رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ديمقراطية «النبوت»!!

أحدث صيحات الديمقراطية, هى تلك التى نعيشها فى مصر بعد ثورة 52 يناير.. فإذا كانت الأحزاب القديمة, قد عانت من مؤامرات الحزب الذى كان ينتحل صفة «الوطنى».. فإن الأحزاب الجديدة تعانى من «فقر دم» فى الممارسة الديمقراطية.. وتلك الحالة خلقت لنا على الأرض عشرات من الأحزاب.. يبدو أنها ستتجمع لتصبح ثلاثة اتجاهات.. الأول سيضم مجموعة الأحزاب التى «فقستها» جماعة الإخوان المسلمين.. أما الثانى فسيكون تحت عباءة التيار الليبرالى.. وثالثها سيكون للعلمانية وروافدها من ألوان الطيف اليسارى.

 

كان الجميع يمارسون حلما إبان «أيام ميدان التحرير».. حتى ذهب مبارك وعادت مصر.. واشتعل الصراع هادئا لطيفا.. حافلا بالألاعيب الناعمة والمناوشات البسيطة.. ثم جاءت لحظة تحرش الجميع ببعضهم عند عتبة استفتاء يوم 91 مارس.. وظهرت النتيجة التى أكدنا احترامنا لها, رغم أننا كنا نمثل الأقلية الموصومة بأنها «منحرفة».. هكذا يرى جيل «الفقس الحزبى» لجماعة الإخوان المسلمين.. ورغم ما شاب هذا الاستفتاء من عجلة.. وسبقه ممارسة سياسية هى الأقرب للتجربة والخطأ.. فأسفر عن نتيجة لخداع قطاعات عريضة من الرأى العام المصرى.. لكن كل هذا لا يمنعنا من الاعتراف بأن الأغلبية شاءت, وعلينا أن ننحنى لها تقديرا واحتراما.

انطلقت العملية الديمقراطية.. فكان أن «فقست» جماعة الإخوان المسلمين حزبا ديمقراطيا جدا!!.. عينت له رئيسا ونائبا للرئيس وأمينا للصندوق وأمناء للمحافظات والمراكز والمدن والأقسام والقرى.. أى أن الديمقراطية على طريقة جماعة «المطار السرى» لا تعترف بانتخاب.. وعلى النهج ذاته تمضى بقية الأحزاب السلفية والوسط الإسلامى وغيرها من الذين يمارسون السياسة وفق منهج ديمقراطى ترسخه الجماعة التى كان يشاع عنها أنها محظورة.. وكذلك فعلت الأحزاب الجديدة من الليبراليين والعلمانيين.. أما الأحزاب القديمة فهى تمارس الديمقراطية فى أروع صورها كما حدث داخل حزب الوفد قبل سقوط النظام – انتخاب الرئيس – وبعد الثورة – انتخابات الهيئة العليا – ولا نستطيع أن ننكر على حزبي التجمع أو الناصرى أنهما مارسا شكلا من أشكال الديمقراطية.. وكل هذا يجعلنى أنحاز إلى القول بأن, كل من يتحدثون عن الديمقراطية – باستثناء الوفد – لم يمارسوها عمليا أمام الرأى العام.. وهذا يجعل الاختلاف «بالنبوت» أمرا طبيعيا!!

إذا كانت الأحزاب التى «فقستها» جماعة الإخوان المسلمين قد رفعت رايات الدفاع عن المجلس العسكرى.. حدث ذلك فى لحظة كانت الرياح تدفع سفنها فى بحر الأمانى.. لكنها ما لبثت أن شقت عصا الطاعة, ورفعت «النبوت» لتهدد به المجلس العسكرى وباقى التيارات السياسية.. لا أنكر أن التيارين الليبرالى والعلمانى, كانا يرفعان «النبوت» فى وجه كل من يختلف معهما.. وبافتراض أن حاصل جمع المنخرطين فى التيارات الثلاثة يساوى نسبة لا تتجاوز

ربع سكان مصر.. فإن ثلاثة أرباع الوطن مازالت تترقب ما يمكن أن تسفر عنه ممارسة الديمقراطية «بالنبوت».. فالذين رفضوا نتائج استفتاء 91 مارس, باعتباره كان على تعديلات دستورية.. قاتلوا حتى لا يهضموا الخديعة.. أما الذين يرفضون المبادىء الحاكمة للدستور.. فقد اتجهوا إلى القتال لرفض الواقعية ومنطق الأشياء عقب أى ثورة.. فما بالنا بثورة عظيمة كثورة 52 يناير.. المسألة وصلت إلى مرحلة سنشهد فيها فرزا جيدا قبل الذهاب إلى صناديق الانتخاب – إذا ذهبنا إليها – لأن الديمقراطية يخلو قاموسها من التهديد والتهديد المضاد.. لا تعرف الإرهاب الفكرى من هذا أو ذاك.. الديمقراطية حوار عقلى يحترم عقل الأمة.. لكنه ليس وصاية من هؤلاء أو أولئك.. وهذا يجعل الشعب فى واد يا ربى.. والأحزاب فى واد آخر!! وتتجلى النتيجة فنرى أن الدكتور «عصام شرف» يمارس السياسة بطريقة واضحة جدا.. فهو يستخدم «نبوت» الحزب الوطنى المقبور.. أى أنه لا يعنيه كل هذا الجدل أو الحوار أو الصراخ.. فما يعنيه هو إعادة فلول النظام إلى الواجهة.. والمحافظة على من بقى منهم فوق مقاعد المسئولية.. وقد كشفه بوضوح شعب السويس الذى يجب أن نتعلم منه كيف تكون ممارسة السياسة.. فتلك البقعة هى منجم الوطنية الخام فى مصر.. وخلاصة القول أن على الذين يمارسون الديمقراطية بالنبوت المضى قدما فى لعبتهم السخيفة.. وللرأى العام أن يصرخ بحثا عن وزير للداخلية يعيد للوطن أمنه واستقراره.. فالسريالية التى تبدو عليها مصر لا تبشر بخير.. وإن كان الامل سيبقى عميقا.. فهذه أرض انتفض فيها شعب لا علاقة له بكل الذين يمارسون الديمقراطية بالنبوت.. ولا عزاء لجنرالات الثقافة وهم يرون فى أنفسهم – النخبة – وظنى أنهم «نكبة الوطن» من قبل ومن بعد.

[email protected]