رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

3 سيناريوهات بانتظار 1٫5 مليون مصري في ليبيا

مصريون يتسللون إلي
مصريون يتسللون إلي الأراضي الليبية بمساعدة مهربين

وسط حلم البقاء الآمن، حفاظا علي فرصة العمل التي يفتقدونها في مصر يواجه 1٫5 مليون مصري في ليبيا 3 سيناريوهات أولها العودة الآمنة والثاني المغامرة بالبقاء والثالث وهو الأسوأ .. الوقوع في الأسر ومواجهة الموت.

وبحثا في أحوال العمالة هناك  تطالعنا أيضا اكثر من مفاجأة أولاها أن العدد ليس 750 ألف مصري كما تقول أغلب أجهزة الدولة ولكنه مليون و500 ألف، حسبما أكد عدد كبير من العاملين والاحصاءات غير الرسمية، ثانية المفاجآت أن عددا غير قليل من هؤلاء يفضل البقاء في ليبيا  رغم كل ما جري من عمليات ارهابية وذبح وتهديد، علي أمل تحسن الأوضاع وعدم فقد فرصة العمل  التي ربما لا يجدها في مصر. ثالث المفاجآت استمرار عمليات توجه المصريين الي ليبيا علي يد عصابات  مقابل مبالغ تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف جنيه عن الفرد الواحد.
يقودنا  البحث في مصير العمالة المصرية في ليبيا الي أكثر من ربع قرن مضي.. فمنذ تسعينات القرن الماضي حتي عام 2011 كان السفر الي ليبيا أسهل كثيراً من السفر الي الاسكندرية.
كانت سيارات ميكروباص مصرية تصطف في قلب ميدان العتبة بوسط القاهرة، لاستقبال الراغبين في السفر والانطلاق بهم الي ليبيا حيث يمكنهم أن يدخلوها بموجب البطاقة الشخصية أي بدون تأشيرة دخول.. وكان كل من يمتلك 27 جنيها وهي قيمة أجرة السفر بالميكروباص الي ليبيا في مطلع التسعينات يمكنه بسهولة السفر الي هناك.. وكان طبيعيا أن  تجد منادي سيارات يهتف بأعلي صوته وسط ميدان العتبة في قلب القاهرة «ليبيا.. ليبيا.. ليبيا».
فقبل 25 عاما حدث تقارب كبير بين حاكم مصر ـ «آنذاك ـ «حسني مبارك» ونظيره الليبي «معمر القذافي» وهو التقارب الذي تمت ترجمته في اتفاقية وقعتها حكومتا البلدين عام 1990، والتي منحت مواطني البلدين حق التنقل والاقامة والعمل في الدولتين، وسمحت بفتح الحدود، بما أفسح المجال أمام المصريين للسفر إلي ليبيا بـ «البطاقة الشخصية» دون حاجة الي الحصول علي تأشيرات دخول.
وبسبب تلك الاتفاقية تدفق آلاف المصريين الي ليبيا ووصل عددهم الي 2 مليون مصري.

وبعد مقتل  معمر القذافي، وسقوط نظامه نهاية 2011، غرقت ليبيا في الفوضي والحرب القبلية وتنازعت الجماعات الارهابية السيطرة علي مساحات واسعة من البلاد ووصل عدد الميليشيات المسلحة هناك  إلي 23 ميليشيا.
وبدأت حوادث الاعتداء علي المصريين.. وتوالت تلك الحوادث متنوعة بين خطف وطلب فدية وسرقة ثم قتل، ومطاردات بالرصاص..
وفي المقابل بدأت دعوات مصرية تطالب المصريين في ليبيا بالعودة الي وطنهم، ولكن الغريب أن تلك الدعوات قابلتها عمليات سفر متواصلة الي ليبيا، والغريب أنه بعدما تم منع السفر الي ليبيا وتوقف منح تأشيرات دخول اليها، لجأ الكثيرون الي التسلل الي ليبيا عبر الحدود وتشكلت عصابات تخصصت في تهريب المصريين الي ليبيا مقابل مبالغ تتراوح بين  5 آلاف و10 آلاف جنيه من كل متسلل حسب المهنة التي سيمارسها هناك.
وتواصلت عمليات العنف ضد المصريين وازدادت وحشيتها بعد ثورة 30 يونية، واستهدفت الأقباط المصريين بشكل كبير ليصل عدد  ضحاياها إلي  أكثر من 60 قتيلاً، بخلاف احتجاز مئات المصريين أغلبهم صيادون وسائقو شاحنات فضلا عن الاستيلاء علي عشرات الشاحنات التي كانت تقوم بنقل الأطعمة من مصر الي ليبيا.
لا للعودة
«الوفد قامت بالاتصال بعدد من المصريين العاملين بليبيا الذين كشفوا كثيراً من الحقائق أهمها أنه ليس كل المصريين المتواجدين في ليبيا في خطر.. وقال حسام حسان ـ مهندس يعمل في طرابلس منذ 7 سنوات هناك مناطق خطرة جداً في مقدمتها منطقة سوق الكريمية بطرابلس ومناطق عديدة من بني غازي وطبرق وسرت وبني وليد ودليتن وأجدابيا.. والمصريون العاملون بتلك المناطق في خطر كبير خاصة مع انتشار الميليشيات المسلحة التي تضم أشخاصاً غير ليبيين وتستهدف المصريين الأقباط علي وجه الخصوص.
وأضاف: هناك مناطق أخري آمنة تماما في ليبيا أغلبها في غرب وجنوب ليبيا مثل مناطق «سبها» و»غدامس» وفي تلك الأماكن لا خطر مطلقاِ علي المصريين العاملين بها».
وفي ذات الاتجاه أكد ياسر الهواري ـ مدرس يعمل في طبرق منذ 3 أعوام ـ أن عدد المصريين العاملين في ليبيا يبلغ 1٫5 مليون مصري وقال «بعد ضرب الجيش المصري معسكرات داعش في درنة الليبية  سيكون المصريون جميعاً هدفا لجماعة داعش في ليبيا فليس أمام  المصريين إلا العودة لمصر أو  الاستعداد للسقوط في يد الارهابيين أو أن يغامروا بحياتهم ويبقون كما هم في ليبيا».
وقال «لابد من تأمين عودة آمنة للمصريين من ليبيا ولكن حتي الآن العودة صعبة خاصة بعدما تم منع دخول السيارات التي تأتي من مصر الي ليبيا والتي  كانت تقل بضاعة مصرية الي ليبيا ثم يعود فيها المصريون، مشيرا الي عدم وجود طرق آمنة للتحرك تجاه المنفذ والخوف من الاختطاف ولهذا فإن المصريين بشرق ليبيا أفضل حالا من المصريين في غرب ليبيا لقربهم من منفذ السلوم.
ومن سرت الليبية تواصلت «الوفد» مع أشرف شعبان مقاول مصري يعمل هناك منذ 9 سنوات وقال «ليس صحيحاً أن المصريين في ليبيا غاضبون من الضربة الجوية للجيش المصري لمعاقل داعش بالعكس كل من أعرفهم في سرت فرحوا  برد جيش مصر علي قتل «اخوتنا» علي أيدي مجرمي داعش».
وأضاف نعم، كثير من المصريين في سرت يلزمون بيوتهم ولا يخرجون منها إلا

لـ «الشديد القوي» ولكننا فرحنا بضرب داعش وندعو الله أن يحفظ مصر وجيشها».
وواصل «رغم حالة الخوف التي نعيشها فإن كثيراً من المصريين يفضلون ألا يغادروا ليبيا علي أمل أن تتحسن الأحوال.
وبنفس المعني قال عادل عبدالنبي «عامل بناء يعمل في طبرق منذ 5 أعوام» كنت أحصل في مصر علي  70 جنيها كأجر يومي ولكني في ليبيا أحصل علي 70 دينارا ليبيا والدينار يعادل 5 جنيهات، أي حوالي 350 جنيها، وهو مبلغ كبير في ليبيا خاصة أن أحسن «فرخة مشوية تباع بـ 7 دينارات وإيجار أفضل شقة 100 دينار وأغلي أجرة للمواصلات دينار  واحد وهو ما يعني أن الحياة أفضل بكثير.
سألته: مش خايفين من الموت؟
< فقال:="" الأعمار="" بيد="" الله..="" ولو ="" مكتوب="" لنا="" الموت="" هاموت="" حتي="" ولو="" كنت="" في="" أأمن="" مكان="" في="">
ونفس الكلمات تقريبا رددها أحمد حسان مصري مسافر الي ليبيا منذ 7 شهور.. وقال «أنا فلاح.. وليس لي مهنة.. ولما جيت إلي ليبيا اشتغلت عامل هدم وأحصل  يوميا علي 50 دينارا.. طيب لو رجعت مصر ها أعمل ايه.. علشان كده مش راجع مصر.. والمكتوب مكتوب».
وأضاف: معظم الشعب الليبي يحب المصريين ويحمونهم.. والخطر في مناطق مناطق وليس في ليبيا كلها.
هكذا يقول المصريون العاملون في ليبيا، أما الخبراء في مصر فلهم آراء مختلفة فحسب ماجدة عبدالباري مستشار رئيس حكومة الظل الوفدية لشئون المصريين في الخارج فان مصر مطالبة باتخاذ اجراءات عاجلة لاعادة المصريين المهددين بالخطر في ليبيا.
وقالت: «الأمر يحتاج الي جسر جوي لاعادة كل من يريدون العودة في أسرع وقت ممكن وأيضاً علي الحكومة أن تعد خططا سريعة لتعويض المتضررين من هؤلاء العاملين وتوفير فرص عمل لهم في مصر».
وأكدت «ماجدة عبدالباري» علي ضرورة أن تنسق مصر مع كل دول الجوار الليبي لتسهيل عودة المصريين من ليبيا».
وطالب المستشار فؤاد حامد الخبير الاستثماري رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب بضرورة اصدار قرار عاجل باجلاء كافة المواطنين المصريين من  ليبيا وليس الأقباط فقط، واستنكر حامد تعدد حوادث خطف واغتيال المصريين العاملين في ليبيا  مؤكدا أن الارهاب لا يعرف ديناً أو جنسية.
وناشد «حامد» الحكومة وضع خطة عاجلة لإخلاء الأراضي الليبية من كل المصريين حفاظا  علي أرواحهم، مؤكداً أن داعش يحاول العدوان علي مصر عبر ابنائها المغتربين من أجل العمل في ليبيا، وقال ان نجاح العمليات العسكرية في سيناء وتضييق الخناق علي جماعة بيت المقدس والتي تعتبر الوجه الآخر لداعش جعل التنظيم يحاول الضرب في ساحات عراك أخري واختياره ليبيا بسبب الوضع الأمني المتدهور هناك اضافة الي كونها علي الحدود وبها جالية مصرية كبيرة.
وقال حامد «معركتنا ضد الارهاب مستمرة ولن تنتهى بين ليلة وضحاها لأن العنف سيطر علي كافة أرجاء العالم ولم يعد يفرق بين نوع أو دين أو هوية وعلينا أن نلفظ كل ماهو متطرف من حياتنا ولا ننتظر أن يقاتلونا في بلادنا وداخل مدننا حتي يتدخل الجيش والشرطة، مؤكداً ثقته في روح الشعب المصري المحب للسلام واننا سنربح  تلك المعركة ولن  تهزم مصر أبداً.
فيما دعا صفوت جرجس مدير المركز المصري  لحقوق الانسان إلي ضرورة عمل جسر جوي وتوفير الملاذ الآمن للعائدين.
ومع استطلاع آراء عدد من المصريين العاملين في ليبيا والذين لا يزالوا يتواجدون هناك ويرفضون العودة، نجد أن مستقبل العمالة المصرية في ليبيا غامض، وأن الحل في يد الدولة الآن سواء المصرية أو الدولة الليبية بتقنين عمليات سفر المصريين إلي ليبيا واتخاذ الاجراءات التي تضمن حماية هؤلاء.