رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يوم المرأة المصرية «صناعة وفدية»

يري كثير من المؤرخين أن الحركة النسائية المصرية قد ولدت مع تأسيس أول جمعية نسائية عام 1891م، حيث شهدت الحركة النسائية المصرية تطوراً بفعل الدعوات التي نادي بها من قبل رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومصطفي عبدالرازق،

ومن بعدهم قاسم أمين، وتأثير الكتابات الصحفية - حينئذ - علي سيدات المجتمع المصري، ولا يجب أن نغفل الدور التنويري للمهاجرات الشوام اللائي قدمن إلي مصر في نهاية القرن التاسع عشر من أمثال مي زيادة، وفاطمة اليوسف صاحبة مؤسسة روز اليوسف، هند نوفل والتي أصدرت أول مجلة نسائية مصرية بعنوان مجلة الفتاة في عام 1892، وفتحت الباب لصدور عدة مجلات نسائية من بعدها مثل «الفردوس، ومرآة الحسناء، وأنيس الجليس، والعائلة، والنهضة النسائية، وفتاة الغد، والأمل، وبنت النيل وغيرها من المجلات». وكان لهذه المجلات دور مهم في التبصير بقضايا المرأة المصرية، وبخاصة مجالي التعليم والعمل.
ثم جاءت ثورة مارس سنة 1919م تمثل نقطة تحول كبري في تاريخ المرأة المصرية، حيث كانت ثورة عام 1919م هي الفرصة السانحة التي خرجت فيها الحركة النسائية من إطار العمل الخيري والاجتماعي إلي المشاركة السياسية والعمل الوطني. فلأول مرة تخرج السيدات المصريات في مظاهرة رائعة احتجاجاً علي أسلوب القهر والتنكيل بالأبرياء، في يوم الأحد الموافق 16 مارس سنة 1919م حيث خرجت أول مظاهرة نسائية مصرية، وشهد هذا اليوم سقوط أول شهيدتين من النساء المصريات علي يد قوات الاحتلال البريطاني أثناء التظاهر في حي الحسين بالقاهرة، وفي يوم 20 مارس سنة 1919م خرجت أول مظاهرة نسائية مصرية بقيادة السيدة هدي شعراوي، ويصف عبدالرحمن الرافعي الدور الوطني للأمهات الأوائل للحركة النسائية المصرية في كتابه ثورة سنة 1919م حيث يقول: «خرجت المتظاهرات في حشمة ووقار وعددهن يربو علي الثلاثمائة من كرام العائلات، وأعددن احتجاجاً مكتوباً ليقدمنه إلي معتمدي الدول الأجنبية، وفي هذه المظاهرة طافت السيدات شوارع القاهرة مناديات بالحرية والاستقلال، وحين اقتربن من بيت الأمة حوصرت المظاهرة من الجنود الإنجليز الذين صوبوا بنادقهم نحو سيدات مصر، وظل الحصار لمدة ساعتين.. وهنا تقدمت إحدي المتظاهرات نحو أحد الجنود الإنجليز مخاطبة إياه بلغته - الإنجليزية - قائلة له «نحن لا نهاب الموت، أطلق بندقيتك في صدري لتجعلوا في مصر مس كافل ثانية»، تقصد الممرضة الإنجليزية التي أعدمها الألمان في الحرب العالمية الأولي لاتهامها بالتجسس - ولم يلبث أن فتح الجنود لهن الطريق، وانفك الحصار».
وبعد أربعة أيام اجتمعت مجموعة من السيدات بإحدي الحدائق في حي جاردن سيتي في يوم 20 مارس 1919م، وخرجن في مظاهرة نسائية وحملن لافتات مكتوبا عليها عبارات الاحتجاج علي قتل الأبرياء والعزل وتطالب بالاستقلال، وسارت هذه المظاهرة في شارع قصر النيل، وعندما وصلت إلي شارع سعد زغلول بالقرب من بيت الأمة حاصرتهن مجموعة من

الجنود الإنجليز، فأرسلن احتجاجهن إلي سفارات الدول مرة أخري، مما أدي إلي تدخل السفارة الأمريكية في الأمر، وقدمت احتجاجاً علي سلوك القوات الإنجليزية تجاه المتظاهرات المصريات، وانفضت المظاهرة.
وهذا الدور الوطني للمرأة المصرية هو الذي جعل حزب الوفد ينشئ لجنة مركزية لسيدات الوفد برئاسة المناضلة هدي شعراوي. وكان من حسن الطالع أن قيض لهذه الحركة النسائية المصرية قيادات نسائية نابهة صقلتها التجربة، من أمثال السيدات صفية زغلول - أم المصريين - وهدي شعراوي، وملك حفني ناصف، ونبوية موسي، وسيزا نبراوي، وغيرهن الكثير من السيدات المصريات الأوائل.
وعندما جاءت لجنة ملنر إلي مصر أصدرت لجنة الوفد المركزية في اليوم التالي لوصول اللجنة بيانا إلي الأمة المصرية تدعو فيه إلي مقاطعة اللجنة، وحاول الحزب المستقل الحر - بقيادة شريعي باشا - أن يخرج علي الإجماع الوطني ويتصل باللجنة، وهنا خرجت مظاهرة وطنية من السيدات في محاولة لاستهداف هذا الحزب والنيل منه، فدب الذعر في نفوس أعضائه ولم يستطيعوا مقابلة لجنة ملنر أو حتي الاقتراب منها.
وأبرزت الأحداث الدور السياسي والوطني لسيدات مصر، وهو ما لفتت إليهن أنظار التنظيمات النسائية حول العالم، وجعلت القائمين علي تنظيم المؤتمر النسائي الدولي التاسع الذي عقد في روما في شهر مايو سنة 1923م، يوجهون الدعوة لسيدات مصر لحضور هذا المؤتمر، وعلي إثر هذه الدعوة تم إنشاء وتكوين الاتحاد النسائي المصري في 16 مارس 1923م من أعضاء لجنة الوفد المركزية للسيدات. واتخذ المؤتمر النسائي الدولي التاسع من علم الثورة المصرية شعاراً حيث تم وضع علم الوحدة الوطنية علي المنصة الرئيسية للمؤتمر، كما خلع أعضاء الوفد النسائي المصري النقاب أثناء أخذ الصور التذكارية مع أعضاء المؤتمر، وعادوا بدونه لتبدأ المرأة المصرية مرحلة جديدة من حياتها، متحررة من أغلال الأفكار البالية والمعتقدات الخاطئة، لتلحق بركب عصرها وتشارك في نهضة وتقدم أوطانها.. وللحديث بقية.