طبعتان للدكتور شرف!!
يمتلك قدرة مذهلة على دفع من يتابعه إلى حافة انهيار عصبى.. أو فى أفضل الظروف ارتفاع فى ضغط الدم، أو ارتفاع فى نسبة السكر.. صاحب موهبة جبارة فى تصدير صورة مغايرة تماماً لتلك التى تفضحها قراراته وأداؤه وتصريحاته..
يتحلى بثبات انفعالى تجاه غضب معظم أبناء الوطن، فاق الذى تحلى به الرئيس المخلوع وهو ماثل فى قفص اتهامه أمام عدسات التليفزيون المصرى.. درب نفسه تدريباً رفيع المستوى على تجاهل أى اتهامات يتم توجيهها إليه.. سواء من كُتاب أو سياسيين أو حتى مواطنين بسطاء.. استفزنى حبه للكاميرات الفوتوغرافية والتليفزيونية، بقدر ما يستفزنى اختفاءه المريب الآن!!
الدكتور عصام شرف.. صاحب «الطبعتين» منذ قامت ثورة 25 يناير.. الطبعة الأولى، التى سرب أنها كانت منزوعة الصلاحيات ـ حسب قوله - استمرت من بداية توليه الوزارة مطلع مارس، حتى يونيو الماضى، وما صاحبها من غليان فى الشارع المصرى لإصراره على الحفاظ على أعضاء الحزب المنحل فى وزارته الأولى.. سواء الذين احتفظ بهم من حكومة شفيق.. أو الجدد الذين قام بتعيينهم.. منهم من أثيرت حوله الكثير من اتهامات بالفساد.. أو من ينتظر تحويل ملفه إلى النائب العام.. وحتى اختياراته لرؤساء تحرير الصحف القومية، التى تمت عبر نائبه وقتها الدكتور يحيى الجمل.. والتى لا تختلف كثيراً عن منهجه فى اختيار الوزراء.. فبعضهم وإن لم يكن ينتمى للنظام الساقط وحزبه المنحل.. فقد كان يتمنى ذلك سائراً على الدرب نفسه.. أما مستشاروه فحدث ولا حرج.. لا تعرف من أين جاء بهم. ولا ما هى مهمتهم أصلاً؟!
أما الطبعة الثانية للدكتور رئيس الوزراء، فكانت بعد الاعتصام الذى بدأ فى 8 يوليو الماضى، تلك التى خرج بها علينا مشفوعة بتصريح واضح لا شك فيه من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. أن الدكتور مطلق الصلاحيات فى عمله.. فقد جاء متطابقة مع الطبعة الأولى.. اللهم إلا فى تعيين نائبين يملكان فكراً عميقاً ورؤية وطنية وعلما يصعب على أمثالى استيعاب عدم إفادة الوطن به.. الدكتور حازم الببلاوى والدكتور على السلمى.. وفيما عدا ذلك خرج التعديل الوزارى الثانى مثل سابقه.. بلا زيادة أو نقصان، بل وأزد على ذلك أن حركة تغيير المحافظين التى أعلنت منذ بضعة أيام.. بتعيين من يجب تحويلهم إلى النيابة العامة.. تصبح صورة طبق الأصل من اختيار الوزراء!!
وإذا حاولت التفكير بهدوء.. بعيداً عن العصبية كرد فعل لمتابعة الرجل.. وبتركيز كمحاولة لفهم ما يدور فى رأسه.. أجدنى أمام حقيقة
وهذا ما استوعبه الشارع المصرى بخروجه يوم 8 يوليو.. المطلب الرئيسى كان رحيل شرف بعد إهدار 4 أشهر من عمر الثورة المصرية فى لحظة حرة لا تحتمل التجريب.. لو أن الشارع وقتها أصر على مطلبه.. لو لم يقع البعض أسير الإشفاق على الرجل باعتباره كان «منزوع الصلاحيات».. لكان المشهد الآن مختلفاً.. على كل حال.. يبدو أنه على أهل ميدان التحرير أن يكملوا الكأس حتى آخره.. أليسوا من اختار الدكتور شرف.. عليهم تجرعه كاملاً.. وعلينا أن نرفع أصواتنا عسى أن يسمعها أهل الذكر، وهم يعلمون.. الدكتور عصام شرف عليه أن يبتعد الآن كأحد رموز النظام الساقط.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد!!