رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العمالة المصرية تدفع ثمن عدم استقرار ليبيا

بوابة الوفد الإلكترونية

أعادت قضية اختطاف مصريين في ليبيا إلى الواجهة مرة أخرى قضية العمالة المصرية في ليبيا، التى تعد محور التوتر الدائم في العلاقات بين طرابلس والقاهرة، صفحة جديدة تضاف لسجل الأزمات المتوالية فى ملف العمالة المصرية فى ليبيا، مصريون رهن الاختطاف وضعوا الدولة بكامل أجهزتها فى حالة استنفار لاستجلاء حقيقة الوضع وتشكيل خلية ازمة بتوجيهات رئاسيه لمتابعة الموقف.

وعلى الرغم من عدم وجود حصر رسمي للعمالة المصرية العاملة فى ليبيا بسبب خروج أعداد ليست بالقليلة من مصر إلى ليبيا بطرق غير شرعية عبر المنافذ البرية، إلا أنه ووفقا للإحصاءات غير الرسمية فإن عدد هؤلاء العمال يتجاوز المليون ونصف المليون عامل منتشرين فى قطاعات العمل المختلفة فى ليبيا، وينحصر معظمهم في أعمال المقاولات والتشييد والعمالة العادية، والطب والهندسة والتدريس الجامعي وما قبله.

تردي أوضاع العمالة المصرية فى ليبيا ذات جذور ممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، جذور نبتت بعدما وقعت مصر وليبيا قبل ربع قرن اتفاقية بشأن التنقل والإقامة والعمل نصت بنودها على حق التنقل والإقامة والعمل بين الدولتين لجميع المواطنين بدون تأشيرات باستخدام بطاقة الهوية فقط، ونص البند السابع فيها على ان مدتها خمس سنوات تجدد من تلقاء نفسها لمدد مماثلة ما لم يخطر احد الطرفين رغبته في تعديلها.

فتح الحدود بين مصر وليبيا كان له أكبر الأثر فى تدفق العمالة المصرية لليبيا وسط العجز عن توفير الإجراءات الكفيلة بحماية هذه العمالة لعشوائية تدفقها، حيث وصلت وفق إحصاءات "شعبة إلحاق العمالة بالخارج" بوزارة القوى العاملة إلى اكثر من مليوني عامل قبل اندلاع ثورة 25 من يناير.

والطبيعة الاجتماعية والاقتصادية للعمال في ليبيا يميزها الفئة العمرية (من ١٨ إلى ٣٥ عاما) التي تقبل على العمل فى ليبيا وأغلبها من شباب الباحثين عن فرص عمل بالخارج لتحقيق آمالهم في الحصول على المال واستكمال أحلامهم المتعلقة بالزواج وتأسيس أسرة، وقدوم معظمها من محافظات تتسم بانتشار نسبة الفقر فيها، مما يجعلهم دون المستوى التعليمي الكفيل لدرايتهم بالقوانين وحقوق العمل، وقواعد الحماية القانونية والتأمينية والصحية، ويزيد من الامر تعقيدا محدودية المستوى التمثيلي العمالي المصري هناك، على رغم الحجم الكبير للعمالة، حيث لا يوجد سوى مكتبين فى طرابلس وبنغازي وهما المسئولان عن بحث المشكلات التى تحدث للعمالة المصرية الموجودة هناك، وإجراء الاتصالات والاتفاقيات مع أصحاب الأعمال لحلها، وتوعية العامل المصري بحقوقه وواجباته، وتوفير فرص عمل لهم، وهذا التمثيل المتدني بات الآن غير موجود إلى جانب التمثيل الدبلوماسي بعدما قررت الحكومة المصرية سحب إشكال التمثيل كافة نتيجة الصراع الليبي مما يجعل قدرتها على معرفة أي معلومات حول أوضاع المصريين بالأراضي الليبية غير ممكنة.

قبل أربع سنوات ناشد تقرير بعثة تقصي الحقائق للأحداث

في ليبيا بعد الثورة وسقوط نظام القذافي، الذي أعدته "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" السلطات المصرية بتقديم المساعدات للجانب الليبي من خلال عودة وتدفق العمال المصريين مرة أخرى، خصوصاً في قطاع الزراعة والمهن اليدوية والمخابز، الى جانب ما أسفر عنه اجتماع عقد بالخارجية المصرية في سبتمبر 2011، من اتفاق ممثلي الجهات الوطنية على ان هناك فرصاً لدور مصري قوى مبني على تراكم الحضور المصري في ليبيا، والمهن المطلوبة في سوق العمل الليبية وهم عمال التشييد والبناء والزراعة وصيد الأسماك والعمالة الموسمية، ومدرسو التعليم قبل الجامعي وهيئة التمريض والأطباء في جميع التخصصات، ومهندسون في مجالات العمارة والإنشاءات والكهرباء وعلوم الحاسب الآلي.

وشروط يجب توافرها في العامل المصري حتى يستمر في سوق العمل الليبية يجب استيفاؤها قبل العمل، وهي الحصول على شهادة صحية من المعامل المركزية المصرية تؤكد الخلو من الأمراض، وشهادة مزاولة الحرفة من مراكز التدريب التابعة لوزارة القوى العاملة، متضمنة تعريف العامل بالرسوم والضرائب التي سيتم استقطاعها منه، وفى المقابل لم تحمل تلك الشروط أي ضمانات من أصحاب العمل تتعلق بحماية العمال المصريين، مما أبقى على أوضاعهم السيئة لتصل الى ما هو أسوأ في ظل الصراع الداخلي بليبيا.

عشوائية السفر والعمل في ليبيا تكبد الاقتصاد المصري خسائر كبيرة، إذ إن غالبية العمال من الشباب الذين يتعرضون إلى إصابات العمل والعدوى بالأمراض والفيروسات المستوطنة نتيجة اختلاطهم بالعمال القادمين من بعض الدولة الإفريقية وسط غياب السلامة والصحة المهنية، وينتج عن ذلك عودتهم بإصابات مزمنة تحول دون قدرتهم على العمل مرة أخرى إلى جانب تكلفة العلاج واحتمالية نقل تلك الإمراض داخل البلاد، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على الأسرة المصرية نتيجة انضمام العديد منهم الى طابور البطالة في مصر الى جانب انخفاض قدرتهم على العمل والإنتاج.