في دول مختلفة في أنحاء العالم سعيا لإحباط النشاط الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني على الصعيد الدولي.

بموازاة ذلك يسعى الفلسطينيون إلى التوجه لمجلس الأمن الدولي لطلب إدانة الاستيطان الإسرائيلي والمطالبة بوقفه أولا ومن ثم طلب اعتراف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية وضرورة إنهاء الاحتلال.

إلا أن هذه الجهود تبقي معلقة في ظل المعارضة الأمريكية لها والخشية الفلسطينية من عرقلتها باستخدام واشنطن حق النقض "فيتو" انطلاقا من رؤيتها بعدم نجاعة الحلول الأحادية وأن السلام لن يتحقق إلا عبر المفاوضات.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي ناجي شراب, إن الفيصل في مساعي الحصول على اعتراف دول العالم بالدولة الفلسطينية سيبقى مرتبطا بالقدرة على ترجمتها لقيام دولة فلسطينية تحظى بعضوية الأمم المتحدة.

وأشار شراب, إلى أن هذا الأمر قد يعطي حافزا كبيرا للفلسطينيين في حال قدرتهم على استقطاب أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العام للأمم المتحدة ومن ثم التوجه بقوة إلى مجلس الأمن الدولي.

وشدد, على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يعنى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي " لأنه في هذه الحالة يستلزم قرارا من الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومن هنا تكمن أهمية هذا الاعتراف".

وبشأن الخشية من عرقلة أمريكية للخطوات الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي يرى شراب, أن "هناك اعترافا بواقع أن الولايات المتحدة هي الجوهر في حسم المساعي الفلسطينية لكن ذلك لايمنع أنه إذا كان العالم اجمع اعترف بدولة فلسطين فإن واشنطن ستكون مضطرة لدراسة اتخاذ الموقف نفسه لاحقا".

وكانت الإدارة الأمريكية تخلت قبل أسابيع عن مطالبة إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني كشرط لاستئناف محادثات السلام.

ودفع هذا الأمر لجنة متابعة مبادرة السلام العربية إلى الاجتماع في العاصمة المصرية القاهرة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 15 ديسمبر الماضي واتخاذ قرار بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية عبر عرض الموقف برمته على المجلس واستصدار قرار يؤكد الصفة غير الشرعية أو القانونية لهذا النشاط.

واعتبرت اللجنة, أن فشل الإدارة الأمريكية بإلزام الحكومة الإسرائيلية وقف النشاط الاستيطاني أصبح يتطلب بشكل فوري أن تعلن بوضوح حدود الدولتين على أساس خط الرابع من يونيو عام 1967, وأن توفير الأمن يتم من خلال الحل العادل والشامل للصراع العربي الإسرائيلي.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل, إن الدور الأمريكي لرعاية السلام خلص إلى "فشل ذريع" إزاء المحاولات الجدية التي بذلتها إدارة الرئيس باراك أوباما لسنتين كاملتين بهدف دفع عملية السلام.

ويرى عوكل, أن الولايات المتحدة "تدرك أن الوضع العربي ضعيف مهمش إلى حد لا يمكن معه توقع ردود فعل غير قابلة للضبط أو الاستيعاب وأنهم ليسوا في وارد تبني خيارات تغير من طبيعة الواقع القائم في العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين أو العرب".

ويشير إلى أن إسرائيل تعمل في المقابل على التعايش مع حالة الجمود التي تميز الوضع القائم ويمنحها أحقية المبادرة عبر استثمار ذلك لصالح توسيع وتعميق احتلالها ومصادرة المزيد من الأراضي وتوسيع مشروعاتها الاستيطانية.

ويعتبر عوكل, أن الموقف الراهن "يطرح على الفلسطينيين والعرب تحديات كبيرة تستدعي ردود فعل إبداعية " لا لمجابهة سياسات إسرائيلية تتمسك بتعميق احتلالها للأرض الفلسطينية وإنما أيضا لمجابهة سياسة أمريكية تدعم بشكل كامل إسرائيل".