عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تفعيل الاتفاق النووي الإيراني نذير شؤم على المنطقة

بوابة الوفد الإلكترونية

شهد الأسبوع الماضى حدثا تاريخيا يمكننا أن نعتبره عالميا وليس إقليميا فقط، وهو تفعيل الاتفاق النووى الإيرانى ودخوله حيز التنفيذ، واعتبرت إيران أن تنفيذ هذا الاتفاق يعد بمثابة صفحة جديدة، تفتحها الدولة الفارسية مع العالم، حسب كلمة الرئيس الإيرانى حسن روحانى فى الأمم المتحدة فى مطلع الأسبوع الماضي، فقد عاشت إيران لعدة سنوات طويلة فى صراع مع الدول الغربية، حتى وصل الأمر إلى وصف الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن لها «بمحور الشر» كما كانت إيران تصف الولايات المتحدة مع إسرائيل بأنهما «الشيطان الأكبر».

إلا أنه فى الوقت الذى كان يلقى فيه الرئيس الأمريكى الحالي باراك أوباما، خطابا أمام جموع الجماهير فى بلاده، معبرا فيه عن الإنجاز العظيم الذى حققته إدارته الديمقراطية، فى نهاية مدته التى قربت على الانتهاء، قامت قوات البحرية الإيرانية باحتجاز أفراد من البحرية الأمريكية وتصويرهم أمام الكاميرات العالم، ثم أفرجت عنهم فى اليوم التالي، ولا ينم هذا الفعل إلا عن رسالة غريبة أرادت إيران بإعادة إرسالها إلى الولايات المتحدة، ومفادها أنها ما زالت على قدر الندية والتحدي معها ومع أقرانها من الدول الغربية.

ليس هذا فحسب بل إن تجارب الصواريخ الباليستية التى قامت بتجربتها فى أكتوبر ونوفمبر الماضيين فى قدرتها على حمل الرؤوس النووية، ومن بينها متوسطة المدى وطويلة المدى أيضا، لم تجعل أوباما والدول الخمس الكبرى تغير وجهتها فى وقتها من ناحية العزوف عن تنفيذ الاتفاق، بل مضى الجميع فى الطريق لنهايته حتى الآن ميعاد التنفيذ، إلا أن الولايات المتحدة تذكرت هذه التجارب الآن وقامت بإعادة فرض عقوبات جديدة بعد تخفيفها بيوم واحد فقط، يأتى ذلك فى الوقت الذى صرح فيه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية وقال إن هذه العقوبات الجديدة «غير شرعية وغير قانونية».

ولا ينم الموقفان سواء الإيرانى أو الأمريكى إلا عن تناقض وتخبط وعدم طمأنينة أو حسن النوايا من الجانبين تجاه الآخر، ويأتى ذلك فى الوقت الذى إنعكس هذان الحدثان على موقف الحزب الجمهورى المعارض بشدة للاتفاق ولمساعي إدارة الرئيس أوباما نحو السلمية مع إيران، والذى وصفوه الجمهوريون بأنه «كارثى» ويضع منطقة الشرق الأوسط في «ورطة» سياسية وأزمة عسكرية متجددة، نظرا لاعتبارهم وتأكيدهم على عدم الثقة فى التزام الجانب الإيرانى بالاتفاق هذه واحدة، والثانية تتمثل فى إصرارهم على منع إيران من امتلاك سلاح نووي تحت أى ظرف أو مسمى، وتوعد الجمهوريين برفض الاتفاق فى الكونجرس بل و«تمزيقه» على حد قول أحدهم بمعنى اعتباره كانه لم يكن.

هذا المشهد السابق على مستوى العلاقة بين إيران والدول الغربية، أما على نظير هذه العلاقة بينها والدول العربية، فمثلما عاشت إيران صراعا دام سنوات طويلة مع الغرب

منذ قيام الثورة الإسلامية فى 1979، فهى ما زالت تكرر نفس السيناريو مع جيرانها العرب منذ حرب العراق فى الثمانينيات التى دامت 8 سنوات، وحتى الآن هذا الصراع باق مع أطراف عربية أخرى فى أشكال مختلفة وعلى رأسها السعودية،

وفى الوقت الذى اعتبرت فيه بعض الآراء إبرام وتنفيذ إيران للاتفاق النووى فى صالح العرب ودول المنطقة التي تعد جيرانها الأوائل قبل الغرب، إلا أن البعض الآخر ومن بينهم الجمهوريون أيضا يعتبرونه بمثابة نكسة لن تعيش فيها المنطقة ضمن مسلسلها الحالي فحسب، بل سيعيش في توابعها دول وعواصم العالم بأكمله، حيث سيدفع الاتفاق النووى فى دخول إيران ليس فى سباق نووى فقط من جيرانها، بل سيدخل الجميع فى سباق ومباراة ممتدة لتسليح وتمويل الجماعات المسلحة التى زادت أعدادها بشدة منذ ثورات الربيع العربى، والتى ستقوم بتنفيذ عمليات تخريبية بالنيابة عن كل من إيران ومنافسيها فى الدول العربية وغيرها.

ترتب على هذا التحول أيضا تراجع لاقتصاديات المنطقة، خصوصا بعد رفع العقوبات الغربية على إيران وإعادة إنتاجها من البترول بمعدلات عالية تصل لأكثر من 3 ملايين برميل يوميا، مما يؤدى إلى إغراق السوق فى الوقت الذى تتورط فيه أكبر دول الخليج إنتاجا للبترول على مستوى العالم وهى السعودية فى عدة حروب وتحالفات عسكرية خارج حدودها فى سوريا واليمن ومؤخرا التحالف العسكرى الإسلامى، وكلها أمور تحتاج إلى سيول من الأموال التى لا تنتهى، مما دفع الحكومة السعودية لإعلان حالة التقشف فى ميزانيتها مؤخرا.

كل ما سبق استعراضه من أوضاع داخلية وخارجية تابعة للاتفاق النووى الإيرانى مع الدول الست الكبرى، يثير عدة تساؤلات وتحليلات حول حقيقة هذا الاتفاق، هل هو فى صالح الجميع عامة والمنطقة والعرب خاصة؟، أم أنه نذير الشؤم والنكبة على العالم؟.