عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ألم يأن الأوان لاقتلاع حدائق الشيطان؟!

حدائق الشيطان هي هاتيك الألغام التي زرعت في الصحراء الغربية، أثناء وبعد معركة العلمين، بين القوات الألمانية والإيطالية بقيادة الجنرال أرفن روميل من ناحية، وبين قوات الحلفاء بقيادة الجنرال ألفيلد مونتجمري، من ناحية أخري، وكان ذلك خلال وبعد معركة العلمين،

ولما تزل هاتيك الألغام مطمورة في أديم مصر في جوف الصحراء الغربية تلظي بنارها من تسول له نفسه، ارتيادها.

وها هي ذي الأخبار ـ تتري ـ أن الأمم المتحدة قد حذرت من ارتفاع عدد ضحايا الألغام، والمخالفات الأرضية في مصر خلال الشهور الخمسة عشر من العام قبل المنصرمة، وأردف تقرير الأمم المتحدة قائلاً: إن عدد ضحايا الألغام بلغ خلال هذه الفترة عدداً لا بأس به من القتلي ـ ناهيك ـ عن عديد من الجرحي، وأكد التقرير ارتفاع نسبة الإصابات بين المصريين بنسبة تعدت الخمسين في المائة.

ومن الثابت علمياً أن حوالي العشرين بالمائة من الألغام الموجودة علي مستوي العالم تتركز في مصر، حيث تعد مصر ثاني أكبر دول مليئة بالألغام علي مستوي العالم، بعد أنجولا، مما يعني أن أكبر دولتين مزروعتين بالألغام، توجدان في قارة أفريقيا.

ولا مشاحة ـ أن مأساة الألغام تعتبر أسوأ وأطول مأساة عاصرت أحداثها الحرب العالمية الثانية وقد أطلت علي مصر بوجهها القميء في خضم المعارك العاتية التي دارت رحاها بين قوات الحلفاء، والمحور، وأشهرها (معركة العلمين الكبري) وهي كذلك ـ الأخطر ـ لأنه منذ زراعتها في مصر وهي تحصد أرواح المصريين الأبرياء المرة تلو المرة، مع تعاقب السنين، وكر الأيام في أبشع جريمة ضد الإنسانية ـ ناهيك ـ عن أنها قد أدت إلي حرمان مصر من خيرات أرضها التي تموج بها هذه المنطقة من ديارها إذ إنها تزخر بالثروات الطبيعية والبترولية، والإمكانات الزراعية، فضلاً عن الأثرية والسياحية، بالإضافة إلي النهضة العمرانية التي طال انتظارنا لها وهي تفتح ذراعيها للمصريين.

أما الخسائر الاقتصادية التي نجمت ـ جراء ذلك ـ فحدث ولا حرج فمنطقة العلمين، وتخومها، تحتوي علي حوالي مليون وربع المليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، وهي مليئة بالمياه الجوفية، وأرضها من أجود وأخصب الأراضي الصحراوية لقربها من وادي النيل، وقد وصفها الخبراء الثقات بأنها ـ تبدو ـ وكما تيقن لهم «كباخرة عائمة في حوض من الذهب الأسود.. البترول».

والذي لا مرية فيه ـ أن جريمة بث الألغام، ودسها في أعماق أرض مصرية ـ وهي الصحراء الغربية ـ كانت من (صروف الدهر) ـ (ولا يعاند الدهر إلا كل ذي خطر)، ومسئول عنها كل من اقترفها في حق مصر، إذ وضع بقعة غالية من تراب هذا الوطن في برزخ من الآلام، وقد زلقت بها أرجل الدول الثلاث: ألمانيا وإيطاليا وإنجلترا ـ وكما ألمعنا ـ من خلال جحافل قوادها، وجنودها الذين جاسوا خلال أرض مصر ـ إثر حرب ضروس بينهم لم يكن لمصر فيها (ناقة ولا جمل).. وقد باتت تحكم علي أرض الكنانة أطرافها، وتستر فخاخها حتي لم يبق ـ مع وجودها ـ في قوس الصبر منزع؟!

ولقد كشفت الدكتوة إيمان غنيم فيما نشرته جريدة «المصري اليوم» بتاريخ 15/6/2011 مديرة معمل أبحاث الفضاء بجامعة نورث كارولينا الأمريكية من أن المياه المنهمرة التي هطلت علي صحراء مصر الغربية منذ عشرات السنين من أنها قد حفرت بئراً تسمي «بئر كيفرا» كونها امتداداً لخزان جوفي كبير

قابع أسفل بحر الرمال الأعظم، موضحة أن هذه المياه هي «تسريبات» لممر مائي عملاق مدفون في باطن الأرض المصرية وتمثل ممراً هائلاً من المياه الجوفية مطمورة تحت الرمال، وهذا معروف لدي غالبية علماء الرصد الفضائي والجيولوجيا لأنه من الثابت علمياً أن أي نهر يجف لعوامل التغيرات المناخية والزمن يتجمع أسفله خزان جوفي، يتوقف حجمه علي طبيعة الصخور والأرض الموجود بها مؤكدة أن طبيعة أراضي المنطقة المحيطة بهذا الممر تتكون من صخور حجر الرمل النوبي المعروفة بمساميتها الشديدة.

وأضافت الدكتورة الباحثة أن رصد هذا الممر استغرق أكثر من عشر سنوات من العمل بالأقمار الصناعية الرادارية، التي تمكن من مشاهدة ما تحت الرمال بوضوح بالغ إنه طبقاً ـ لتجارب علمية ـ عديدة، يمكن القول إن أسفل هذا التجمع المائي توجد طبقات من حجر الرمل النوبي الذي شرب من مياه هذا الممر الأشبه بالنهر وقت سريان المياه فيه قبل آلاف السنين، ثم خزنها في مسامه، وقام بحفظها نقية.. فيما يشبه الثلاجة الطبيعية.

وأوضحت الباحثة المصرية أن المنطقة المحيطة بهذا الممر المائي في الصحراء الغربية كانت قبل خمسين ألف سنة أشبه بالغابات الاستوائية، أو غابات السافانا بسبب انهمار الأمطار بشدة غالبية العام، في هذه الفترة، لافتة إلي أن التغيرات المناخية وعوامل الطبيعة التي طغت علي المنطقة بمرور الزمن تسببت في دفن ذلك المجري المائي، واندثار الحضارة المحيطة به.

لما كان ذلك وكان القانون الدولي الإنساني (International Humantarian Law) ـ وهو مصطلح جديد ـ ظهر ليطبق علي النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.. ونص في البروتوكول الثاني (في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة وكذلك الفقرة الثانية من المادة الرابعة) من الاتفاقية المنبعثة منه قد جاء مجرماً لزرع الألغام والأفخاخ المتفجرة وعلي حظر الاستعمال العشوائي للأسلحة التي تنطبق عليها هذه المادة وهي الألغام والشراك الخداعية، كما أشار هذا البروتوكول إلي حظر استعمال الألغام في أية مدينة، أو بلدة، أو قرية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين من آثارها، كما جاء في عجز هذه المادة منع استعمال الألغام ما لم يكن كل لغم منها مزوداً بآلية فعالة لإبطال مفعوله، حيث لا يعود في وسعه أن يخدم الغرض العسكري الذي بث من أجله.