رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دلالة حرق قاعة المؤتمرات

    أعتقد أنّ التفجيرات التى تمّتْ فى قاعة المؤتمرات، نوعية خاصة من الإرهاب، لتدمير أى رمز جمالى. وأنّ من قاموا بالتفجيرات ينتمون إلى أحد التنظيمات الإسلامية التى تـُموّلها الإدارة الأمريكية. وتلك التنظيمات تعمل بواسطة خبراء فى شتى التخصصات، لذلك كانوا على علم بالتصميم الهندسى البديع الذى صمّمه ونفــّـذه الصينيون (بمنحة لا تـُرد) وعلى مساحة عدة فدادين، مع كمية هائلة من الأشجار الصينية النادرة.

     ومن بين الأمور التى تدعو إلى احترام الشعب الصينى، أنّ الخبراء الصينيين هم الذين اختاروا اسماء القاعات: (قاعة خوفو)، (قاعة نفرتيتى)، (قاعة إيزيس). إلخ، أى أنهم رأوا أهمية أنْ تكون أسماء القاعات مُستمدة من رموز الحضارة المصرية. وهذا يدل على مدى وعيهم العميق بتلك الحضارة وأهميتها فى تاريخ الحضارات الإنسانية. وكان من حظى الطيب أننى حضرتُ (مهرجان القاهرة السينمائى الدولى) أيام كان المرحوم سعدالدين وهبة هو المشرف على المهرجان. وكان يطيب لى- ومعى صديقى الراحل الجليل بيومى قنديل- أنْ نتمشى- فى فترة الاستراحة بين فيلم وفيلم- لنستمتع بالأشجار والخضرة فى هذا المكان الحضارى البديع.
    لذلك كان استهداف هذا المكان وتفجيره الذى قام به أعداء التحضر(عن عمد) رسالة منهم ضد الفن والإبداع، خاصة أنّ من خطــّـطوا لتفجيره يعلمون أنّ المؤتمرات التى تـُعقد فيه، ليستْ اقتصادية فقط وإنما تشمل العديد من العروض الفنية. وتلك العروض الفنية يراها الإسلاميون ضد الدين. لذلك فإننى أخشى أنْ تكون تفجيرات قاعة المؤتمرات بداية سلسلة تفجيرات تشمل كل مراكز الفن والإبداع فى مصر. كما أنّ الجماعات الإسلامية المُـتشدّدة لن تتورّع عن تدمير الآثار المصرية التى تركها جدودنا المصريون القدماء، من معابد وتماثيل وأهرامات.. إلخ، مثلما حدث عندما تم إلقاء عبوات حارقة على معبد الكرنك عام 92،  والاعتداء على معبد حتشبثوت فى شهر هاتور/ نوفمبر 1997، الذى راح ضحيته بعض أبناء الشعوب المُـتحضرة الذين جاءوا إلى مصر لمشاهدة الإنجاز الحضارى لجدودنا، ومات معهم مصريون من المدنيين ومن رجال الشرطة. وهؤلاء المتحضرون لم يحضروا إلى مصر إلا بسبب النظام التعليمى فى بلادهم، الذى يعتمد على لغة العلم، فينشأ التلميذ الأوروبى وقد درس

الحضارة المصرية دراسة علمية، ووصل الأمر لدرجة أنّ أول كتاب يتسلمه التلميذ فى المدارس (الابتدائية) الأوروبية على صفحته الأولى صورة لهرم زوسر المُدرّج وتحته الكلمات التالية «أول حضارة عرفتْ استخدام الأحجار ذات الزوايا وأول صرح حضارى فى تاريخ الإنسانية».
    واستمرّتْ محاولات الجماعات الإسلامية المُعادية للتحضر، وكان آخرها ما حدث فى الأسبوع الأول من شهر فبراير 2015، عندما حاول أحد التنظيمات الإسلامية فى سيناء تدمير متحف العريش، وكانت آثار التخريب بسيطة بفضل انتباه وتدخل القوات المسلحة السريع كما قال د. ممدوح الدماطى وزير الآثار، علمًا بأنّ هذا المتحف تم إنشاؤه حديثــًا (عام 2008) ويقع على الطريق الدولى رفح- القاهرة وهو نفس طريق «حورس الحربى» ويضم سبع قاعات رئيسية للآثار المصرية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية. هذا بخلاف جرائمهم السابقة مثل تدمير تمثال بوذا فى أفغانستان وتدمير الآثار البابلية فى العراق.. إلخ.
    ويجب ملاحظة أنّ الاعتداء على قاعة المؤتمرات أسفر عن تدمير ثلاث قاعات بالكامل إضافة إلى المبنى الإدارى، رغم وجود نظام إطفاء الكترونى، ما يُشير إلى وجود تواطؤ بين المُـنفذين وبعض العاملين. ورغم دقة التخطيط والتنفيذ قال المتحدث باسم وزارة الداخلية انّ «المعاينة المبدئية أوضحتْ أنّ سبب الحريق ماس كهربائى» قال ذلك عقب التفجيرات مباشرة وقبل إجراء أى تحقيق. ولأنّ الإسلاميين أعداء الجمال لذا ينطبق عليهم قول الشاعر الألمانى هاينه «من يبدأ بحرق الكتب ينتهى بحرق البشر».