ديمقراطية «النبوت»!!
أحدث صيحات الديمقراطية, هى تلك التى نعيشها فى مصر بعد ثورة 52 يناير.. فإذا كانت الأحزاب القديمة, قد عانت من مؤامرات الحزب الذى كان ينتحل صفة «الوطنى».. فإن الأحزاب الجديدة تعانى من «فقر دم» فى الممارسة الديمقراطية.. وتلك الحالة خلقت لنا على الأرض عشرات من الأحزاب.. يبدو أنها ستتجمع لتصبح ثلاثة اتجاهات.. الأول سيضم مجموعة الأحزاب التى «فقستها» جماعة الإخوان المسلمين.. أما الثانى فسيكون تحت عباءة التيار الليبرالى.. وثالثها سيكون للعلمانية وروافدها من ألوان الطيف اليسارى.
كان الجميع يمارسون حلما إبان «أيام ميدان التحرير».. حتى ذهب مبارك وعادت مصر.. واشتعل الصراع هادئا لطيفا.. حافلا بالألاعيب الناعمة والمناوشات البسيطة.. ثم جاءت لحظة تحرش الجميع ببعضهم عند عتبة استفتاء يوم 91 مارس.. وظهرت النتيجة التى أكدنا احترامنا لها, رغم أننا كنا نمثل الأقلية الموصومة بأنها «منحرفة».. هكذا يرى جيل «الفقس الحزبى» لجماعة الإخوان المسلمين.. ورغم ما شاب هذا الاستفتاء من عجلة.. وسبقه ممارسة سياسية هى الأقرب للتجربة والخطأ.. فأسفر عن نتيجة لخداع قطاعات عريضة من الرأى العام المصرى.. لكن كل هذا لا يمنعنا من الاعتراف بأن الأغلبية شاءت, وعلينا أن ننحنى لها تقديرا واحتراما.
انطلقت العملية الديمقراطية.. فكان أن «فقست» جماعة الإخوان المسلمين حزبا ديمقراطيا جدا!!.. عينت له رئيسا ونائبا للرئيس وأمينا للصندوق وأمناء للمحافظات والمراكز والمدن والأقسام والقرى.. أى أن الديمقراطية على طريقة جماعة «المطار السرى» لا تعترف بانتخاب.. وعلى النهج ذاته تمضى بقية الأحزاب السلفية والوسط الإسلامى وغيرها من الذين يمارسون السياسة وفق منهج ديمقراطى ترسخه الجماعة التى كان يشاع عنها أنها محظورة.. وكذلك فعلت الأحزاب الجديدة من الليبراليين والعلمانيين.. أما الأحزاب القديمة فهى تمارس الديمقراطية فى أروع صورها كما حدث داخل حزب الوفد قبل سقوط النظام – انتخاب الرئيس – وبعد الثورة – انتخابات الهيئة العليا – ولا نستطيع أن ننكر على حزبي التجمع أو الناصرى أنهما مارسا شكلا من أشكال الديمقراطية.. وكل هذا يجعلنى أنحاز إلى القول بأن, كل من يتحدثون عن الديمقراطية – باستثناء الوفد – لم يمارسوها عمليا أمام الرأى العام.. وهذا يجعل الاختلاف «بالنبوت» أمرا طبيعيا!!
إذا كانت الأحزاب التى «فقستها» جماعة الإخوان المسلمين قد رفعت رايات الدفاع عن المجلس العسكرى.. حدث ذلك فى لحظة كانت الرياح تدفع سفنها فى بحر الأمانى.. لكنها ما لبثت أن شقت عصا الطاعة, ورفعت «النبوت» لتهدد به المجلس العسكرى وباقى التيارات السياسية.. لا أنكر أن التيارين الليبرالى والعلمانى, كانا يرفعان «النبوت» فى وجه كل من يختلف معهما.. وبافتراض أن حاصل جمع المنخرطين فى التيارات الثلاثة يساوى نسبة لا تتجاوز